العناوين الرئيسيةشؤون محلية

الحكومة نجحت في ترحيل المشاكل!! … 2019 عام الخيبات الاقتصادية والمعيشية والجمود الحكومي!!

خضور: التوجّه شرقاً بقي شعاراً ولم يفعّل كما يجب.. والحكومة تعتمد في قراراتها على لجان من موظفين غير مؤهلين لإعداد الأبحاث

| علي نزار الآغا

لم تحمل سنة 2019 أي شيء جديد على مستوى التعاطي الحكومي مع سياق الحرب الاقتصادية وتداعياتها على المواطنين والوطن، فكانت النتيجة تكرار الأزمات التي أصبحت تقليداً على المستوى الاقتصادي والمعيشي والخدمي، وتعاملنا مجدداً مع أزمة حادة في سعر الصرف، نتج عنها زيادة في أسعار السلع والخدمات، وبالتالي زيادة في معدلات الفقر، ومستويات التقشف في الإنفاق الأسري، إضافة إلى نسخ برنامج التقنين للموسم الشتوي السابق، وتناسخ أزمات الغاز والمشتقات النفطية، وبعض المواد الأساسية كالسكر التي أصبحت تباع بمعدل 3 كيلو غرام للأسرة على دفتر العائلة، وهذا تطور غير مسبوق خلال سنوات الحرب الإرهابية على سورية، ولا ننسى تأثر الاقتصاد السوري بتداعيات الأزمة المالية اللبنانية وأوضاع المنطقة، فسعر الصرف خسر أكثر من 40 بالمئة خلال الفترة الأخيرة من العام الماضي، هذا عدا مشكلة الصرافات الشهرية… وغيرها، من مشكلات، أزمات، واختناقات، ترافقت مع اشتداد وطأة الحرب الهجينة على سورية في محورها الاقتصادي، أو ما يسمى الحرب الاقتصادية، باستمرار الإجراءات القسرية الأحادية الجانب التي تفرضها أميركا ودول غربية أخرى، ومؤخراً صدور قانون «سيزر» الذي يشدّد تلك الإجراءات.

المشكلة الأكبر، تكمن في تناسخ المواقف الحكومية وآليات تعاطيها مع تلك الأزمات التي لا شك تفرضها الحرب، لكن تكرارها وتفاقمها سببه جمود الإدارة الحكومية، ففي كل عام، تصرّح الحكومة بأن هذه المرة «غير»، لجهة وجود آليات جديدة لمواجهة تداعيات الحرب الاقتصادية والتخفيف على المواطن، وبأن الشتاء سيكون مريحاً كهربائياً، ولجهة المازوت، وفي كل أزمة غاز وبنزين نسمع أن هذه الأزمة لن تتكرر بعد تحديد آليات للتعاطي، لكنّ شيئاً لم يتغير، فكل الأزمات تكررت، وهذا أمر متوقع، إذ لا يمكن أن تفعل الشيء ذاته مرةً بعد أخرى وتتوقع نتيجةً مختلفة، لكنه مؤلم جداً، واقعياً.
لماذا يحدث ذلك رغم الخطر المحدق بنا؟ وهل الحكومة غير قادرة على تقييم حقيقة ذلك الخطر؟ وكيف يمكن العمل للاستفادة من هذه الدروس من أجل تغيير طريقة التعاطي الحكومي مع مستجدات الأزمات الاقتصادية؟ هذا ما حاولت «الاقتصادية» الإجابة عنه من خلال الاقتصاديين الأكاديميين وأعضاء مجلس الشعب المسؤولين عن الرقابة على الحكومة فعلياً.

عام الجمود!

الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور رسلان خضور وصّف عام 2019 اقتصادياً، بعام الجمود، مبيناً لـ«الاقتصادية» أنه من عام 2015 بدأنا نتكيف مع الحرب الإرهابية على سورية وتداعياتها، وبدأنا نجد بدائل وخيارات مختلفة للتعامل مع المستجدات الاقتصادية عما اعتدنا عليه قبل ذلك العام، وخاصة في اتجاهات علاقاتنا الخارجية، «لذا، فإن عام 2015 برأيي هو عام بداية التكيف، لكن عام 2019؛ لم يشهد استمراراً لعملية التكيف بالتوافق مع ما تقتضيه مستجدات الحرب وتداعياتها ونتائجها، فلم يكن هناك أساليب جديدة أو طرق تعامل مختلفة بمقاربة الملفات المختلفة».
ولفت إلى أنه منذ بداية الأزمة تم طرح شعار التوجّه شرقاً، لبناء علاقات جديدة وتطوير وتعزيز العلاقات مع الدول التي لم تشترك في فرض الإجراءات القسرية الأحادية الجانب الجائرة على الشعب السوري، وخاصة في المجالات الاقتصادية، والتجارية على وجه التحديد، لكن هذا الشعار لم يطبق كما يجب، وهناك خلل ما، ولعل مثال الحمضيات حاضر بقوة على هذا الأمر، فهناك فائض إنتاج محلي بنحو 500 ألف طن سنوياً، يفترض أنها جاهزة للتصدير، ويمكن للسوق الروسية أن تستوعبها بسهولة، وهذا ما لا يحصل، فتستورد روسيا من دول أخرى.
إضافة إلى أن العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيران متواضعة جداً، ولا تتناسب مع مستوى العلاقات السياسية، علماً بأن العلاقات ضمن إستراتيجية التوجّه شرقاً تؤمن مخارج للإجراءات القسرية الأحادية الجانب، إذ يمكن الوصول إلى صيغة لتبادل البضائع بالعملات المحلية وبالتالي تقليص مستوى التعامل بالدولار، وهذا التوجه قائم في روسيا والصين وإيران.
وبيّن خضور أنه حتى مع دول الجوار، وخاصة لبنان، يمكن الاتفاق على الاستعاضة عن التعامل بالقطع الأجنبي في عمليات التبادل التجاري، من خلال اعتماد مبدأ المقايضة، وتوسيعه، مثل تبادل الموز اللبناني بالملابس السورية، كما يمكن التبادل بعملات البلدين.

وخلص إلى أن التوجه شرقاً بقي شعاراً، لم يتم تفعيله كما يجب، ولم ينجز فيه ملفات وفق المطلوب منذ إطلاقه، مبيناً أن الحكومة الحالية منذ أربع سنوات تقريباً؛ أعلنت عن العديد من المشاريع والإستراتيجيات، ولم تنفذ كما يجب، متسائلاً: «ما العقبات والمشكلات التي منعت تنفيذها؟»، مبيناً أن هناك قضايا ومشكلات كثيرة، لا يزال وضعها كما هو «مكانك راوح».
وعن تضارب بعض تلك الإستراتيجيات في أهدافها وعدم انسجامها مع الإمكانيات، مثل إستراتيجية الصادرات وتقديمها كقاطرة للنمو، وفي الوقت نفسه إستراتيجية إحلال المستوردات، بيّن خضور أنه يجب التفريق بين دعم الصادرات المطلوب والضروري، وبين اعتبارها قاطرة للنمو، لكون هذا الأمر غير قابل للتطبيق لدينا، أما إحلال المستوردات فهي الإستراتيجية المهمة، كفكرة، وتبقى العبرة بالتطبيق.

أما عن اختيار إستراتيجيات غير مناسبة، وتضارب بعضها، فهذا أمر مرتبط بطريقة صنع القرارات في الحكومة، وهو أمر مهم جداً، لكونه يشتمل على خلل كبير، فكما هو معروف في أغلبية الدول، تبني القرارات بناءً على دراسات وأبحاث لمختصين ذوي خبرة، كل في مجاله، بينما الحكومة لدينا، تعتمد على اللجان، والتي غالباً تضم مسؤولين تنفيذيين وموظفين غير مؤهلين بالشكل المطلوب لإعداد الدراسات والأبحاث المطلوبة لتحليل الواقع وتحديد الإستراتيجيات المطلوبة، وبإصدار القرارات اللازمة لتنفيذها، مضيفاً: «الأمر يقتضي وجود مراكز أبحاث، أو وحدات بحثية تكون مسؤولة عن تلك المهمة لتحديد القرارات اللازمة ضمن خيارات وسيناريوهات متعددة، وليس للجان غير مؤهلة لتنفيذ تلك المهام، وهذه مشكلة كبيرة لدينا، وحتى المجلس الاستشاري في رئاسة مجلس الوزراء لا يقدم كل الأبحاث والدراسات بالمستوى المطلوب، علماً بأنه يحاول العمل، وأحياناً يقدم شيئاً مهماً».

وبناءً على ذلك، على الحكومة البحث بأسباب عدم تنفيذ ما طرحته من شعارات، وإستراتيجيات، والخروج من قصة الاعتماد على اللجان غير المؤهلة لتقديم الدراسات والنتائج التي ترسم السياسات وتحدد القرارات المطلوبة لتحقيق الأهداف، والتركيز على التوجه شرقاً، والتوسع به، إضافة إلى سياسة إحلال المستوردات وإيجاد حلّ للتهريب.

