العناوين الرئيسيةشؤون محلية

اللغة التي لم نتقنها بعد! .. ماذا نحتاج لتحويل مؤسسات القطاع العام إلى شركات مساهمة ؟ دورها إيجابي في تعبئة الادخار الوطني وفرصة لتحويله إلى استثمار ناجح وقيمة مضافة

|هني الحمدان

تعتبر الشركات المساهمة من أهم الشركات التي تلعب دوراً بارزاً في الاقتصاد الوطني وتعزيز أداء قطاعاته الاقتصادية المختلفة، من خلال مساهمتها في إعادة توزيع الدخل القومي وتنمية الوعي الادخاري والاستثماري، وبالتالي رفع مستوى معيشة المواطنين.
الحكومة عادت وتناولت واقع الشركات المساهمة بالنقاش الجدي من خلال اجتماع ترأسه رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد الجلالي وبحث واقع الشركات المساهمة من جهة الأهمية المتزايدة لهذا النوع من الشركات في الاقتصاد الوطني السوري. فالشركات المساهمة تُعتبر أداة فعّالة في تعبئة الادخار الوطني وتحويله إلى استثمار منتج، ما يسهم في تنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.
ومن الواضح أن الحكومة تسعى لتوفير بيئة ملائمة لنمو هذه الشركات، سواء عبر تقديم حوافز ضريبية وإعفاءات كما ورد في القانونين رقم /11/ لعام 2023 و/3/ لعام 2024، أو من خلال تنظيم الأطر القانونية لتعزيز التحول من الاستثمار الفردي إلى المؤسسي. وهذه الجهود تمثل خطوة مهمة نحو نقل الأنشطة من اقتصاد الظل إلى الاقتصاد الرسمي، بما يساهم في رفع مستوى الشفافية وتعزيز الحوكمة المالية.

قراءة أولية
الاجتماع أوضح أيضاً التحديات التي تواجه الشركات المساهمة، مثل الأعباء الضريبية الثقيلة والإجراءات البيروقراطية التي قد تعوق نشاطها كما يجب، إلى جانب محدودية الأثر المحفز لإعادة تقييم الأصول. ومعالجة هذه المعوقات تتطلب تعاوناً جاداً بين القطاعين العام والخاص، لضمان تحويل النصوص التشريعية إلى واقع ملموس يخدم الاقتصاد.
التأكيد على أهمية الشركات المساهمة في بنية الاقتصاد الوطني، كما جرى استعراض الجهود الحكومية المبذولة لتوفير البيئة التشريعية والقانونية والتنظيمية المناسبة للتوسع في هذا النوع من الشركات وضرورة إدماجها للمساهمة في التنمية الاقتصادية وحل كل المعوقات القائمة.
وتناول الاجتماع تقييماً دقيقاً لنتائج تطبيق أحكام كل من القانون رقم /11/ لعام 2023 الذي منح محفزات مهمة وإعفاءات ضريبية لإعادة تقييم الأصول الثابتة للشركات القائمة التي تقوم بالتحول والاندماج على أن ينتج عنها شركات مساهمة مغفلة، وأيضاً أحكام القانون رقم /3/ لعام 2024 الذي سمح للجهات العامة بالتعاقد مع شركات مساهمة عامة قابضة لإدارة مرافق عامة اقتصادية.
حرص وجدية الحكومة واضحان لتعزيز حضور الشركات المساهمة في البلد والتوجه لتحديث بنية السوق الاستثمارية فيه، ونقل الكثير من الأنشطة من اقتصاد الظل إلى الاقتصاد الرسمي الذي تعد الشركات المساهمة من أهم أركانه وحوامله لما تتمتع به من مزايا إدارية وقانونية وتنظيمية متقدمة مدعومة ببنية حوكمة مالية متطورة، تحت رعاية ومتابعة هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية.

عدم إقبال
لكن هناك عدة أسباب تتجسد في ضعف الإقبال على إحداث الشركات المساهمة، فهناك الرغبة في التهرب الضريبي الناتج عن الأعباء الضريبية الكبيرة التي تتحملها هذه الشركات، بالإضافة إلى الإجراءات الطويلة والمعقدة التي يتطلبها إحداث الشركات المساهمة، من أهم تلك الأسباب. وهناك بعض الآثار السلبية لمحددات إعادة تقييم أصول الشركات القائمة في تحفيزها لتحولها إلى شركات مساهمة. وهنا لا بد من ضرورة الخروج من دائرة النظر إلى الشركات المساهمة باعتبارها محلاً لجباية الضرائب، والتركيز على دورها الاقتصادي والتشغيلي والإنتاجي، وعلى وجه الخصوص دورها الإيجابي في تعبئة الادخار الوطني، وتحويله إلى استثمار وإلى قيمة مضافة.
فالتوجه نحو تعزيز الشركات المساهمة يعكس رؤية استراتيجية لخلق بيئة اقتصادية أكثر استقراراً واستدامة، وذلك عبر تطوير بنية السوق الاستثمارية وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. ولتحقيق هذا الهدف، يبقى من الضروري الاستمرار في متابعة تنفيذ النصوص القانونية بدقة، وتقديم تغذية راجعة حول كفاءتها، لضمان تلبية الطموحات التنموية التي تسعى الحكومة لتحقيقها.

مؤشرات سلبية
الباحث في الشؤون الاقتصادية الدكتور علي محمد اعتبر في تصريح لـ«الاقتصادية» أن أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد السوري هي كيفية الإصلاح والانطلاق الفعال لمؤسسات وشركات القطاع العام، إذ إن هذه الشركات كانت تعاني قبل الأزمة من تراجع في الأداء وانخفاض في وتيرة الأعمال ما انعكس على نشاطها كاملاً بمؤشرات سلبية عامة، فجاءت الحرب مع ما حملته من تدمير وتخريب لبعضها وتوقف الإنتاج والعمل في بعضها الآخر، مشيراً إلى أنه عند البحث بالتفاصيل يتبيّن أن مشاكل مؤسسات وشركات القطاع العام لم تقتصر على ذلك فحسب بل تضاعفت ما أدى إلى مزيد من الصعوبات في الحلول نظراً لما حلّ بالواقع الاقتصادي كله في سورية، فتغير سعر الصرف وانخفاض مؤشرات الاقتصاد الكلي وارتفاع معدلات التضخم والمستوى العام للأسعار جعلت واقع هذه الشركات أكثر سوءاً، الأمر الذي أدى إلى بيانات ومؤشرات سلبية أكثر مما كانت عليه خلال الحرب وقبلها.
وأكد محمد أن الوقوف على واقع هذه الشركات وإيجاد الحلول لها أصبحا من أهم متطلبات المرحلة القادمة في سورية ولاسيما أنها مرحلة إعادة الإعمار وحالة التضخم والغذاء والقلة، والتي من المفترض أنه سيتم فيها الاعتماد على شركات ومؤسسات القطاع العام بشكل كبير للقيام بكثير من الأعمال الواجبة والإسعافية، أما بقاؤها على وضعها الراهن فسوف يزيد «الطين بلة»، لذا من الواجب حصر هذه المشكلات المتعددة والمتنوعة والعمل على حلها جميعها بشكل متواز لاختصار الوقت وتحقيق المأمول.
وانطلاقاً مما سبق، رأى الدكتور محمد أن تفعيل وتنشيط دور الشركات المساهمة العمومية والمشتركة يعد مطلباً اقتصادياً حقيقياً خلال هذه المرحلة الحالية الصعبة، نظراً لكون بعض المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي التي تتبع للقطاع العام، تعاني من المشاكل والصعوبات التي كان يلحظها بعض القائمين على العمل والمتابعين، سواء من ناحية الترهّل الإداري أم انخفاض الإنتاجية وانعدام المنافسة، علماً أنه لا يمكن بخس حق هذه المؤسسات من جهة ما قامت به في الماضي من توفير جزء من مستلزمات حاجة القطر من خلال تصنيعها، لذا فلا بد من العمل على تفعيل هذه المؤسسات بشكل أفضل للتغلب على جميع المشاكل.
وأشار محمد إلى أن الشركات المساهمة العمومية تعني تطبيق مبادئ الإدارة والحوكمة السليمة، وفصل الإدارة عن الملكية، ووجود مجلس إدارة منتخب يراقب عمل الإدارة التنفيذية لهذه الشركات وخططها السنوية ومدى تنفيذ هذه الخطط، وتحقيق الأهداف الموضوعة والمتمثلة بالإنتاجية والتنافسية واليسر وتخفيف الهدر والفساد، ما سيلعب دوراً مهماً بتفعيل هذه المؤسسات التي ستنشأ وفق القانون الناظم.

إلزامهم بالتدقيق
من عوائق الشركات المساهمة هو محاولة التهرب الضريبي إضافة إلى سعر الصرف الذي يشكل عائقاً أساسياً أيضاً، كما أن بعض المستثمرين والصناعيين لا يرغبون في التصريح عن حجم أعمالهم الحقيقي لعدة غايات، وبالتالي فهم لا يفضلون الشركات المساهمة لكونها تلزمهم بالتدقيق على أعمالهم، وتقديم التقارير المالية الدورية بشكل ربعي والإفصاح عن أي شيء يخص الشركة.
معوقات
من ميزات الشركات المساهمة قدرتها على طرح أسهمها للاكتتاب العام أمام عموم المواطنين لتطرح للتداول ضمن سوق الأوراق المالية، ما يجعلها أداة مهمة لتعزيز الاقتصاد الوطني.
والشركات المساهمة توفر في سورية فرصاً كبيرة لتنمية الاقتصاد الوطني بحال استثمارها بالشكل الأمثل، من خلال استثمار رغبة مجتمع الأعمال وأصحاب المدخرات البسيطة بتشغيل أموالهم بالشكل الأمثل، كما تساهم في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتحسن العائدات الضريبية، إضافة إلى ميزتها في استمرارية حياتها التي لا تنقضي بوفاة الشريك وانفصال الملكية عن الإدارة، ولكن انتشار هذا النوع من الشركات في سورية يلاقي بعض المعوقات، حيث لا يزال الكثير من رؤوس الأموال يفضلون الشركات ذات الإدارة الفردية أو العائلية.
كما أن تعدد الجهات الإشرافية والرقابية على الشركات المساهمة يؤثر في فاعلية عملها، حيث تجد إدارة بعض الشركات المساهمة أنها لا تحظى بميزات الشركات الأخرى نفسها ضمن القطاع الواحد، ولاسيما في جانب التسهيلات الممنوحة وحتى تأخذ الشركات المساهمة دوراً أكبر في الاقتصاد جملة مقترحات لإقناع عدد أكبر من المستثمرين بجدوى الشركات المساهمة منها تبسيط إجراءات ترخيص الأعمال، وتخفيض ورسوم تأسيس هذه الشركات ولاسيما العامة، إضافة إلى وجود مشروعات تحقق قيمة فائضة كبيرة تؤدي إلى تأسيس شركات مساهمة عامة.
ولتفعيل دور الشركات المساهمة في المرحلة المقبلة لا بد من توجيه الشركات التي ستؤسس في سورية مستقبلاً للمشاركة في عمليات إعادة الإعمار لأن تكون على صورة شركات مساهمة عامة، بغية الانتقال إلى اقتصاد منظم يعمل وفق الضوابط والتشريعات وتحت إشراف الجهات الناظمة، بدلاً من اقتصاد الظل وعمليات جمع الأموال التي كانت تتم في كثير من الأحيان بصورة غير قانونية، حتى يتم توزيع أرباح هذه الشركات على أكبر شريحة ممكنة من المجتمع.
يُذكر أن الشركة المساهمة تكون مؤسسة تجارية تتمتع بالشخصية القانونية المعنوية أو الاعتبارية، وتتألف من عدد من الأشخاص «الشركاء أو المساهمين» الذين يملكون حصصاً من رأسمالها على شكل أوراق مالية متساوية القيمة قابلة للتداول (الأسهم)، تتفرد بها عن بقية الشركات التجارية وتتميز الشركة المساهمة عن الشركات التجارية الأخرى بأن حصص الشركاء (الأسهم) فيها تكون قابلة للتداول بكامل الحرية دون الحاجة إلى الموافقة المبدئية لبقية الشركاء، كما هو الحال في شركات الأشخاص.
كما أن الذمة المالية في الشركة المساهمة مستقلة تماماً عن ذمة الشركاء ومسؤولية الشركاء محددة بحيث لا يتحمل كل شريك من الخسائر إلا بمقدار مساهمته في رأسمال الشركة، ويكون فيها حد أدنى لعدد الشركاء ولرأسمال الشركة يحددهما قانون الشركات، ولا يجوز أن تحمل الشركة اسم أحد الشركاء لأن الشركة لها شخصية قانونية مستقلة عن شخصية المساهمين فيها.

تنشيطها مرهون بانتعاش الاقتصاد
إن تنشيط الشركات المساهمة مرتبط بشكل وثيق بالوضع الاقتصادي بشكل عام، إذا كانت الأوضاع الاقتصادية مناسبة فإن الشركات بمختلف أشكالها سوف تنشط، وهذا النشاط مرتبط بتحرير الأسواق من بعض الإجراءات والقيود التي وضعتها الإدارات النقدية وما سببته من عرقلة لحركة دوران العجلة الاقتصادية من أجل تخفيض الاستهلاك بغرض تخفيض الطلب على الدولار لزوم الاستيراد، حسب رأي الخبير الاقتصادي جورج خزام لـ«الاقتصادية».
ومن أجل تجفيف السيولة النقدية مع سحب الأموال من السوق، كانت النتيجة انهيار الإنتاج وارتفاع الأسعار وتثبيتاً وهمياً لسعر صرف الدولار.
وإلغاء تقييد حرية سحب الأموال من المصارف هو شرط أساسي لتنشيط عمل الشركات التجارية والصناعية بالإضافة لإلغاء منصة تمويل المستوردات التي تعمل على تجفيف المستوردات بغرض تخفيض الطلب على الدولار.
كما أن إعطاء الأمان المطلق للأموال بالدولار والليرة السورية بالعمل بحرية هو الشرط الأكثر أهمية لعمل الشركات، وهذا مرتبط بإلغاء قرار تجريم التعامل بالدولار.
إن بيئة العمل الاستثمارية الصحية لرأس المال هي البيئة التي تطبق قواعد اقتصاد السوق الاجتماعي الحر، حيث المنافسة ومكافحة الاحتكار، وفيها يكون المستهلك هو سيد السوق والبضاعة المرتفعة السعر بالجودة الأقل تخرج تلقائياً من السوق بفعل المنافسة.

تعتبر الشركات المساهمة من أهم الشركات التي تلعب دوراً بارزاً في الاقتصاد الوطني وتعزيز أداء قطاعاته الاقتصادية المختلفة، من خلال مساهمتها في إعادة توزيع الدخل القومي وتنمية الوعي الادخاري والاستثماري، وبالتالي رفع مستوى معيشة المواطنين.
الحكومة عادت وتناولت واقع الشركات المساهمة بالنقاش الجدي من خلال اجتماع ترأسه رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد الجلالي وبحث واقع الشركات المساهمة من جهة الأهمية المتزايدة لهذا النوع من الشركات في الاقتصاد الوطني السوري. فالشركات المساهمة تُعتبر أداة فعّالة في تعبئة الادخار الوطني وتحويله إلى استثمار منتج، ما يسهم في تنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.
ومن الواضح أن الحكومة تسعى لتوفير بيئة ملائمة لنمو هذه الشركات، سواء عبر تقديم حوافز ضريبية وإعفاءات كما ورد في القانونين رقم /11/ لعام 2023 و/3/ لعام 2024، أو من خلال تنظيم الأطر القانونية لتعزيز التحول من الاستثمار الفردي إلى المؤسسي. وهذه الجهود تمثل خطوة مهمة نحو نقل الأنشطة من اقتصاد الظل إلى الاقتصاد الرسمي، بما يساهم في رفع مستوى الشفافية وتعزيز الحوكمة المالية.

قراءة أولية
الاجتماع أوضح أيضاً التحديات التي تواجه الشركات المساهمة، مثل الأعباء الضريبية الثقيلة والإجراءات البيروقراطية التي قد تعوق نشاطها كما يجب، إلى جانب محدودية الأثر المحفز لإعادة تقييم الأصول. ومعالجة هذه المعوقات تتطلب تعاوناً جاداً بين القطاعين العام والخاص، لضمان تحويل النصوص التشريعية إلى واقع ملموس يخدم الاقتصاد.
التأكيد على أهمية الشركات المساهمة في بنية الاقتصاد الوطني، كما جرى استعراض الجهود الحكومية المبذولة لتوفير البيئة التشريعية والقانونية والتنظيمية المناسبة للتوسع في هذا النوع من الشركات وضرورة إدماجها للمساهمة في التنمية الاقتصادية وحل كل المعوقات القائمة.
وتناول الاجتماع تقييماً دقيقاً لنتائج تطبيق أحكام كل من القانون رقم /11/ لعام 2023 الذي منح محفزات مهمة وإعفاءات ضريبية لإعادة تقييم الأصول الثابتة للشركات القائمة التي تقوم بالتحول والاندماج على أن ينتج عنها شركات مساهمة مغفلة، وأيضاً أحكام القانون رقم /3/ لعام 2024 الذي سمح للجهات العامة بالتعاقد مع شركات مساهمة عامة قابضة لإدارة مرافق عامة اقتصادية.
حرص وجدية الحكومة واضحان لتعزيز حضور الشركات المساهمة في البلد والتوجه لتحديث بنية السوق الاستثمارية فيه، ونقل الكثير من الأنشطة من اقتصاد الظل إلى الاقتصاد الرسمي الذي تعد الشركات المساهمة من أهم أركانه وحوامله لما تتمتع به من مزايا إدارية وقانونية وتنظيمية متقدمة مدعومة ببنية حوكمة مالية متطورة، تحت رعاية ومتابعة هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية.

عدم إقبال
لكن هناك عدة أسباب تتجسد في ضعف الإقبال على إحداث الشركات المساهمة، فهناك الرغبة في التهرب الضريبي الناتج عن الأعباء الضريبية الكبيرة التي تتحملها هذه الشركات، بالإضافة إلى الإجراءات الطويلة والمعقدة التي يتطلبها إحداث الشركات المساهمة، من أهم تلك الأسباب. وهناك بعض الآثار السلبية لمحددات إعادة تقييم أصول الشركات القائمة في تحفيزها لتحولها إلى شركات مساهمة. وهنا لا بد من ضرورة الخروج من دائرة النظر إلى الشركات المساهمة باعتبارها محلاً لجباية الضرائب، والتركيز على دورها الاقتصادي والتشغيلي والإنتاجي، وعلى وجه الخصوص دورها الإيجابي في تعبئة الادخار الوطني، وتحويله إلى استثمار وإلى قيمة مضافة.
فالتوجه نحو تعزيز الشركات المساهمة يعكس رؤية استراتيجية لخلق بيئة اقتصادية أكثر استقراراً واستدامة، وذلك عبر تطوير بنية السوق الاستثمارية وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. ولتحقيق هذا الهدف، يبقى من الضروري الاستمرار في متابعة تنفيذ النصوص القانونية بدقة، وتقديم تغذية راجعة حول كفاءتها، لضمان تلبية الطموحات التنموية التي تسعى الحكومة لتحقيقها.

مؤشرات سلبية
الباحث في الشؤون الاقتصادية الدكتور علي محمد اعتبر في تصريح لـ«الاقتصادية» أن أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد السوري هي كيفية الإصلاح والانطلاق الفعال لمؤسسات وشركات القطاع العام، إذ إن هذه الشركات كانت تعاني قبل الأزمة من تراجع في الأداء وانخفاض في وتيرة الأعمال ما انعكس على نشاطها كاملاً بمؤشرات سلبية عامة، فجاءت الحرب مع ما حملته من تدمير وتخريب لبعضها وتوقف الإنتاج والعمل في بعضها الآخر، مشيراً إلى أنه عند البحث بالتفاصيل يتبيّن أن مشاكل مؤسسات وشركات القطاع العام لم تقتصر على ذلك فحسب بل تضاعفت ما أدى إلى مزيد من الصعوبات في الحلول نظراً لما حلّ بالواقع الاقتصادي كله في سورية، فتغير سعر الصرف وانخفاض مؤشرات الاقتصاد الكلي وارتفاع معدلات التضخم والمستوى العام للأسعار جعلت واقع هذه الشركات أكثر سوءاً، الأمر الذي أدى إلى بيانات ومؤشرات سلبية أكثر مما كانت عليه خلال الحرب وقبلها.
وأكد محمد أن الوقوف على واقع هذه الشركات وإيجاد الحلول لها أصبحا من أهم متطلبات المرحلة القادمة في سورية ولاسيما أنها مرحلة إعادة الإعمار وحالة التضخم والغذاء والقلة، والتي من المفترض أنه سيتم فيها الاعتماد على شركات ومؤسسات القطاع العام بشكل كبير للقيام بكثير من الأعمال الواجبة والإسعافية، أما بقاؤها على وضعها الراهن فسوف يزيد «الطين بلة»، لذا من الواجب حصر هذه المشكلات المتعددة والمتنوعة والعمل على حلها جميعها بشكل متواز لاختصار الوقت وتحقيق المأمول.
وانطلاقاً مما سبق، رأى الدكتور محمد أن تفعيل وتنشيط دور الشركات المساهمة العمومية والمشتركة يعد مطلباً اقتصادياً حقيقياً خلال هذه المرحلة الحالية الصعبة، نظراً لكون بعض المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي التي تتبع للقطاع العام، تعاني من المشاكل والصعوبات التي كان يلحظها بعض القائمين على العمل والمتابعين، سواء من ناحية الترهّل الإداري أم انخفاض الإنتاجية وانعدام المنافسة، علماً أنه لا يمكن بخس حق هذه المؤسسات من جهة ما قامت به في الماضي من توفير جزء من مستلزمات حاجة القطر من خلال تصنيعها، لذا فلا بد من العمل على تفعيل هذه المؤسسات بشكل أفضل للتغلب على جميع المشاكل.
وأشار محمد إلى أن الشركات المساهمة العمومية تعني تطبيق مبادئ الإدارة والحوكمة السليمة، وفصل الإدارة عن الملكية، ووجود مجلس إدارة منتخب يراقب عمل الإدارة التنفيذية لهذه الشركات وخططها السنوية ومدى تنفيذ هذه الخطط، وتحقيق الأهداف الموضوعة والمتمثلة بالإنتاجية والتنافسية واليسر وتخفيف الهدر والفساد، ما سيلعب دوراً مهماً بتفعيل هذه المؤسسات التي ستنشأ وفق القانون الناظم.

إلزامهم بالتدقيق
من عوائق الشركات المساهمة هو محاولة التهرب الضريبي إضافة إلى سعر الصرف الذي يشكل عائقاً أساسياً أيضاً، كما أن بعض المستثمرين والصناعيين لا يرغبون في التصريح عن حجم أعمالهم الحقيقي لعدة غايات، وبالتالي فهم لا يفضلون الشركات المساهمة لكونها تلزمهم بالتدقيق على أعمالهم، وتقديم التقارير المالية الدورية بشكل ربعي والإفصاح عن أي شيء يخص الشركة.
معوقات
من ميزات الشركات المساهمة قدرتها على طرح أسهمها للاكتتاب العام أمام عموم المواطنين لتطرح للتداول ضمن سوق الأوراق المالية، ما يجعلها أداة مهمة لتعزيز الاقتصاد الوطني.
والشركات المساهمة توفر في سورية فرصاً كبيرة لتنمية الاقتصاد الوطني بحال استثمارها بالشكل الأمثل، من خلال استثمار رغبة مجتمع الأعمال وأصحاب المدخرات البسيطة بتشغيل أموالهم بالشكل الأمثل، كما تساهم في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتحسن العائدات الضريبية، إضافة إلى ميزتها في استمرارية حياتها التي لا تنقضي بوفاة الشريك وانفصال الملكية عن الإدارة، ولكن انتشار هذا النوع من الشركات في سورية يلاقي بعض المعوقات، حيث لا يزال الكثير من رؤوس الأموال يفضلون الشركات ذات الإدارة الفردية أو العائلية.
كما أن تعدد الجهات الإشرافية والرقابية على الشركات المساهمة يؤثر في فاعلية عملها، حيث تجد إدارة بعض الشركات المساهمة أنها لا تحظى بميزات الشركات الأخرى نفسها ضمن القطاع الواحد، ولاسيما في جانب التسهيلات الممنوحة وحتى تأخذ الشركات المساهمة دوراً أكبر في الاقتصاد جملة مقترحات لإقناع عدد أكبر من المستثمرين بجدوى الشركات المساهمة منها تبسيط إجراءات ترخيص الأعمال، وتخفيض ورسوم تأسيس هذه الشركات ولاسيما العامة، إضافة إلى وجود مشروعات تحقق قيمة فائضة كبيرة تؤدي إلى تأسيس شركات مساهمة عامة.
ولتفعيل دور الشركات المساهمة في المرحلة المقبلة لا بد من توجيه الشركات التي ستؤسس في سورية مستقبلاً للمشاركة في عمليات إعادة الإعمار لأن تكون على صورة شركات مساهمة عامة، بغية الانتقال إلى اقتصاد منظم يعمل وفق الضوابط والتشريعات وتحت إشراف الجهات الناظمة، بدلاً من اقتصاد الظل وعمليات جمع الأموال التي كانت تتم في كثير من الأحيان بصورة غير قانونية، حتى يتم توزيع أرباح هذه الشركات على أكبر شريحة ممكنة من المجتمع.
يُذكر أن الشركة المساهمة تكون مؤسسة تجارية تتمتع بالشخصية القانونية المعنوية أو الاعتبارية، وتتألف من عدد من الأشخاص «الشركاء أو المساهمين» الذين يملكون حصصاً من رأسمالها على شكل أوراق مالية متساوية القيمة قابلة للتداول (الأسهم)، تتفرد بها عن بقية الشركات التجارية وتتميز الشركة المساهمة عن الشركات التجارية الأخرى بأن حصص الشركاء (الأسهم) فيها تكون قابلة للتداول بكامل الحرية دون الحاجة إلى الموافقة المبدئية لبقية الشركاء، كما هو الحال في شركات الأشخاص.
كما أن الذمة المالية في الشركة المساهمة مستقلة تماماً عن ذمة الشركاء ومسؤولية الشركاء محددة بحيث لا يتحمل كل شريك من الخسائر إلا بمقدار مساهمته في رأسمال الشركة، ويكون فيها حد أدنى لعدد الشركاء ولرأسمال الشركة يحددهما قانون الشركات، ولا يجوز أن تحمل الشركة اسم أحد الشركاء لأن الشركة لها شخصية قانونية مستقلة عن شخصية المساهمين فيها.

تنشيطها مرهون بانتعاش الاقتصاد
إن تنشيط الشركات المساهمة مرتبط بشكل وثيق بالوضع الاقتصادي بشكل عام، إذا كانت الأوضاع الاقتصادية مناسبة فإن الشركات بمختلف أشكالها سوف تنشط، وهذا النشاط مرتبط بتحرير الأسواق من بعض الإجراءات والقيود التي وضعتها الإدارات النقدية وما سببته من عرقلة لحركة دوران العجلة الاقتصادية من أجل تخفيض الاستهلاك بغرض تخفيض الطلب على الدولار لزوم الاستيراد، حسب رأي الخبير الاقتصادي جورج خزام لـ«الاقتصادية».
ومن أجل تجفيف السيولة النقدية مع سحب الأموال من السوق، كانت النتيجة انهيار الإنتاج وارتفاع الأسعار وتثبيتاً وهمياً لسعر صرف الدولار.
وإلغاء تقييد حرية سحب الأموال من المصارف هو شرط أساسي لتنشيط عمل الشركات التجارية والصناعية بالإضافة لإلغاء منصة تمويل المستوردات التي تعمل على تجفيف المستوردات بغرض تخفيض الطلب على الدولار.
كما أن إعطاء الأمان المطلق للأموال بالدولار والليرة السورية بالعمل بحرية هو الشرط الأكثر أهمية لعمل الشركات، وهذا مرتبط بإلغاء قرار تجريم التعامل بالدولار.
إن بيئة العمل الاستثمارية الصحية لرأس المال هي البيئة التي تطبق قواعد اقتصاد السوق الاجتماعي الحر، حيث المنافسة ومكافحة الاحتكار، وفيها يكون المستهلك هو سيد السوق والبضاعة المرتفعة السعر بالجودة الأقل تخرج تلقائياً من السوق بفعل المنافسة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى