العناوين الرئيسيةشؤون محلية

قانون «قيصر»… قراءة سورية … وزير الاقتصاد: يحاولون منعنا من الخروج من الحرب وسيفشلون

معاون وزير الخارجية: عودة السوريين ليست بحاجة إلى دعوة فلا أحد يستأذن عندما يعود إلى بيته

| علي نزار الآغا – مازن جبور

بعد أن فشلت أدواتها الإرهابية بتحقيق أهدافها، واقترب الجيش العربي السوري من إعلان النصر النهائي، بدأت الولايات المتحدة الأميركية منذ بداية عام 2019 باستخدام الإرهاب الاقتصادي كأداة جديدة في حربها على سورية، ومع قانون «قيصر» بلغت واشنطن الذروة ليس في الاعتداء على سورية والسوريين، باستهداف لقمة عيشهم وآمالهم بإعادة إعمار وطنهم وعودة المهجرين وحسب، بل في الاعتداء على حلفاء سورية الذين سيحظون بالأولوية في إعادة الإعمار، ومن ثم فإن المواجهة لم تعد تقتصر على الدولة السورية فقط، بل على كل المدعوين والراغبين في الحصول على فرصة للمشاركة في عملية إعمار البلاد في مرحلة ما بعد الحرب.

وأكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، سامر الخليل، أن «إعادة إنتاج مشهد العقوبات الاقتصادية على سورية من خلال توقيع الرئيس ترامب لقانون «قيصر» بعد أن تمّ إقراره في الكونغرس الأميركي بذرائع عدة كما هي العادة، ليس إلاّ فصلاً من فصول الحرب المستمرة على سورية منذ عام 2011، باستخدام أدوات الضغط الممكنة كافة ومنها تشديد العقوبات بهدف الابتزاز الاقتصادي والسياسي، بأداة ليست جديدة على الشعب السوري الذي كان من جهة المتضرر الأكبر من العقوبات القسرية أحادية الجانب المفروضة عليه، ومن جهة أخرى الدرع الحصين الذي حدّ من إمكانية تحقيق القوى الداعمة للإرهاب لأهدافها».
وأضاف الخليل: «لا يخفى على أحد أنّ الصيغة التنفيذية لقانون «قيصر» جاءت لمنع سورية ما أمكن من الخروج من الحرب منتصرة، بعد أن لاحت في الأفق وبشكل خاص في صيف عام 2019 بوادر الانفراج، وبعد أن بدأنا نشهد انفتاحاً لبعض الدول والأطراف على سورية، وهذا ما دفع أميركا وإسرائيل ومن يدور في فلكهما إلى خلق المزيد من الأزمات في المنطقة وتشديد العقوبات المفروضة أصلاً على سورية مستهدفين بذلك أبناءها وأصدقاءها لإضعافهم ومنعهم من الاستمرار وتقديم المساندة لها أو التعامل معها».
وبينما جدد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية التأكيد أنّ «مفردات قانون قيصر» تطول بالدرجة الأولى الجانب الإنساني في حياة المواطنين من أبناء شعبنا الصامد عبر حرمانهم من أبسط حقوقهم في العيش اللائق التي كفلها لهم القانون الدولي، وتستهدف إجهاض مقومات عملية التنمية المنشودة والنهوض الاقتصادي»؛ شدد على أنّ «جهود مؤسسات الدولة بشكل عام والجهود الحكومية في المجال الاقتصادي خلال الفترة المقبلة ستنصّب على مواصلة عملية دعم الإنتاج الزراعي والصناعي بشكل خاص لتحقيق الاكتفاء الذاتي ما أمكن، واستنهاض كل الإمكانيات المتاحة والطاقات المعطّلة للمشاركة في العملية الإنتاجية لدعم الاقتصاد السوري بالتوازي مع الانتصارات التي يحققها الجيش السوري على الأرض.
ما سبق بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع الدول الصديقة لتلافي تداعيات الحرب وآثار العقوبات، قال: «هنا نؤكد أنّ التاريخ يشهد بأنّه كلما تمّ تشديد الضغط على سورية ازداد التعاضد والتلاحم بينها وبين أصدقائها، لأنها في محور الحق والحق يعلو ولا يُعلى عليه».
وأضاف الخليل: «نعمل على فكرة التنمية تحت الحصار في سياساتنا الحكومية بغض النظر عن التسمية حيث ننتهج بشكل أساسي الاعتماد على الذات ما أمكن وبشكل تدريجي، مع الأخذ بالحسبان خصوصية واقع الاقتصاد السوري والظروف التي تزيد في صعوبتها في سورية عن باقي الدول في أنها تعرضت لحرب إرهابية شرسة طالت البشر والشجر والحجر والمنشآت الاقتصادية وكانت التكلفة باهظة».

