العناوين الرئيسيةشؤون محلية

المكان الذي يكره الناس زيارته… و كل شهر ألف مريض سرطان جديد في سورية.. مشفى البيروني يستقبل 60 بالمئة من مرضى الأورام في سورية.. المدير الطبي للمشفى يعترف: نغطي 70 بالمئة من احتياجات المرضى والباقي يتحملها المريض

|غزل إبراهيم

على وقع الحرب والحصار الاقتصادي المفروض على سورية تزداد معاناة مرضى الأمراض المزمنة، في ظل ارتفاع تكاليف العلاج والنقص الشديد في الأدوية الأساسية والمعدات الطبية، مع تزايد نسب المصابين بهذه الأمراض بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، إذ تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن الأمراض المزمنة مسؤولة عما يقرب من 75 بالمئة من إجمالي الوفيات في جميع أنحاء البلاد.
وفي الوقت نفسه يزداد الضغط على المشافي الحكومية التي تبذل جهوداً كبيرة لتأمين احتياجات المرضى ومداواتهم ، ومنها مشفى البيروني المتخصص بعلاج الأورام والذي يعمل منذ إنشائه عام ٢٠٠٦ ولحد الآن على استقبال مرضى السرطان من كل المحافظات.
ولكن في الآونة الأخيرة طفت على السطح تحديات ومشكلات كثيرة في ظل الضغط الكبير وتزايد أعداد المرضى، باعتباره المشفى الوحيد المتخصص في القطر بعلاج السرطان وتقديم الأدوية مجاناً، إذ تشير إحصائيات المشفى إلى وجود 8500 حالة جديدة استقبلها المشفى منذ مطلع العام الحالي لغاية الأول من الشهر العاشر.
المدير الطبي لمشفى البيروني الدكتورة مها مناشي أكدت في حديثها لـ«لاقتصادية» أن المشفى يعمل بكل طاقته لتقديم العلاج للمرضى رغم الازدحام الكبير والظروف الصعبة.

الدكتورة مها مناشي
الدكتورة مها مناشي

يعمل بطاقته القصوى
بداية واقع العمل في المشفى حالياً..؟
مشفى البيروني هو المشفى التخصصي المتكامل والنوعي الوحيد حالياً في سورية لمعالجة الأورام، ويقوم بتقديم الخدمات التشخيصية والعلاجية والمتابعة بكفاءة واحترافية عالية بشكل مجاني للمواطنين السوريين ومن في حكمهم، بالإضافة إلى الخدمات التعليمية في تدريب الكوادر الطبية والتمريضية.
ويعمل المشفى بطاقته القصوى رغم كل الظروف الصعبة التي مرت عليه، فخلال الحرب بقي المشفى يتابع ويستقبل المرضى رغم التهديدات الإرهابية له بشكل دائم، وحالياً المشفى ملتزم بتقديم خدماته بكل الإمكانات المتاحة ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلد.
كما ينفرد المشفى بوجود مركز بحثي علمي يعنى بدراسة الأورام في سورية، ويجري كل عام عدداً من البحوث العلمية باختصاصات مختلفة يقدمها أطباء الدراسات العليا والأطباء الأختصاصيون والأساتذة في المشفى من خلال وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وجامعة دمشق.
ويخضع المشفى لنظام الأقسام والشعب الطبية منها قسم الجراحة- قسم الأورام الذي يضم سبع شعب طبية حسب التموضع الورمي بما يخص الأورام التالية: (ثدي-رئة- هضم- أورام الدم- الأورام البولية النسائية- أورام العظام والنسج الرخوة والجلد- أورام الرأس والعنق والعصبية)- قسم التشخيص المخبري- قسم التشخيص والعلاج الشعاعي- قسم أورام الأطفال.

أكثر من ألف مراجع يومياً
الطاقة الاستيعابية للمشفى وما الإحصائيات المتوافرة لديكم حول أعداد الإصابات ؟
يستقبل المشفى أكثر من ٦٠ بالمئة من مرضى الأورام في سورية، بما يعادل ١١ ألف حالة ورمية جديدة سنوياً أي بحدود ٩٠٠ إلى ١٠٠٠ حالة جديدة شهرياً.
وحسب الإحصاءات الحالية لعام ٢٠٢٤ لدينا ما يقرب من 8500 حالة جديدة لتاريخ بداية العاشر ٢٠٢٤ وهذه النسب مع عدد المراجعين الكلي إجمالاً تزداد بمعدل ١٠- 20 بالمئة سنوياً.
وتبلغ المراجعات السنوية للمشفى حوالي 150 ألف حالة من مختلف الأنواع والتوضعات الورمية والأعمار.
كما يراجع المشفى يومياً حوالي 800 إلى 1200 مريض يتلقون كامل علاجاتهم في المعالجة الجراحية الشعاعية والكيميائية أو الدوائية أو متابعة الإجراءات التشخيصية المخبرية والشعاعية حسب خطة وتوجيهات الفريق العلمي المتعدد الاختصاصات لكل شعبة طبية.
هذا العدد الكبير يتطلب جهداً إدارياً وطبياً وصيدلانياً وهندسياً كبيراً على كافة المستويات لتقديم الرعاية الطبية السريرية، مع ضرورة توافر التجهيزات الطبية الملائمة والمناسبة لكل حالة.
شكاوى عديدة ترد حول نقص الأدوية والعلاجات.. ما صحة ذلك وكيف تعملون على سد هذا العجز..؟
جهود كبيرة تبذلها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتأمين الأدوية والمستلزمات والتجهيزات اللازمة لتطبيق البروتوكولات العلاجية الحديثة في المشافي التعليمية ومنها الهيئة العامة لمشفى البيروني.
وحالياً يغطي البيروني ما يقرب من ٧٠ بالمئة من الاحتياجات الدوائية للمرضى، ولكن نعاني من نقص في بعض الأصناف الدوائية الاستيرادية يتراوح بين ٣٠- ٣٥ بالمئة ويعود ذلك لأسباب متعددة منها العقوبات وصعوبة الاستجرار من مصادر متعددة.
ولسد هذا العجز في تأمين الأدوية هناك العديد من الإجراءات والقوانين التي أُصدرت لتلبية الاحتياجات وحل مشكلة انقطاع الدواء من خلال موازنات وإجراءات محددة مثل المناقصات المحلية لترميم ٢٥ بالمئة من النقص خلال العام وكذلك رفع سقف الشراء المباشر للمشفى إلى ١٠ بالمئة حسب قوانين العقود وضمن الأنظمة والقوانين النافذة، ونذكر مثالاً على ذلك توفير دواء الإيماتينيب الأساسي في علاج سرطان الدم بهذه الآلية بعد انقطاع دام لأشهر.

دعم مادي أكبر
ما الميزانية المخصصة للمشفى وهل هي بنظركم كافية لتلبية الاحتياجات..؟
موازنة العام الحالي بلغت ٢٥٢ مليار ليرة سورية في مجال الأدوية والتجهيزات الطبية وهو رقم يفوق الميزانيات المرصودة للأعوام السابقة والتي كانت بحدود الـ٢٥ مليار ليرة سورية.
ولكن مع الضغط الكبير على المشفى والزيادة الملحوظة في نسبة المراجعين، والحاجة الملحة لتطبيق البروتوكولات العلاجية الحديثة التي تتطلب العلاجات الهادفة والمناعية (التي تشكل عبئاً حتى على الدول الغنية والمستقرة اقتصادياً) فإننا بحاجة إلى ميزانية أعلى.

مبالغ خيالية
ما تكاليف الخدمات العلاجية التي يقدمها المشفى؟
العديد من الخدمات النوعية يقدمها المشفى من لحظة قبول المريض مروراً بمراحل التقييم الطبي السريري من قبل الفريق المتعدد الاختصاصات إلى تكاليف التشخيص المخبري والواسمات الورمية والتشريح المرضي بكل ما يتطلبه من دقة تلوينات نسيجية وأجهزة دقيقة حساسة، وكذلك التشخيص الشعاعي (الأشعة السينية والأمواج فوق الصوتية والتصوير الطبقي المحوري والرنين المغناطيسي والغاما كاميرا) وغيرها وكل ذلك يتم بنظام دقيق يدخل بعده المريض / المريضة مرحلة العلاج التي قد تتنوع حسب نوع المرض جراحة ورمية- معالجة كيميائية- معالجة هادفة- معالجة بالطفرات- العلاج الشعاعي والعلاج بالطب النووي والعلاج الشعاعي عن قرب.
وتصل تكاليف علاج المرض إلى مبالغ خيالية تفوق قدرة أغلب المواطنين ويعمل المستشفى على تأمين الأدوية والعلاجات مجانا لهم وفقا للإمكانيات المتاحة، إذ تبلغ قيمة العلاج الكيميائي لمريضة ثدي بين التشخيص والعلاج وسطياً ٤٠ مليون ليرة سورية في حال تطبيق علاج كيميائي متمم فقط، ويرتفع هذا المبلغ إلى أكثر من عشرة أضعاف في حال تطبيق علاج هادف كالتراستوزوماب.
أما بالنسبة لعلاج الابيضاض النقوي المزمن فقد يصل إلى ٢٠ مليوناً للخط الأول سنوياً، وإذا انتقلنا للخط الثاني فيزيد هذا المبلغ أضعافاً مضاعفة.
وهذه التكاليف الكبيرة تشكل عبئاً مالياً كبيراً بالنظر إلى أعداد المرضى والتكلفة المطلوبة على مستوى المجموع والذي يقع على عاتق الحكومة والوزارات المعنية التي تسعى جاهدة لتحقيق الرعاية الصحية بأفضل جودة ممكنة.

قريباً تزويد المشفى بجهاز رنين
حال التجهيزات الطبية المتوافرة وهل هناك خطط لرفد المشفى بتجهيزات جديدة؟
في إطار تطوير التجهيزات الطبية وتحسين جودة العلاج الشعاعي المقدم ، تمت إضافة أربعة أجهزة مسرع خطي حديثة خلال الفترة الماضية.
وسيتم تزويد المستشفى بجهاز رنين مغناطيسي قريباً، ومن المتوقع رفد المستشفى بعدد من التجهيزات خلال العام القادم منها أجهزة التصوير الطبقي المحوري، بالإضافة إلى استبدال أجهزة الكوبالت بجهاز مسرع منخفض الطاقة، وتحديث برامج التشغيل في كامل منظومة تخطيط المعالجة والمسرعات، والأجهزة الجراحية التنظيرية أو أجهزة التداخلات الجراحية الدقيقة لأورام كالأورام العصبية وكذلك تطوير مخبر التشريح المرضي،كما أن هناك العديد من الخطط قيد الدراسة لتنفيذها خلال العام القادم.

الجمعيات الأهلية
ماذا عن الدور الذي تقوم به الجمعيات الأهلية..؟
دور كبير تقوم به الجمعيات الأهلية بالتعاون مع المستشفى لتقديم العلاج الطبي والدعم النفسي ونشر الثقافة الصحية والتوعوية لمرضى السرطان.
وهناك أجنحة متخصصة لهذه الجمعيات مثل جناح بسمة لعلاج أورام الأطفال في المشفى وآخر لجمعية سوريا الخير وغيرها من الجمعيات الأهلية التي كانت مساندة وداعمة بكل الظروف، وهناك تنسيق وتعاون مستمر مع هذه الجمعيات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى