التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي العالمي
د. قحطان السيوفي
783 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر الدولي المحدد بـ1.9 دولار يومياً، أكثر من167 مليون طفل معرضون لخطر العيش في فقر مدقع بحلول عام 2030، 820 مليون شخص حول العالم يعانون نقص التغذية المزمن، التكنولوجيا المالية بإمكانها إطلاق العنان للديناميكية الاقتصادية والحد من الفقر، 13 في المئة من سكان العالم – لا يزالون يعيشون من دون كهرباء.
أبرز أحداث 2018: الفقر والنزوح والبحث عن الغذاء والاقتراض
أعلنت كريستين لاجارد، المدير العام لصندوق النقد الدولي، أن السعي إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة هو «أولوية عالمية». وقالت: (عندما يتعلق الأمر بالحد من عدم المساواة هناك أهمية لدور الاستثمار العام في مجالات كالصحة والتعليم ونظم الحماية الاجتماعية).
تتبنى خطة عام 2030 رؤية جادة للقضاء على الفقر واستفادة الجميع في جهود التنمية. إن لجنة التنمية الاجتماعية في مقر الأمم المتحدة بنيويورك وبصفتها واحدة من الأجهزة الرئيسة الواضعة للسياسات ضمن منظومة الأمم المتحدة المعنية، أولت اهتماماً خاصاً بالهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة، الذي ينادي بالقضاء على الفقر بجميع أشكاله مع حلول عام 2030.
قال (لوت دزونزي) نائب رئيس مكتب لجنة التنمية الاجتماعية: نحن نوجد الآن في وضع مأساوي إذا ما سمحنا باستمرار تفشي الفقر، «وأضاف: «هذا وقت مناسب لنا جميعاً على مستوى العالم لتعزيز جهودنا نحو القضاء على الفقر.
العالم يظل مكاناً حافلاً بالبؤس لأكثر من نصف سكانه. وما من أحد من هؤلاء إلا ويعاني واحدة على الأقل من آفات اجتماعية ثلاث، وهي انعدام المساواة، وانعدام الأمن والفقر اللاإنساني. الحماية الاجتماعية الفعالة والناجزة قادرة على الحد من عدم المساواة والفقر. وتوفير المستوى الأساسي الذي يمكن تحقيقه بعد الاستثمار قليلاً في الحوكمة الرشيدة.
المفهوم السائد للتنمية لعقود عديدة، أنها نمو اقتصادي.
يلاحظ في السنوات الأخيرة وجود وعي متزايد أن النمو الاقتصادي برغم أنه وسيلة ضرورية وأساسية، يجب أن يتكامل بسياسات تهدف إلى «تنمية بشرية» موزعة ومستدامة، تعرف بأنها «عملية تعظيم مجال الخيارات لدى الناس– زيادة فرصتهم في التعليم والرعاية الصحية والدخل والحصول على وظائف وتغطية البيئة الطبيعية المستقرة إلى الحرية الاقتصادية والسياسية.
قال المدير العام السابق لمنظمة العمل الدولية الأسبق، في أواخر القرن العشرين خوان سومافيا: (العالم لا يفتقر إلى الموارد اللازمة للقضاء على الفقر، لكنه يفتقر إلى تحديد الأولويات السليمة).
لقد ظل المجتمع الأممي لعقود طويلة يستخدم بوصلة أخلاقية عالمية في سياق جهود الحماية الاجتماعية. فمنذ صدور توصيات منظمة العمل الدولية لعام 1944 بشأن تأمين الدخل والرعاية الصحية -الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 – ثم جاءت توصية منظمة العمل الدولية رقم 202 في عام 2012 بشأن «أرضيات الحماية الاجتماعية الوطنية» و«أهداف التنمية المستدامة»، التي اعتمدها مؤتمر قمة الأمم المتحدة في عام 2015، لترسّخ مضمون حق الحماية الاجتماعية.
وتقدم التوصية 202 الإرشادات حول إرساء الحماية الاجتماعية الأساسية ويتمثل الهدف الرئيس لهذه التوصية في توفير الحماية الشاملة لجميع المحتاجين دراسة شاملة أجراها «التحالف العالمي لأرضيات الحماية الاجتماعية»، وهو شبكة عالمية تضم قرابة 100 نقابة عمالية ومنظمة غير حكومية؛ الدراسة شملت 150 بلداً لحساب الموارد اللازمة لسد فجوات الحماية الاجتماعية، حسب توصية منظمة العمل الدولية رقم 202.
