اقتصاد عالميالعناوين الرئيسية

واقع وآفاق الاقتصاد العالمي … عام 2019 الأسوأ في الأداء الاقتصادي العالمي منذ الأزمة المالية العالمية

الاقتصاد العالمي أصبح في مرحلة حرجة وفي حالة تباطؤ مزمن

| د. قحطان السيوفي

العالم يمكن أن يغرق في ركود محتمل من دون أن تكون لديه أي قوارب نجاة، يبدو المشهد الاقتصادي العالمي محيراً ومُربكاً، فلا يزال النمو يعاني الضعف الناتج عن ارتفاع الحواجز التجارية وتزايد التوترات الاجتماعية السياسية. معركة كسر العظم على أشدها بين الولايات المتحدة والصين، ويبقى الرهان على أي خروج من حالة التباطؤ رهاناً خاسراً في المنظور القريب، كما يمر الاقتصاد العالمي بفترة من التباطؤ المتزامن، تنخفض توقعات النمو في 2019 إلى 3 في المئة، وهي أبطأ وتيرة له منذ الأزمة المالية العالمية.
وستحدث التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين انخفاضاً تراكمياً مقداره 0.8 في المئة في مستوى إجمالي الناتج المحلي العالمي بحلول عام2020.

قالت كريستالينا جورجيفا، المديرة التنفيذية الجديدة لصندوق النقد الدولي، في افتتاح الاجتماعات السنوية الأخيرة في العاصمة واشنطن (في عام 2019 نتوقع نمواً أبطأ في نحو 90 في المئة من العالم).
معهد بروكينجز و«فاينانشيال تايمز» وصفا واقع الاقتصاد العالمي بأنه يتجه نحو «ركود متزامن».
ما سبب هذا التباطؤ، ولاسيما التباطؤ الحاد في الصناعة والتجارة؟ يجادل خبراء «بروكينجز» بأن هذا يرجع إلى «التوترات التجارية المستمرة، وعدم الاستقرار السياسي، والمخاطر الجيوسياسية، والمخاوف بشأن الفاعلية المحدودة للتحفيز النقدي».
تمثل التجارة الحرة وأسعار الصرف المرنة وحركات رؤوس الأموال مقومات أساسية لازدهار الاقتصاد العالمي، ولكن أين دور المتغيرات الأخرى في الاقتصاد العالمي؟
تتيح التكنولوجيا فرصاً هائلة لرفع مستوى الإنتاجية وزيادة الدخول، لكنها تؤدي إلى حدوث تغيرات هيكلية لإيجاد وظائف جديدة وإحلال وظائف أخرى.

ثمة قلق من أن تؤدي إنجازات التقدم التكنولوجي، على غرار الذكاء الاصطناعي مثلاً إلى تعريض الوظائف والدخول للخطر عبر الاقتصادات المتقدمة بما فيها الولايات المتحدة واليابان، وخاصة منطقة اليورو، هناك تراجع في النشاط الاقتصادي.
وفي بعض اقتصادات الأسواق الصاعدة الكبرى، كالهند والبرازيل، نرى التباطؤ أكثر بروزاً هذا العام.
وفي الصين بدأ النمو ينخفض تدريجياً عن المعدلات السريعة التي سجلها لأعوام عديدة، والتوقعات تتطلب التنبؤ بالمستقبل. ويمكن الاستعانة ببعض من الأنماط الإحصائية الواضحة التي تسبق فترات الركود.
حول التنبؤ هناك ما لا يمكن التنبؤ به، ففي نهاية عام 2008، سألت ملكة بريطانيا مجموعة من الأكاديميين من كلية لندن للاقتصاد: لماذا لم يتوقع أحد الركود الاقتصادي الذي كان قد بدأ لتوه؟ وحتى اليوم، ثبت أن تقدير احتمال حدوث ركود مهمة صعبة. فكل دورة اقتصادية تبدو مختلفة بعض الشيء عن سابقتها. وقد تؤدي محاولة التوصل إلى مؤشرات دقيقة للأزمات، إما إلى الإفراط في توقعها أو الفشل في تقدير فتراتها الزمنية، بسبب التقليل من أهمية المخاطر المجهولة في أحدث توقعاته الاقتصادية العالمية، يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج العالمي 3 في المئة فقط هذا العام، منخفضاً من 3.6 في المئة عام 2018. وفي البلدان المرتفعة الدخل يتوقع أن يبلغ إجمالي النمو 1.7 في المئة، منخفضاً من 2.3 في المئة في العام الماضي.
في الاقتصادات الناشئة يراوح الانخفاض من 4.5 في المئة إلى 3.9 في المئة هذا العام. ومن المتوقع أن يبلغ نمو حجم التجارة العالمية 1.1 في المئة هذا العام، منخفضاً من 3.6 في المئة العام الماضي. هذا أقل بكثير من نمو الإنتاج.
في الاقتصادات المتقدمة، تشير التوقعات إلى بلوغ النمو 1.9 في المئة في 2019 و1.7 في المئة في 2020. وتزيد التوقعات لعام 2019 بمقدار 0.1 نقطة مئوية عما كان متوقعاً في نيسان.
تشير التوقعات إلى أن النمو في منطقة اليورو سيبلغ 1.3 في المئة في 2019 و1.6 في المئة في 2020 (أعلى بمقدار 0.1 نقطة مئوية من توقعات نيسان).
وخُفِّضَت التنبؤات بشأن النمو لعام 2019 بدرجة طفيفة في ألمانيا لكنها لم تتغير في فرنسا وفي إيطاليا، حيث تظل آفاق المالية العامة المحاطة بعدم اليقين، ما يؤثر سلباً في الاستثمار والطلب المحلي.
من المنتظر أن ينمو اقتصاد اليابان بمعدل 0.9 في المئة في 2019 في عدد نيسان من تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي ويُتوقع تراجع النمو إلى 0.4 في المئة في 2020، نظراً لأنه من المتوقع أن تؤدي تدابير المالية العامة إلى تخفيف حدة تقلب النمو نتيجة الزيادة المرتقبة في معدل ضريبة الاستهلاك في تشرين الأول 2019.
وتشير التوقعات إلى أن مجموعة اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية ستحقق نمواً يبلغ 4.1 في المئة في 2019، ثم يرتفع إلى 4.7 في المئة في 2020.
في الصين، أدت الآثار السلبية لتصاعد التعريفات الجمركية وضعف الطلب الخارجي إلى زيادة الضغوط على اقتصاد يمر بالفعل بمرحلة من التباطؤ الهيكلي ويحتاج إلى تقوية الأطر التنظيمية لكبح الاعتماد الكبير على الديون. سيبلغ النمو وفق التنبؤات 6.2 في المئة في 2019 و6 في المئة في 2020. ويُتوقع نمو اقتصاد الهند بنسبة 7 في المئة في 2019، وارتفاعه إلى 7.2 في المئة في 2020.
في عدد تموز (يوليو) من التقرير عن مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي، انخفضت توقعات النمو العالمي إلى 3.2 في المئة في 2019 و3.5 في المئة في 2020. ورغم أن هذا التعديل يمثل تخفيضاً متواضعاً مقداره 0.1 نقطة مئوية للعامين مقارنة بتوقعاتنا الصادرة في نيسان، فإنه يأتي إضافة إلى تخفيضات كبيرة سابقة. ويرجع التعديل المتعلق بعام 2019 إلى التطورات السلبية المفاجئة في نمو اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
قرابة 70 في المئة من هذا التحسن في النمو المتباطئ، إذا تم، يعتمد على تحسن أداء النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية الخاضعة لضغوط، ومن ثم فهو يخضع لدرجة كبيرة من عدم اليقين صعود نجم الصين واقتصادات أخرى يحدث تغيراً جوهرياً في المشهد العالمي.
ومع نمو اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية وتقارب مستويات الدخل، من المتوقع أن تهبط حصة الاقتصادات المتقدمة في الناتج العالمي من أكثر من النصف إلى نحو الثلث على مدار الـ25 سنة المقبلة.
وسيستهلك كبار السن في الاقتصادات المتقدمة مدخراتهم بالتدريج في الوقت الذي تحتاج فيه البلدان صاحبة النسبة الأكبر من الشباب إلى تمويل استثماراتها. وفي المستقبل غير البعيد، من المرجح أن تصبح قضايا الشيخوخة موضع اهتمام في كل أنحاء العالم، مع ارتفاع متوسط العمر المتوقع وتراجع معدلات الخصوبة. وسيكون لهذا انعكاسات عميقة على التجارة العالمية وتدفقات رؤوس الأموال.

