الخبراء يحتارون في سبب انخفاض اللحوم!.. انخفض سعر الفروج فاتجه الناس لاستهلاكه بديلاً من اللحم توقف التهريب بسبب الأحداث بالمنطقة.. السبب الحقيقي لضعف القدرة الشرائية للمواطن
| أمير حقوق
شهدت أسواق اللحوم تخبطاً واضحاً في الأسعار، حيث ترتفع بشكل مضاعف بفترة معينة، وتنخفض بشكل كبير بفترة أخرى، الأمر الذي أدى لاستياء المربين من تباين الأسعار بين يوم وآخر، رغم ثبات بعض أسعار مستلزمات التربية وغلاء بعضها الآخر، كالأدوية البيطرية والمنشطات ومستلزمات التدفئة كالمازوت، حيث تسجل الأسواق اليوم انخفاضاً نسبياً بأسعار اللحوم الحيّة، سواء البيضاء أم الحمراء، الأمر الذي انعكس على أسعار اللحوم المباعة، حيث يتراوح سعر كيلو لحم الخروف بين ١٩٠ و٢٣٠ ألفاً بعدما كان يتراوح بين ٢٢٠ و٢٨٠ ألفاً، ولحوم العجول يتراوح سعر الكيلو منها بين ١٦٠ و١٨٠ ألفاً بعدما كان يتراوح بين ١٨٠ و٢٠٠ ألف، أما سعر كيلو الفروج فيباع في المحال بين ٣٣ و٣٦ ألفاً بعدما تجاوز الـ٤٤ ألفاً، حسب ما رصدته «الاقتصادية» في الأسواق.
٣٠ بالمئة وأكثر
«انخفاض أسعار لحوم الأغنام الحيّة بنسبة ٣٠ بالمئة وأكثر بسبب توقف التهريب عبر المعابر غير الشرعية للبنان، لكونها أكثر طلباً من أنواع المواشي، وبعد بدء الحرب على لبنان وتوقف طرق التهريب، بدأ فائض الأغنام يتزايد، ما أدى لانخفاض سعرها لتحسين القدرة الشرائية لشرائها، وخوفاً من سكون السوق وعدم البيع، وبالتالي سيدفع المربون خسائر كبيرة»، بحسب ما أشار إليه أحد مربي الأغنام لـ«الاقتصادية»، مفضلاً عدم ذكر اسمه.
وبحسبه، فإن الانخفاض كان بشكل كبير على الأغنام مقارنة ببعض أسعار المواشي، ففي عيد الأضحى الماضي والفترة التي تلته، وصل سعر كيلو اللحم الحي من الأغنام لحوالى ٩٥ ألفاً وزيادة الإقبال على طلبه سواء من السوق الداخلي أم الخارجي، واليوم بعد أحداث لبنان وتوقف التهريب يتراوح سعر الكيلو الحي بين ٥٢ و٥٦ ألفاً، وحتماً هذا الانخفاض سيؤثر بشكل كبير في المربين، لكون أسعار الأعلاف لم تنخفض والأدوية البيطرية مازالت أسعارها ترتفع بين اليوم والآخر، وخاصة المنشطات واللقاحات.
بدوره، أكد أحد مربي الفروج لـ«الاقتصادية»، أن انخفاض سعر الفروج كان بسبب إنتاج المداجن كلها بالفترة نفسها، وأيضاً بسبب انخفاض الطلب عليه خلال فترة الصيف بسبب غلاء أسعاره، ما أدى إلى تكدس كميات كبيرة لدى المربين، مع إنتاج دفعة جديدة، كان الخيار لطرح الفروج بأسعار منخفضة، للحفاظ على قيمة التكاليف وعدم تكبدهم خسائرها.
ما زال الإقبال ضعيفاً
أحد باعة اللحوم في دمشق، أكد ل « الاقتصادية»، أنه رغم انخفاض أسعار اللحوم بشكل ملحوظ، إلا أن إقبال الأهالي على شراء اللحوم ما زال ضعيفاً، واللحوم أصبحت من الثانويات لدى الأهالي، فسوق اللحوم اليوم يحتضر، فاليوم سعر كيلو اللحم تقريباً يساوي نصف راتب الموظف، ناهيك عن ارتفاع أسعار كل السلع والبضائع، بالإضافة إلى إقبال الأهالي على شراء الفروج واللحوم البيضاء كبديل من اللحوم الحمراء، لكون أسعارها أقل بأضعاف.
زيادة بنسبة عدد الدواجن
من جانبه، كشف رئيس جمعية اللحامين بدمشق معتز العيسى لـ«الاقتصادية»، أنه بسبب زيادة الإنتاج بالدجاج انخفضت أسعار الفروج، وبالتالي أصبح الإقبال على شرائه أكثر من اللحوم الحمراء، وبالتالي ضعف الطلب على اللحوم الحمراء ما خفّض من أسعارها، بالإضافة إلى الدعم الحكومي لمخصصات المازوت لمنشآت الفروج أو المنشآت الزراعية بالسعر المدعوم، وأيضاً تثبيت الأسعار منذ فترة، وخاصة أسعار الأعلاف سعرها ثابت منذ حوالى العام، وهذا بدوره أدى لزيادة المربين سواء بالمداجن أم المنشآت الحيوانية، واليوم نسبة الدواجن التي تعمل وتنتج هي حوالى 90 بالمئة، حسب عدد الدواجن المسجلة، بعدما كانت نسبة الدواجن التي تعمل ٢٥بالمئة.
ولكن حسب ما يشاع حول تأثير حرب لبنان وانقطاع التهريب الذي أدى لانخفاض أسعار اللحوم، كشف أن المناطق الحدودية مع لبنان لا تؤثر في الأسواق من ناحية اللحوم، وأيضاً لو كان بسبب التهريب لكانت المدة تحتاج وقتاً أكثر لملاحظة الفرق الشاسع بالأسعار، والأسواق هي عرض وطلب، وفقاً للعيسى.
أما بالنسبة لعدم انخفاض سعر البيض، فإن تكاليف الدجاج البيّاض مرتفعة وبحاجة لرأسمال قوي، وبالتالي هناك انخفاض بالإنتاج وبعدد المربين للدجاج البيّاض، فتقريباً وصل الانخفاض إلى الثلثين بالنسبة لمربي الدجاج والفروج والثلث الآخر لمربي الدجاج البيّاض، فأسعار الفروج الحي في المداجن ٢٦ ألفاً، وفي المحال سعر كيلو لحم الفروج بحوالى ال٤٠ ألفاً، أما لحم الخروف الحي فيتراوح بين ٦٠ و٦٢ ألفاً للكيلو الواحد، ولحمه الأحمر بالمحال يصل حتى ٢٢٠ ألفاً، أما العجول فيتراوح سعر كيلو اللحم الحي منها بين ٤٨ و٥٠ ألفاً، ولحمه الأحمر بسعر ١٨٠ ألفاً للكيلو في المحال، بحسب ما أشار إليه العيسى.
رأي مغاير
انخفاض أسعار اللحوم الحية سواء اللحوم الحمراء أم الفروج يدل على أنه كان هناك تهريب لها للبنان، وانقطاع خط التهريب إثر حرب لبنان، لذلك انخفضت الأسعار، بالإضافة لزيادة الكميات الجيدة من الإنتاج في قطاع الدواجن، وأيضاً بسبب شح التيار الكهربائي الذي يمنع المربين والتجار من تبريد اللحوم وتجميدها، فيكون الخيار طرحها بالأسواق، وهذا يدل على أنه يوجد لدينا اكتفاء ذاتي، ولكن يوجد تصدير غير شرعي أو ما يسمى بـ«التهريب»، وفقاً لقراءة أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة خلال حواره مع «الاقتصادية».
وبرأي حبزة، رغم انخفاض أسعار اللحوم إلا أن القدرة الشرائية من قبل الأهالي لا تزال ضعيفة، لكون الأجور التي يتقاضاها الأفراد قليلة، وانخفاض أسعار اللحوم الحية لم يؤثر في أسعار الوجبات الجاهزة، ونتيجة حث الجمعية والدوريات التي تقيمها لجان التموين انخفضت بعض أسعار الوجبات.
مقترح للتدخل الحكومي الإيجابي
وأكد حبزة أنه لا توجد خسائر للمربين إثر الانخفاض الملحوظ، لكون مستلزمات الإنتاج حالياً ليست بحاجة للطاقة ولا للتدفئة، وهناك انخفاض بأسعار الأعلاف، ولكن انخفاض الأسعار إذا استمر سيتأثر المربون في الشتاء من خلال تأمين وقود التدفئة، وعند حلول البرد والمنخفضات تقل كمية الإنتاج من الفروج وبالتالي ترتفع أسعارها، وهنا يجب التدخل الحكومي الإيجابي عبر تخزين اللحوم الآن وتجميدها في برادات الخزن والتبريد بالسورية للتجارة، وعند ارتفاع سعرها تطرح هذه الكميات ليتحسن السعر ويكون التدخل الإيجابي حقيقياً ويهدف لخدمة المواطن.
ويجب الحدّ من عمليات التهريب سواء للمواشي أم الدجاج، فلو كان هناك ضبط للحدود لما تم تهريب هذه الكميات الكبيرة، وما يحدث الآن في أسواق اللحوم يؤكد وجود التهريب عبر الحدود، ويجب وضع خطط للتربية والإنتاج لمواكبة الأسواق بتحقيق الطلب وعدم حصول فائض في بعض الأوقات، وفي البعض الآخر نقص وبالتالي غلاء الأسعار، وفق ما ختم به حبزة حواره مع «الاقتصادية».
المطالبة بأعلاف وطنية
وخلال حواره مع « الاقتصادية « أوضح الخبير الاقتصادي أكرم عفيف، أن انخفاض وضعف القدرة الشرائية للمواطن، أدى إلى تراجع استهلاكه للحوم البيضاء والحمراء، وهذا سبب حقيقي لانخفاض أسعار اللحوم الحيّة، وغلاء أسعار اللحوم سابقاً كان بسبب غلاء مستلزمات وتكاليف اللحوم نتيجة الاعتماد على الأعلاف المستوردة، الأمر الذي مضت سنوات عليه ونحن نطالب بإنتاج أعلاف وطنية سورية غير مستوردة، وبالتالي تحافظ على أسعارها وأيضاً على القطع الأجنبي.
وبرأي الخبير عفيف، فإنه لا علاقة لأحداث لبنان بانخفاض أسعار اللحوم الحية، لأن أسعار الفروج بدأت بالانخفاض قبل الحرب اللبنانية، حيث وصل سعر كيلو الفروج لـ٢٣ ألفاً وتكاليفه حوالى ٣٥ ألفاً.