ويلاحظ أن نصف هذه البلدان تقريباً بإمكانها سدّ هذه الفجوة بتخصيص نسبة أقل من 2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي فيها لمصلحة الحماية الاجتماعية.
من جهة أخرى كتبت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي في 30 تشرين أول 2018 موضوعاً حول تحديات القرن الـ21 والعمل التعددي الجديد اعتبرت: (عدم المساواة والتكنولوجيا واستمرارية الأوضاع، موضوعات في الوقت الحالي أكثر تشابكاً، وأسرع حركة من أي وقت مضى. والتحرك لمواجهة ذلك يمثل مطلباً بالغ الأهمية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والرخاء). هذا يتطلب الشراكة، والعمل الجماعي بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني؛ بغية القضاء على التمييز ضد المرأة، وتصميم إصلاحات سوق العمل الصحيحة، وتقويم نظم التعليم والتدريب، والحماية الاجتماعية؛ لإشراك المواطنين، بل تهيئتهم للتحول التكنولوجي اللاحق، أما بالنسبة للتكنولوجيا: الثورة الرقمية تحمل في طياتها آمالاً واعدة ومخاطر كبيرة؛ فالتكنولوجيا البيولوجية وتكنولوجيا الروبوت والذكاء الاصطناعي ستوفر صناعات وفرص عمل جديدة. لا شك أن التكنولوجيا المالية بإمكانها إطلاق العنان للديناميكية الاقتصادية والحد من الفقر، وخاصة بتوفير الخدمات المالية لنحو 1.7 مليار نسمة لا يستفيدون من الخدمات المصرفية.
إن حجم الإنفاق الإضافي اللازم للبلدان المنخفضة الدخل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة – في القطاعات الرئيسة كالصحة والتعليم والمياه والبنية التحتية – سيبلغ نحو 520 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030. ولا سبيل لسد هذه الفجوة من دون التعاون الدولي والشراكة مع القطاع الخاص، والجهات المانحة، والمؤسسات الدولية، بالإضافة لرفع كفاءة استخدام الموارد.
في سويسرا، يُصنّف الأشخاص الذين تقل مداخيلهم الشهرية عن 2600 فرنك ضمن الفقراء.
رغم الثراء الذي تتمتع به، هناك مليون شخص في سويسرا يُعتبرون فقراء أو مُهددين بالفقر، أي نحو واحد من بين كل ثمانية من السكان.
مؤسسة كاريتاس السويسرية، قدرت الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر في سويسرا بحوالي 530 ألف شخص أي ما يعادل 6.6٪ من تعداد السكان، وهناك حوالي 500 ألف شخص في وضع مالي حرج، قد يجدون أنفسهم بين عشية وضحاها في فاقة.
الفقر مفهوم نسبي، ولا يجوز مقارنة الفقراء في سويسرا بالموجودين في جنوب السودان، ففي سويسرا، يُعتبر الفرد أو الأسرة من الفقراء حينما لا يصل دخله إلى حدّ معين.
• لم يزل 783 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر الدولي المحدد بـ1.9 دولار يومياً.
• في عام 2016 في سياق متّصل، أعلن صندوق النقد الدولي، خفْض توقعات النمو للاقتصاد العالمي خلال العامين الجاري والمُقبل، وقال الصندوق في بيان له، إنه خفض توقعات النمو للعام الجاري بـ0.2٪ إلى 3.5٪، وبنسبة 0.1٪ إلى 3.6٪ في 2020. ورجع خفض توقعات النمو إلى وجود عدة مخاطر، مرتبطة بالحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وتباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، والمزاج العام.
ما الفقر؟
يعرف خط الفقر (أو عتبة الفقر) بأنه الحد الأدنى للدخل الضروري لتأمين مستوى معيشة ملائم.
الفقر أكثر من مجرد الافتقار إلى الدخل أو الموارد أو ضمان مصدر رزق مستدام، حيث إن مظاهره تشمل الجوع وسوء التغذية وانحسار إمكانية الحصول على التعليم والخدمات الأساسية.
الفقر مفهوم معقد، ويرى كثيرون أنه من غير الممكن قياس جوانب الفقر المهمة من الناحية النقدية، من أجل تحقيق النجاح في التصدي للفقر، يجب قياسه من جميع جوانبه. يتضمن الإصدار الأخير من الأولى طبعة 2018 من تقرير الفقر والرخاء المشترك المحاولة للبنك الدولي لقياس الفقر المتعدد الأبعاد على مستوى عالمي.
واليوم يعيش 783 مليون شخص تحت خط الفقر الدولي المحدد بـ1.9 دولار يومياً، 11٪ منهم يعيشون في فقر مدقع ويكافحون من أجل تلبية أدنى الاحتياجات الأساسية كالصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي. 167 مليون طفل معرضون لخطر الاستمرار في العيش في فقر مدقع بحلول عام 2030، الفقر وأهداف التنمية المستدامة إن القضاء على الفقر بجميع أشكاله هو من أولويات الأهداف السبعة عشر لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، عن طريق التعاون الإنمائي المعزّز، من أجل تزويد البلدان النامية، ولا سيما أقل البلدان نمواً.
«تهدف أهداف التنمية المستدامةً إلى إنشاء أطر سليمة على المستويين الوطني والإقليمي، لضمان تمتّع جميع الرجال والنساء، ولاسيما الفقراء والضعفاء منهم، بالحقوق نفسها في الحصول على الموارد الاقتصادية، وكذلك حصولهم على الخدمات الأساسية وعلى حق ملكية الأراضي والتصرّف بها وغيرها من الحقوق المتعلّقة بأشكال الملكية والميراث والحصول على الموارد الطبيعية والوصول للتكنولوجيا الجديدة الملائمة والخدمات المالية، بما في ذلك تمويل المشاريع الصغيرة.
كما أشرنا، بحلول عام 2030 سيهدد خطر الفقر 167 مليون طفل ما لم يتخذ العالم خطوات لتحسين فرص الوصول لخدمات الصحة والتعليم.
تتعهد أجندة التنمية المستدامة لعام 2030 بعدم ترك أحد يتخلف وراء الركب والوصول إلى الجميع. تحقيق هذا البرنامج الإنمائي يتطلب سياسات ذات رؤية لنمو اقتصادي مستدام وشامل ومنصف، يحدد الهدف 1 أن القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان كأكبر تحدٍّ يواجه العالم اليوم ومطلب لا غنى عنه لتحقيق التنمية المستدامة.
مؤتمر القمة العالمي للتنمية، الذي عقد في كوبنهاغن عام 1995 حدد ثلاث قضايا هي: القضاء على الفقر؛ وخلق فرص العمل؛ والتكامل الاجتماعي؛ وذلك للمساهمة في إنشاء مجتمع دولي يمكِّن من بناء مجتمعات آمنة وعادلة وحرة.
أعلنت منظمة الأمم المتحدة أن اليوم الدولي للقضاء على الفقر هو يوم 17 تشرين الأول من كل عام. وأن الفقر يُشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان والحاجة إلى التضافر بغية كفالة احترام تلك الحقوق.
أبرز أحداث 2018؛ الفقر والنزوح والبحث عن الغذاء والاقتراض في عام 1990، كان أكثر من ثلث سكان العالم يعيشون في فقر مدقع – أي يعيشون بـ1.90 دولار أو أقل في اليوم. أما في عام 2015، وهي أحدث سنة تتوافر فيها بيانات دقيقة، فقد بلغت نسبة الفقر المدقع 10 في المئة، وهو أدنى مستوى له في التاريخ المسجل.
وارتفع معدل الفقر في المناطق التي تعاني الهشاشة والصراع والعنف إلى 36 في المئة عام 2015 بدلاً من 34.4 في المئة عام 2011، ومن المرجح أن يرتفع هذا المعدل وفقاً لمعدلات الفقر والرخاء المشترك لعام 2018، فإن العوامل التي تقف وراء ارتفاع مستويات الفقر عادة تشمل بطء معدلات النمو، والصراعات وضعف المؤسسات، وعدم النجاح في توجيه النمو نحو الحد من الفقر.
وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين، اضطر عدد لم يسبق له مثيل من البشر حول العالم إلى الفرار من الاضطهاد أو الصراع أو العنف. ولا يزال هناك نحو 40 مليون شخص يعيشون في بلدانهم، و25.4 مليون منهم لاجئون في الخارج. لبنان، الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين لكل فرد في العالم، حيث يوجد فرد واحد من كل أربعة أفراد من السكان هو لاجئ سوري. ويعيش نحو 70 في المئة تحت خط الفقر.
