قطار التشاركية سيصل مطار دمشق الدولي.. العمل جارٍ على وضع صيغ قانونية لإدخال القطاع الخاص بإدارة المطار.. وزير النقل لـ«الاقتصادية»: التشاركية منهاج عمل للتغلب على صعوبات التمويل وتطوير التجهيزات للمطارات المدنية السورية
|هني الحمدان
أعطت الحكومة إشارات واضحة إزاء تعميق كل أوجه التعاون والتشاركية الصحيحة مع القطاع الخاص الذي عدته شريكاً حقيقياً في تنمية الاقتصاد السوري، وتنوي الذهاب بعيداً لتحقيق تشاركية متكاملة تحمي وتحقق مصالح الطرفين، بل ذهبت لحد القول: لا خطوط حمراً أمام الاستثمارات التي يرغب فيها القطاع الخاص، وكل ذلك من باب تحقيق الإنتاجية الشاملة..
وبعد حالة التشاركية التي سارت بها وزارة النقل بين القطاع الخاص ومؤسسة الطيران السوري، هاهي الوزارة تناقش آفاق التوسع في إقامة تشاركية ببعض المنشآت الأخرى، حيث تدرس الآن إقامة تشاركية لخدمات المطارات السورية من أجل تحقيق خدمات ذات جودة وسرعة أفضل وفق اشتراطات وتفاهمات تنعكس إيجاباُ على الطرفين، وتالياً تصل بخدمات المطارات إلى مستوى متقدم يرضي الزبائن ويعود بالنفع العام على مؤسسة الطيران المدني وكوادرها.. ويبدو جلياً أن «قطار التشاركية سيحط في مطار دمشق» أولاً، وحسب ما رشح من معلومات فإن العمل جارٍ على وضع صيغ قانونية لإدخال القطاع الخاص في عمليات استثمار وإدارة وتشغيل المطار بعملياته الجوية والأرضية.
استثمار سوق النقل
وصرح وزير النقل المهندس زهير خزّيم لـ«الاقتصادية» قائلاً: الوزارة تحرص على التوسع في الاستثمارات وتحريك عجلة الإنتاج، وتولي أهمية بالغة إلى مسألة التشاركية والاستثمار وقد وضعت ذلك خلال رؤيتها الحالية والقادمة واعتبار هذه المسألة المهمة، منهج عمل للتغلب على صعوبات التمويل، ووسيلة لتحسين الخدمات وتطوير البنى التحتية والتجهيزات اللازمة للمطارات المدنية السورية.
وأضاف الوزير خزّيم: إن ترتيب الأولويات في تنفيذ المشاريع يأتي من باب الحرص على تحقيق الإنجاز الذي يطمح له المواطن والوزارة، والهدف الكبير هو التطلع الدائم لتحسين الخدمات المقدمة للمسافرين، وتحقيق معايير السلامة والأمان والجودة في المطارات، وتقديم أفضل ما يمكن في تخديم الحركة الجوية بشكل عام، وهذا سيتحقق من خلال إقامة استثمارات تشاركية مع القطاع الخاص الذي يعود بالفوائد العديدة على الأطراف.
وبعد أن دعت الحكومة ووجهت بالتشاركية وتوسيع أبواب الاستثمار وإزالة أي عوائق تواجه ذلك كان لابد من التفكير برؤية استثمارية في استثمار المرافق الحيوية في سوق النقل الجوي بما يوفر التمويل المطلوب، وينعكس على الخدمة المقدمة للمسافر وللطائرة بكل مرونة ويسر وبرؤية حضارية وعصرية تحاكي المعمول به عالمياً، وهذا ما نحرص عليه اليوم وغداً.
وأشار الوزير خزّيم إلى أننا نولي اليوم أهمية كبيرة لقطاع النقل الجوي وللدور المحوري لسلطة للطيران المدني وتطبيقها لمعايير الأعراف الدولية، ودورها الخدمي والتنموي والاستثماري وإشرافها المباشر على المطارات المدنية.
توليد الأفكار من خارج الصندوق
ونوه الوزير خزّيم بتعزيز كل الإجراءات التي تخفف من وطأة الظروف الصعبة، وتحد من العبء على المواطن والدولة، ووضع الخطط التي تناسب الواقع والالتزام به بكل واقعية وموضوعية، وضرورة إعادة النظر بواقع مؤسسات الوزارة الاقتصادية والإدارية، والاستفادة من النماذج الاستثمارية الناجحة، والتركيز على تمويل المشاريع التي تدخل فوراً في التنفيذ وتعطي إيراداً مباشراً. ونعمل اليوم أيضاً على استكمال العمل بالأتمتة والتحول الرقمي في مفاصل عمل الوزارة وصولاً لقطاع نقل مؤتمت، والاستثمار فيه، وإدارة الموارد البشرية والكفاءات، وإجراء حوارات بناءة مع كوادر العمل والمعنيين حول قانون العاملين الأساسي ومشروع الإصلاح الإداري، وحل أي تشابكات إدارية إن وجدت، واللامركزية بصيغتها التي تطور منظومة العمل، والإعادة الدورية لأولويات الخطط والتمويل، وتحديث التشريعات، ولتشجيع والبحث المستمر عن كل آليات التشاركية مع القطاع الخاص، وإعادة النظر دورياً بالبدلات والاستثمارات وتوسيع نطاقها، والجميع مطالب ببذل جهود خلاقّة نوعية وتشجيع توليد الأفكار من خارج الصندوق للاستفادة من كل جديد وجوهري يؤدي إلى نتائج قد تكون مناسبة للأخذ بها ومناقشتها وفق مقاربة جدية!
فائدة التشاركية
من جهة ثانية وحسب ما صدر عن الحكومة ونيتها للتوسع في إقامة شراكات مع القطاع الخاص، رأت أوساط مهتمة أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تساعد على توفير رأسمال القطاع الخاص ومعارفه وخبراته في إدارة المشاريع، ما يسهم في توسيع الموارد المالية المتاحة نتيجة التعاون مع القطاع الخاص.
وتقليل المدد الزمنية لتنفيذ المشاريع، وخفض تكلفة الخدمات وتحسينها، وأثبتت الشراكة بين القطاعين العام والخاص حسب «معنيين» في كل من الاقتصادات النامية والاقتصادات المتطورة، أنها توفر قيمة كبيرة مقابل الاستثمار المقدم وذلك من خلال الالتزام الكبير في الموازنات التقديرية والتسليم ضمن الإطار الزمني المتفق عليه للمشاريع.
ولطالما كانت الشراكة بين القطاعين العام والخاص حجر الزاوية لتطور الاقتصاد والبنية التحتية في البلدان النامية. وتستخدم الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وهي ترتيبات طويلة الأجل، عادة ما تكون بين القطاع الحكومي وكيانات القطاع الخاص، يتم في هذا النوع من الشراكات الاستفادة من الخبرة المحلية للحكومة جنبا إلى جنب مع الكفاءة الإدارية والتقنية للشركات الخاصة بهدف إكمال المشاريع واسعة النطاق التي تؤثر بشكل كبير في سكان البلد.
حل لمشكلات القطاع العام
إن إصلاح القطاع العام سواء كان خاسراً أم مخسراً يحتاج إلى خيارات بديلة لوقف استنزافه للمال العام، متخطين الذهنية القديمة لدى البيروقراطية وأصحاب القرار، ومتخطين أيضاً معارضة المنتفعين من الوضع القائم وخاصة في غياب أي محاسبة.
في اعتقادي كل ما اتخذ حيال إحياء القطاع العام ستحل مشاكله، وخاصة الصناعي منه في ظل عدم إمكانية الإصلاح، ويبقى الحل الوحيد هو في التشاركية، ومن ثم الخصخصة لبعض المرافق والمنشآت، على أن تتم الخصخصة بتدرج وبشفافية، بعيداً عن الفساد، مع ضمان ألا تؤدي الخصخصة إلى ظهور احتكارات خاصة تحل محل الاحتكارات العامة، كما يجب الاستفادة من تجارب دول متل ماليزيا وغيرها من التجارب الناجحة.
فالخصخصة إذا تمت بكفاءة وبشفافية ودون فساد، فستعطي الدولة أموالاً هي بحاجة إليها في عمليتي التعافي وإعادة الإعمار، وتزيد من القيمة المضافة الناتجة عن الاستثمارات العامة الضخمة في هذه المشروعات، كما تزيد من موارد الخزينة العامة للدولة، بدلا من أن تكون عبئاً عليها، مع ضرورة تدريب وتأهيل أي عمالة فائضة تنتج عن عملية الخصخصة، وأن تعوّض الدولة للبعض منهم حين يقتضي الأمر.
واذا كان طرح الخصخصة لا يروق للبعض، وإذا لم تنجح التشاركية الساعية الحكومة إليها كخيار لإنقاذ الاقتصاد والقطاع العام السوري، فهل تبقى مشكلات هذا الواقع على صورته المعهودة..؟
اليوم الحكومة مطالبة بوضع أسس حقيقية للتشارك مع القطاع الخاص بصيغ مرنة ومشجعة وتضمن الحقوق وتبين الواجبات، فالتشارك مع الخاص يقلل عبء المخاطر المالية عن الحكومة، والتي قد تنجم عن تنفيذ بعض المشاريع ذات المخاطر المالية العالية. كما يسهم في التحول في إدارة بعض مشاريع البنية الأساسية والخدمات العامة من التنفيذ والتشغيل والإدارة المباشرة إلى أشكال أخرى من الأداء الحكومي ترتبط بإقرار السياسات ومراقبة جودة تقديم الخدمات العامة وفقا لمتطلبات الحوكمة، فمن من أهم عوامل نجاح الشراكة بين القطاعين العام والخاص هو وجود إطار تشريعي وتنظيمي يوفر الوضوح في العلاقة بين القطاعين العام والخاص.