العناوين الرئيسيةشؤون محلية

وزير التجارة الداخلية: توفير في كميات الخبز والدقيق والقمح وتقليل الهدر

| أمير حقوق

لاقى القرار عن تحويل الدعم لمادة الخبز إلى دعم نقدي أصداء إيجابية وخاصة في الأوساط الاقتصادية من الأكاديميين والباحثين والخبراء والمعنيين بالقطاع الاقتصادي، معتبرين هذه الخطوة أساسية وفعالة ومهمة لتحسين سياسة الدعم المتبعة، وللحدّ من الهدر في كميات الإنتاج وموادها، وأيضاً تقليل نسبة الفساد وضياع إدارة الموارد، وستحول مبالغ الدعم النقدي هذه إلى الحسابات البنكية للمواطنين وتتضمن هذه المبالغ قيمة التكلفة المضافة لربطة الخبز الواحدة عن سعرها الحالي.

4,1 ملايين بطاقة

وفي لقاء إعلامي أوضح وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك محسن عبد الكريم علي أن الحكومة اعتمدت منذ فترة من الزمن تحديد المستهدفين الذين يستحقون الدعم، وعدد بطاقات الأسر تتجاوز 4,1 ملايين، وحول المبالغ النقدية التي ستصل لحساب صاحب حق الدعم عبر حسابه المصرفي هي الفارق بين سعر ربطة الخبز المحدد وبين فارق التكلفة النهائية الذي سيصل إليه سعر ربطة الخبز.

وشرح الوزير علي أن سعر التكلفة الحقيقية اليوم لربطة الخبز تتراوح بين 8400 و8600 ليرة سورية حسب مدخلات الإنتاج وسعرها الحقيقي كالمازوت والخميرة والطحين وأجور اليد العاملة والمحروقات التي تستخدم في عملية الخبز، والهدف أن يصل الدعم لصاحبه ولصاحب الاستحقاق المباشر، ولكن سيكون سعر التكلفة مباشراً في المرحلة الأولى.

وبيّن أنه لا يمكن الوصول لحالة الطموح التي يتمناها في خدمة المواطن بالضرورة، ولكن يتم السعي بكل ما لديهم من وسائل وإمكانيات لخدمة هذا المواطن.

إيجابيات

وحول إيجابيات سياسة الدعم النقدي، قال الوزير علي: ومن إيجابيات تحويل الدعم في مادة الخبز لدعم نقدي؛ التوفير من كمية الخبز والدقيق والقمح وتقليل الهدر من هذه الكميات، فالدعم السابق أدى إلى خسارة كمية كبيرة من المواد ونسبة هدر كبيرة، وبعد متابعة ومراقبة تطبيق الدعم سوف لم تخبز الأفران إلا حسب كمية الإنتاج، وبالتالي ستوفر كميات الإنتاج بشكل كبير، والآلية هي آلية إيجابية وستنعكس على المواطن، وهذه العملية ستذهب للمواطنين الأكثر هشاشة بالمنفعة، فعندما يتم الادخار ويعود على الناتج الوطني فهذا ينعكس بالمنفعة على المشاريع الصغيرة والإنتاج، ولكل حالات التقدم التي ستنعكس إيجاباً على المجتمع كله.

هدر!

وفي حوار خاص مع «الاقتصادية» كشف نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور إبراهيم العدي أن الطريقة القديمة للدعم أي _الدعم العيني_ خاطئة والتجربة السابقة سقطت في العالم بسقوط جدار برلين، والتغت في العالم منذ أكثر من 30 سنة، وفي سورية بقي محافظ عليها لأنها منبع الفساد. وفي العالم هذه مفاهيم اشتراكية بُطِلت، وفي سورية هُدرَ في دعم الخبز والسلع عشرات الآلاف من المليارات.

الدعم النقدي هو أفضل طريقة للدعم، وهو ليس دعم سلعة بل تحويل الدعم لمستهلكي السلعة، لأن المستفيدين من دعم السلعة هم من يحاربون الدعم النقدي، وهذا الدعم مطبق في الأردن منذ فترة طويلة، وطريقة الدعم النقدي دافعنا عنها وتم طرحها في جميع المواقع وبأعلى المستويات، وبالتالي ما دامت الدولة لديها سياسة إبقاء الدعم فربطة الخبز لو صار سعرها 20 ألفاً ستظل الربطة مدعومة، والمشكلة فقط بآليات التنفيذ والبحث عن منافذ للفساد، وفق توصيف الدكتور العدي.

الخبز الأكثر فساداً

وأضاف الدكتور العدي: تم اقتراح دعم مادة الخبز نقدياً بالبداية لأنه أكثر فساداً، لأنه سلعة مختلفة عن بقية السلع، لكونه سلعة أساسية للجميع، وإذا نجحت التجربة في الخبز فستعمم بغير سلع، ويجب أن تطبق في مرحلة واحدة وليست في عدة مراحل،

الفساد في سورية يتم بالإنفاق الاستثماري، وبالتالي الدعم النقدي يخفف في حد كبير من الفساد، ويمكن أن يلغي الفساد نهائياً في الخبز، واستهلاك الخبز يمكن أن ينخفض إلى النصف، ونوعية الخبز ستتحسن جودتها لأن الخبز السوري الحالي من أردأ أنواع الخبز في العالم.

الشمول المالي

من مميزات سياسة الدعم النقدي وفق رؤية د. العدي أن أهم ميزة تؤخذ من منظور اقتصادي وهي ظهور مفهوم «الشمول المالي» لدى أغلبية الناس من حيث جميع الأهالي ستتعامل مع البنوك وهذا يمثل نقطة مهمة جداً، وتستطيع الدولة أن تحدد ما لديها من سيولة على سبيل المثال، وعدم تلف العملة من التداول وستنتشر الراحة بين الناس.

وأشار د. العدي إلى أن نسبة التوفير من تحويل الدعم العيني للدعم النقدي ستكون كبيرة وفي مادة الخبز ستكون نسبة التوفير 50 بالمئة برأيه، وسيتم توفير مبلغ معين من قيمة المبلغ المحول للأهالي يستفيدون منه في شراء السلع والخدمات الأخرى.

ترشيد في النفقات

إن الدعم النقدي سيحقق مجموعة من الفوائد للحكومة والمستحقين على السواء، حيث يحقق للدولة ترشيداً كبيراً في النفقات التي تتعلق بتكاليف طرح المناقصات لتوفير السلع العينية ونفقات اللجان التي تعقد لفرز المنتجات، بالإضافة إلى القضاء على فكرة وجود أكثر من سعر للسلعة الواحدة (سعر السوق السوداء والسعر الرسمي)، أما على مستوى المواطن فهي تعطي له فرصة الحصول على مبالغ نقدية، وهو بدوره يحدد بها نوعية السلع التي يرغب في شرائها من دون التقيد بمكاتب التموين أو منافذ بيع سلع ومنتجات محددة، وفقاً للجودة التي ترضيه، وأيضاً القضاء على تزاحم المواطنين أمام مكاتب التموين وفرص التلاعب بالدعم العيني، حسب ما أشار إليه الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حماة الدكتور عبد الرحمن محمد.

11 ألف مليار!

واعتبر الدكتور محمد أن آلية الدعم الجديدة ستقتصر على مادة الخبز أولاً، والذي وصلت قيمة الدعم المالي له وللدقيق التمويني قرابة الـ11 ألف مليار ليرة سورية تقريباً، وتم الاقتصار على مادة الخبز كخطوة أولى في ضوء الإمكانات والبنى التحتية المتوافرة، ولاحقاً سيعمم على باقي المواد المدعومة.

ويمكن القول: إن عملية تحويل الدعم من عيني إلى نقدي لا تهدف لتقليل المبلغ المخصص بقدر ما تعني تحسين مستوى المعيشة للأسر المدعومة من خلال رفع كفاءة الإنفاق على هذه المادة، وبناءً عليه سيتم تحويل هذا المبلغ إلى نقدي في حسابات المواطنين المستحقين للدعم، الأمر الذي سيخفف مثلاً في مادة الخبز كمرحلة أولى من الهدر والفساد نتيجة المتاجرة بالدقيق التمويني والمازوت المخصص للأفران الذي هو مطلب الحكومة الرئيسي والغاية الأولى للتحول للدعم النقدي، إضافة إلى تحقيق وفر مالي للعائلات على اعتبار أن المواطن أقدر على إدارة هذا المبلغ وفقاً لأولوياته وحاجاته، كل ذلك يثبت من جديد أن الإنفاق على الدعم الاجتماعي هو جزء من الإنفاق على تحسين مستوى المعيشة، كما أنه قضية مجتمع بأكمله، وليست قضية اقتصادية فقط.

المرونة والكفاءة والكرامة

ووفق الدكتور محمد، فإن الدعم النقدي يتمتع بالعديد من المزايا مقارنة بأشكال المساعدة الأخرى، وأهم هذه المزايا: المرونة ليمكن استخدام الدعم النقدي لمجموعة متنوعة من الأغراض، ما يمنح المستفيدين المرونة اللازمة لاستخدام الأموال بطريقة تلبي احتياجاتهم الخاصة، وأيضاً يتمتع بالكفاءة، فإن الدعم النقدي على الأغلب أكثر كفاءة من أشكال المساعدة الأخرى، لأنه لا يتطلب المستوى نفسه من النفقات الإدارية العامة مثل برامج أو بنوك الطعام أو مساعدات الإسكان، وآخر المزايا هي الكرامة: فيمنح الدعم النقدي المستفيدين القدرة على اتخاذ خياراتهم وقراراتهم الخاصة بشأن كيفية استخدام الأموال، ما يمكن أن يعزز الشعور بالكرامة واحترام الذات.

وقد اعتبر أن أهم أسباب تطوير سياسة الدعم هو إحدى خطوات الإصلاح المتمثلة بالتخفيف من حالات الفساد التي شهدتها طريقة الدعم السابقة إلى أدنى حد ممكن.

ورجح الدكتور محمد أن هناك نسبة توفير من عملية التحويل ولكن كم ستكون نسبتها، فإن هذا متوقف على عملية إحصائية دقيقة تقوم بها الجهات المعنية من خلال ضبط عدد المستفيدين بشكل فعلي.

حد الفساد

أما عن كيفية مساهمة الدعم النقدي بتقليل الهدر والفساد، فقال الدكتور محمد إن القرار يتضمن نقاطاً إيجابية، منها التقليل ما أمكن من الهدر والفساد والربح غير المشروع، عبر إلغاء الحلقات الوسيطة في تطبيق وإيصال الدعم، ما يوفر إمكانية أكبر لضبط المستفيدين من الدعم، ولكن تلك الخطوة ستحتاج إلى نظام معلوماتي قوي ومتكامل وآليات محكمة وقواعد بيانات دقيقة، يتم تحديثها وتدقيقها وتعديل المستجدات فيها يومياً، لكن قد تعتري عملية الدعم النقدي حالات فساد كبيرة، في حال لم تكن مستندة إلى نظام صارم ودقيق، وهو ما حدث عام 2009، عندما قررت الحكومة توزيع «شيكات» بعشرة آلاف ل.س مقابل رفع سعر المازوت، ولأن الأمر تم من دون وجود آلية صحيحة ومعتمدة على قاعدة بيانات، نجم عن ذلك حالات فساد كانت تكلفته أكبر من حجم الوفر الذي حققته الدولة جراء رفع سعر المازوت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى