الصناعة.. عرجاء ترغب في التعدد !
| هني الحمدان
أصبح من غير المقبول بعد وضع كل الاستراتيجيات لإصلاح وتأهيل القطاع الصناعي ليكون رافعة تنموية للاقتصاد الوطني، فالارتهان والانتظار لتحقيق نجاحات من المحال إنجاز جزء بسيط منها، معظمها فشلت، ولم تأتِ بأي جديد يذكر طوال سنوات عديدة مضت! وبقي القطاع يكابد وينزف خسائر، وباباً للمنافع الخاصة، واستغل كبقرة حلوب عاثت به الإدارات فساداً وتخريباً، لتزداد آلامه ويصعب معه تقديم الدواء المناسب طوال السنوات الماضية، لتأتي التوجهات الحكومية الجديدة تجاه القطاع الصناعي وضرورة حل جميع مشكلاته، وتغيير كل ما يمكن ليتحول قطاع الصناعة إلى قطاع قوي قادر على تحقيق العوائد الاقتصادية والاجتماعية، فملامح ودلائل التوجه الجديد، تغيير بعض الأدوار وإعطاء القطاع الخاص دوراً أساسياً وتشاركياً وصولاً إلى قطاع صناع وطني، ورفض كل نمطيات وتكرار سيناريوهات بقاء الصناعة على وضعها السابق، كما اليتيم على مأدبة الطعام، عبارة عن مبادرات مكررة وبأسماء مختلفة لا توجد معاير واضحة وحقيقية لقياس نجاحها!
من هنا وضعت الحكومة ووزارة الصناعة واقع القطاع على طاولة التشريح والتشخيص ورسمتا خطوات للحل التدريجي، كلها تصب في إصلاح القطاع وإحيائه، لكي تتناسب مخرجاته مع أهداف واستراتيجيات الرؤية الحكومية وبعض التحولات المستهدفة، ولعل الوقت قد حان لإعادة هيكلة القطاع الصناعي من منظور يهدف لوقف نزيف موارد الدولة والاقتصاد، والانتقال من دور التشغيل إلى الإشراف، بمعنى إدخال القطاع الخاص ليأخذ دوراً أكثر تقدماً نحو إنتاجية متنوعة وتحقيق عوائد مجزية، والتي هي محور أساسي لعمل ودور القطاع الصناعي.
القطاع يمتلك مقومات عديدة تجعل جدوى التركيز على قطاع الصناعة ذا قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد، فإن التسارع في تنفيذ العديد من المبادرات والتشاركات وإطلاق يد القطاع الخاص ببعض من جبهاته سيعزز من تلك المقومات، سواء أكانت على صعيد بعض خطوط الإنتاج والعمالة الكبيرة، فالجميع ينظر للصناعة من باب أن الاهتمام بها ليس خياراً، بل بمنزلة الهوية الاقتصادية التي يجب أن تزدهر وتصل للأسواق العالمية، إضافة إلى وجود ثروات مهمة تحتاج إلى قطاع صناعي مبدع متحرر من القيود والعراقيل الإدارية، يعمل وفق تفاهمات محددة.. كل المقومات إذا ما أحسنت بالمجال الاستثماري الصحيح تعطي الصناعة زخماً كبيراً لتكون من أكثر القطاعات نموا أفقيا وعموديا، فإن الهدف جعل الصناعة الخيار الأول للاستثمار وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، وهذا من المحال الوصول إليه إلا من خلال إجراء المراجعات وتعديل بعض الأنظمة والقوانين والتعليمات لجعلها أكثر مرونة.
المرحلة الحالية تحتاج إلى البدء من جديد وإعطاء القطاع الصناعي أولوية مطلقة، بمعايير القيمة الإضافية ومعايير تحسين الكفاءة، وربط أي دعم حكومي يقدم للصناعة بفترة زمنية محددة، وكفانا هدراً لهذا القطاع وضياعاً!!
فالصناعة اليوم من ضروريات المرحلة التي نحتاج أن نرتقي بها عبر تهيئة مساحة واسعة من الاهتمام والنفوذ المناسب مع الاستقلالية التامة، واختيار أفضل الطواقم الإدارية والفنية، لنجعل منها رافعة حقيقية للاقتصاد الوطني.
وختاماً، فأملنا كبير في وزير الصناعة الذي جاء محملاً بأفكار ورؤى تحمل إشارات إيجابية لتطوير بعض مشكلات الصناعة، ويعرف تماماً طبيعة بعض الحجج غير المقبولة من مجموعات الضغط، أن يرسم استراتيجية واضحة وبأهداف زمنية ورقمية محددة لتتماشى مع الرؤية الحكومية وتتحمل الصناعة نصيبها العادل في التنويع الاقتصادي.