التلوث
يتنفس تسعة من بين كل عشرة أشخاص من سكان العالم هواء ملوثاً، وذلك وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، التي تغطي 4300 مدينة ومستوطنة في 108 بلدان. وأعلى مستويات تلوث الهواء توجد في إقليم شرق المتوسط وفي جنوب شرق آسيا. وتشير تقديرات المنظمة إلى أن سبعة ملايين شخص يموتون كل عام من تلوث هواء المحيط «الخارجي»، ومن تلوث الهواء داخل المنزل.
المرأة
لا تزال المرأة تواجه حواجز واسعة النطاق، متجذرة في القوانين. ويرى تقرير البنك الدولي المعني بالمرأة والأعمال والقانون، أن 104 بلدان تمنع المرأة من العمل في وظائف معينة، و59 بلداً تفتقر إلى قوانين بشأن التحرش الجنسي في مكان العمل، وفي 18 بلداً يتيح القانون للأزواج منع زوجاتهم من العمل.
الديون
ارتفع اقتراض البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل إلى 607 مليارات دولار عام 2017، مقابل 181 مليار دولار العام السابق، وهو أعلى مستوى في ثلاث سنوات، وفقاً لإحصاءات الديون الدولية. وارتفع إجمالي الدين المستحق للدائنين الرسميين والخارجيين على هذه البلدان 10 في المئة عام 2017 إلى 7.1 تريليونات دولار. وفي حين بقيت أعباء الديون الخارجية في المتوسط
معتدلة، فإن ثلثها كان يسجل نسبة الدين الخارجي إلى إجمالي الدخل القومي، بما يزيد على 60 في المئة نهاية عام 2017، وهو معدل مرتفع للبلدان النامية. وفي 11 بلداً من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، تتجاوز نسب الدين إلى إجمالي الدخل القومي 100 في المئة، ما يعني أن المستحق عليها من ديون أكبر من دخلها القومي الإجمالي. وتعمل المؤسسات الدولية مع البلدان المعنية؛ لمساعدتها على إدارة مستويات الديون، من خلال الاستثمار في القطاع الخاص، وتسخير قوة التكنولوجيا مثل التكنولوجيا المالية.
ما يقرب من مليار شخص – أو 13 في المئة من سكان العالم – لا يزالون يعيشون من دون كهرباء. ويعيش نحو 87 في المئة من سكان العالم، الذين لا يتمتعون بالكهرباء في المناطق الريفية. من المتوقع أن يساعد برنامج الأمم المتحدة البلدان على زيادة الطاقة المتجددة – طاقة الرياح والطاقة الشمسية – مع تحسين أمن الطاقة واستقرار الشبكة والحصول على الكهرباء.
قالت منظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة (فاو)، في آخر تقاريرها الصادرة خلال شهر تشرين الأول 2018: إن ما يزيد على 820 مليون شخص حول العالم يعانون نقص التغذية المزمن.
وحذر التقرير من تدهور وضع الأمن الغذائي والتغذية، إذ إن انتشار سوء التغذية عام 2018 ارتبط بشكل وثيق بالصراعات والنزاعات التي تشهدها بلدان عدة، بالإضافة إلى ظواهر تغير المناخ.
انطلاق التقرير الوطني الأول للتنمية المستدامة في سورية
للمرة الأولى تنشر هيئة التخطيط والتعاون الدولي السورية مؤشرات وبيانات إحصائية تتعلق بتأثيرات الحرب في جوانب مختلفة من حياة السوريين. هذه البيانات تتعلق بالسنوات الخمس الأولى من عمر الحرب.
يستعرض التقرير مؤشرات تنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة البالغ عددها سبعة عشر هدفاً، وذلك خلال فترتين، الأولى قبل الحرب وتمثل العقد الأول من الألفية الجديدة، والثانية خلال سنوات الحرب الأولى، وتحديداً الفترة الممتدة منذ عام 2011 لغاية عام 2015. في الهدف الأول المتمثل بالقضاء على الفقر المدقع والجوع، يتناول التقرير واقع ثلاثة مؤشرات أساسية متعلقة بشكل مباشر بالفقر المدقع. أول تلك المؤشرات ما يتعلق بعدد الأشخاص الذين يعيشون بأقل من 1.25 دولار في اليوم، إذ يؤكد التقرير أن سورية صُنّفت قبل الحرب بأنها ضمن مجموعة الدول التي حققت هدف الألفية المتمثل في القضاء على الفقر قبل حلول عام 2015، إلا أن الوضع تغير بشكل كبير مع بداية الحرب، حيث شهدت نسبة السكان الذين يقلّ دخلهم اليومي عن 1.25 دولار ارتفاعاً كبيراً.
جاء توصيف المؤشر المتعلق بنسبة السكان الذين يعانون فقراً غذائياً، فقبل الحرب وصل معدل الفقر المدقع (الغذائي) إلى حدوده الدنيا، بنحو 1.1% من إجمالي عدد السكان عام 2010، لترتفع هذه النسبة بشكل كبير خلال سنوات الحرب. ففي عام 2015، خلص مسح الأمن الغذائي الأسري إلى أن 33% من الأسر السورية تعاني انعدام أمنها الغذائي.
التقرير يكشف أن نسبة الفقراء والمعوزين جداً قبل الحرب بلغت نحو 8.5%، أي ما يعادل 1.8 مليون مواطن، منبهاً بأن سيناريو استمرار الجهود التنموية المبذولة في سنوات ما قبل الحرب كان سيؤدي إلى تحقيق هدف الألفية، المتمثل في تخفيض النسبة إلى 7.2%، كنسبة الفقراء من عدد السكان.
قبل عام 2015. لكن ما حدث أن الحرب أدت إلى حدوث ارتفاعات غير مسبوقة في معدلات الفقر، لتصل إلى 43% عام 2013، ثم تراجعت قليلاً في عام 2015 إلى 41.5%.
تعرّض الهدف الثاني من أهداف الألفية الثالثة لانتكاسة خطرة بفعل الحرب، في ظلّ تعرض أكثر من نصف السوريين (51.6%) لخطر فقدان الأمن الغذائي عام 2015، وهذا ما رتّب أعباء كبيرة جداً على مؤسسات الدولة السورية ومنظمات المجتمع الأهلي والأمم المتحدة، التي حاولت توفير الدعم الغذائي للأسر الفقيرة والمتضررة من الحرب.
إن تجربة كوريا الجنوبية ما بعد الحرب بلد كان من أفقر بلدان العالم.
إذ تقع معظم موارد الثروة المعدنية والصناعة عبر الحدود في الشمال، وكان أقل من 20 في المئة من السكان يعرفون القراءة والكتابة. أما اليوم، فكوريا الجنوبية هي واحدة من أكثر بلدان العالم تقدماً، لا يقوم اقتصادها على الموارد الطبيعية، بل على مواهب شعبها ومهاراتهم ومعارفهم.
وأعتقد أن كل بلد فقير اليوم لديه القدرة على الخروج من دائرة الفقر مثلما فعلت كوريا، فكل فقير يستحق فرصة للخروج من براثن الفقر، كما فعل 1.1 مليار شخص في السنوات الـ25 الماضية.
يمكن للنمو الاقتصادي أن يتحسن باتخاذ ثلاث خطوات رئيسة: أولاً، ينبغي أن يصل النمو إلى الفقراء وأن يشملهم، وأن يتيح زيادة أولاً في العمالة وفي فرص تحقيق الدخل لهم. ثانياً، من الضروري أن يستخدم الفقراء الدخل الإضافي من أجل تحسين نظامهم الغذائي كماً وكيفاً، ومن أجل تحسين الخدمات الصحية؛ ثالثاً، من الضروري أن تستخدم الحكومات الموارد العامة الإضافية من أجل توفير المنافع والخدمات العامة لمصلحة الفقراء.
لذا، يتعين أن يكون النمو الاقتصادي جامعاً. ولابدّ من تنفيذ نظم الحماية الاجتماعية للمساعدة في تخفيف معاناة البلدان المعرضة لمخاطر الكوارث، ولتقديم الدعم في مواجهة المخاطر الاقتصادية الكبيرة.
يجب أن يكون الأمل والإيمان والتفاؤل الخيار الأخلاقي لتنسيق الجهود من أجل إحراز تقدم سريع نحو توفير الحماية الاجتماعية للجميع، يتطلب ذلك الإرادة السياسية والشجاعة لتوجيه الإجراءات المتعلقة بالتنمية والحوكمة بما يتسق مع البوصلة الأخلاقية المتعارف عليها عالمياً، كما تتزايد الحاجة إلى نظم ضريبية تصاعدية وعادلة وفعالة؛ وآليات تحصيل سليمة؛ ونظام للحوكمة المالية الرشيدة، ذلك يتطلب في المقام الأول الإرادة السياسية لإعطاء التنمية المستدامة بما فيها الحماية الاجتماعية أولوية قصوى على مستوى السياسات.