إنعاش الاستثمار بكل القطاعات خطوة لتحريك عجلة الاقتصاد ومعيشة المواطن …مديرة هيئة الاستثمار السورية لـ«الاقتصادية»: ١٥٤ مشروعاً استثمارياً بكلفة تقديرية ٥٨ تريليوناً وما يقرب ١٤٥٠٠ فرصة عمل جديدة
| أمير حقوق
لم يخفَ دور الاستثمار بجميع أنواعه في إنعاش الاقتصاد الدولي، ومساهمته الكبيرة في تحريك ودوران عجلة التنمية الاقتصادية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات وتنشيط عملية التصدير، وبالتالي توفير الكثير من فرص العمل وتحسين دخل الفرد والحدّ من البطالة والدخل المتدني للفرد، وبالتالي المساهمة بتحسين وإنعاش واقع الاقتصاد والنهوض به، ورسم سياسات وخطط اقتصادية تقوم على أهمية دور الاستثمار في تحديد المعالم الاقتصادية للبلد.
وفي الواقع المتدهور اقتصادياً الذي تعانيه سورية، تطرح المشاكل والمعضلات الاقتصادية والمعيشية حتمية التأكيد على أهمية وجود الاستثمار وتحقيق فاعليته وانتشاره بكل القطاعات بالتوازي مع قوانين الاستثمار السهلة وميزاته الإيجابية، وتذليل العقبات التي تحد من عمله وتطويره.
وبناءً على أهمية موضوع الاستثمار في الوقت الحالي، «الاقتصادية» تتناول الحديث عن أهمية الاستثمار اليوم للاقتصاد السوري ومساهمته في تحريك عجلته وتنشيطه وإنعاشه لتحسين واقع معيشة المواطن السوري والقضاء على العوز الاقتصادي المالي وتحديد كمية المشاريع الاستثمارية المنجزة وقيد الإنجاز وكمية إيراداتها وفرص العمل التي تؤمنها المشاريع هذه، مع تحديد المعوقات التي تحد من العمل به والحلول لتذليل تلك المعوقات،.
القطاع الصناعي أولاً
وجهة الاستثمار في سورية قطاعياً هي باتجاه القطاع الصناعي بالدرجة الأولى والصناعات الغذائية كقطاع فرعي، ومن ثم قطاعات النقل وتوليد الكهرباء بالطاقات المتجددة والسياحة، وبالنسبة للوجهة الجغرافية فهي محافظة ريف دمشق بمدينتها الصناعية المهمة، ومن ثم محافظة دمشق، ومحافظة حمص، ومحافظة حلب، ومحافظة السويداء، وفق ما أشارت إليه مديرة هيئة الاستثمار السورية ندى لايقة خلال حديثها لـ«الاقتصادية».
٥٨ تريليوناً و١٤٥٠٠ فرصة عمل
محصلة الجذب حتى اليوم 154 مشروعاً استثمارياً في شتى القطاعات بكلفة تقديرية 58 تريليوناً وما يقارب من 14500 فرصة عمل جديدة، منها 77 مشروعاً في عام 2024 أي ما يقارب نصف عدد المشاريع الإجمالي التي من المتوقع أن تحقق ما يفوق 7500 فرصة عمل، وفقاً لـ«لايقة».
لا تتعدى ٣ بالمئة
وأكملت: الاستثمارات في سورية معظمها لمستثمرين محليين وهناك نسبة قليلة من الاستثمارات الأجنبية لا تتعدى 3 بالمئة من عدد الاستثمارات بموجب القانون 18 لعام 2021، لكن يعول كثيرا على المستثمرين العرب والأجانب المحتملين بعد الانفتاح الأخير لعدد من الدول المحيطة على سورية واستئناف الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية.
٢٥ مشروعاً منفذاً
بالنسبة لمؤشرات التنفيذ للهيئة السورية للاستثمار حتى الآن 25 مشروعاً منفذاً، آخرها مشروعان لتوليد الكهرباء بالطاقات المتجددة في حمص المدينة الصناعية بحسياء، ومشروع طحن القمح لإنتاج الدقيق في اللاذقية، ومشروع إنتاج البرغل وتعبئته وإنتاج البقوليات في حلب المدينة الصناعية بالشيخ نجار، ومشروع مزج الزيوت المعدنية لمحركات السيارات وإنتاج الفلاتر في ريف دمشق المدينة الصناعية بعدرا، وهناك مشاريع ذات خطوات جدية وسريعة باتجاه التنفيذ، 63 مشروعاً نفذت أعمال البناء والبنى التحتية، و18مشروعاً استوردت أجزاء من خطوط الإنتاج، حسب ما أوضحته مديرة هيئة الاستثمار.
معوقات
أما عن المعوقات التي تحد عملية الاستثمار، فكشفت أن المعوقات متعلقة بالعقوبات وتمويل المستوردات بالقطع الأجنبي، وارتفاع تكاليف التشغيل ونقص الوقود والطاقة، وبالنسبة للعقبات والتشابكات الإجرائية فقد انخفضت لحدها الأدنى نتيجة لتفعيل مجلس إدارة هيئة الاستثمار المكون من تمثيل عالٍ من الجهات العامة والقطاع الخاص، وللإشراف الكامل والدوري للمجلس الأعلى للاستثمار على ملف وقضايا الاستثمار ومعالجة معوقاته بمرونة وسرعة.
إنعاش لعملية الاقتصاد
لا شك أن الاستثمار هو حركة تجارية تتجسد سواء بالاستيراد أم بالتصدير، فلا تتعلق هذه الحركة بحجم الاستثمار، فمثلاً المستثمر يمكن أن يكون استثماره بسيطاً ويؤمن له عائدات معينة تعود عليه وعلى الدخل بشكل عام، ونرى أن الحكومة السورية متوجهة دوماً نحو المشاريع الصغيرة واستثمارها لأن تراكماتها والدخل منها يعطي نتائج استثمارية مفيدة ومهمة من أجل الحفاظ على العجلة الاقتصادية، بحسب ما أشار إليه الخبير الاقتصادي الدكتور هاني حداد خلال حواره مع «الاقتصادية».
وأوضح الدكتور حداد أن الاستثمار بمفهومه العام هو إنعاش لعملية الاقتصاد وعجلته، فحجم الاستثمار سواء كان كبيراً أم صغيراً وماهية الاستثمار بالإضافة لرأسمال الاستثمار، كلها عوامل مع مجموع كتلة الاستثمار تشكل عائدية كبيرة وفوائد كبيرة من الاستثمار.
عوائق
ورأى الدكتور حداد أن العوائق تتمثل في عدة محاور، منها عند اللجوء لاستيراد المواد الأولية والمنتجات الأجنبية من قبل المستثمرين يكون عائقاً كبيراً وهو شبيه هذه المنتجات محلياً، وهنا العائق يكون شخصياً على المستثمر، وأيضاً عوائق الحرب التي تعرضت لها سورية وآثارها الباقية والعقوبات التي تعرقل عملية الاستثمار، وإغلاق الحدود والمنافذ البرية والبحرية والجوية توّلد عوائق كبيرة، ولا يمكن الاستثمار بشكل سهل، وفي سورية يكون الاستثمار داخلياً بسيطاً، لكنه ينعش العجلة الاقتصادية، مقترحاً: يجب أن يكون للاستثمار أرضية خصبة تكون خاضعة ومطابقة للمواصفات الاستثمارية، لمعرفة آلية وكيفية الاستثمار، والدولة تضع الأنظمة والقوانين للاستثمار ضمن المنتج الوطني الموجود وتحريك العجلة الاقتصادية.
واقترح أن جميع القطاعات يجب أن تولى أهمية في الاستثمار، وأهمها القطاع الزراعي والصناعي والمالي والبنكي والتجاري وكلها يمكن الاستثمار بها وتحقيق عائدات اقتصادية كبيرة.
استثمار موجه
وأكد الدكتور حداد: الاستثمار لا ينحصر في مجال واحد، هو موجه في عدة مجالات وهذه نقطة يجب أن تؤخذ في الاعتبار لدفع العجلة الاقتصادية والمحافظة على عملية الإنعاش الاقتصادي.
الخفض الضريبي
بدوره، الخبير الاقتصادي حازم عوض اعتبر خلال حديثه لـ«الاقتصادية» أن تشجيع الاستثمار يكون عبر الخفض الضريبي ووجود بيئة استثمارية محفزة ومنافسة للمحيط، من خلال دراستها لكل القوانين الاستثمارية بالبيئات المحيطة بالدول المجاورة لتحقيق المنافسة بمحفزات معينة، كالتعامل مع المستثمر وكيفية معاملة الجمرك بالضرائب والإعفاء الضريبي والشركات الخارجية وإعفائها من الضرائب، وتقديم التسهيلات للشركات التي ستفتح داخلياً لنهوضها ونموها، وهذا يتطلب دراسة القوانين الاستثمارية الموجودة في الدول التي تجذب الاستثمارات الأجنبية.
تذليل العقبات
وللاستثمار في القطاعات جميعها يجب أن تذلل العقبات من خلال تشجيع الاستثمار فيها بقرارات محفزة جاذبة للمستثمر، وعدم وضع الضرائب المالية التي تسهم بهروبه، فيجب توفير بيئة ملائمة ومناسبة لجلب المستثمرين، والأهم القضاء على سلسلة الاستثمارات الاحتكارية، والتي بدورها تقوم بدعاية سلبية تؤدي لهروب المستثمرين، بحسب الخبير عوض.
القطاع الإنتاجي أولها
ورأى الخبير عوض أن القطاعات التي يجب أن تولى أهمية في عملية الاستثمار كثيرة وأهمها القطاع الإنتاجي، لأن الإنتاج السوري ضعيف، ولكن يحتاج لسوق لتصريف المنتجات هذه التي تنعش الاستثمار الإنتاجي، وهذا يتطلب زيادة بالقوة الشرائية، فالسوق اليوم وصل إلى درجة غير قادر فيها على استهلاك الأساسيات، ولكن القطاع الإنتاجي مهم جداً، لأنه يشغل شريحة واسعة من الناس التي لا عمل لها، وعند دوران عجلة الإنتاج حتماً الاقتصاد سينهض، وأيضاً الاستثمار بالطاقات المتجددة استثمار ناجح على مستوى الوطن العربي، فكيف لدولة مثل سورية تفتقر إلى الكهرباء وهذا الاستثمار واعد ومهم ومستقبلي في سورية، وقطاع المعادن والتعدين مهم جداً ويتطلب استكشافات وبحوثاً عن النفط وغيره.
ضغوط كبيرة
وخلال حواره مع «الاقتصادية» أوضح أكرم عفيف أن الاستثمار تكمن أهميته بأنه هو الحل لجميع المشاكل والمعضلات الاقتصادية التي تعانيها سورية وهو فرصة استثمارية للعمل، مكملاً: اليوم رخص المنتجات الأولية للفلاحين والمنتجات الزراعية وإمكانية الدخول على الصناعات، وخاصة الأعشاب الطبية والعطرية بسورية المنتشرة بالطبيعة، وزيت الزيتون والحمضيات وقطاع السمك ومداجن الفروج المتوقفة عن العمل كل هذا يتطلب العمل التعاقدي الذي يتمثل بالاستثمار ويجب أن يكون مطمئناً غير مهدد وآمن.
24 ألفاً فقط!
ويمكن للاستثمار أن ينقذ حال السوريين من العوز والندرة لحالة الإنتاج والوفرة، والاستثمار اليوم يحرك عجلة نمو الاقتصاد الوطني، فمثلاً اليوم استثمار التبغ يؤمن فرص عمل كبيرة وخاصة للمسنين ولطلبة الجامعات ولكون التبغ السوري خامس أفضل تبغ في العالم وسعره العالمي 25 دولاراً، وفي سورية دُفع للمزارعين والمستثمرين لهم ثمن الكيلو 24 ألف ليرة سورية فقط، وهذا بسبب سياسة التسعير المتبعة، حسب توصيف الأستاذ عفيف.
تمويل العملية الانفتاحية
الاستثمار يعني تمويل العملية الإنتاجية، وبما أن سورية بلد زراعي فيجب زيادة وتشجيع وتطوير الاستثمار الزراعي، والمصارف الزراعية لم تعد تمول بالشكل الأفضل والأنسب، وأيضاً القطاع الخاص، وبالتالي يكون الحل عبر الاستثمار الزراعي الذي يؤدي إلى قفزة كبيرة في الإنتاج الزراعي، وفقاً لعفيف.
وأوضح عفيف أن عوائق الاستثمار تتمحور في تكاليف العملية الإنتاجية بشكل كبير، فمثلاً عدم تمويل الإنتاج الزراعي وسياسة التسعير الحكومي للمحاصيل الزراعية كل هذا أدى إلى تدميرها بشكل نهائي، فمثلاً الشوندر والقطن خرجا من العملية الإنتاجية بسبب سياسة التسعير المتبعة، وبالتالي الأراضي ستخرج من العملية الإنتاجية، وعندها يكون الحل عبر العمل التعاقدي أي «الاستثمار» فعبر التمويل يتم تطوير هذا الإنتاج.
القطاع الزراعي أولاً
وأردف الأستاذ عفيف: أهم القطاعات التي يجب تطوير الاستثمار فيها هي القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني لكون الزراعة هي قاطرة النمو في سورية، من خلال تنظيمه ووجود نظام تأميني له، ورعاية صحية للحيوانات والبدائل العلفية وتأمين الأعلاف بسعر أقل، وأيضاً قطاعات الطاقة بإيجاد بدائل لها لتأمين مستلزمات العملية الإنتاجية وخاصة الكهرباء، وقطاع الدواء يعاني إغلاق معامله، فيجب التدخل فوراً لإنقاذ القطاع.
مليون فرصة عمل
ورأى الأستاذ عفيف أن قطاع النباتات العطرية والطبية والتي تشمل ٣٦٠٠ عشبة، الاستثمار بها يؤمن فرص عمل كبيرة، كالعمل على تجهيز الأرض للزراعة للقطاف لاستخراج المادة الفاعلة لوضعها بمنتج طبي وتجميلي وتوصيلها للسوق المحلية والخارجية، فكل نوع يؤمن عشرة آلاف فرصة عمل وبالتالي نحن أمام فرصة تشغيل 36 مليون فرصة عمل في بلد عدد أسره ٤ ملايين أسرة، والحكومة مازالت تصرح بدعم السكر!! فلو تم تشغيل طاقاتنا وإمكاناتنا وإبداعاتنا وأفكارنا وممتلكاتنا وخيرات أرضنا لكانت سورية من الدول الغنية.