الخطة «ب»

على خطٍّ موازٍ، أكد معاون وزير الخارجية والمغتربين، أيمن سوسان، أن قانون قيصر هو «حلقة جديدة في سلسلة خطوات اتخذتها أميركا خلال حربها على سورية والسوريين»، وقال: «فرضت الولايات المتحدة عدة حزمات من العقوبات على سورية منذ بداية الأزمة في إطار سياستها في سورية، وهذه العقوبات ليست غريبة، فنحن دائماً على أجندة واشنطن».
وأضاف موضحاً: «يجب ألا ننسى منذ السبعينيات وبسبب مواقف سورية وسياستها أدرجتها أميركا على لائحتها للإرهاب وفق معاييرها ورؤيتها القائمة على أساس أن الذين يمشون في ركاب سياساتها هم ملائكة، أما الذين يحترمون أنفسهم وسيادة بلادهم وكرامتهم الوطنية فهؤلاء مصنفون بشكل آخر لدى الإدارات الأميركية المتعاقبة»، وتابع: «في إطار هذا النهج الأميركي إزاء سورية جاء قانون قيصر أخيراً في هذا الوقت بالذات بسبب فشل مشروعهم في سورية عبر أدواتهم الإرهابية، وبعد اندحار الإرهاب وعودة سيطرة الدولة بقوة على القسم الأعظم من أراضي الجمهورية العربية السورية، بدؤوا بالخطة «ب» في مشروعهم وهي الإرهاب الاقتصادي».
سوسان أكد أن هذا القانون هو «إرهاب بكل معنى الكلمة لأنه يستهدف السوريين في لقمة عيشهم»، مضيفاً: «حتى من وجهة نظر القانون الدولي هو جريمة إبادة بكل معنى الكلمة، جريمة بحق الإنسانية لأنه ضد المواطنين السوريين، يستهدفهم في لقمة عيشهم وفي حياتهم وحتى في عملية تجاوز آثار الأزمة والبدء بإعادة الإعمار».
وأردف معاون وزير الخارجية والمغتربين: «إذا نظرنا إلى هذا الموضوع بعمق أكثر نرى أنه يندرج في إطار سياساتهم التي تعوق عودة السوريين إلى سورية»، لافتاً إلى أن الدولة السورية كررت أكثر من مرة وتكرر دائماً أن السوري ليس بحاجة إلى دعوى للعودة إلى وطنه، وقال: «هذا بيته وأنت عندما تدخل إلى بيتك لا تستأذن أحداً، ولذلك المهجرون السوريون من الطبيعي أن يكونوا مرحباً بهم بشدة في بلدهم، والحكومة السورية ستبذل كل الجهود وتسخر كل الإمكانيات من أجل ضمان الحياة الكريمة واللائقة لهم».
واستطرد سوسان قائلاً: «لكن نحن نعلم أنه من أجل أن يعود السوريون إلى سورية، يجب أن يترافق ذلك بموضوع إعادة الإعمار، لأن السوري عندما يعود إلى وطنه لا يريد أن يعود ليعيش في خيمة، بل يريد أن يعود إلى بيته، ولا يريد أن يكون عالة ويعيش على المساعدات بل يريد أن يمارس عمله، وبالتالي إذا نظرنا إلى هذا القانون الجائر فهو يعوق هذه العملية بشكل كبير من خلال العقوبات التي يفرضها على كل من يحاول أن يسهم في إعادة إعمار ما دمره الإرهاب».
وأشار سوسان إلى أن قانون «قيصر» يستهدف الدول الحليفة التي قالت الدولة السورية أكثر من مرة إنه سيكون لها الأولوية في مشاريع إعادة الإعمار، كما أنه يستهدف أيضاً كل من يمكن أن يسهم في هذه العملية حتى لو كان مواطناً أميركياً أو مؤسسة أميركية.