المخاطر

يتسم النمو العالمي بالبطء والمخاطر المحيطة. ديناميكية الاقتصاد العالمي تتأثر بامتداد فترة عدم اليقين من اتجاه السياسات مع التوترات التجارية التي لا تزال محتدمة رغم الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتوترات التكنولوجيا التي تفجرت أخيراً لتشكل خطراً على سلاسل توريد التكنولوجيا العالمية.
حدث تباطؤ كبير في نمو التجارة العالمية التي تتحرك وفقاً لحركة الاستثمار، فبلغ 0.5 في المئة «على أساس سنوي» في الربع الأول من عام 2019، وهو أبطأ معدل لنمو التجارة منذ عام 2012. انخفاض معدلات البطالة إلى مستويات قياسية.
تبدو المخاطر كلها في الجانب السلبي. قد تتفاقم النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين. المخاطر الجيوسياسية كثيرة، وخاصة في الشرق الأوسط، وكذلك في آسيا. والأهم، العلاقات بين الولايات المتحدة والصين تزداد سوءاً.

خطر الإرهاب الهائل مستمر واستمرار الفشل في معالجة تغير المناخ

تعمل سياسة دونالد ترامب التجارية على تحطيم الأسس التي يقوم عليها نظام التجارة بعد الحرب، ما يوجد حالة هائلة من عدم اليقين، في السعي لتحقيق الهدف السخيف المتمثل في تحقيق التوازن الثنائي. «بريكست» يدمر شراكة مثمرة مع الدول المجاورة للمملكة المتحدة وشركائها.. المشهد يشير وكأن الجميع يلعبون بالنار. والأسوأ أنهم يفعلون ذلك وهم يعيشون في مبنى قابل للاشتعال. الخطر لا يتمثل كثيراً في تباطؤ الاقتصاد العالمي بقدر ما يتمثل في صعوبة فعل الكثير تصدياً لذلك. في هذا الصدد، التحول الأخير في سياسة الاحتياطي الفيدرالي باتجاه أسعار فائدة أدنى، أمر له تأثير كبير في الاقتصادات الكبيرة الأخرى ذات الدخل المرتفع، هناك مخاطر التطورات السلبية على النمو. فتصاعد التوترات التجارية والجغرافية – السياسية، بما في ذلك المخاطر المرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تؤدي إلى زيادة إرباك النشاط الاقتصادي، وانحراف التعافي الهش بالفعل عن مساره في اقتصادات الأسواق الصاعدة ومنطقة اليورو، ويؤدي هذا الأمر إلى حدوث مخاطر واضطرابات مالية، وانعكاس في مسار التدفقات الرأسمالية المتجهة إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة.
لا يزال تصاعد التوترات على صعيدي التجارة والتكنولوجيا من أكبر المخاطر السلبية التي تتعرض لها الآفاق المتوقعة التي يمكن أن تحدث اضطراباً كبيراً في سلاسل العرض العالمية. وهذا يساهم في تخفيض مستوى إجمالي الناتج المحلي العالمي في عام 2020 بنسبة 0.5 في المئة. ومن المخاطر الكبيرة الأخرى، عدم تعافي منطقة اليورو، وتصاعد التوترات الجغرافيةــ السياسية.
ومع ضعف النمو العالمي وهيمنة مخاطر التطورات السلبية على الآفاق المتوقعة، يظل الاقتصاد العالمي في مرحلة حرجة، نشير هنا إلى أن الطلب الكلي الضعيف هيكلياً، الذي كتب عنه الكثيرون منذ ما قبل الأزمة المالية عام 2007 / 2008، لا يزال متفشياً، وهذا يؤكد الأخطار المتمثلة في «القومية – الشعبوية- الحمائية»، وأيضاً الأخطار المتمثلة في «التقشف.
الواقع الاقتصاد العالمي يشهد أضعف أداء منذ الأزمة المالية- لأن الحروب التجارية أطاحت بالثقة والاستثمار والتجارة والصناعة.
العالم يمر بلحظة فارقة بالنسبة للاقتصاد العالمي. إذا تحقق أي من المخاطر الرئيسة، فقد ينحرف التعافي المتوقع عن مساره الصحيح في الاقتصادات الواقعة تحت وطأة الضغوط والاقتصادات المعتمدة على الصادرات والاقتصادات المثقلة بالديون.
لا يزال النمو العالمي ضعيفاً، فمنذ نيسان، واصلت الولايات المتحدة رفع التعريفات الجمركية على واردات صينية معينة، واتخذت الصين إجراءات انتقامية برفع التعريفات الجمركية على مجموعة فرعية من وارداتها من الولايات المتحدة، وأمكن تجنب حدوث مزيد من التصاعد بعد انعقاد قمة مجموعة العشرين في حزيران، واستمرار التوترات الجغرافية-السياسية المتصاعدة التي أثرت سلباً في أسعار الطاقة.
عدد من تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي»، توقع تحسن النمو العالمي تحسناً طفيفاً ليبلغ 3.4 في المئة في 2020، وهو ما يمثل تعديلاً آخر بالخفض بمقدار 0.2 في المئة مقابل التوقعات في نيسان.
هذا الضعف في النمو مدفوع بتدهور حاد في أنشطة الصناعة التحويلية والتجارة العالمية، مع ارتفاع التعريفات الجمركية وطول أمد فترات عدم اليقين بشأن السياسات التي أضرت بالاستثمار والطلب على السلع الرأسمالية.

مقترحات

تتساءل كريستالينا جورجيفا المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي: ما الذي يمكننا جميعاً القيام به للمساعدة على إصلاح التصدعات التي مني بها الاقتصاد العالمي وتشجيع الوصول إلى نمو أقوى؟

منذ عامين، كان الاقتصاد العالمي في حالة انتعاش متزامن، واليوم فإن النمو آخذ في التباطؤ هذه المرة. ونتوقع تباطؤ النمو عام 2019 في نحو 90 في المئة من بلدان العالم، فالاقتصاد العالمي أصبح الآن في حالة تباطؤ متزامن ينبغي تقوية وتحديث النظام التجاري المتعدد الأطراف القائم على القواعد حتى يغطي مجالات مثل الخدمات الرقمية والدعم ونقل التكنولوجيا، من المفيد أن تظل السياسة النقدية تيسيرية، وخاصة حيثما كان التضخم يتجه إلى الانخفاض عن المستوى المستهدف، لكن هذا يجب أن يقترن بسياسات تجارية سليمة من شأنها تحسين الآفاق المتوقعة وتخفيض مخاطر التطورات السلبية. وينبغي أن توازن سياسة المالية العامة بين قضايا النمو والمساواة والاستدامة، بما في ذلك حماية الأقل دخلاً في المجتمع.
ينبغي تكميل التيسير النقدي بتحرك متزامن نحو مزيد من التيسير للسياسات المالية العامة، وذلك حسب ظروف كل بلد.
لابد من توثيق التعاون العالمي إلى جانب تسوية التوترات في مجالي التجارة والتكنولوجيا، ينبغي أن تعمل البلدان معاً لمعالجة قضايا أساسية مثل تغير المناخ، والفساد، والأمن الإلكتروني، والتحديات المصاحبة للتكنولوجيات الحديثة في مجال المدفوعات الرقمية وتحسين فعالية النظام الضريبي الدولي نحتاج أيضاً إلى نظام تجاري عالمي أكثر حداثة، ولاسيما لإطلاق الإمكانات الكاملة للخدمات والتجارة الإلكترونية. ويجب على كل بلد أن يقوم بمزيد من الجهد لمساعدة المجتمعات المحلية المتضررة من الاختلالات المرتبطة بالتكنولوجيا والتجارة.

أولويات السياسات الاقتصادية على المستوى المتعدد الأطراف

تتمثل الحاجات الملحة أولا في الحد من توترات التجارة والتكنولوجيا، وثانياً التعجيل بإزالة أجواء عدم اليقين المحيطة بالتغيرات في اتفاقيات التجارة، وأن يتعاون صناع السياسات لمعالجة هذه الثغرات في نظام التجارة العالمي والاستمرار في إنفاذ قواعد منظمة التجارة العالمية القائمة عن طريق نظام يعمل بكفاءة لتسوية المنازعات.
وعلى المستوى الوطني، تتضمن أهم الأولويات المشتركة بين البلدان تعزيز الاحتواء، مواجهة التحولات التي تسبب اضطراب الأسواق المالية الدولية، ومعالجة القيود التي تكبح نمو الناتج، والعمل على دفع الإنتاجية.
وعلى مستوى اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، فإن تراجع التضخم يتيح للبنوك المركزية خيار تيسير السياسة النقدية.

– عدد متزايد من المحللين الاقتصاديين في العالم ينضمون إلى المتشائمين بشأن الاتجاه إلى حالة الركود، والمقلق هو توقعهم القريب لذلك الركود، وفي رأي بعضهم فإن التوترات التجارية تزيد من صعوبات نقل السلع، وبالتالي تتفاقم مشكلة تكدس البضائع وتضعف ضمانات زيادة وتيرة الإنتاج، كما أن الفوضى النقدية في العالم بسبب حرب العملات وتزايد وتيرة إنتاج عملات رقمية تقود هي الأخرى إلى انخفاض الثقة… يصبح الاستثمار نادراً ويتباطأ النمو حتى الركود، تظهر الديون العالمية كالكابوس المفزع، تزايد التهديدات العالمية والعدائية التجارية يجعل المستثمرين يبحثون عن ملاذات آمنة، وهذا هو أسوأ مؤشرات التباطؤ وأعنفها.

الحرب التجارية باتت منذ انطلاق شرارتها مصدر خطر على الاقتصاد العالمي الذي يمر بمرحلة تباطؤ شديدة، يعتقد أن هذا التباطؤ قد يقود إلى ركود.

أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة أكد من على منبر منظمته: «إن كوكبنا مقسوم إلى شطرين، تقوم أكبر قوتين اقتصاديتين فيه ببسط نفوذهما على عالمين منفصلين متنافسين».
ورغم هذا التباطؤ الكلي، فمن المتوقع أن تتجاوز معدلات نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي 5 في المئة في نحو 40 اقتصاداً للأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، بما فيها 19 في إفريقيا،

إذاً: ما سبب التباطؤ في 2019؟

يرجع ذلك في جانب منه إلى التوترات التجارية، والضعف الكبير الذي أصاب النشاط الصناعي والاستثمارات على مستوى العالم، يؤدي عدم اليقين المدفوع بالتجارة، وكذلك بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتوترات الجغرافية السياسية إلى كبح إمكانات الاقتصاد.
الكل خاسر في الحروب التجارية، وبالنسبة للاقتصاد العالمي، يمكن أن يعني الأثر التراكمي للصراعات التجارية خسارة نحو 700 مليار دولار بحلول عام 2020، أو نحو 0.8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وللتوضيح، فإن هذا يقرب من حجم الاقتصاد السويسري بالكامل.
وخلاصة القول: لا تزال الآفاق العالمية محفوفة بالمخاطر في ظل حالة التباطؤ المتزامن وعدم اليقين بشأن التعافي، فمع بلوغ النمو معدلاً مقداره 3 في المئة ليس هناك مجال لأي أخطاء على مستوى السياسات، ويتعين تحسين نظام التجارة العالمية.
البيان الصادر في نهاية الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن لعام 2019، وافق على أن الاقتصاد العالمي لا يتراجع متجهاً نحو الركود. يعرف صندوق النقد الدولي على نطاق واسع الركود العالمي بأن تراجع النمو إلى أقل من 2.5 في المئة سنوياً.
من المتوقع أن يكون أداء الاقتصادات الناشئة الكبيرة في المكسيك والبرازيل وروسيا أفضل بقليل، حسبما يعتقد صندوق النقد، لكنه لم يتوقع أي تحسن في الاقتصادات الأربعة الكبرى – الصين والولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان.
إريك نيلسن، كبير الاقتصاديين في «يوني كريديت»، يتوقع حدوث ركود عالمي في عام 2020.
في هذه الأثناء، يتزايد قلق المسؤولين الأوروبيين من احتمال اندلاع حرب تجارية شاملة عبر الأطلسي مع تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة.
بالتالي الخوف هو أن العالم يمكن أن يغرق في ركود محتمل من دون أن تكون لديه أي قوارب نجاة.
التحديث الرئيسي التالي لنظرة صندوق النقد للآفاق الاقتصادية، الذي سيتم نشره في نيسان (أبريل) 2020، سيتناول الكيفية التي يمكن بها للعالم التعامل مع الركود مع وجود أسعار فائدة وصلت إلى القاع.
الناشطة نعومي كلاين، في كتابها المعنون «الأرض تحترق» On Fire،. مجموعة من المقالات تصور يأسها المتزايد من التدهور البيئي.
وترى أن انفجار «الليبرالية الجديدة» في فترة ما بعد الثمانينات من القرن الماضي، قد قلص من الروح الجماعية اللازمة لإزالة الكربون.
وهي قلقة لأن ارتفاع درجات الحرارة في الشرق الأوسط (الذي يلامس 50 درجة مئوية في العراق مثلاً) يؤدي إلى إكراه الناس على الهجرة الجماعية إلى أماكن أكثر اعتدالاً.
باختصار عام 2019 بدا أنه يشير بصورة مؤكدة إلى تسجيل أسوأ أداء اقتصادي عالمي منذ عقد عاكساً التوترات التجارية الأميركية الصينية المتزايدة وتأثيرها السلبي في الصادرات والإنتاج الصناعي، سيحتاج صناع السياسات إلى التكيف مع الوضع القائم. ومن الضروري توفير الموارد الكافية للمؤسسات المتعددة الأطراف للحفاظ على شبكة أمان عالمية فعالة، وهو قد يساعد على استقرار الاقتصاد العالمي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى