اقتصاد عالمي

الصين تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين الدول التي يمر بها كل من «الحزام» و«الطريق»

حزام واحد وطريق واحد - تُنفذ أكبر مشروعات البنية التّحتيّة والاستثمار في تاريخ البشرية

د. قحطان السيوفي

أطلقت الصين مبادرة «حزام واحد، طريق واحد» أو ما يُعرف بمبادرة الحزام والطريق إحياءً لطريق الحرير في القرن التاسع عشر من أجل ربط الصين بالعالم، تغطي المبادرة اليوم 68 دولة، أي نحو 65 بالمئة من سكان العالم، وما يقارب 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتعتبر من أكبر مشروعات البنية التّحتيّة والاستثمار في العالم.
في عام 1820 كان الاقتصاد الصيني أكبر اقتصاد في العالم (بمقياس الناتج المحلي الإجمالي) كنسبة مئوية من الاقتصاد العالمي، ووصل إلى أدنى مستوياته خلال الفترة 1952-1978.
الاقتصاد الصيني المُخطط بدأ بالتوسع في عام 1978 واستمر ينمو بمعدلات كبيرة قاربت 10 بالمئة لغاية عام 2014.
المبادرة التي أطلقتها الصين عام 2013 هدفت لدعم قدرتها الهائلة على التصدير وتعدد مصادر الاستيراد. بادرت الصين بإحياء طريق الحرير القديم الذي كان يربطها بأوروبا وسمته «الحزام» والطريق البحري القديم وسمته «الطريق تقول الصين إنها تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين الدول التي يمر بها كل من «الحزام» و«الطريق» ويتضمن الحزام طرقاً سريعة وخطوط سكك حديد..

الخريطة التالية توضح مسار «الحزام» (المسار البري) و«الطريق» ((المسار البحري)):
توضيح المسارات البرية والبحرية وسكك الحديد:
أنفقت الصين أكثر من 900 مليار دولار على هذا المبادرة التي تتضمن المحاور التالية:

المحور التجاري

الصين ترغب في المحافظة على أسواق التصدير، وفتح أسواق تصدير جديدة وهذه المبادرة ستخلق تعاوناً تجارياً ثنائياً أو أكثر يتحول تدريجياً إلى تحالفات تجارية ترسّخ مكانة الصين تجارياً. البعد التجاري المحور الأساس الذي تنطلق منه الصين لتحقيق أهداف أخرى «غير تجارية».
في عام 2017 بدأت الصين تجني ثمار مبادرة «الحزام والطريق» ارتفعت صادراتها إلى الدول التي تقع ضمن المسارين بنسبة 16% ونمت وارداتها بنسبة 27%.. زيادة الواردات تؤدي غالباً لزيادة الإنفاق الاستهلاكي وهذا أيضاً هدف مهم تسعى الصين لتحقيقه إضافة لتعزيز الصادرات ضمن خطة نمو الاقتصاد الصيني.

المحور النقدي

تسعى الصين لزيادة نسبة التبادل التجاري بالعملة الصينية «اليوان» ومن فوائده تقليل تكلفة التبادل التجاري وتقليل وقت التسوية (قياساً بالتعامل بالدولار أو اليورو) وتقليل مخاطر تقلبات أسعار الصرف بالنسبة للشركات الصينية.
العديد من الدول مثل روسيا وإيران وباكستان وفيتنام والهند وماليزيا تستخدم اليوان في التسويات التجارية.
من المهم الإشارة إلى أن وحدات السحب الخاصة التي تعد بمنزلة عملة احتياطي في البنوك المركزية تتألف من 5 عملات منها اليوان الصيني 10.92 بالمئة. كما هو واضح نسبة اليوان في هذه العملة الخاصة أخذ بالتزايد فقبل عدة سنوات كان قريباً من الـ5 بالمئة. يعتبر تعزيز اليوان عالمياً أحد أهدف مبادرة الحزام والطريق، ومن طموحات الصين في المستقبل غير البعيد السعي لتطوير المبادرة الحالية لتكون مستقبلاً «حزام واحد.. طريق واحد وعملة واحدة بالمقابل الصين تمتلك أكبر احتياطيات بعملات أجنبية في العالم برصيد أكثر من ٣ تريليونات دولار.

المحور الجيوسياسي

يُعتقد أن المسار البحري بل حتى البري بتفاصيلهما كافة قد تم تصميمهما ليس فقط لأهداف تجارية بحتة، وإنما أيضاً لأهداف أخرى جيوسياسية، قد تولد مستقبلاً تحالفات من نوع آخر، بعض البلدان استشعرت مخاطر تعاظم دور الصين التجاري، وبدأت مفاوضات لبناء بنية تحتية إقليمية مشتركة. أستراليا والولايات المتحدة والهند واليابان تسعى لخلق تحالف يحدّ من الهيمنة الصينية.
انطلقت فعاليات منتدى «حزام واحد، طريق واحد»، في بكين في الـ25 نيسان2019 بحضور قادة وزعماء 37 بلداً بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
قال الرئيس الصيني (شي جين بينغ) في ختام أعمال المنتدى إنه كان هذا العام أكثر أهمية من المنتدى الأول وجذب المزيد من البلدان، وحقق المزيد من النتائج، أضاف: «تمكنا من تحقيق توافق واسع في الآراء في مجال التعاون المفيد.
أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ، أن الجهات المشاركة في أعمال المنتدى وقعت اتفاقيات لمشروعات تزيد قيمتها على 64 مليار دولار.
يرى خبراء أن مبادرة «الحزام والطريق» تمثل مشروعاً للأخذ بزمام الريادة العالمية.
تهدف المبادرة إلى التواصل والتعاون بين الدول على أساس تجاري واقتصادي، وتعد هذه المبادرة منافسة لاتفاقية الشراكة التجارية بين الدول المطلة على الأطلنطي التي تقودها الولايات المتحدة.
يأمل الرئيس «شي» في إيجاد مواطن رابحة لاحتياطيات النقد الأجنبي الضخمة لدى الصين أغلبيتها عبارة عن استثمارات في الأوراق المالية الحكومية الأميركية منخفضة العائد.

  • يريد الرئيس «شي» أيضاً إيجاد أسواق جديدة للشركات الصينية مثل شركات السكك الحديدية للقطارات الفائقة السرعة، بالإضافة إلى توفير أسواق لصادرات بكين من الإسمنت والصلب والمعادن الأخرى.
    وقعت أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية وثائق تعاون مع الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق.
    ونفذ 28 مشروعاً في عدة دول مختلفة باستثمارات تبلغ 5.4 مليارات دولار، كما بنيت شبكة كبيرة من خطوط السكك الحديدية في إطار المبادرة التي وصلت إلى 4 آلاف خط تربط بين الصين ودول آسيوية وأوروبية، وتخطت الاستثمارات الأجنبية بين دول الصين ودول المبادرة 70 مليار دولار.
    وتتضمن المبادرة تشييد شبكات من السكك الحديدية، وأنابيب نفط وغاز، وخطوط كهرباء، وإنترنت، وبنىً تحتية بحرية، ما يعزز اتصال الصين بالقارة الأوروبية والإفريقية.
    من جهة أخرى يبدو أحياناً أن الطموحات الصينية يناقض بعضها بعضاً، مثلاً هل مشروع «الحزام والطريق» وسط آسيا أكثر ربحاً من الاستثمار في سندات الخزانة الأميركية مع النظر إلى الحوافز المختلفة لتضارب المصالح؟
    وأطلق بعض المُتشائمين والمشككين على المبادرة اسم «طريق واحد.. فخ واحد».

الصين تُريد تنفيذ المبادرة

كحل لمشكلات اقتصادية عديدة، على حين تريدها الدول الآسيوية وغيرها لجذب استثمارات لتطوير بنيتها التحتية، ورغم العديد من المشكلات، تمضي الصين في تنفيذها يجدية. لتكون أكبر مشروعات البنية التّحتيّة والاستثمار في تّاريخ البشرية.
على الصعيد الأوروبي انقسمت دول أوروبا بين متفائل وقلق، فبدا الحماس في أوروبا الشّرقيّة والوسطى للاستثمارات الصّينيّة واضحاً، حيث يرى رئيس الوزراء المجري فيكتور أورويان: أن البعض يعتبر يقظة الصّين وآسيا تهديداً ونحن نرى فيها مرحلة هائلة.
أما دول أوروبا الغربيّة وخاصة الشّماليّة لا تخفي قلقها من إخفاء طموح الصّين للهيمنة على العالم، وتلتزم عدّة دول أوروبيّة الحذر كألمانيا وفرنسا.
ألمانيا عبرت عن تحفظات، حيث رأى وزير الخارجية سيغمار غابرييل في شهر آب الماضي: إذا لم نُحضر إستراتيجية في مواجهة الصّين، فإنّها ستنجح في تقسيم أوروبا.
أما فرنسا وفق وكالة الصّحافة الفرنسيّة فإنّها تتخذ موقفاً وسطياً، حيث قال وزير الخارجيّة الفرنسيّة جان إيڤ لودريان: إن هدف فرنسا ليس قطع الطّريق على الصّين، ولكن يجب إقامة شراكة تستند إلى المعاملة بالمثل في فتح الأسواق، الصينيون يفضلون صيغة (الكل رابحون، لمَ لا) شرط ألا تكون الجهة نفسها رابحة مرتين.
أهم المراحل التي ستمر بها المشروعات التي تندرج تحت المبادرة تلخص بست مراحل وهي:

  1. الجسر القاري الأوراسي الجديد.
  2. ممر الصّين – شبه الجزيرة الهندية.
  3. ممر الصّين – آسيا الوسطى – غرب آسيا.
  4. ممر الصّين – باكستان.
  5. ممر الصّين – بنغلاديش – الهند – ميانمار.

التّمويل

حذرت مديرة صندوق النّقد الدولي كريستين لاغارد من مخاوف دين محتملة للدول الشّريكة في المشروعات المشتركة، وأشارت إلى أن من التّحديات ضمان وصول الحزام والطّريق فقط أينما اقتضت الحاجة، والثّاني هو التّركيز على سياسات ماليّة سليمة.
وكانت قد تعهدت الصّين بتخصيص 126 مليار دولار للخطط الطموحة، واعتمدت هذه المبادرة أيضاً على أن تقوم كل دولة مشاركة لتمويل مشروعات البنية التّحتيّة التي تمر بها بنفسها، وتقوم بنوك أنشئت لهذا الغرض بتقديم قروض للتمويل، وأهمها:
• البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية AIBB.
• صندوق طريق الحرير SRF.
فيما يتعلق بالشّرق الأوسط: تشير خطط المبادرة إلى تبنيها ستة خطوط، يمر نصفها أو ينتهي على ضفاف المتوسط. السّياسة الخارجيّة الصّينيّة في الشّرق الأوسط تركّز على تهدئة المنطقة التي توصف عادة بعدم الاستقرار، بسبب الحروب والإرهاب، والأهم تأمين أكبر قدر ممكن من الاستقرار الأمني.

المبادرة لمواجهة «الحمائية» الأميركية:

• أعلن في نهاية القمة التوصل إلى توافقات واسعة في إطار المبادرة، مع سعيٍ لطمأنة المتشككين في أن مشروع البنية التحتية الهائل سيركز على «تنمية مفتوحة ونظيفة وصديقة للبيئة» مع الأطراف المختلفة، التي تُجري «مشاورات على قدم المساواة».
• أكد الرئيس الصيني أن مبادئ السوق ستطبق في جميع مشروعات التعاون التي تتضمنها المبادرة التي تهدف إلى إحياء «طريق الحرير» القديم، مشيراً إلى أن الشركات هي المحرك الأساسي لكل مشروعات المبادرة، بينما تلعب الدول دوراً داعماً.
أكد الرئيس شي أن «الجميع دعم فكرة تطوير شراكة، واتفقوا على تعزيز آليات التعاون». أشار البيان الختامي للقمة إلى أن الزعماء اتفقوا على أن يحترم تمويل المشروعات الأهداف العالمية المتعلقة بالديون، وعلى الترويج للنمو الاقتصادي الصديق للبيئة».

أمّا على صعيد مهاجمة الولايات المتحدة المبادرة الصينية، واتهامها بإيقاع الدول النامية في ديون بعرض تمويل رخيص لا يمكنها تحمّله، فقد حاول شي في خطابه تبديد هذه المخاوف. مؤكداً أن المبادرة ستواصل رفض «الحمائية»، في انتقاد لواشنطن التي تبنّت سياسات حمائية في عهد الرئيس دونالد ترامب.
والمبادرة التي تم اقتراحها عام 2013، امتدت من آسيا وأوروبا إلى إفريقيا والأميركيتين وأوقيانوسيا، لتفتح مساحة جديدة للاقتصاد العالمي بنتائج أفضل من المتوقع. ووقّع أكثر من 150 دولة ومنظمة دولية على وثائق تعاون مع الصين في إطار المبادرة. واللافت أنه خلال السنوات الخمس الماضية، تجاوز حجم التجارة بين الصين والدول الأخرى المشاركة في المبادرة 6 تريليونات دولار أميركي، على حين تجاوزت استثمارات الصين في الدول المشاركة في المبادرة 90 مليار دولار.

من جانبه، دعا بوتين الدول المشاركة في المنتدى للانضمام إلى مشروعي الطريق البحري الشمالي و«طريق الحرير». إمكانية ربطه بطريق الحرير الصيني، وبالتالي إقامة طريق نقل عالمي وتنافسي، يربط شمال شرق، وشرق وجنوب شرق آسيا بأوروبا». وأكد بوتين أن هذا المشروع الضخم يعني قيام تعاون وثيق بين دول أوراسيا لزيادة حركة الترانزيت وبناء محطات استقبال البضائع والحاويات في الموانئ، وكذلك المراكز اللوجيستية.
يُذكر أن الطريق البحري الشمالي هو وجهة نقل تمتد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ على طول سواحل شمال روسيا في الدائرة القطبية الشمالية.

ويعبر هذا الطريق بحور الشمال بمحاذاة سيبيريا إلى الشرق الأقصى الروسي على الحدود مع اليابان وكوريا.
روسيا والصين تعملان معاً للحد من النفوذ الاقتصادي الأميركي في آسيا والمحيط الهادئ، لذلك وفي مواجهة محاولات الولايات المتحدة، الهادفة إلى إنشاء هياكل التكامل الاقتصادي التي من شأنها الحد من النفوذ الروسي الصيني في المنطقة، تعمل موسكو وبكين على بناء تعاون اقتصادي أعمق مع بلدان آسيا والمحيط الهادئ الأخرى. الصين تعتبر تعزيز الشراكة الإقليمية الاقتصادية الشاملة، أولوية إستراتيجية رئيسة.
لقد كان للأزمة المالية الآسيوية في الفترة 1997- 1998 تأثير سلبي خطر في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في معظم دول المنطقة. في ظل هذه الظروف، فإن المهمة الرئيسة لـ«آسيان»، كمنسق لمبادرات التكامل في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، هي إيجاد طرق للتقليل من آثار الأزمة المالية. عرفت دول المنطقة أنه من المستحيل تحقيق هذا الهدف من دون الدعم النشط من دول المنطقة الأكثر تطوراً مثل اليابان والصين وكوريا الجنوبية.
تنظر الصين إلى الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة RCEP، كأداة لتعزيز دورها في العمليات الاقتصادية والإقليمية خلال فترة انتقالية لمعظم دول آسيا والمحيط الهادئ. باستخدام آلية للشراكة «آسيان+ 3»، كما تأمل بكين بتنفيذ أهداف محددة للسياسة الخارجية أحد الأسباب الرئيسة التي تدفع الصين إلى تكثيف عمليات تشكيل «الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة RCEP»، هو ازدياد قوة الولايات المتحدة في آسيا والمحيط الهادئ، وهو الاتجاه الذي بدأ في عهد الرئيس باراك أوباما السيناريو الأكثر ترجيحاً في المدى القصير والمتوسط لبكين هو تعزيز مبادرات ومشروعات التكامل الاقتصادي الإقليمي، بما في ذلك طريق الحرير، والحزام لاقتصادي، والشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية.

لذلك، ترى القيادة السياسية الصينية أن مبادرة الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية «RCEP» هي محاولة لمنع تشكيل الهيكل الاقتصادي بين الولايات المتحدة وبين آسيا والمحيط الهادئ، وتجنب خلق تحالف إقليمي مناهض للصين تحت رعاية الولايات المتحدة روسيا والصين، لكونهما قوى عظمى، تتصور بناء العلاقات الإقليمية جنباً إلى جنب مع تشكيل «وحدة المصير المشترك» (كعمود فقري لمفهومي التنمية والأمن بهدف تحقيق التنمية على أساس المصالح والقيم المشتركة) لأهمية ذلك من الناحية الإستراتيجية. وعلاوة على ذلك، فإن تنفيذ مبادرة الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية RCEP، يتوافق تماماً مع عمليات الاندماج والمساهمة في التنمية والازدهار العالمي.
من أجل فهم مكان مبادرة الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية RCEP في إستراتيجية السياسة الخارجية للصين، فمن المهم أن ننظر إلى الدول الأعضاء المعنية بالمبادرة. فهي تشمل البلدان من الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية.
إلى جانب ذلك، تهدف الصين إلى تعزيز مبادرة الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية لتخفيف التوترات السياسية مع الشركاء في جنوب شرق آسيا بالمشاركة المباشرة في حل النزاع الإقليمي في بحر جنوب الصين «فيتنام والفلبين وماليزيا وبروناي، والمهمة الإستراتيجية لموسكو هي الحصول على التكامل في الإنتاج والتوزيع والتكنولوجيا مع آسيا والمحيط الهادئ.

مبادرة الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية كمشروع للتكامل، وراءه رغبة الجانبين للمضي قدماً نحو بناء الشراكة الأوراسية الشاملة، لبناء تعاون جيوإستراتيجي على مساحة الجغرافيا بين روسيا والصين و«آسيان» كمراكز رئيسة للنفوذ.
الدافع وراء مصلحة روسيا في تعزيز المبادرات الصينية هو رغبة موسكو في مواءمة النظام المالي والتجاري العالمي والهيكل وتعزيز دور البلدان غير الغربية.
قال يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي: إن موسكو تؤيد قيام أوراسيا الكبرى، التي تضم الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأوراسي، وكذلك مختلف المبادرات الصينية المتعددة، والتكامل المفيد.
وأضاف: (يجب السعي لقيام أوراسيا الكبرى)».
المشروع الصيني العملاق الذي تريد بكين به تسويق المبادرة التي ستجعلها محوراً للعلاقات الاقتصادية العالمية.
مبادرة صينية طموحة لإعادة إحياء طريق الحرير التاريخي، وتهدف إلى ربط الصين بالعالم، عبر استثمار مليارات الدولارات في البنى التحتية وتضخ هذه المبادرة دماء حيوية في طريق الحرير، وللتعاون الآسيوي والأوراسي، كما تهدف المبادرة إلى تعزيز الحوار والتواصل ومبادلات العملة والتواصل بين الشعوب.
ستقدم بكين ما يصل إلى 8 تريليونات دولار للبنية التحتية في 68 بلداً.

وأسست الصين صندوقاً استثمارياً برأس مال بمليارات الدولارات لتمويل المشروعات، من أجل «طريق واحد وحزام واحد»، «طريق للسلام ولمّ الشمل والتجارة الحرة لمنتقدي المبادرة، وعلى رأسهم واشنطن، والهند، واليابان، يأخذون عليها أنها تدعم خاصةً الشركات الصينية وتشكل «فخ ديون» للدول المستفيدة منها وتضر بالبيئة.
تعد روسيا، وباكستان، أبرز الدول الداعمة للمشروع.
يزداد قلق الأوروبيين والأميركيين من المشروع، وظهر ذلك جلياً في اقتصار مشاركة هذه الدول في القمة على الوزراء، على حين لم ترسل واشنطن أحداً.
الاستثناء الأوروبي الوحيد كان رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي الذي انضمت بلاده إلى المبادرة الصينية في مارس (آذار) الماضي، لتكون أول دولة من مجموعة السبع، تقدم على هذه الخطوة.
يشير الاسم إلى شبكة الطرق البرية والبحرية التي يتعدى طولها 10 آلاف كيلومترات تربط الصين، وأوروبا مروراً بالشرق الأوسط.

قال فيكتور جاو، وهو معلق على الشؤون الخارجية ومسؤول سابق في وزارة الخارجية: «ما مبادرة الحزام والطريق؟ هل هي مؤسسة دولية؟ أو أقرب إلى كونها هيكلاً متراخياً مثل مجموعة الدول السبع أم إنها مجرد منتدى؟ أعتقد أن هذا لم يحسم بعد». ويتوقع أن يصبح تنسيق مبادرة الحزام والطريق مؤسسياً بشكل أكثر في غضون الأعوام الثلاثة إلى الخمسة المقبلة. تنخرط في هذا الأمر مبالغ ضخمة من التمويل، إذ سجلت وزارة التجارة الصينية 90 مليار دولار في الاستثمار المباشر في مشروعات الحزام والطريق، في الفترة من عام 2013 حتى 2018، وسلسلة مبادرات بقيمة 600 مليار دولار.
وقال بنك الصادرات والواردات الصيني، الذي يمول نحو ربع هذه المشروعات، إن لديه أكثر من تريليون رنمينبي (ما يعادل 149 مليار دولار) في شكل قروض مستحقة على مبادرات «الحزام والطريق».
من المفيد أن نشير أخيراً إلى ما كتبه (نيوت غينغرش) الذي كان رئيساً للكونغرس الأميركي، في مجلة «النيوزويك» في 29 نيسان الماضي قائلاً: (إنّ سياساتنا تفشل لأنّها ليست مستندة إلى الواقع، بل إلى صور عن الواقع شكّلناها لأنفسنا كما أن جزءاً من قراءتنا للصين كان يعتمد على غرورنا وعلى رغباتنا).
الواقع إن غينغرش عبّر عن مصادر قلق الغرب الأميركي الأوروبي ورؤيته الحقيقية القائمة على الخوف من الصين حاضراً ومستقبلاً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى