العناوين الرئيسيةشؤون محلية

السؤال الذي يحتاج الاقتصاد السوري الإجابة عنه ندعم الإنتاج .. أم نحافظ على سعر الليرة؟… السياسات الاقتصادية النقدية والمالية لم تستطع أن تحقق الاستقرار المطلوب في أسعار الصرف أو دعم الإنتاج.. اقتصاديون سوريون يقدمون إجابات قاطعة: الإنتاج أولاً واتباع سياسات مالية محفزة للنمو

|أمير حقوق

«كثيراً ما تكون الخيارات المتاحة أمامنا متناقضة في فوائدها وأضرارها ولكن لا يمكن أن نقبل بإيجابيات السياسة ونرفض السلبيات، ونقول أن السلبيات تحمل لجهة ما، والعملية ليست انتقائية، كالخيار بين سعر الصرف والإنتاج وهناك تناقض بينهما، وهذا الخيار لا أحد يتحدث فيه في سورية سواء في المؤسسات الرسمية ولا لدى الاختصاصيين ولا لدى المهتمين ولا لدى الهواة، وكل الاقتصاد محكوم بهذه المعادلة، أي شيء نتحدث به من إجراءات اقتصادية إن لم نحل هذه المشكلة فستكون التأثيرات محدودة جداً وربما لا تكون هناك تأثيرات. ولكن علينا أن نعالج هذه المشكلة. «هذا ماورد في خطاب السيد الرئيس بشار الأسد في مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع».
وبناءً على أهمية شق دعم الإنتاج أو سعر الصرف الذي أشار إليه السيد الرئيس، «الاقتصادية» فتحت الملف وحاولت عبر أكاديميين، تحليل الواقع والمعطيات وتحديد سلبيات وإيجابيات كل خيار منهما، ومعرفة التناقض بينهما، وما الحلول والاقتراحات.

مرتبط بالإنتاج
تُعد سياسات سعر الصرف من أهم الأدوات الاقتصادية في الدولة، نظراً لتأثيرها في المتغيرات في الاقتصاد الكلي، في الأصل لا تناقض بين الإنتاج وسعر الصرف، لأن سعر الصرف ارتفاعاً أو انخفاضاً يرتبط أصلا بالإنتاج، أي المتغير الأساس هو الإنتاج. لكن التناقض بين سعر الصرف والإنتاج يظهر في الحالات التالية: فارتفاع سعر صرف العملة المحلية للدولة يؤدي إلى ارتفاع الأسعار المحلية مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار صادراتها مقارنة بأسعار وارداتها من السلع الأجنبية، ما يترتّب عليها تخفيض الصادرات وزيادة الواردات ومن ثم زيادة العجز في الميزان التجاري، كذلك فإن انخفاض سعر الصرف يؤدي إلى ارتفاع أسعار الواردات من السلع الأجنبية مقابل انخفاض أسعار الصادرات من السلع المحلية ما يؤدي إلى زيادة الصادرات وانخفاض الواردات وبالتالي انخفاض العجز في الميزان التجاري، لكن أولاً هذا الأمر مرتبط بالإنتاج زيادة أو نقصاناً، وفق توصيف عميد كلية العلوم الإدارية في جامعة إيبلا الخاصة الدكتور صبري حسن أثناء حواره مع «الاقتصادية».

الإنتاج هو المتغير الأساس
ووفق الدكتور حسن فإن الإنتاج هو المتغير الأساس لأن زيادة الإنتاج من السلع يؤدي إلى: انخفاض المستوى العام للأسعار نتيجة توافر السلع أي (نتيجة زيادة الإنتاج)، وإلى زيادة الفائض من السلع سوف يؤدي إلى زيادة الصادرات، وإلى زيادة الصادرات تؤدي إلى زيادة دخول العملات الأجنبية إلى الداخل، وبناءً عليه ونتيجة زيادة الإنتاج والصادرات سوف ينخفض المستوى العام للأسعار ويزداد العرض من العملات الأجنبية، وبالتالي يرتفع سعر صرف العملة، أما في حالة تراجع الإنتاج فإن عرض السلع ينخفض وتزداد الواردات ويزداد المستوى العام للأسعار وينخفض العرض من العملات الأجنبية، وبالتالي ينخفض سعر صرف العملة.

جلّ التركيز على سعر الصرف
وحول توجه الدعم لسعر الصرف أو للإنتاج، فاعتقد الدكتور حسن أنه يبدو توجه الحكومة من خلال المراسيم التي صدرت كان جل التركيز على دعم واستقرار سعر صرف الليرة على حساب دعم الإنتاج، والدليل هو تراجع كبير في النشاط الاقتصادي وبالتالي الإنتاج، وضعف وتراجع الإنتاج كان السبب في عدم قدرة البنك المركزي على السيطرة والتحكم بارتفاع المستوى العام للأسعار والتضخم والذي انعكس سلباً على سعر صرف الليرة، حسب الدكتور حسن.

د.صبري حسن
د.صبري حسن

التوجه لدعم الإنتاج
وبقناعة الدكتور حسن أنه انطلاقاً من بدهية العلاقات الطردية بين المستوى العام للأسعار والكمية المعروضة من السلع (الإنتاج). على الحكومة التوجه نحو دعم الإنتاج وزيادته كماً ونوعاً وبكل القوى الممكنة، أي تخفيض تكاليف الإنتاج، من خلال تخفيض الضرائب وزيادة إعانات الإنتاج، وإلغاء الضرائب غير النظامية (الجمارك، الحواجز، الرشاوى، الفساد)، لأن الإنتاج هو المتغير الأساس والقاطرة التي تؤثر في كل المتغيرات الاقتصادية وأهمها سعر الصرف، أي إن سعر الصرف مرتبط بالإنتاج وخاصة في الحالة السورية. لأنه لا يمكن تحقيق استقرار حقيقي والتحكم بسعر صرف الليرة السورية مهما كانت السياسات الاقتصادي للحكومة بشقيها النقدي (البنك المركزي) والمالي (الحكومة) دقيقة ومدروسة، إضافة إلى العامل الأساس والمهم وهو تحقيق استقلالية البنك المركزي وإلغاء تبعيته لتنفيذ سياسات ورغبات الحكومة. والسياسة الاقتصادية المطلوبة للانطلاق هي سياسات توسعية على المدى القصير، تتضمن تشجيع الإنتاج من خلال تخفيض الضرائب، وزيادة إعانات الإنتاج، والقضاء على التكاليف الضمنية (الجمارك، الحواجز، الرشاوي، الفساد)، للوصول إلى الهدف الأساس وهو زيادة الإنتاج المحلي والصادرات، وتحرير الأسواق من القيود المفروضة على حركة البضائع والأموال.

حلول ورؤى اقتصادية
وحسب الدكتور حسن فإن الحلول تتمثل في عدة محاور، وهي إعادة النظر بالمراسيم والقرارات التي تعرقل عمل الصناعيين والتجار، والتي تشدد في ملاحقة المتعاملين بغير الليرة السورية، لأن السماح بإجراء العمليات التجارية بالعملات الأجنبية والدولار وعدم حصرها بالليرة السورية فقط من شأنه أن يصبح العرض بالقطع الأجنبي أكثر من الطلب عليه، وبالتالي سينعكس إيجاباً على سعر صرف الليرة السورية، وتنفيذ هذه الخطوة سيزيد من الإنتاج المحلي القابل للتصدير، وتخفيض الواردات، إضافة إلى تشجيع عودة رؤوس الأموال ويزيد من المعروض من العملة الصعبة، والعمل على زيادة مرونة الجهاز الإنتاجي من خلال تحفيز ودعم القطاعات الإنتاجية المختلفة، وذلك لزيادة الناتج المحلي الإجمالي لتأثيره بشكل كبير في الميزان التجاري لتعديله من العجز إلى الفائض عن طريق زيادة الإنتاج والتصدير، وعدم الاعتماد على الواردات، وكذلك من أهم الأسباب التي تضعف قيمة الليرة وتخفضه، هي: الزيادة الهائلة في تكاليف الإنتاج (النظامية وغير النظامية)، والاعتماد على استيراد السلع غير الضرورية، كاللباس، والسيارات….. الخ، وزيادة الطلب على العملات الصعبة والنادرة أصلاً، وبالتالي الضغط على الليرة السورية، والدفع بها إلى مواصلة طريقه نحو الانخفاض، وأيضاً ضرورة انتهاج سياسة مالية ونقدية محفزة للنمو، تستهدف مضاعفة الصادرات من ناحية، وترشيد الواردات من ناحية أخرى من خلال استخدام بعض الوسائل التي يمكن أن تسهم في الحد من الواردات وخاصة الاستهلاكية والترفيهية وتشجع البدائل المحلية لها من أجل خفض العجز في الميزان التجاري، مع اعتماد الحكومة سياسات اقتصادية توسعية تهدف إلى زيادة الإنتاج كما ونوعاً، لتغطية الحاجات المحلية والتصدير، وتحقيق استقرار في الأسعار وبالتالي استقرار في سعر صرف الليرة، والعمل الجاد على خلق بيئة مواتية لاستقطاب رؤوس الأموال السورية المهاجرة والمغتربة والعربية والأجنبية، بغية جلب العملة الصعبة وإيجاد طلب على الليرة لتحسينه والرفع من قيمته، وأهمية التنسيق بين السياسة المالية والنقدية، باعتبارهما أحد أهم العوامل الأساسية في تحقيق الاستقرار المالي الذي يؤدي إلى تحريك النشاط الاقتصادي وبالتالي دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتحقيق معدلات النمو المنشودة، وبالتالي استقرار سعر صرف الليرة، بالتوازي مع اتباع سياسة نقدية من المصرف المركزي، تعتمد على اقتصاد السوق الحر، كما هو الحال في دول الخليج وأوروبا، حيث يتمتع الاقتصاد بحرية حركة الأموال والبضائع، ومنح الاستقلالية الكاملة لمصرف سورية المركزي باستخدام أدواته.

قراءة اقتصادية
سعر الصرف هو السعر النسبي لعملة نقدية مقارنة بعملة أخرى، فهو عدد الوحدات من عملة نقدية أجنبية التي يمكن الحصول عليها مقابل وحدة من العملة الوطنية، ويعبر عن هذا المصطلح بطريقة عكسية، ويفيد حينها عدد الوحدات من العملة الوطنية اللازمة للحصول على وحدة من العملة الأجنبية، في حين أسعار الإنتاج هو مفهوم في نقد كارل ماركس للاقتصاد السياسي، يُعرف بأنه: «سعر التكلفة + متوسط الربح»، ويمكن اعتبار سعر الإنتاج نوعاً من أسعار العرض للمنتجات، وهو يشير إلى مستويات الأسعار التي يتعين على المنتجين، وفقاً لها بيع السلع والخدمات المنتجة حديثاً، بغية الوصول إلى معدل ربح عادي متوسط على رأس المال المستثمَر لإنتاج المنتجات (ليس نفس الربح على معدل الدوران)، وتكمن أهمية مستويات الأسعار هذه في أن الكثير من الأسعار الأخرى تستند إليها أو تُستمد منها: في نظرية ماركس، تحدد هذه المستويات هيكل تكلفة الإنتاج الرأسمالي، وتتأرجح أسعار المنتجات في السوق عادةً حول أسعار إنتاجها، في حين تتأرجح أسعار الإنتاج ذاتها حول قيم المنتجات (متوسط تكلفة الاستبدال الحالية في وقت العمل المطلوب لإنتاج كل نوع من أنواع المنتجات)، وفيما يتعلق بواقعهما في سورية، فإن سعر صرف عملتنا الوطنية يشير إلى تدهور واضح لقيمة العملة الوطنية خلال سنوات الحرب من 50 ل.س للدولار وصولاً إلى نحو 14600 ل.س للدولار، ولكن في الأشهر الماضية نلاحظ استقرار أسعار الصرف نوعاً ما وهذا ما ينعكس إيجاباً على أسعار الإنتاج، وهذا سيشجع الإنتاج من خلال عودة المستثمرين، حيث إن رأس المال جبان، لا يأتي ويدخل إلى حيز تفعيل الإنتاج إلا في ظل استقرار أسعار الصرف، حسبما أشار إليه نائب عميد كلية الاقتصاد للشؤون الإدارية في جامعة حماة الدكتور عبد الرحمن محمد.
واعتقد أنه هناك إيجابيات كثيرة لسعر الصرف، ومنها: الاستقرار والتنبؤ الاقتصادي الصحيح، والسيطرة على التضخم، وزيادة التجارة، وتحقيق المصداقية والثقة، وهناك سلبيات كثيرة أيضاً مثل أن أحد مساوئ سعر الصرف الثابت إعطاء فرص كبيرة للمضاربين في السوق لكي يتلاعبوا به لعلمهم أن البنك المركزي سيتدخل لإنقاذه وتثبيته وإن أسعار الصرف غير المواتية تمنع الشركات من التوسع في استثماراتها، وتزيد تكاليف الاستيراد، وتسهم في تآكل القدرة التنافسية للصادرات، وتخلق خسائر تجارية غير متوقعة أما إيجابيات أسعار الإنتاج فتسهم ببقاء الشركة وقدرتها على المنافسة ومن السلبيات أيضاً إذا كانت غير مدروسة بدقة فمحتمل أن تساهم بإخراج الشركة من السوق وعدم قدرتها على المنافسة.

سياسات نقدية مناسبة
يتطلب سعر الصرف اليوم سياسات نقدية مناسبة؛ لتجعله مستقراً بشكل أمثل؛ ما يشجع المستثمرين ويزيد الإنتاج، وأما بالنسبة لسعر الإنتاج، فلا تنتهي عملية التسعير بتحديد أسعار المنتجات لأول مرة ثم تجاهلها، من المهم أن تراقب السوق بشكل مستمر؛ لمعرفة التغيرات التي تطرأ عليه وعلى عملائك أيضاً؛ لتتمكن من عمل التعديلات المطلوبة. ، كذلك من المهم مراقبة تكاليف تصنيع المنتج والتأكد من أنها لا تزيد بشكل كبير دون انتباهك، إضافة إلى ضرورة مراقبة الانطباع العام على منتجك سواء أكان سلبياً أم إيجابياً؛ لأن كل هذه الأمور قد تتطلب أحياناً التدخل وإعادة تقييم الأسعار وتغييرها بناءً على هذه الانطباعات، برأي الدكتور محمد.
وبحسبه، يعود حفاظ الليرة السورية على ثباتها النسبي قبل الحرب إلى تطور الأداء الاقتصادي والاستقرار السياسي وسن قانون الاستثمار رقم (10) لعام 1991 الذي أسهم في زيادة عدد المشاريع الاستثمارية، وزيادة القطع الناجم عن زيادة الموارد السياحية وتحسن في وضع الحساب الجاري، وعندما أتت الحرب الظالمة، فسعر الصرف تأثر كثيراً وفقدت ليرتنا الوطنية الكثير من قيمتها، ولكن في السنوات الأخيرة هناك تخلٍ بشكل نسبي عن الدعم نوعاً ما، وسعي جاد لتحقيق استقرار بحده الأدنى لأسعار الصرف.
ويرى الدكتور محمد أن السياسات الاقتصادية سواء النقدية أو المالية في سنوات الحرب لم تستطع أن تحقق الاستقرار المطلوب في أسعار الصرف أو في تحقيق أسعار الإنتاج ودعم الإنتاج، وإن المسيرة التاريخية للدعم في سورية أثبتت أنه سبب الفساد، وأن المستفيدين الحقيقيين منه ليسوا الفقراء، وعلى هذا فتح باب موارد وارتزاق لتجار الحروب على حساب الأسرة الفقيرة، ولكن اليوم هناك فريق اقتصادي يسعى إلى تحقيق استقرار أسعار الصرف وفعلاً نشاهد استقراراً بسعر الصرف نوعاً ما وإعادة دراسة ملف الدعم وايصاله لمستحقيه بشكل مناسب ومحاولة دعم المنتجين وتدوير عجلة الإنتاج.

د. عبد الرحمن محمد
د. عبد الرحمن محمد

الفساد
وحول الحفاظ على سعر الصرف وعدم انخفاض الأسعار ولجم التضخم يعود السبب في ذلك للفساد وعدم وجود رقابة فعلية لضبط الأسواق، وفي ظل وجود رقابة حقيقية لضبط الأسواق ومحاسبة شديدة (بطش بيد من حديد لكل من تسول له نفسه)، سينعكس ذلك إيجاباً، وفقاً للدكتور محمد.

فريق واحد
الحل يجب أن يكون بالانطلاق من فكرة أن الجميع فريق واحد في هذه المرحلة، فالحكومة رغم كل ما تواجهه يجب أن تحاول تزويد الصناعيين بالكهرباء المستمرة ولو ساعات قليلة بالاتفاق معهم على عدد ساعات التشغيل صباحاً حيث تضمن استمرار تشغيلهم وخروجهم من رحمة الأسواق السوداء بالنسبة للكهرباء والمازوت وبشكل يسهم في انخفاض تكاليف المنتج، والابتعاد عن فرض مزيد من الضرائب لكون آثارها كارثية وتؤدي إلى حصول تضخم جامح في المجتمع، فنفرض ضرائب نرفع الأجور ترتفع الأسعار نعيد فرض الضرائب، وعلى الحكومة أيضاً تحسين معيشة ذوي الدخل المحدود والمحافظة عليهم وهذا المطلب الأساس اليوم هو ناقوس خطر حقيقي ومرعب، ويجب أن يقوم الصناعيون والتجار بضغط التكاليف إلى أضيق الحدود بشكل يخفض الأسعار والضغوط التضخمية في الأسواق، ويجب أن يمارس المواطن مواطنته كاملة في الإشارة إلى مواطن الخلل بكل جرأة بدءاً من ربطة الخبز مروراً بالسلع والمواد الغذائية والخدمات بكل أشكالها طبية وهندسية وما شابه ذلك وخلافاً لذلك سورية مقبلة على مرحلة اقتصادية صعبة جداً في ظل الحرب التي تعرضت لها وفي ظل الأوضاع الدولية التي نعيشها، حسب ما ختم به الدكتور محمد حديثه لـ«الاقتصادية».

قلة الإنتاج
كما أكد السيد الرئيس أن هناك فرقاً بين الإيجابيات والسلبيات بما معناه لا إنتاج في ظل عدم استقرار سعر الصرف، لأن استقرار سعر الصرف يؤثر في عملية الإنتاج بشكل كبير جداً، وأيضاً قلة الإنتاج هي السبب بعدم استقرار سعر الصرف وتحدد آلية سعر الصرف بناء على آلية السوق بالعرض والطلب، وإذا لم يوجد طلب على الليرة السورية فستبقى قيمة العملة السورية بتدهور دائم، حسبما أشار إليه رئيس مجلس إدارة فرع درعا لنقابة المهن المالية والمحاسبية والأستاذ الجامعي الدكتور مجدي الجاموس.