وبين أن هذه العقوبات وهذا القانون وما سبقه من إجراءات ظالمة ضد سورية والسوريين هي من وجهة نظر القانون الدولي عقوبات غير مشروعة، لأنها لم تقر من مجلس الأمن الدولي، وقال: «البعض يتذرع بمفهوم السيادة، من مبدأ أنني في بلدي أستطيع أن أتخذ أي قرارات، وهذا صحيح ولكن إذا قرأنا روح ميثاق الأمم المتحدة نلاحظ أنه يحظر على الدول القيام بأي خطوات توتر العلاقات الودية بين الدول، لذلك حتى من وجهة نظر القانون الدولي فالسيادة الوطنية محدودة بهذا الشأن»، وأضاف موضحاً: «أي أن هناك التزامات على الدول لانتهاج سياسيات تساعد على خلق أجواء الود في العلاقات الدولية، وهذا القانون (قيصر) هو غير مشروع بكل الأشكال وبكل الصيغ ولا يستطيع من اتخذه أن يبرره، وهذا الأسلوب باتخاذ العقوبات يسيء إلى العلاقات الدولية وهو أسلوب غير ناجع ويؤدي إلى خلق العوائق».
وأكد سوسان أنه لا يمكن التحكم بالعالم من خلال العقوبات، وأشار في هذا الإطار إلى أن العقوبات التي تفرضها واشنطن ضد روسيا وإيران وفنزويلا، وحتى أصدقاؤهم في الاتحاد الأوروبي، وكشف أن هنالك تفكيراً جارياً الآن على الساحة الدولية لكيفية وضع حد لهذا النهج في التعاطي بين الدول، لافتاً إلى أنه حتى الاتحاد الأوروبي ابتدع صيغاً معينة للالتفاف على العقوبات الأميركية ضد إيران.
وشدد معاون وزير الخارجية والمغتربين على أن الدول المستهدفة بهذه الإجراءات الأحادية الأميركية يجب عليها وضماناً لمصالحها الوطنية أن تجترح السبل والأساليب للتصدي لها، وعدم السماح لقوة واحدة في العالم محكومة سياساتها بعقلية الهيمنة والغطرسة، أن تستمر بالسيطرة على الساحة الدولية، وقال: «يجب وضع حدّ لذلك وعدم السماح بالتحكم بالعالم أكثر من ذلك لأن هذه العقلية لا تؤدي إلّا إلى التوتر وتفاقم أجواء الخلافات على الساحة الدولية، ونحن لسنا بحاجة إلى ذلك في الشرق الأوسط ولا في أوروبا ولا في أي مكان بالعالم».
وأضاف: «أعتقد أننا جميعاً مدعوون للعمل معاً للتصدي لهذا النهج وإقامة عالم يتمتع فيه الجميع بالرخاء، ولا يجب أن يكون الرخاء حكراً على جهة وعلى شعب وحيد في العالم، الرخاء والاستقرار يجب أن يكونا للجميع، والسلام والأمن يجب أن يكونا مضمونين للجميع».
سوسان اعتبر أن الفترات الزمنية التي حددها القانون لإعادة النظر في فرضه، والتي ربطتها واشنطن بمجموعة من الإجراءات التي على الدولة السورية القيام بها ومنها وقف «استهداف إدلب»، «نوع من الابتزاز وهي عصا وليست جزرة»، وشدد قائلاً: «هم يعرفون تماماً أننا لن نستجيب لمطالبهم وطروحاتهم، لذلك هذه المدد تخصهم ولا تخصنا لأننا منذ أن اتخذنا قرارنا بمكافحة الإرهاب وبالحفاظ على سيادة سورية واستقلالها ووحدتها، نعرف أن التكلفة ستكون عالية، ولكن هذه التكلفة ستبقى أقل بكثير من تكلفة الاستسلام للمشروع الأميركي».

إرهاب اقتصادي

أكد عضو اللجنة الدستورية والنائب في مجلس الشعب الدكتور محمد خير العكام أن الهدف من قانون قيصر التعمية على المواطن الأميركي والغربي، والإيحاء بأمن غايته حماية المدنيين في سورية، مضيفاً: «من يقرأ مضمون القانون، يجد أن غايته الحقيقية ممارسة إرهاب اقتصادي على كل سورية، وعلى الشعب السوري برمته».
وأشار العكام إلى أن غاية القانون، خنق سورية اقتصادياً، ومنعها من القيام بعمليات إعادة الإعمار، وهذا ما يدل عليه توقيت فرض هذا القانون، علماً بأن أهداف الولايات المتحدة الأميركية في سورية لم تتغير منذ بداية الحرب الإرهابية عليها، مضيفاً: «توقيت صدور القانون مرتبط بأمرين، أولاً الانتصارات التي حققتها سورية على ربيبة الولايات المتحدة الأميركية «داعش»، والكيانات الإرهابية الأخرى التي كانت أميركا تستخدمها لتحقيق أهدافها، وهذا ما بدأ يتلاشى، ثانياً، إن سورية بدأت مباشرة بالتحضير لعملية إعادة الإعمار بالتزامن من إنهاء حالة الإرهاب».
وعليه، أصبح واضحاً أن غاية القانون أيضاً تأخير إطلاق عمليات إعادة الإعمار في سورية، وتخويف الدول التي أعلنت جاهزيتها للقيام بمساعدة سورية، والتعاون معها، والمشاركة في عمليات إعادة الإعمار، وبالتالي؛ يصعب التصديق بأن غاية أميركا من قانون قيصر هو حماية المدنيين، إنما الهدف معاقبة الشعب السوري على صموده في الحرب، والاعتقاد الأميركي أن مثل هذه القوانين يجعل الحكومة في حالة تصادم مع الشعب، وخاصة أن سورية مقبلة على استحقاقات دستورية، لعل ذلك يغير من مزاج الشعب السوري، وخاصة أنه أصبح يجزم بأن العدو الأول له في هذه المنطقة هو أميركا والكيان الصهيوني.
ولفت العكام إلى أن القانون يتهم مصرف سورية المركزي بأنه يقوم بعمليات غسيل أموال، وهذا أمر لا يمكن تصديقه، وعلى أميركا والدول الأخرى التي تصدق هذا القانون، أن يعلموا بأنه في سورية قانون لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب من عام 2005، وأن سورية منضمة لاتفاقيات دولية في هذا المضمار، وهناك هيئة خاصة لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ويتم تنفيذ كل الالتزامات والاتفاقيات الدولية في هذا الإطار، وبالتالي لا يمكن تصديق هذه الذريعة، وخاصة أن التجارة الخارجية تعتمد بشكل رئيس على الدولار، وهذا يعطي واشنطن وسيلة لمراجعة عمليات التجارة الخارجية كافة، لذلك، فإن أبسط رد على قانون قيصر هو التوجّه شرقاً، والتخفيف تدريجياً من الاعتماد على الدولار الأميركي في تجارتنا الخارجية، مضيفاً: «وهذا ما نجحت فيه عدة دول أخرى، وعلينا أن نعمل في هذا الإطار في تجارتنا الخارجية، وخاصة مع الدول الصديقة كروسيا وإيران والصين.. وغيرها من الدول».

وأشار العكام إلى أن القانون طالب بتقارير ترفع إلى لجان مختصة خلال 6 أشهر، وهذا أمر لم يكن موجوداً في الإجراءات الظالمة السابقة، كما أوضح أنه وسّع من النطاق الموضوعي المشمول بالإجراءات القسرية الأحادية الجانب، بهدف وضع العراقيل أمام سورية والدول التي تريد أن تشترك في عملية إعادة الإعمار فيها، واستعادة الهيكل الصناعي وإعادة ترميم وتأهيل البنى التحتية، وإطلاق العملية الإنتاجية التي تزيد من الدخل القومي السوري بشكل رئيس، وهذا يزيد من الضغوط الاقتصادية على سورية، الأمر الذي تربطه أميركا بالهدف السياسي المتعلق بتأليب الشارع السوري ضد حكومته، وبالتالي اعتماد أساليب الضغوط الاقتصادية، بعد فشل الأساليب التقليدية العسكرية والسياسية، في محاولة لإعادة المزاج لما كان عليه في عام 2011، وهذا النوع من الإرهاب الاقتصادي بدأ مبكراً في العام الماضي (2019).
وقال: «أعتقد أن هذه آخر وسيلة لدى أميركا لاستخدامها ضد سورية، وخاصة بالترافق مع مستجدات الأمور في المنطقة، ما سوف يسرّع، باعتقادي، في خروج القوات الأميركية المحتلة من سورية والعراق، لذلك على الشعب السوري برمته أن يعلم أن استخدام أميركا لهذا الأسلوب هو وسيلة العاجز لأنها تعلم أننا كسوريين ذاهبون للاصطدام المباشر مع القوات الأميركية في أماكن وجودها»، منوهاً بأن القوات الأميركية المحتلة توجد في أماكن غنية بالنفط والغاز بقصد منع الشعب السوري الاستفادة من موارده الاقتصادية، وهذا جزء من الإرهاب الاقتصادي المطبق على الشعب السوري إضافة لقانون قيصر.
وحول جديد القانون بتحديد فترة 180 يوماً لرفع تقارير وفرض عقوبات، بيّن العكام أنها وسيلة لمساومة الحكومة السورية، لما يمكن أن تقدمه من تنازلات، للنأي بنفسها ما قد يكتب في تلك التقارير، وأشار إلى أنه رداً على هذه الضغوط ومحاولات المساومة، على الحكومة أن تضع برامج للاعتماد أكثر على الدول الصديقة.
وأضاف العكام: «إن إقرار مجلس الشعب مؤخراً اتفاقيات لتأسيس مصافي نفط سورية وروسية مشتركة هي رد مباشر على «قانون قيصر»، وأوضح قائلاً: »هناك شركات في الدول الصديقة ليس لها استثمارات في أميركا والغرب، وبالتالي هي لا تخاف من قانون قيصر، لذلك علينا التوجه إلى مثل هذه الشركات في روسيا والصين والدول الصديقة الأخرى، لإقامات شراكات إستراتيجية معها، وهذا ما تفكر فيه الحكومة السورية حالياً، وهذا حلّ مهم في مواجهة قانون قيصر، إلى جانب التوجه بشكل جاد لتقليص الاعتماد على الدولار الأميركي، واعتماد مبدأ المقايضة في التجارة الخارجية مع الدول الصديقة، والاعتماد على العملات المحلية، والحكومة تدرس مثل هذه الخيارات والتوسع فيها».

رهانات عميقة!

اعتبر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق وعضو الهيئة العلمية في مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مداد، الدكتور عقيل محفوض، أن «الرهانات العميقة للحدث السوري وللصراع في المنطقة لم تتغير، بل لعلها زادت وضوحاً وأولويةً بعد سنوات الحرب؛ ربما تغير النمط، لكن الأهداف لم تتغير بل تعمقت، كما أن خبرة الحرب ورهاناتها أخذت تمثل «منوالاً» و«درساً» يعمل بعض الفواعل على «تمثله» و»إعادة إنتاجه» في غير مكان من المنطقة والعالم».
وقال: «زادت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفواعل أخرى من وتيرة ضغوطها الاقتصادية ضد سورية، بالتزامن مع أنماط تدخلها وتورطها العسكري في الحرب السورية، بهدف «خنق» الاقتصاد السوري، ومن خلاله المجتمع والنظام السياسي والدولة، باعتبار أن الإجراءات والسياسات السابقة، والتي لا تزال متواصلة بكيفية أو أخرى، لم تحقق الهدف المطلوب أميركياً وغربياً وهو إسقاط النظام السياسي والدولة، أو إجبارهما على الدخول في خطط ومشروعات التسوية، وفقاً لمنظور الولايات المتحدة، وباعتبار أولوية «أمن إسرائيل»، وبما يتجاوز الحدث السوري نفسه».
ولفت محفوض إلى أن «الحرب السورية هي حروب متعددة في آن، ومن ثم فإن أي إجراء تتخذه الولايات المتحدة أو غيرها في إطار الحرب، لا بد أن تكون له اعتبارات وتداعيات ومقاصد تتجاوز سورية نفسها، أي تتجاوز سورية بما هي دولة، إلى سورية بما هي حيّز مواجهة بين فواعل وأطراف مختلفة، إقليمية ودولية».
واستطرد قائلاً: «من هنا يأتي قانون قيصر، بوصفه جزءاً من ديناميات الخنق الاقتصادي حيال سورية وحلفائها، وحيال أي أطراف أو مؤسسات أو شركات من المحتمل أن تدخل في عمليات إعادة الإعمار»، وأضاف: «القانون يريد أن يفرض عقوبات على دول وشركات وأشخاص، وأي فاعل يمكن أن يكون جزءاً من عملية اقتصادية سورية، وهذا في إطار حرمان سورية نفسها من أي موارد مادية أو معنوية لإعادة الإعمار، وحرمان حلفاء سورية من الفرص الاقتصادية الممكنة أو المحتملة في سورية في مرحلة ما بعد الحرب».
وتابع: «القانون المذكور (قيصر) هو جزء من ديناميات الحرب الهجينة على سورية وحلفائها، وقد عبر نيكولاي باتروشيف سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي عن ذلك بقوله: إن واشنطن تتدرب على الحروب الهجينة في سورية، ذلك أن «منطقة الشرق الأوسط كانت لسنوات عدة بمنزلة «ميدان تدريب» للولايات المتحدة، التي جربت فيها تقنيات الحرب الهجينة»، وأشار إلى «أن الكثير من الإستراتيجيات التي تحاول واشنطن تطبيقها على نطاق عالمي، تم اختبارها في مناطق معينة، وقبل كل شيء في الشرق الأوسط».
وبخصوص الاستجابة الممكنة والمحتملة للقانون، أشار محفوض إلى أن سورية «حاولت إدارة عملية معقدة في الحرب كلها، وفي الحرب الاقتصادية وإستراتيجيات الحصار والخنق الاقتصادي، على الرغم من حجم الخسائر والتدمير المهول الذي أصاب قطاع الاقتصاد وطال كل جوانب الحدث السوري تقريباً.
وأضاف: «حاولت سورية اتباع نمط استجابة أو مقاومة متعدد المستويات والأبعاد، شيء مثل «الإدارة المتوازية» لاقتصادات الحرب، الاستفادة من ديناميات الحرب الهجينة اقتصادياً في اتباع ديناميات معاكسة، مثل: زيادة الرواتب والأجور، مراجعة سياسات الدعم، ورفع أسعار الخدمات والطاقة في إطار سياسات ترمي لتحرير تدريجي لأسعارها، والاعتماد على بنى وشبكات موازية للالتفاف ما أمكن على العقوبات، وتأمين السلع والبضائع والتجهيزات والمعدات وغيرها، والاعتماد على الحلفاء في الحرب، في تمويل أو تأمين الموارد اللازمة، مثل خطوط ائتمانية، أو عقود طويلة الأجل استثمار طويلة الأمد، و»استدراج» تدفقات الدولار من الخارج إلى مناطق سيطرة الجماعات المسلحة، ومنها إلى نطاق الدولة، الأمر الذي ساعد في تقليص التراجع الحاد في الوارد من الدولار بفعل الحصار والعقوبات، وقد تحدث الرئيس بشار الأسد عن ذلك في حديثه إلى التلفزيون الرسمي».
ورأى محفوض أن من أنماط الاستجابة للحرب، هو التحول في الخطاب السياسي في سورية حيال الحرب، ولفت إلى أن فواعل السياسة العامة في الدولة، أخذت تركز على أولوية نسبية للبيئة والقابلية الداخلية على الخارجية، في أي خطة استجابة للحرب، بدءاً من مقاومة الحرب الاقتصادية والحصار بالعمل على إعادة الإنتاج وإطلاق عجلة الاقتصاد ومحاربة الفساد وإصلاح السياسات الحكومية.
من المعروف ازدياد جرائم تهريب الآثار والأسلحة خلال الحرب التي تمر بها البلاد، ما جهود إدارة الأمن الجنائي في هذا المجال؟
تم ضبط نحو 12 جريمة تهريب آثار العام الحالي لغاية شهر أيلول، على حين بلغت عدد جرائم تهريب الآثار المضبوطة العام الماضي 7 جرائم.
وبالنسبة لجرائم تهريب الأسلحة وللفترة نفسها من العام الحالي بلغت الجرائم المضبوطة 22 جريمة، على حين بلغت الجرائم المكتشفة العام الماضي 55 جريمة بانخفاض بلغ نحو 60 بالمئة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى