الاقتصاد الرقمي أو اقتصاد الإنترنت.. ما مستقبل المال في العصر الرقمي؟
الاقتصاد الرقمي مبنيٌ على نظام تُحركه وتُنظمه المعرفة وانتشار المعلومة
|د. قحطان السيوفي
أصبحت المعلومات الرقمية عصب كل شيء ومكونه الأساسي، الاقتصاد الرقمي الجديد، هو اقتصاد مبنيٌّ على نظام تُحركه وتُنظمه المعرفة وانتشار المعلومة والسيطرة عليها، حيت تتنافس الشركات على استقطاب المواهب البشرية ورأس المال البشري المؤهل، الذي بدوره يعطي فرصة أكبر نحو التغيير، الاقتصاد الرقمي يعني الاقتصاد الذي يعتمد بشكلٍ رئيسيٍ على تقنيات الحوسبة الرقمية.
يرتكز الاقتصاد الرقمي في تطبيقه على أبعاٍد متعددة لعل من أبرزها الانتشار الواسع والسريع للشبكة العنكبوتية التي تتيح للناس ولرجال الأعمال استكشاف العالم وإجراء عملياتٍ تجاريةٍ معقدةٍ ومتعددةٍ في الوقت نفسه، حيث يمكن للناس شراء ما يريدون من أي مكانٍ بالعالم من دون الحاجة إلى الذهاب إلى محال التسوق مباشرةً، يُطلق على الاقتصاد الرقمي أحياناً اقتصاد الإنترنت أو اقتصاد الويب، حيث يتشابك الاقتصاد الرقمي على نحوٍ متزايدٍ مع الاقتصاد التقليدي.
وقد تمت الإشارة إلى مصطلح الاقتصاد الرقمي لأول مرة في اليابان في خضم ركود اليابان في فترة تسعينيات القرن الماضي، وتم في أوروبا صياغته في كتاب تابسكوت بعنوان: (الاقتصاد الرقمي: الوعد والخطر في عصر الذكاء الاتصالي) حيث يعتبر من أوائل الكتب التي نظرت إلى الإنترنت كطريقة لأداء الأعمال، ثم تطور هذا المفهوم بوتيرةٍ كبيرةٍ على مستوى العالم.
من أبرز خصائص وسمات الاقتصاد الرقمي الانتشار الكبير لحجم البيانات، بالإضافة إلى الأمن المعلوماتي الخاص بذلك، ما ينتج عن ذلك ترابطٌ بين كمياتٍ غير مسبوقة من البيانات، إضافة إلى تنفيذ الإستراتيجيات التي من شأنها تسخير هذه المعلومات وتحليلها وتفسيرها بشكلٍ فعال، لذا سيصبح الأمن الخاص بالمعلومات أو ما يعرف بالسيبراني أكثر أهمية للحفاظ على هذه البيانات القيّمة آمنة في الاقتصاد الرقمي.
ومن السمات الأخرى لهذا الاقتصاد الطلب المتزايد على التطبيقات والأجهزة التي تساعد على الاتصال السريع بالمعلومات، بحيث ستصل إلى 1.9 تريليون دولار في عام 2020، ما ينعكس إيجاباً على جميع الصناعات وستتجاوز إيرادات الإنترنت في قطاعي التكنولوجيا والاتصالات وستزداد المبيعات أيضاً إلى 309 مليارات دولار بحلول عام 2020، وستمثل الهواتف المحمولة واللوحية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة الفائقة السرعة أكثر من 80% من إنفاق الأجهزة.
تحديات التحول إلى الاقتصاد الرقمي
كي ينجح «النهج الطموح» للاقتصاد الرقمي الجديد في إتاحة فرص نمو متكافئة وإيجاد ملايين الوظائف، يتعين على السلطات العامة أن تصبح هيئات تنظيمية فاعلة، فالتحول إلى الاقتصاد الرقمي ينطوي على طائفة من التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الفريدة التي تتطلب وضع قواعد واضحة للعمل.
من الملامح البارزة للاقتصاد الرقمي ظهور ما يسمى البرامج المتعددة الجوانب، إن وظيفة هذه البرامج هي السماح لشتى أنماط المشاركين «اثنين على الأقل» بالتجمع معاً والدخول في تبادلات تزيد من القيمة.
يعتمد نموذج العمل هذا على القدرة على تحليل مزيج من مجموعات البيانات الكبيرة للغاية المتعلقة بسلوكيات الفرد والمسماة «البيانات الضخمة» التي باتت ممكنة بفضل النمو المطرد للقدرة الحاسوبية، والتحسينات المستمرة في اللوغاريتمات، وتطور الذكاء الاصطناعي. وتتطلب هذه التكنولوجيات استثمارات كبيرة للغاية، ومن ثم فإن تكلفة الوحدة في المعاملة الواحدة تنخفض بزيادة حجم المعاملة، ما يفضي إلى ما يسميه خبراء الاقتصاد «وفورات الحجم».
يثير استخدام البيانات الشخصية في الاقتصاد الرقمي بعض القلق من الناحية التنظيمية. وتتمثل إحدى هذه المشكلات في توزيع حقوق الملكية بين الأفراد والشركات التقنية.
وإذا كانت المبالغ كبيرة للحفاظ على حوافز من أجل الإيداع وتجنب المصادرة، فإن البيانات ينبغي أن تؤول ملكيتها إلى الشركة. على سبيل المثال، يجب أن تؤول ملكية تصنيف مستوى الفنادق على المواقع الإلكترونية لشركات السياحة إلى برنامج السياحة وليس إلى الفندق نفسه.
حول المالية الرقمية ما مستقبل المال في العصر الرقمي؟ كان هذا موضوع ندوة في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي بلندن في 2019 هذه الندوة كانت الموضوع المهم ضمن الاجتماعات السنوية المشتركة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن.
الإجابة الأولى عن هذا السؤال الكبير هي: «الأمر معقد». والثانية: «إنه مهم حقاً» – خاصة منذ طرح مشروع عملة ليبرا من شركة فيسبوك.
هذه الفكرة الجديدة أجبرت صناع السياسة على التفكير بجدية، المال مهم للغاية، بحيث لا يمكن تركه للقطاع الخاص وحده يقدم النظام النقدي اليوم مثالاً على ذلك. الجزء الأكبر من الأموال التي نستخدمها هو نتيجة ثانوية للإقراض من المؤسسات الخاصة، أي المصارف. كانت الحسابات على الورق. الآن، هي على السجلات الإلكترونية، على أن الهيكل لم يتغير.
هل ما نشهده الآن هو تغيير في الهيكل أم مجرد تغيير في التكنولوجيا؟
للإجابة عن هذا السؤال، من المفيد التذكير بوظائف المال الثلاث: وحدة الحساب، ومخزن للقيمة، ووسيلة للدفع.
اليوم، يتم إنشاء وحدة الحساب من الدولة، ولكن في الأغلب يتم توفير نظم القيمة والمدفوعات من المصارف في هذا السياق، هناك ثلاثة أشكال من النقود الرقمية: العملات المشفرة؛ وأنظمة الدفع الرقمية المعمول بها، مثل شركات على شاكلة علي بابا؛ أو عملة ليبرا من شركة فيسبوك.
تقدم العملة المشفرة وحدات جديدة للحساب ومخازن للقيمة ووسائل الدفع.
وبالتالي، فإنها توفر أيضاً بنية جديدة لإنشاء واستخدام الأموال، لكنها بنية رديئة أظهرت التكرارات المبكرة للعملات المشفرة تقلباً شديداً، وقدرة إنتاجية محدودة، وتكاليف معاملات غير متوقعة، وحوكمة محدودة أو معدومة، وشفافية محدودة، إنها عالم خيالي من عقل إنسان فوضوي.
ومع ذلك، فإن أنظمة الدفع الجديدة حقيقية وكبيرة. في الصين، يشارك المستهلكون والشركات في شبكتين للهاتف المحمول، هما: علي باي ووي تشات باي، وهي بحسب بعض التقارير تعاملت مع أكثر من 37 تريليون دولار في مدفوعات الهاتف المحمول العام الماضي.
عملة ليبرا تعد بنظام دفع عالمي جديد مدعوم بـ«عملة مستقرة» مدعومة بطريقة غير شفافة، وبأصول مقومة بالعملات الوطنية هذا ما يثير مجموعة من القضايا: غسل الأموال، وتمويل الجريمة والإرهاب؛ وحماية المستهلكين؛ والتأثير في السياسة النقدية والاستقرار؛ والتأثير في النظام المصرفي؛ وفعالية التنظيم العالمي.
لم تثبت شركة فيسبوك أن تلك العملة هي منتج يستحق الثقة، بعبارة ملطفة في هذا العالم الرقمي الجديد، تحتاج البنوك المركزية أيضاً إلى أن تسأل نفسها عما إذا كان بإمكانها إنشاء أموالها الرقمية؟ وكيفية فعل ذلك؟
لا ينبغي أن يكون هذا فقط لاستبدال النقود الورقية (هي الآن تقنية عمرها ألف عام)، ولكن أيضاً للتنافس مع ودائع المصارف التجارية مثلما انتهى الأمر بشبكة الإنترنت، إلى أن تصبح مصدراً لتعزيز سيطرة الحكومة أكثر من كونها مصدراً لحرية أكبر، كما كان يأمل الليبراليون قبل عقدين، فإن الثورة في النقود الرقمية قد تسمح للبنك المركزي باستبدال مطلوبات المصارف الخاصة.
العالم الرقمي وملامح المستقبل
يتسم العالم الرقمي بسرعة التغيير، ابتكارات ثورية تؤثر بشكل كبير في القطاع الرقمي، إننا نتجه نحو نقطة تحول جديدة.
التحكم الصوتي
كانت فكرة تكنولوجيا الصوت تثير السخرية حتى وقت قريب، ففي 2001 تجاوزت جودة التعرف على الصوت نسبة 95 في المئة في بداية 2018. مع مرور الوقت بدأت الصحف استخدام الاحتمالات المرئية والتفاعلية والأهم من ذلك أصبح من الصعب على الشركات الوصول إلى المستهلكين، لكونهم لم يعودوا مهتمين بتصفح الإنترنت، واستعاضوا عنها بالتطبيقات الموثوقة. تمتلك خاصية «الصوت» القدرة على القيام بهذا التحول الجذري وبسرعة أجهزة المحمول نفسها.
تستطيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي البحث عن أفضل الرحلات الموجودة، وطلب أرخص المنتجات، وإيجاد الأغنية المفضلة، أو إجراء حجز في مطعم… فيما يتعلق ببناء علامة تجارية، فإن الصوت والنموذج القصصي سيكون بأهمية الديناميكيات المرئية نفسها. يعتبر نموذج عمل «أمازون» موجهاً نحو عالم الصوت، وخاصة لكون الشركة قادرة على ترويج منتجاتها الخاصة، وتمتلك «مايكروسوفت» أيضاً فرصة لتوسيع نموذج اشتراكاتها إلى الخدمات الصوتية.
يشكل العالم الرقمي محور اهتمام على صعيد العالم، ولكن عندما نتكلم عن الغرب، أول ما يتبادر لأذهاننا عمالقة الإنترنت مثل «غوغل»، و«أمازون»، و«فيسبوك».
في آسيا، تتسارع عجلة التطور بشكل يثير الدهشة. شهد العام الماضي نقطة تحول مهمة، فلأول مرة في التاريخ تتجاوز نسبة مستخدمي الإنترنت في آسيا 50 في المئة من مجموع المستخدمين حول العالم.
اليوم تحتضن منطقة آسيا والمحيط الهادئ أكثر من 50 في المئة من مستخدمي الهواتف الذكية. يتمركز نسبة كبيرة من هؤلاء المستخدمين ـــ أكثر من 21 في المئة، في الصين، حيث يستخدم نصف عدد السكان الإنترنت. وتأتي الهند في المركز الثاني على مستوى العالم.
لا يمتلك عديد من الأشخاص في آسيا حسابات بنكية شخصية، مع انخفاض متوسط دخل الفرد في آسيا، قام مشغلو الإنترنت الإقليميون بسد هذه الفجوة من خلال تطبيقات خاصة تؤمن خدمات الدفع الإلكترونية. ففي الصين، تتم نسبة كبيرة من المدفوعات عن طريق «علي باي» و«تين باي». أما في الهند فأطلقت كل من «بايتيم»، الشركة الرائدة في مجال خدمات الدفع الإلكترونية, المعركة بين الشرق والغرب على سوق الهند. وبفضل عدم وجود قوانين تقيد الاقتصاد في الهند، ونموه أخيراً، تحول المشهد إلى ساحة معركة حقيقية بين الشرق والغرب المنافسة محتدمة أيضاً في قطاع التجارة الإلكترونية، حيث باعت «فليبكارت» المجموعة الرائدة في الهند أسهماً لـ «تينسينت»، و«أي باي» و«مايكروسوفت», في الجولة التمويلية الأخيرة وصلت قيمة استثمارات عمالقة الإنترنت في أميركا خلال العامين المنصرمين إلى أكثر من 1.4 مليار دولار. وبلغت قيمة استثمارات عمالقة الصين في الهند ثلاثة مليارات دولار بما فيها 175 مليون دولار في «هايك».
الشمول المالي
يعد الشمول المالي، موضوع الساعة لصناع السياسات في كل الاقتصادات النامية تقريباً، فهو ييسر التوفير ويسمح بتراكم الأصول وتنوعها، ويدعم النشاط الاقتصادي في هذه العملية، وخاصة أن البلدان المصدرة للمواد الأولية تواجه اتجاهاً سلبياً في معدلات التبادل التجاري، وهو توفير مزيد من الخدمات المالية للناس والمؤسسات.
غير أن حصول الفقراء على الخدمات المالية كان محدوداً… غالباً ما تكون المنتجات المالية المتاحة غير مناسبة للعملاء من ذوي الدخل المنخفض.
غيرت الأزمة المالية العالمية الوضع في السوق، فقد خفضت البنوك الأجنبية أنشطتها في بعض البلدان الإفريقية، على حين زودت البنوك المحلية الجديدة وجودها، وشجع النجاح النسبي لمؤسسات التمويل الأصغر في بعض البلدان- وخاصة تلك التي أدخلت منصات تكنولوجية جديدة لإدارة المدخرات الصغيرة وحسابات الودائع – البنوك المحلية على توسيع شبكاتها.
زادت المعدلات الإجمالية للحصول على الخدمات المالية من جميع الأنواع باطراد في السنوات الأخيرة في عديد من البلدان الإفريقية.
يبين المثال الكيني أن الشمول المالي يتعلق بفتح الباب أمام الفقراء لاستخدام الخدمات المالية أكثر مما يتعلق بتوفير التمويل بأسعار معقولة.
إن كينيا مثال جيد على المنافع المحتملة للشمول المالي.
هذا يعني أن الشمول المالي من خلال سياسات ملائمة يمكن أن يستكمل الجهود الرامية إلى تعزيز الإطار التنظيمي المالي عن طريق مساعدة البنوك، ولا تسهم الخدمات المالية الرقمية في التنمية المالية فقط، بل إنها تدعم أيضاً الاستقرار المالي.
الحضارة الرقمية الجديدة
هل وصلت البشرية إلى حقبة صعود حضارة مختلفة وجديدة تماماً، بحيث تكون التقنيات الرقمية المكون الرئيس والأهم، وسبباً مباشراً للتبدل العميق فكرياً وثقافياً فيها، وتطلق عصراً غير مسبوق تصبح فيه المعلومات الرقمية عصب كل شيء ومكونه الأساسي؟
أصبح العالم الرقمي اليوم المؤثر الأهم والأخطر في البشر بسلبياته وإيجابياته. التقنية الرقمية هي التي «زلزلت» عالم التسوق التقليدي، وسحبت البساط من تحت أقدام قطاع التجزئة عن طريق التجارة الإلكترونية، وهي أيضاً التي تزلزل القطاع المصرفي بالعملات الرقمية، وهي التي تدمر القطاع الإعلامي التقليدي بمنصات عديدة ومختلفة، ولكنها أيضاً هي المسؤولة عن «سلسلة» من الاختراقات المثيرة.
«التدخل» الرقمي في موقع «فيسبوك» تحديداً لم يعد سراً أبداً، ولا الكم الهائل من الهجمات «السيبرانية» على المنشآت البنكية وحسابات العملاء وتسريبها، العالم يمر في مرحلة بناء مفاهيم جديدة تماماً تلائم التغيرات التقنية الكبرى الحاصلة، وسيكون بالتالي من المتوقع تأسيس قيم وقواعد جديدة ومختلفة تماماً على الشقين الفردي والجماعي.
الكل يتوقع قدوم حقبة «التوحّش الرقمي»، وهذا النوع من النبوءات والتوقعات عما ستؤول إليه «الرقمنة» في المستقبل سيكون مرتبطاً بالتطور في عالم الخوارزميات من جهة وعلوم أخرى كالفيزياء والإلكترونيات من جهة أخرى. كل ذلك سيكون غايته تشكيل «المواطن الرقمي» وبناء «المواطنة الرقمية» والتي سيكون لها شروط على حساب «السيادة الوطنية» التقليدية.
شبكة الإنترنت هي البنية الأساسية لمسار العولمة اليوم، ينظر العالم إلى «قطع» الإنترنت في أي بلد كأنه إيقاف الأوكسجين والكهرباء والماء عن الناس. الفضاء المفتوح هو أيضاً مجال خطير للإرهاب وتجنيد عناصره ونشر أفكاره المتطرفة والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر والجرائم الأخلاقية، وهذا سيكون التحدي القانوني الأهم في الحفاظ على التوازن المطلوب بين فتح مجال العالم الرقمي وإغلاقه في وجه من يسيئون استغلاله.
نسمع غالباً أن جهود التحول إلى الرقمية يجب أن تكون مدفوعة من قمة الهرم «الإدارة العليا». فهي تتطلب اهتمام الإدارة ووضع خطط متكاملة تجعل الرقمية من الهياكل الأساسية للمؤسسة.
تبدأ الرقمية على يد خلية صغيرة، كفريق عمل أو وحدة معينة «على الأغلب من أقسام تكنولوجيا المعلومات». يجب أن تأتي الالتزامات الإستراتيجية من الإدارة العليا، بشكل يتيح فرص النمو لتلك الخلية الصغيرة كي تصبح جزءاً من العمليات الإستراتيجية للشركة، التغييرات الرقمية قد تؤدي إلى تغييرات جوهرية في طريقة العمل، وتؤثر في طريقة قيام الأشخاص بعملهم، وعادة ما يكون لها تأثير غير مباشر مع إشراك مختلف الهياكل، منها الحوافز، وآلية صنع القرار، وسياسات العملاء، وآليات الربط.
ترشيد أو مركزية الأشياء الرقمية قد يكون أمراً ضرورياً في النهاية.
كما أن التكامل أمر جوهري يتطلب تطوير إحدى المبادرات الرقمية وتوسيع نطاق تأثيرها وإعادة دمجها في صلب العمل، لا توجد طريقة واحدة لدمج الرقمية مع النشاطات المعتادة؛ بل يعتمد ذلك على السياق الموجودة فيه.
التطبيقات تفيد لطالما أن الرقمنة انتمت إلى قسم تكنولوجيا المعلومات.
كما يُمكن للأعمال الرقمية التي تنمو بشكل سريع أن تصبح وحدة مركزية، وتستولي على أجزاء من الأقسام القديمة.
يمكن أن يوجد التغير إلى الرقمية حالة من المقاومة، إحداها لا تحتاج إلى إمعان النظر لرؤية التحديات المقرونة بالمؤسسات، فجعل المبادرات الرقمية جزءاً من عمليات الشركة أمر، وجعلها جزءاً من ثقافة المؤسسة أمرٌ آخر تماماً، العالم الرقمي والتنافس بين الشركات سؤال مطروح بشكل واسع، لماذا تنجح بعض الشركات الرقمية في اكتساح العالم، على حين تفشل الشركات الأخرى؟ ويبدو أن عديداً من المنتجات الرقمية قد حقق نجاحاً عالمياً. بدأ «واتساب» في 2009 كمنصة لإرسال الرسائل النصية عبر الإنترنت عوضاً عن مشغلي الاتصالات، ووصل عدد مستخدمي «واتساب» حول العالم 400 مليون نسمة بنهاية 2013. اشترى «فيسبوك» الشركة بمبلغ 19 مليار دولار في السنة التي تلتها، بإيرادات بلغت 300 مليون يورو.
هل العقبات التقليدية تقلصت بشكل جذري في العالم الرقمي؟
للإجابة عن ذلك السؤال، لنلق نظرة على تجربة شركة: «توم توم» الصينية.
بحسب كبار التنفيذيين في تلك الشركة، فإن القصة خلف تدويل نماذج الأعمال الرقمية ليست بسيطة والثقافة المحلية مهمة، وقد يبدو تصميم خرائط عالمية بالأمر اليسير على شركة توم توم، ففي النهاية أليست جميع العناوين مكتوبة بالطريقة ذاتها في جميع أنحاء العالم؟ لا يبدو الأمر كذلك، ففي الهند على سبيل المثال، لا توجد أسماء لمعظم الشوارع. وعوضاً عن ذلك بإمكانك البحث عن مكان بعينه.
إذا ما كنت تبحث عن مكان في المدينة، فعليك أن تعرف رقم المبنى، ما دفع المسؤولين في «توم توم» إلى تكييف خرائطهم وواجهة الملاحة لمساعدة العملاء على توجيه أنفسهم بشكل أكثر سهولة.
تعد الشراكات حجر الأساس عند دخول أسواق جديدة، وينطبق ذلك على المنتجات الرقمية، على سبيل المثال، استفادت مبادرة ماستر كارد للمدن الذكية من حلول الدفع الافتراضية للمستهلكين مثل المواصلات في لندن.
تقوم «ماستر كارد» بتأمين البنية التحتية، على حين يقوم شركاؤها (مثل شركة كوبيك لأنظمة النقل) بتوريد أجهزة الدفع المحلية. فمن خلال تركيزها على الجانب التقني والسماح لشركائها بالتركيز على الجانب المادي، استطاعت «ماستركارد» تحقيق استقرار لشبكتها على الصعيد العالمي في الوقت الذي تسهل فيه التعاملات المحلية.
أخيراً، يحتاج المستخدمون إلى حمايتهم من جرائم الفضاء الإلكتروني، ورغم استثمار البرامج موارد كبيرة لمنع اختراق البيانات، «كسرقة بيانات بطاقات الائتمان من ملايين المستهلكين بالمتاجر الكبيرة». وينبغي أن تكون قوانين المسؤولية أكثر صرامة حتى تدمج البرامج الخسائر الضخمة التي تكبدها ضحايا سرقة البيانات الشخصية، التي لا تقتصر في كثير من الأحيان على الخسائر الاقتصادية، بل أيضاً تضر بالسمعة.
ويتصدى كل بلد في العالم لهذه التحديات الجديدة التي يجلبها الاقتصاد الرقمي، بيد أنه لم يتم بعد التوصل إلى توافق في الآراء حول أفضل سبل تطبيق المبادئ الموضحة، ومن ثم يجب على الدول تحليل مختلف التجارب من خلال تبني الجوانب التي توافق واقعهم وتحديد الحلول الحقيقية.