يوم بيوم!

عضو مجلس الشعب آلان بكر أكد لـ«الاقتصادية» أن طول أمد الحرب وضرب مصادر الاقتصاد الوطني والعقوبات الاقتصادية القسرية تمثل أسباباً جوهرية للتحديات الاقتصادية، بلا شكّ، والتي أثرت بشكل مباشر في الشعب السوري.
وأضاف: «هذه الخطوات التي اتخذها العدو كانت بهدف الضغط على السوريين اقتصادياً، وجزء لا يتجزأ من الحرب على سورية، وبالتأكيد فإن مواجهة الحرب الاقتصادية تحتاج إلى إجراءات استثنائية والاستعداد لمواجهة الأزمات الخانقة التي يعانيها الاقتصاد السوري، ولا يجوز التعاطي مع الأزمات على مبدأ كل يوم بيومه، وإذا أردنا أن نقيّم الأداء الحكومي، فإننا نجد تفاوتاً بين مؤسسات الدولة في التعاطي مع هذه الأزمات، فهناك جهود بذلت لمواجهة الحرب الاقتصادية، ومن جانب آخر شهدنا أزمات خانقة لم يتنبأ بها مسبقاً الفريق المعني، ولم تتخذ إجراءات لتطويق آثارها على الأقل، وأكثر مِن ذلك فقد كان البعض في ذروة الأزمات يحاول إيجاد حلول، وهو ما أدى إلى كوارث».

وبيّن بكر أنه في بعض الأحيان اعتُمدت سياسة ترحيل المشكلات وإيجاد حلول لجزئيات بسيطة، من دون التركيز على الأزمة ذاتها، إضافة إلى غياب إستراتيجية واضحة لمعالجة الأزمات، بالمجمل هذه الصورة توضح الخلل في أداء البعض والتراخي في إيجاد حلول للتحديات.

وأضاف: «نحن لا نتبع سياسة جلد الذات في نقد أداء البعض في الحكومة، وندرك كما يدرك الجميع أن للعقوبات القسرية الأحادية الجانب أثراً مباشراً في الواقع المعيشي للشعب السوري، إلا أن أداء البعض كان دون المطلوب».
وأكد أن هناك العديد من الخطط التي قدمتها الوزارات، والوعود التي أطلقت في العام المنصرم (2019)، وهو ما يجعل الحكومة مسؤولة أمام السلطة التشريعية لتوضيح أسباب الخلل، مضيفاً: «مجلس الشعب لم يقصّر سابقاً، وتوجيه الأسئلة للفريق الحكومي هو جزء من مهام المجلس وصلاحياته، ويقوم به المجلس، والمحاسبة موجودة وجادة، وبالمقابل نأخذ بالحسبان ظروف الحرب وآثار العقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب في واقع العمل، بمعنى آخر المسألة ليست مسألة توجيه نقد، وإنما الغاية التي تسعى إليها السلطة التشريعية تكمن في الوصول إلى حلول ناجعة لمواجهة تحديات الحرب والعقوبات الاقتصادية، وبما ينعكس إيجاباً على الواقع المعيشي».

ونوّه بكر بأن مشكلة البعض تكمن في التأخر بالتعاطي مع الأزمات، فمن المفروض أن تكون هناك إستراتيجية واضحة لمواجهة الأزمات، وأن تكون هناك حلول ناجعة، مضيفاً: «اليوم هناك ارتفاع حاد في الأسعار، وهنا نسأل ما الخطوات المتخذة لمواجهة ذلك؟ بالتأكيد المسألة ليست محصورة بدوريات التموين على المحال لأن ذلك لم يؤثر في الأسعار وليس هناك عمليات ضبط واضحة».

ووصّف النائب في مجلس الشعب العام 2019 بالسيّئ من حيث الملف الاقتصادي والمعيشي، على الرغم من الانتصارات التي أحرزتها قواتنا المسلحة والتي تسهل عمل الحكومة، «وندرك أن عدونا انتقل إلى الحرب بوجهها الاقتصادي بعد أن فشل في حربه بوجهها العسكري، واليوم أمامنا تحديات أكبر وخاصة في ظل دخول قانون سيزر حيّز التطبيق ببداية الربع الثاني من هذا العام، ويفترض أن يكون أداء المؤسسات أفضل ويرتقي لمستوى التحديات، لأن هدفنا جميعاً أن نعزز صمود الشعب السوري الأبي الذي استطاع ان يكسر الهدف العسكري للعدو بفضل إنجازات قواتنا المسلحة، واليوم لا يمكن أن نسمح للحرب الاقتصادية أن تنال من صمودنا».

