العناوين الرئيسيةشؤون محلية

إلى الحكومة جرس إنذار… قطاع النسيج يحتضر!… مخازين ضخمة قيمتها أكثر من ١٢٥ ملياراً.. والخسارة ستتضاعف مع مرور الوقت!… مدير عام إحدى شركات النسيج يقترح بيع المخازين بأقل من سعر التكلفة للاستفادة من عوائدها

| الاقتصادية

تشكل المخازين عقبة كبرى في طريق النمو الاقتصادي وتحقيق الفوائد على الشركات المنتجة لتلك المواد والسلع.. وتحتاج أي شركة تسعى للنجاح إلى امتلاك نظام فعال في إدارة مخزونها، ومعالجة أهم مشاكل المخازن التي تطرأ في أثناء العمل، كما أن حل مشاكل المخازن ومعالجتها بأسرع وقت ممكن يساعد في تعزيز مركز الشركة وتجنب تحمل المزيد من التكاليف، وخاصة أن أغلب مشاكل المخازن تعود إلى سوء في عمليات الجرد أو ضعف النظام الذي تتبعه الشركة تسويقيا ونمطية الإنتاج.
تتعرض المخازن في أثناء العمل إلى الكثير من المشكلات، والتي يمكن أن تؤثر في إنتاجية وربحية الشركة بأكملها، لذلك تحتاج الشركات كافة إلى مراقبة وتتبع التغييرات في بيئة الأعمال واعتماد حلول سريعة الاستجابة.
كما أن المخازن إذا لم تتم إدارتها بشكل فعال فإن ذلك سيؤدي إلى عدد كبير من مشاكل المخازن، والتي بدورها ستكبد الشركة تكاليف ضخمة..

 

تحقيق السلامة
أحد أهم أهداف إدارة المخازن هو ضمان سلامة وأمن المخزون، وذلك من خلال مكان مناسب لوضع العناصر أو المنتجات الخاصة بالشركة به بجانب توزيعها بالشكل الصحيح، حيث إن الكثير من الشركات تمتلك مخازن بالفعل ولكنها تفشل في إدارة واستغلال هذه المخازن، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة احتمالية وقوع الحوادث، لذلك تحتاج الشركة إلى التعاون مع الهيئات المُختصة كخبراء الأمن والسلامة المهنية لضمان سلامة المنتجات.
كما أن مشاكل المخازين تحتاج إلى حلول منهجية قوية لإبقاء المديرين على اطلاع دائم على التغييرات، وبالتالي إمكانية مواجهة أي تقلبات أو تحديات طارئة.

هل أماكنها مناسبة؟
ما أوضاع مخازين الشركات المنتجة مثلاً.. وهل تتمتع تلك المنتجات بوضع يضمن جودتها ويقلل من احتماليات تلفها؟.. أم هي «ملحوشة» في بعض الزوايا والزواريب وعرضة لأوضاع الجو من حرارة ورطوبة وغيرها..؟
والسؤال المهم: كيف تستفيد الشركات الصناعية اليوم من تلك السلع والمواد، ولماذا لا تفكر بحلول للبيع ولو بهوامش ربحية قليلة.. أو بأسعار توازي التكلفة مثلاً..؟ هل تملك الإدارات القرار.. أم تحتاج إلى لجان وجهات أعلى..؟

أرقام مخيفة
رغم امتناع الشركات عن الإفصاح عن مقادير المنتجات المخزنة في المستودعات، إلا أن هناك بعض التقارير تتحدث أحياناً عن أرقام ليست سهلة مطلقاً، تحتاج لتدخلات وقرارات فعالة حيال الخلاص من تكدس المخازين.
تقارير أشارت إلى أن قيمة مخازين مؤسسة النسيج وحدها وكمثال فقط تتجاوز الـ١٢٥ مليار ليرة، وموضوعة بأماكن لا تتمتع بتلك المواصفات الفنية المطلوبة، أي مع مضي السنوات فالسلع النسيجية والمواد المخزنة عرضة للتلف والخراب وتغير مواصفاتها، أي إنها ستفقد جودتها وتالياً تقل أثمانها، وتصبح باب خسارة كبير.. حسب ما صرح لـ«الاقتصادية» مدير عام إحدى شركات النسيج الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب عديدة.. وحذر من صعوبة التسويق في الظروف الراهنة وما تشكله تلك المخازين بموادها المختلفة من فوات منافع مالية على الشركات، وكنا قد طالبنا الوزارة بإيجاد صيغ للتخلص من السلع وبيعها ولو بسعر أقل من التكلفة، فالخسارة اليوم تبقى أقل من قيمة الخسائر غداً بمسألة المخازين.. فالظروف الحالية تستدعي أن تتخذ الجهات المعنية قرارات تسهم في تقليل الكميات المخزنة التي تقدر كميتها بمئات الآلاف من الأمتار النسيجية يفوق سعرها الـ١٢٥ مليار ليرة سورية. وواقع المستودعات ليس بأحسن حالٍ، وكلما مضت المدد الزمنية يصبح مستوى ورقم الخسائر كبيراً.

اقتراحات
لا يمكن للقطاع العام أن تدور فيه عجلة الإنتاج والتسويق وتصبح جيدة إلا بعد أن يتم التنسيق مع باقي جهات القطاع العام الإدارية التي تستخدم كل أصناف النسيج لاستجرار منتجات الشركات النسيجية، فلماذا لا يتم إلزام كل الوزارات وحصريتها لاستجرار السلع من الشركات وتحدد للشركات المنتجة الأصناف والجودة المطلوبة؟ حسب كلام مدير عام إحدى شركات النسيج، فمثلاً يتوافر لدى شركة نسيج كبرى بدمشق كل المنسوجات والاحتياجات والطلبيات التي تحتاجها مثلاً كل مشافي الصحة والتعليم العالي، والتربية وغيرها من المؤسسات، فالشركة يتوافر لديها إنتاجية عالية ومضمونه من جهة الجودة والمعايير الدقيقة، فمنتجاتها من الشاش والأقمشة الممزوجة والبوليستر والقطنيات لاقت رواجاً كبيراً.. إلا أن بعض الجهات تفضل التعامل مع جهات أخرى!

إمكانية إنتاج حسب الطلب
لبعض الشركات المنتجة إمكانيات أن تنتج حسب رغبات بعض الجهات ولأي طلبات تفي بالأغراض والمواصفات الفنية الدقيقة.
واقع المخازين يحتاج إلى إعادة هيكلة فنية مالية وإدارة لقطاع النسيج كله «محلج- غزل- نسيج- صباغة- طباعة- تفصيل.
وبحال استطاعت الشركات بيع مخازينها يجب أن تستثمر بالعوائد المالية بمجال تحديث آلات وخطوط الإنتاج، حيث إن خطوط الإنتاج قديمة، ومنها ما يزيد عمرها على الخمسين عاما، لم تعد بجودة وإنتاجية جيدة.

تسوية للمخازين
والسؤال: لماذا لا تفكر الجهات المعنية بإجراء تسوية لأوضاع المخازين حتى لو تم السماح بالبيع وفق نظام بيع حسب تكاليف سنة الصنع مثلاً، أو بأقل من أسعار التكلفة؟ فكل عام هي بتزايد في ظل المخاوف المستمرة على واقعها.

كهولة وفقدان الخبرات
إحدى أهم المشاكل الخطرة التي بدأت تأخذ منحنيات ستؤثر حتماً في القطاع هو النزيف في فقدان العمالة والكوادر الخبيرة في قطاع يعد من أهم الصناعات في سورية، فاليوم العمالة الماهرة تسربت وتركت خطوط إنتاج الشركات العامة لعمالة ليست مدربة وليست موظفة بشكل رسمي، وهذا لا شك سيضع قطاع النسيج في أزمات عدة خلال السنوات المقبلة.
ففي إحدى الشركات النسيجية كان عدد عامليها أكثر من ٦٠٠ عامل من ضمنهم خبراء النسيج بكل الأصناف، اليوم يعمل فقط لديها ١٠٠ عامل وما يوازي ذلك بنظام عمل شهري، ومن نظام الـ٣ ورديات إلى وردية وأقل أحياناً، لأسباب العمالة وحوامل الطاقة.

أين خريجو المعاهد؟
هناك كل عام يتخرج العشرات في المعاهد التقنية والفنية أين هم..؟ لماذا لا تتم العودة إلى نظام الالتزام الوظيفي بكل خريجي المعاهد الفنية مثلاً كما كان متبعاً سابقاً، ويتم تدريبهم في الشركات وراء خطوط الإنتاج لإكسابهم الخبرة الفنية الكاملة..؟

العجز عن بيعه
من مشاكل المخازن الأكثر شيوعاً هو الإفراط في المخزون المتوافر بالمخزن، والتي يترتب عليها فقدان القدرة على معالجة هذا المخزون بالبيع بشكل سريع.
وهي من المشكلات التي يمكن أن تكلف الشركة الكثير من الخسائر، وخاصة أن التدفق النقدي لأي شركة يأتي من خلال تحريك المخزون الخاص بها، لذلك إذا كانت الشركة تقوم بشراء كميات كبيرة من المنتجات كمخزون لديها ولا تبذل مجهود في تسويقه وبيعه، فهذا سيؤدي إلى خسارة أموالها في نهاية المطاف.

التلف متوقع
إن حدوث التلف هو من مشاكل التخزين الشائعة أيضاً، ولربما هي مرتبطة بشكل أكبر بمشكلة الإفراط في المخزون بالمخازن والعجز عن بيعه بسرعة. فعندما تخزن الشركة الكثير من العناصر التي تحتاجها كمخزون وتعجز عن بيعه فإن هناك احتمالية كبيرة لتعرض تلك المنتجات للتلف.
وكثيراً ما يتم وضع المنتجات في أماكن خاطئة أو عدم توفير البيئة المناسبة لها للتخزين بمخازن الشركة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تلف هذا العنصر، وكل ذلك سيكبد الشركة تكاليف إضافية ضخمة هي في غنى عنها إذا اهتمت بمعالجة مشاكل المخزون المختلفة.

ما يحصل يثير التساؤلات!!
ثمة شيء ما… يثير جملة من التساؤلات، فلا أدري كيف أن مؤسسة ما لها سمعتها وعراقتها، كالمؤسسة العامة للصناعات النسيجية في سورية، تتلطى خلف أسباب ما، كي تغطي فشلها الذريع، بأشياء كثيرة، يأتي في مقدمتها ذلك العجز المعيب من التخفيف من حجم المخازين المكدّسة، والتي تصل اليوم قيمتها لأكثر من ١٢٥ مليار ليرة؟
الجميع يرجع أسباب تراكم المخازين، وتراكمها إلى ظروف التسويق الصعبة، والمنافسة الشديدة في الأسعار، ولاسيما سلعة الغزول القطنية، كما بسبب الركود العام في الأسواق الداخلية بسبب قلة الدخل وإلى صعوبة تصدير الأقمشة النسيجية وغيرها من الأسباب!
أجل على المؤسسة النسيجية ألا تتهاون ولا تكل وتقاتل من أجل الوقوف عند مسألة الفشل بالتسويق والخلاص السريع من تكدس المخازين، وعليها السعي الحثيث والتواصل وأن تصرخ عالياً، فقد اكتفينا، وثمة كثير من زيادة العيب… والفشل الذي يجر ذيول الفشل!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى