مقاربة جريئة حول الوظيفة العامة.. لجنة حكومية تنتقد عدم تعاطي الجهات العامة بمسؤولية مع روح قرارات شغل الوظيفة مناقشة تمديد خدمة العاملين في الدولة وضوابط عمل ذوي القربى
اجتمعت أمس في مبنى رئاسة مجلس الوزراء لجنة القرار رقم /43/ م. المكلفة مراجعة بعض القرارات والإجراءات الخاصة بشروط شغل مراكز عمل القيادات الإدارية (معاون وزير- مدير عام- أمين عام محافظة- مدير مركزي)، إضافة إلى شروط تمديد الخدمة للعاملين في الدولة، وضوابط عمل ذوي القربى في الجهة العامة ذاتها وكيفية تلبية احتياجات الجهات العامة من العمالة الجديدة.
وأكدت اللجنة أهمية متابعة مكونات مشروع الإصلاح الإداري الهادف في جوهره إلى تحقيق العدالة والشفافية في شغل الوظيفة العامة، وتوفير بيئة تمكينية تضمن تحفيز العاملين وإبداعهم وتعزز من ولائهم الوظيفي وحرصهم على تطوير الجهات العامة وزيادة إنتاجيتها. كما أشادت اللجنة بالنتائج التي تم تحقيقها سابقاً في هذا السياق ولاسيما على صعيد تحقيق العدالة الوظيفية، مؤكدة أن مراجعة القرارات والإجراءات الناظمة للوظيفة العامة هي من صلب مشروع الإصلاح الإداري والهدف منها تكريس الإيجابيات وتلافي السلبيات.
وانتقدت اللجنة عدم تعاطي بعض الجهات العامة بمسؤولية مع روح القرارات والإجراءات الناظمة لشغل الوظيفة العامة، والتعامل بجمود وأحياناً بلا مبالاة مع هذه القرارات والإجراءات، على النحو الذي يراعي خصوصية المرحلة التي يمر بها البلد والنزيف الذي عانى منه رأس المال البشري، وكذلك الصعوبات البالغة التي تعاني منها الجهات العامة ولاسيما من النواحي المالية والمادية.
على وجه الخصوص، توقفت اللجنة عند بعض الضعف والخلل الذي أظهرته بعض الجهات العامة من جهة عدم المبادرة برفع العقوبات الخفيفة عن بعض العاملين في التوقيت المناسب، وكذلك عدم الالتزام بتكليف الكفاءات الإدارية والوظيفية بمراكز ضمن هرم الوظيفة العامة على النحو الذي يؤهلهم لاحقاً لتبوؤ مراكز عمل متقدمة. ولفتت اللجنة إلى وجود بعض المغالاة في تطبيق القرار الناظم لشغل الوظائف بالنسبة لذوي القربى، مؤكدة أن الهدف من أحكامه هو ضمان المزيد من الشفافية والحصانة للعاملين ولاسيما للقيادات الإدارية وليس التضييق على العاملين في الدولة، مشيرة إلى التوجه لتعديل بعض أحكام هذا القرار بما يسمح بتحصين القيادات الإدارية وصون حقوق العاملين في الدولة.
كما أكدت اللجنة انفتاحها على وضع قواعد مرنة لمدة إشغال مراكز العمل القيادية، ولاسيما لمعاوني الوزراء والمديرين العامين، بما يضمن على التوازي الحفاظ على الكوادر الكفؤة وكذلك عدم بقاء بعض الكوادر مدة طويلة في مركز العمل نفسه والتحول إلى روتين وجمود يهدد تطور وحيوية الجهات العامة.
وتناولت اللجنة بعض القيود السلبية التي تحد من تعيين قيادات إدارية وطنية كفؤة بسبب عدم وجودها في بعض القطاعات الوظيفية، وأكدت ضرورة فتح المجال واسعاً أمام الكوادر الوطنية من كل القطاعات لشغل أي موقع وظيفي تتوافر فيه مقومات إشغاله وتطويره.
وأكدت اللجنة أن بوصلة قرارات وإجراءات التنمية الإدارية يجب أن تنطلق من سياسة عامة واضحة وشفافة تستند إلى تمكين الجهات العامة من أداء خدماتها بكل كفاءة وفاعلية، والسعي للحفاظ على الكفاءات الوظيفية والإدارية التي تبذل جهوداً ملموسة لتطوير الجهات العامة وزيادة إنتاجيتها.
كما أكدت اللجنة ضرورة الفصل بين الخلفيات الاقتصادية ومتطلبات الكفاءة والجدوى للوظيفة العامة من جهة، والأهداف الاجتماعية لشغل الوظيفة العامة من جهة أخرى. إذ لم يعد من المفيد أن يتم تعطيل وتكبيل الجهات العامة بأعداد كبيرة من البطالة المقنعة التي ترهق هذه الجهات وتحد من قدرتها على التطور. فالبعد الاجتماعي يجب أن يتم في مسارات وسياقات مدروسة تضمن استمرار الجهات العامة بأداء مهامها بكل كفاءة وفاعلية.
وتوقفت اللجنة عند ضرورة بناء منظومة الإصلاح الإدارية على أسس من اللامركزية الإدارية، بحيث تستند هذه المنظومة إلى قيام الجهات العامة المعنية، ولاسيما رئاسة مجلس الوزراء ووزارة التنمية الإدارية، بوضع القواعد والضوابط العامة للإصلاح والتنمية الإداريين ويترك للجهات العامة تطبيقها بعيداً عن ربط الجهات العامة كافة، ولاسيما على مستوى المحافظات، بمراجعة أي من رئاسة مجلس الوزراء أو وزارة التنمية الإدارية سواء على مستوى التدريب والتأهيل أو الاختبارات والتقييم وغير ذلك.
وانتهت أعمال اجتماع اللجنة إلى خطة عمل دقيقة ومحددة لتعديل القرارات والإجراءات الناظمة للقضايا المطروحة وفق ما ورد أعلاهتمهيداً لاستكمالها وعرضها على مجلس الوزراء للنظر باعتمادها.