الصادرات بالعمل!
| هني الحمدان
للتصدير ولقوة الصادرات كلمة الفصل في رفع الاقتصاد الوطني وزيادة معدل نموه، إذ يرفع من إنتاجية السلع والخدمات، بما يعزز النمو الاقتصادي على المدى القريب والبعيد، ويساعد التوسع في الصادرات رفع مستوى اقتصاد الدولة عموماً، كما يجلب المزيد من العائدات التي يمكن استثمارها في كل من الأسواق المحلية والنشاطات، ما يؤثر إيجاباً في اقتصادها.
ومع تطورات الاقتصادات واشتداد المنافسة، تظهر الحاجة إلى تعزيز مكانة الصادرات وتقويتها مع التركيز على صناعات تقوي تلك المكانة في الأسواق التجارية الخارجية، وإلا فسنبقى في مكاننا فقط، وربما نفقد أسواقاً مهمة، يجب أن نبحث عن موقع مناسب لنا من بين المصدرين عالمياً، حيث أن كثيراً من القطاعات الاقتصادية ستتلاشى مع قادم السنوات في ظل ثورة التقانة واختراعاتها، ومقابل ذلك قطاعات ستبرز وتكبر، لذلك يجب ألا تنجرف بنا الرغبات نحو التركيز على قطاع صناعي معين نمطي بسبب حالة السوق اليوم، بل يجب دراسة المستقبل واتجاهات السوق واتجاهات الطلب، تبرز اليوم تحديات كبيرة في الاقتصاد، وخصوصاً بعد العولمة وفتح الأسواق، حيث أساسيات السوق هي التي تحكم في النهاية، والبقاء للأفضل والأقل تكلفة، وهذا هو مفتاح الأسواق.
قد تفتقر «بعض وليس كل» صناعاتنا إلى المقدرة على المنافسة وتقديم المنتج بتكلفة أقل مع الحفاظ على الجودة في السوق المحلية، فما بالك بالسوق العالمية! ولذلك نشاهد أن كثيراً من الدول غيرت في نماذجها الاقتصادية، التي لم تستطع المنافسة مع الصناعات التي تعتمد على اليد العاملة الرخيصة، واتجهت إلى الملكية الفكرية والتقنية والابتكار، بحيث ترتكز القيمة الحقيقية في المنتج النهائي على الابتكار والتطبيق الأمثل والأسهل والمرغوب.
تتسابق الدول، وسياساتها تنصب على الاتجاهات الاقتصادية وخصوصاً التقنية، كتلك التي تذهب اليوم إلى قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، الواقع الافتراضي، البيانات الضخمة، وسواها.. فأين نحن وصناعتنا من تلك المتغيرات التي تطرأ كل يوم؟! فمقدار ما كانت الصناعة ترضي الأذواق سيكون لها الطريق معبداً للدخول إلى الأسواق الخارجية وبقوة، وبقدر ما كانت نمطية قليلة الجودة، فيكون مصيرها المحتوم في الأقبية والمستودعات عرضة للتلف والخروج من دائرة التسويق والمنافسة كلياً!
نملك في بلدنا ما لا يملكه أغلب بلاد العالم من الموارد الطبيعية والبشرية، ومجتمعا يغلب عليه شريحة الشباب المتلهف للتقنية، إذا لا نحتاج إلا إلى الحكمة والتخطيط المناسب والاستفادة من المتاح من المال والرجال المخلصين لجعل هذه المكونات الموجودة تنتج اقتصاداً أكثر كفاءة وأقوى تنافسية وأكثر تطوراً.
مواردنا الطبيعية يجب أن نستغلها في صناعات تحويلية أكثر قيمة، شبابنا يجب الحفاظ عليه بشتى الوسائل وتعليمه بما يتواكب مع المستقبل ليشغل ويدير ويعمل على استغلال إمكانات بلده.
تعزيز الصادرات وتقوية مكانتها لا تأتي بالخطابات من جانب بعض المسؤولين، بل تأتي من خلال تشاركية متكاملة من منتج صناعي أو زراعي، يمتلك مقومات الجودة، ووضعه في دائرة التسويق الصحيحة لضمان تسويق متقدم، وهنا يمكننا القول: إننا لم نستغل إلا اليسير جداً من قدرتنا الموجودة اليوم، التي مع الأسف ما زالت مهدرة سواء من طاقات الشباب أم من المال والثروات، ونحن قادرون أن نشاهد ونسجل مستويات قياسية في التصدير، عندها تأخذ سورية مكانها بين الدول بمنتجات منافسة، وتحقق المعادلة الأصعب بتحقيق مؤشرات تنموية في الميزان التجاري، عبر إقلال الواردات على حساب الصادرات.