دائرة اقتصادية
وتابع: تشكيل الطلب على العملة المحلية يكون من خلال الإنتاج، والإنتاج يعني التصدير وبالتالي هي دائرة اقتصادية تبدأ بعملية مستوى دخل الفرد، فإذا كان الدخل مرتفعاً أي تكون هناك إيداعات وإنفاق جيد وادخار، أي إيداعات بالبنوك وهذا يشير لوجود مشروعات وبالتالي حضور الإنتاج وبالتالي يؤدي إلى التصدير أي طلب على الليرة السورية وتقويتها، فيجب أن نبدأ بتحقيق هذه الدائرة من خلال تحسين أي نقطة فيها وبالتالي سينعكس إيجاباً على كل نقاط الدائرة كاملة.
هناك استقرار وثبات بسعر الصرف، ففي عام 2015 كان الثبات نسبياً لأن التصدير كان صفراً بالمئة، وبالتالي لم يكن هناك طلب على العملة السورية، ولكن بعض الأطراف الجانبية مثل الدعم من الدول الصديقة والمنظمات الدولية والعملة الأجنبية والضابطة الأمنية لسعر الصرف لمؤسسات الصرافة والبنوك حاولت على ثبات استقرار سعر الصرف، ولكن عندما تحسنت الأوضاع بعض الشيء، سعر الصرف أخذ منحى متصاعداً بشكل كبير جداً، حسب الدكتور جاموس.

د. مجدي الجاموس
د. مجدي الجاموس

الإنتاجية بحدها الأدنى
التوجه كان الحفاظ على استقرار سعر الصرف في سورية، فالتكلفة الحقيقية تكون تجاوزت 18 ألفاً وهو مبني على سياسات انضباطية لشركات الصرافة وما شابه، وحتى الإنتاج بعض السياسات الحكومية أدت إلى مزاجية الإنتاج وإلى مزاجية التسعير لهذه المنتجات، مثل ضريبة الإنفاق الاستهلاكي والتكاليف المرتفعة للنقل وارتفاع أسعار الطاقة والكهرباء وغيرها، وهذا أعطى حرية للتاجر بوضع الأسعار التي يريدها نسبياً، وبالتالي خلقت فوضى الأسعار، فنحن اليوم غير قادرين على ضبط الأسعار، والإنتاجية الحالية ليست هي الإنتاجية المطلوبة بل هي الإنتاجية المطلوبة بحدها الأدنى، ونحن بحاجة لانتفاضة إنتاجية بكل القطاعات، والأهم البدء بالزراعة ودعم المشاريع الزراعية وتصدير المنتجات الزراعية ودعم الصناعات التحويلية وإيجاد المواد الأولية والإنتاج، وفق توصيف الدكتور الجاموس.
وأكمل: بوقتنا الحالي، الإنتاج هو أساس بناء الاقتصاد الوطني بأي دولة، ولكن عندما نبني اقتصاداً فلا يمكن تحقيق استقرار سعر الصرف دون الإنتاج، واليوم السياسات الحكومية مثل سياسة حبس السيولة لم تجدِ نفعاً، وهذا أدى إلى انخفاض قيمة الليرة السورية وبالتالي انخفاض القروض الممنوحة وبالتالي ضعف المشروعات والإنتاج وضعف عملية التصدير، وبالأخير عدم الطلب على الليرة السورية، وسد العجز الموجود ومخزون الدولة من كل القطاعات بحده الأدنى، فيجب الانتفاض لتحقيق إنتاج جيد يسد هذا العجز بإرادات حقيقية مصدرها من الإنتاج، الصادرات السورية على معبر نصيب أقل بـ50 بالمئة من العام الماضي، وبالتالي سبب هذا الانخفاض التكلفة الكبيرة بالإنتاج وعدم استقرار سعر الصرف فيجب البحث عن صناعات تساعدنا بعملية الإنتاج من الموارد المحلية، وسورية من أكثر الدول قدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي وبمساعدة الدول الصديقة نستطيع الحصول على المشتقات النفطية.

دعم الصناعات التحويلية
وبرأيه فإن الحل الاقتصادي هو تشجيع الاستثمار نقطة أولى، والثانية لا بد من البدء بالصناعات التحويلية أي إيجاد المواد الأولية للصناعات وعدم استيرادها، وهي أمر غير صعب تحقيقه، أما النقطة الثالثة فهي إعطاء الحرية للبنوك لإعطاء القروض للمستثمرين بقوة بكل المجالات أو على الأقل بمجال الصناعات التحويلية، والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال الصناعات التحويلية والطلب على محاولات التصدير لتحقيق الطلب على الليرة السورية والتي تؤدي إلى استقرار سعر الصرف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى