جهود كبيرة تقدمها «زراعة اللاذقية» للمحافظة على سلة الفاكهة وغاباتها الغنّاء.. مدير الزراعة: إجراءات وقائية وتجهيزات حديثة ودليل خاص لمعرفة التعامل مع الحرائق
| محمود شاهين
لمحافظة اللاذقية خصوصية فريدة من جهة تموضعها ومناخها وانتشار لغابة غناء تغطي معظم أراضيها، وتبذل زراعة اللاذقية جهوداً كبيرة للحفاظ على مورد الطبيعة والغابات، وبات لديها خبرة ودراية كاملة للتعامل في مكافحة الحرائق والحد من اتساع رقعتها كل عام.
تقع محافظة اللاذقية في الجزء الشمالي الغربي من سورية على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وتمتد على مساحة تقدر بحوالي 230000 هكتار موزعة على ارتفاعات وتضاريس متنوعة جداً تتراوح بين السهول المكسوّة بأشجار الحمضيات والأنواع المثمرة المختلفة على ارتفاع يبدأ من الصفر عن سطح البحر لتتدرج أراضي المحافظة بالارتفاع لتصل عند أعلى قمة لحوالي 1500م عن سطح البحر حيث تسود الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون والكرز والتفاح في حين نلاحظ أن المواقع ذات التضاريس الصعبة (انحدارات كبيرة وسفوح وجبال شاهقة) تكسوها الغابات الكثيفة.
حيث تشكل المساحات الخضراء الزراعية والحراجية ما نسبته 84 بالمئة من إجمالي مساحة المحافظة، وما يزيد من خصوصية المحافظة أمران الأول أن حراجها يشكل حوالي 37 بالمئة من مساحة المحافظة معظمها غابات صنوبر وأرز وشوح وسنديان. الثاني أنها الأولى على مستوى القطر من حيث الفاكهة حيث يشكل إنتاج الفاكهة في المحافظة نحو 50 بالمئة من إنتاج الفاكهة على مستوى القطر.
أولوية لمكافحة الحرائق
إن امتداد المساحات الخضراء على معظم مناطق المحافظة جعلها أكثر عرضة للحرائق ما دفع الجهات المعنية خلال السنوات الماضية إلى إيلاء موضوع الوقاية من الحرائق ومكافحتها الأولوية في وضع الخطط وتنفيذها على أرض الواقع حيث يتم سنوياً إعداد خطة متكاملة لإدارة ومكافحة الحرائق يتم إقرارها من السيد المحافظ تتضمن حصر الإمكانات وتوزيعها على مناطق المحافظة وتوزيع المهام على كل القطاعات في المحافظة بدءاً من الإجراءات الوقائية المطلوبة وانتهاءً بالأعمال الواجب تنفيذها لإعادة تأهيل المساحات المحروقة علماً أنه تتم في كل عام دراسة خطة العام الماضي وتحديثها من خلال معالجة ما أمكن من نقاط الضعف المكتشفة وتعزيز نقاط القوة.
«الاقتصادية» التقت الأستاذ باسم دوبا مدير زراعة اللاذقية وتحدث عن الإجراءات الوقائية المتخذة من مديرية الزراعة خلال هذا العام:
تجهيز كل مراكز الإطفاء والبالغ عددها 5 مراكز وفرق الحرائق بمستلزمات العمل وفق الإمكانات المتاحة.
إضافة إلى صيانة كل الآليات العاملة بالإطفاء وتجهيزها بمستلزمات العمل وتوزيعها على المواقع حسب مؤشرات الخطورة حيث لدينا 37 إطفائية و3 صهاريج تغذية و20 جراراً مزوّداً بمقطورة مياه مركب عليها مضخات.
وتجهيز أبراج المراقبة العاملة بمستلزمات المراقبة على مدار 24 ساعة والبالغ عددها 11 برج مراقبة قيد الخدمة في حين يوجد أكثر من 25 برج مراقبة بحاجة لإعادة تأهيل نتيجة تدميره من المجموعات الإرهابية المسلّحة.
وترميم شبكة الطرق الحراجية الموجودة وشق بعض الطرق الحراجية الجديدة وفق الخطط المقررة من الوزارة وقد بلغت الخطة المنفذة بالترميم /1912/ كم خلال عام 2024.
إضافة إلى تشكيل 17 فرقة إطفاء للتدخل السريع في المواقع الأشد خطورة بالاعتماد على العمالة الموسمية خلال موسم الحرائق وتتوضع في المناطق البعيدة عن مراكز الإطفاء.
وتوثيق العلاقة مع المجتمع المحلي من خلال إشراكهم بكل الأعمال الحراجية (تحريج- تربية وتنمية- إخماد حراق) إضافة لإدخال بعض الأنواع الحراجية المتعددة الأغراض ضمن خطط التحريج بما يعود بالفائدة على المجتمع المحلي.
منظومة اتصالات متطورة
وكذلك تمّ تطوير منظومة الاتصالات اللاسلكية من خلال تأمين منظومة تيترا جديدة 162 جهازاً محمولاً و46 محطة متنقلة و17 محطة مكتبية.
وهناك دراسة دائمة لمصادر المياه وتعزيزها بكل السبل الممكنة (خزانات بيتونية- خزانات بلاستيكية- آبار جديدة – تجهيز مناهل مياه بفوهات إطفاء) حيث في محافظة اللاذقية (5) خزانات بيتونية و(10) خزانات بلاستيكية، و/5/ آبار تابعة لمديرية الزراعة.
وتوسيع عمل منصة الحرائق ومراقبة الغابات من خلال التنبؤ بالأماكن الأكثر حساسية لحدوث الحرائق.
وتعميم دليل خاص بالسيطرة على حرائق الغابات على كل الفنيين العاملين بإخماد الحرائق بهدف رفع مستوى الخبرات لدى العاملين بهذا المجال.
إضافة إلى تشكيل لجان المراقبة المحلية ولجان الإشراف المركزية على مستوى المحافظة.
والتركيز على الإجراءات التوعوية من خلال اللقاءات والندوات والأنشطة وحملات التوعية لشرائح المجتمع.
وأضاف دوبا: على الرغم من كل الإجراءات المتخذة فلابد أن تحدث الحرائق فهي تحدث طالما كان هناك سلوك بشري والنار مصدر أساس من مصادر الطاقة ولكن في بعض الأوقات تجتمع كافة الظروف المساعدة على انتشار النيران لتتحول من نشاط محدود إلى حالة شاذة تستوجب التعامل معها بكل السبل والإمكانات وهذا ما حدث خلال الفترة الماضية حيث إن انحباس الأمطار الطويل والرياح الشرقية الجافة والشديدة السرعة مضافاً إليه تراجع خدمة المزارعين لأراضيهم الزراعية وتحويلها من أحزمة واقية لامتداد النيران إلى بؤرة لانتشارها وتوسع رقعتها كل ذلك ضاعف خطورة الحرائق فسجل خلال ثلاثة أيام (31/10ـــ 1-2/11) 58 حريقاً تعاملت معها منظومة الإطفاء بكل حزم فطوقت 54 حريقاً منها بأسرع وقت وبأدنى المساحات ولكن تشتت الإمكانات وتوزعها على الحرائق في كل مناطق المحافظة أدى إلى خروج أربعة حرائق فقط عن السيطرة لبعض الوقت واستدعى طلب المؤازرة من باقي قطاعات المحافظة وبعض الإمكانات من خارج المحافظة علماً أن التداخل الكبير بين الأراضي المحروقة والتجمعات السكنية الواقعة في قلب الحرائق زاد من صعوبة التعامل مع الحرائق ووضع كوادر الإطفاء أمام تحد إنساني ومنحهم ذلك دافعاً إضافياً لبذل جهود مضاعفة بغية حماية السكان وإخلائهم من منازلهم الواقعة في قلب الحرائق دون أن يصابوا بأي أذى.
وفعلاً نجحت كوادر الإطفاء بمهمتها بكل خبرة وبسالة وتم خلال أقل من 24 ساعة تطويق جميع الحرائق من دون تسجيل أي إصابة تذكر والبدء بعمليات تبريدها ومراقبتها مع العلم بأن الحرائق الأربعة التي استدعت المؤازرة تتميز بتضاريس طبوغرافية قاسية جداً وخصوصاً حريق البدروسية ذات الانحدارات الشديدة والجروف الصخرية الوعرة، علماً أن إجمالي الحرائق التي تمّ إخمادها من بداية العام حتى تاريخه 54 حريقاً حراجياً و669 حريقاً زراعياً.