وبيّن بكر أنه إذا أردنا أن نكون واقعيين، فإنه لا يمكننا القول: إن الأداء الحكومي هو السبب الأساس المباشر للأزمات الاقتصادية، وفي الوقت ذاته، ومع إدراكنا للآثار الاقتصادية والمعيشية للعقوبات، فإننا نرى أن أداء البعض لم يكن بالمستوى المطلوب.

وأضاف: «حتى في حالة استشعار الأزمات قبل وقوعها، فإن الخطوات ليست على المستوى المطلوب، ويعود ذلك إلى صعوبة تأمين الدعم في ظل الحصار وضعف الموارد نتيجة الحرب والعقوبات القسرية من جهة، ومن جهة أخرى ضعف التخطيط عند البعض وعدم القدرة على مجاراة التحديات».

سعر الصرف

يُخشى أن الحكومة لا تعتبر أن سعر الصرف له الأولوية الكبرى في إدارة اقتصاد البلد، وقد تنظر إليه على اعتبار أنه نتيجة فقط، وهذا أمر غير سليم، لكون سعر الصرف مرتبطاً بالكثير من المتغيرات الاقتصادية، فهو مؤثر بالعديد منها في التضخم والفقر والاستثمار.. وغيرها، كما أنه نتيجة أيضاً لظروف الاقتصاد والسياسة وغيرها.
الأكاديمي رسلان خضور يؤكد أن لسعر الصرف أولوية كبرى، وخاصة استقراره ضمن مستوى مستهدف، تحدده الحكومة، ولا يجب أن يترك يتحرك من دون انتباه وضبط، لأن أحد أهم مهام المصرف المركزي المحافظة على استقرار الأسعار، ومنها سعر الصرف بشكل رئيس، مبيناً أن لدى المركزي خيارات متاحة لضبط سعر الصرف، ولدينا فيما يجري بلبنان خير مثال، فبمجرد بدء أزمة لديها اتخذ المصرف المركزي اللبناني إجراءات فورية لإدارة السيولة، عبر تقييد عمليات السحب والتعامل بالدولار.. وغيرها، الأمر الذي لم يتخذه مصرف سورية المركزي كما يجب، فعشرات مليارات الدولارات خرجت من البلد بسهولة، منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية، والمركزي من البداية تعامل في السوق مثله مثل أي مصرف، بل كشركة صرافة، وهذا غير مقبول، فالمركزي يجب ألا يعمل كتاجر، ومادام لدينا حرب، فالمطلوب إجراءات حازمة لإدارة الأزمة وضبط السيولة، والحفاظ على سعر الصرف، وهذا ما لم يحدث، مع التشديد على أنه غير مقبول أن يعمل المصرف المركزي كشركة صرافة أو تاجر عملات.

من جانبه، بيّن الخبير في أسواق المال الدكتور سليمان موصلي أنه ينبغي البحث عن آليات تؤدي إلى زيادة العرض من القطع الأجنبي، والتخفيض من الطلب عليه لكي يكون الأثر مديداً.
ونوّه بأن تشجيع الصادرات سوف يسهم في خلق فرص عمل إضافية، ويزيد من القطع الأجنبي المتوافر، وينبغي الاستفادة من الأسواق المجاورة، ولاسيما العراق والأردن كأسواق تصدير لمنتجاتنا.
واقترح موصلي عرض الأدوات المالية الحكومية (سندات الخزينة) المنوي طرحها للبيع في الأسواق المالية الدولية، بشكل خاص للسوريين المغتربين، ومن يرغب فيها، بالقطع الأجنبي بما يؤمن القطع الأجنبي، إضافة إلى تقليص مدة الإقامة لدفع البدل الى عام واحد.

ويمكن فتح باب الاكتتاب بالأدوات المالية الحكومية بالقطع الأجنبي في بورصات دول «البريكس».
وأكد موصلي أن للعامل النفسي تأثيراً مهماً في سوق القطع، وبالتالي ينبغي أن يستمع السوق بشكل مستمر لتطمينات جدية من أصحاب السياسة النقدية.
وبيّن أنه تتداخل عوامل خارجية في سعر الصرف كالأزمة المالية اللبنانية وما رافقها من زيادة الطلب على الدولار محلياً، لذا فإن إعطاء مرونة أكبر للتجار والصناعيين السوريين في السحب والإيداع سوف يشجعهم على إعادة أموالهم إلى الوطن.
وشدّد موصلي على أنه ليس مع أسعار الصرف التفضيلية إلا في حالة السلع الأساسية، لأن تعدد الأسعار يشوّه الاقتصاد، وسعر صرف واقعي أفضل من تعدد الأسعار.
وأضاف: «ينبغي الاجتماع مع جميع الصناعيين المصدرين والاستماع لهمومهم واتخاذ ما يلزم لزيادة صادراتهم بتذليل أي عقبات تعترض زيادتها، واعتبار ذلك أولوية وطنية في ظل شح موارد القطع الأجنبي».
وللتعامل مع واقع تأثر الاقتصاد السوري، بشكل عام، وسعر الصرف بشكل خاص، بما يجري في لبنان، اقترح رئيس قسم المصارف في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق علي كنعان تشكيل لجان سورية لبنانية مشتركة، مالية ونقدية، وإجراء التنسيق المالي والنقدي بهدف معالجة الآثار السلبية للأزمة على البلدين معاً، رغم وجود عقوبات على سورية وذلك لمساعدة بعضهما بعضاً في وقت الأزمة.

ورأى كنعان أنه يمكن للحكومة في سورية أن تطلب من لبنان السماح بتمويل المستوردات السورية عبر حسابات المستوردين السوريين في المصارف اللبنانية بالدولار، وهذا أمر بسيط لأنه يعتمد مبدأ التقاص المصرفي بشكل رئيس.
وفي هذا السياق، نشر مركز دمشق للأبحاث والدراسات ورقة عمل للخبير في أسواق المال الدكتور كنان ياغي، اقترح فيها العمل على إيجاد مصادر وأسواق جديدة لشحن القطع الأجنبي (الحوالات) من دول الجوار إلى السوق السورية لتكون رديفاً للسوق اللبنانية كالأردن والإمارات، بهدف تأمين حاجة السوق السورية من القطع الأجنبي الكاش.
إضافة لضبط عمليات التهريب على الحدود وخاصة المعابر غير الشرعية على الحدود اللبنانية التي أصبحت تشكّل معابر لاستنزاف الاقتصاد الوطني وفي الاتجاهين، والعمل على ضبط عمليات الاستيراد وخاصة للسلع الكمالية، إذ أصبحت السوق السورية بلد عبور للسلع التي يتم تهريبها لدول الجوار بسبب رخص أسعار المنتجات فيها، الأمر الذي يستنزف خزينة مصرف سورية المركزي ويؤثر سلباً في سعر صرف الليرة السورية.

واقترح أيضاً العمل على خلق بيئة تشريعية تسمح بعودة المدخرات السورية في الخارج والتي تقدّر بعشرات المليارات من الدولارات عبر إعطاء ضمانات حقيقية لأصحاب الودائع بالقطع الأجنبي، إضافةً إلى اتخاذ سياسات تحفيزية كرفع أسعار الفوائد على الودائع بالقطع الأجنبي وبالليرة السورية، والعمل قدر الإمكان على سداد التزامات البلد عن طريق الحسابات المصرفية المفتوحة في الخارج، بهدف التخفيف من الضغط على مصرف سورية المركزي لتأمين القطع الأجنبي (الكاش)، وللحد من سداد قيمة بعض المستوردات بالليرة السورية التي يتم تحويلها لقطع أجنبي في السوق السوداء، الأمر الذي يؤثر سلباً في سعر صرف الليرة السورية.

بعيداً من جلد الذات

ختاماً، لا بد من التأكيد على فكرة النائب آلان بكر بأن هدف توجيه النقد للأداء الحكومي ليس غايته جلد الذات، ولا يعني التركيز على النصف الفارغ من الكأس، والحديث بشكل مطلق، فالأمور نسبية، حكماً، ومما لا شك فيه أن الحكومة تعمل، لكن يبدو أنها غير موفقة في اتجاهات عملها المرتبطة بمواجهة تحديات الحرب الاقتصادية وأزمات المنطقة، ولا ننسى ما يتم تحقيقه في مجالات التعليم والصحة مثلاً، وحتى تأمين الرواتب كل شهر من دون توقف، ومن دون إفلاس أي مصرف أو أي شركة على مدار تسع سنوات حرب.. وغيرها الكثير، لكن في نهاية العام، من المناسب المرور بشكل شفّاف على نقاط الخلل والضعف في الأداء الحكومي، بهدف العمل على تلافيها، ونحن مقبلون على استحقاقات دستورية منتصف العام الجاري، الكل يترقبها بدقة، والأعداء أكثر منّا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى