بوح الاقتصاد

المسؤولون الكبار والتغيير!!

| هني الحمدان

لا شك أن التغيير سنة الحياة بكل مجالاتها.. لهذا من أجل تحسين- هذا المستقبل- ينبغي علينا تحسين ما نقوم به، ولأن ما نقوم به لا يؤتي ثماره، فهذا يقودنا حتماً لإجراء عمليات تغيير مستمرة في السياسات والبرامج، حتى في تغيير الإدارات وقياداتها من المسؤولين الكبار.
الحاجة اليوم تقتضي إجراء عمليات تغيير من باب تصويب أي اعوجاج أو تلافي أي تقصير في أي مسؤولية، بأي مرفق أو قطاع.. فلا أحد ينكر هذا، نحتاج إلى التغيير في آليات التعاطي والعمل بإخلاص، نحتاج إلى التغيير في تعليمنا وتسيير مؤسساتنا وشؤوننا الإدارية، وكيفية استغلال طاقات شبابنا، وأساليب تنفيذ المشاريع والمهام والواجبات، وغيرها من المسائل، حتى نصل إلى عقليات إيمانها الوحيد إعلاء شأن العمل والإنتاج والقيادة الكفؤة للمسؤوليات.
مرت فترات كان يظل المدير مثلاً مسيطراً على كرسيه أطول من اللازم، وربما تعدى حدود المعقول.. وربما يظل متفرداً في المسؤولية من دون إنجازات أو تطورات في مكان عمله.. فيفقد من خلال هذا الاحتكار الكثير من الشباب المتعلم فرصته للعطاء والإبداع والتطوير!
من يتقلد المناصب يرفض كل تغيير، يعمل كل ما في وسعه للديمومة والاستمرار أكثر مدة ممكنة، غير مهتم بنجاح إدارته والمشاريع المدرجة، ولا بأي مؤشر آخر، فقط يعمل للبقاء، يتصيد وينتهز الفرص لتمريق كل ما ينفع المصالح الضيقة، فمثل هؤلاء لماذا يحرصون على البقاء، ولو لم يقدموا أي شيء؟!!
الفشل لا يحتاج إلى أدلة.. الواقع يقول ذلك في بعض الإدارات الخدمية للمواطن.. (التسويف.. المماطلة.. الخدمة لم تتغير.. الشو الإعلامي).. كل ذلك فشل، إن لم يكن المواطن يستفيد ويرتاح لما تقدمه تلك الإدارة أو المؤسسة!
هناك بعض المسؤولين الكبار عندما تتاح لهم المناصب الكبيرة والحساسة في الدولة ويصبحون ويُمسون، وكل شيء مسخر بين أيديهم تأخذهم العزة والجبروت، فتراهم يتكبرون ويتغطرسون على من حولهم، فتصل بهم الحال إلى نهب المال العام وسرقته وتسجيله بأسمائهم أو أسماء أبنائهم أو أسماء أقاربهم، متناسين حفظ الأمانة التي أقسموا أن يحفظوها، فتراهم يعيشون الفساد والإفساد مع أنفسهم ومع من حولهم، منغصين بأفعالهم العباد والبلاد، مستغلين مناصبهم ونفوذهم كما يحلو لهم، لا كما يريد القانون، وما أكثر هؤلاء المفسدين اليوم في مجتمعاتنا العصرية التي انتشرت فيها سمعتهم المضلة في صناعة الفساد والإفساد في شتى المجالات المجتمعية، وأصبحوا من الذين يشاركون في تخلف البلاد، وعلى غرار ذلك هناك البعض لا يعرف إدارة إدارته بالشكل الأمثل، فكان علة وسبباً في سوء العمل وتراجع سوية الإدارة!
وتأسيساً على ذلك ليس مطلوباً من أي مسؤول ضمن المواقع التنفيذية المختلفة، إضاعة وقته منشغلاً باجتماعات، وإجراء مكالمات، يمكن تصنيفها تحت بند أنها متوسطة الأهمية، إنما يجب أن تكون لقاءاته تحت عنوان مهم وحساس وليترك ما هو أقل من ذلك لمعاونيه.. فعدم فهم أو دراية المسؤولين بالدور المنوط به عملهم، وانشغالهم بتوافه الأمور يقضيان عليهم ويحكمان بالفشل على مؤسساتهم.
إن فاعلية الأداء الوظيفي مهمة جداً لتحقيق الغايات المنشودة والمطلوبة، وهنا لابد من التركيز على إيجاد الكفاءات الوطنية القادرة على صنع النجاح والتطوير والتغيير، وهذا لا يكون إلا باحترام أمانة العمل، والجد والاجتهاد، وتفعيل المراقبة والمحاسبة المستمرة للمسؤولين والموظفين.
اليوم ستتغير معادلات الحسابات، فمن يتأخر بالإنجاز أو يتلكأ لضعف وعدم دراية، أو لأسباب أخرى سيكون قراره جاهزاً، والبديل متاح، فالمتميزون يشقون طريقهم لقيادة الإدارات والمشروعات، وتقديم الأفكار للنهوض بسوية المهام!
إن تقييم المسؤولين الكبار يجب أن تتم بناء على حجم الإنجاز، وليس على حجم العمل، ذلك لأنهم الأعمدة الرئيسية للسلطة التنفيذية، وصمام أمان نجاح الإدارة العامة، ومصدر للفشل أيضاً.. ومن الأهمية بمكان أن يتم رصد أعمال كل مسؤول بدقة، بشكل دوري وخاصة في ضوء غياب الخطط والأهداف، فقد يظن أحد المسؤولين أنه بخروجه من منزله، وعقده اجتماعين، وإلقائه كلمة في مؤتمر وعودته إلى منزله في نهاية اليوم متعباً، قد قام بواجبه، بينما هو في الواقع لم يقم بأي شيء مما هو مطلوب منه!
الإنجاز وحجمه وتأثيره هو المطلوب اليوم من أصحاب المناصب، فمن ينجز ينل، وغير ذلك سيكون بمكان بعيدٍ عن الأضواء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى