تجار آثمون..
|هني الحمدان
لعل أسوأ أنواع التجارة هي تجارة الأزمات، ففي المآسي هناك مستفيدون وتجار كما هو الحال في الحروب، تظهر الفئات المستفيدة من استغلال نتائج الحروب سلبية كانت أو إيجابية، والحال ذاتها في الأزمات البشرية.. فقد عانت شعوب العالم من هؤلاء التجار الذين لا يختلفون في أطماعهم عن تجار السلاح، لأن المهم عندهم هو تحقيق المكاسب حتى لو كان الثمن أرواح البشر، فبائع السلاح لا يعنيه من سيستخدمه، ومن ستسيل دماؤه به، المهم هو استلام المال، ويموت من يموت، وتدمر بلاد هنا أو هناك، وكذلك من يستغل حاجة أبناء بلده فيقوم بفرض أسعار مواده الغذائية كما يحلو ويحقق رضى جشعه، البعض اليوم في بلدنا بدؤوا يمارسون قذاراتهم عبر فرض أسعار كاوية واستغلال حاجة البشر والظروف السائدة، بل يروجون لشائعات فقدان السلع والمواد عبر تسويق مسوغات غير موجودة مطلقاً.
تجار الأزمات والحروب هؤلاء يسعون إلى مراكمة أرباحهم، علماً أن أكثر من نصف الشعب السوري بات يرزح تحت خط الفقر، فتراهم يتحكمون بالأسعار ولا يتأخرون عن مضاعفتها مع كل «طلعة دولار» أو حصول حدث أو خطب ما، كما يحصل اليوم في ظل اشتداد الظروف الاستثنائية والأحداث السياسية العاصفة ببلدنا من قوى الشر والإرهاب، لا هم لهم سوى إعلان حربهم على المواطن المتعب أصلاً، بعيداً عن أي ضمائر ومشاعر محبة ورحمة بحال أبناء بلدهم وإخوتهم، ألاعيبهم صارت مكشوفة، بدءا من الاحتكار مرورا بالتخزين وصولاً إلى استغلال وتلويع المواطنين في ظل غياب الضوابط والرقابة الصارمة بأجواء كهذه.
الرحمة مطلوبة ياسادة.. «ارحموا من في الأرض يرحمكم اللـه في السماء».. أفلا تشبعون.. ألا تحسون بآلام الناس ومعاناتهم.. أين ضمائركم وأحاسيسكم. إنكم تمارسون حرباً من نوع آخر لا يقل عن خطر حرب الإرهاب الذي نعاني ويلاته وما سيجري علينا من مخاطر جمة..!
سيبقى المواطن السوري متحملاً، ولا يعير لتشويشاتكم وفصولكم وما تطلقونه من شائعات بنقص أي مادة أي اهتمام، بات مقتنعاً أنه لا داعي لأن يكون هناك أي خوف أو هلع بشأنها، فإن بعض هؤلاء لا يعجبهم هذا الوضع من بعض التجار الآثمين، فيحرصون على إثارة الشائعات وتضخيم الأمور والاستفادة من قلة وضعف وعي بعض فئات المجتمع واستخدام العبارات الرنانة والأصوات المرتفعة والشعارات الصاخبة ليحصدوا من خلفها المكاسب الشخصية الهائلة.
لن يرحمكم المواطن السوري، ولا ينسى تجاوزاتكم القذرة وموقفكم السلبي بوقت يجب أن تكون لجنب المواطن تقدمون العون والمساعدة والتخفيف من شدة الأوجاع.. الرحمة هي أمان وتعاون وعطاء وتلمس معاناة الأخ، لا تجريمه وإفراغ جيوبه واستغلال الظروف وحاجته بوقت كان من الأجدر أن تكونوا إلى جنب عامة البشر، بعيداً عن أي استغلال وتشليح تحت لافتات بيع المواد والحاجات..!!
من المعيب حقاً.. أن نكوي بعضنا وننهش ببعضنا.. رفعتم الأسعار.. ولكن لماذا تغلقون محالكم..؟ إنه السخف والاستهتار وجشع لا يوازيه جشع..!