العواس والتهريب… قصة لا تنتهي! … 40 بالمئة نسبة تضرر العواس خلال الحرب
تعداد العواس انخفض بمقدار ستة ملايين ونصف المليون رأس بسبب التهريب ليستقر عند 13 مليوناً
| عبد المنعم مسعود
بيّن معاون وزير الزراعة احمد قاديش أن أهمية أغنام العواس تنبع من تفرد سورية بهذه النوعية وعدم تمكن الدول الأخرى من أقلمتها على الرغم من المحاولات الجادة منها في ذلك، معيداً ذلك إلى اختلاف البيئة والمرعى الذي يعطي لحومها ميزة ونكهة خاصة نتيجة خصوصية البيئة السورية، منوهاً بأن الأغنام العواس كانت من أكثر قطعان الثروة الحيوانية تضرراً خلال الأعوام الماضية وأن نسبة الضرر الذي لحق بها وصل إلى 40% من تعدادها.
وأوضح قاديش: إن العدد الأكبر منها يتركز في الجزيرة السورية وأن حركتها تتعلق بعاملي التغريب والتشريق ففي أوقات توافر المرعى في البادية تسرح هذه الأغنام باتجاهها ومع قلة المرعى وندرة النباتات الرعوية تقترب حركتها باتجاه المناطق المأهولة بحثاً عن المرعى في الأراضي الزراعية أو للاستقرار من أجل العلف.
ولفت قاديش إلى أهمية هيئة تنمية البادية في هذا الشأن لناحية سعيها إلى تأمين الآبار اللازمة للشرب والحفاظ على المحميات الرعوية مبيناً أن هذه الهيئة استعادت نشاطها في هذا الشأن بعد خلو مساحات كبيرة من العصابات المسلحة، إضافة إلى المراكز البيطرية المتنقلة التي تقدم اللقاحات اللازمة كاشفاً عن وجود خطة لوزارة الزراعة لإعادة تأهيل الآبار كافة وأن الخطة تقضي باختيار الأماكن اللازم البدء بها كأولوية لوضع محولات ومضخات يستفيد منها المربون في إرواء قطعانهم.
ووفقاً لقاديش فإن بعض المناطق عانت ضغطاً زائداً نتيجة تركز القطعان فيها بحثاً عن حالة الأمان على حين إن مناطق أخرى كان من الصعب الوصول إلى القطعان فيها ما أدى إلى خلل في توزع قطعان العواس في المحافظات فالتوزع الحالي ليس التوزع الطبيعي الذي كان سائداً قبل عام 2011 أما الآن فإن الوضع أصبح أكثر وضوحاً.
وبيّن معاون الوزير أن آخر إحصاء قامت به الوزارة كان في عام 2010 الذي تجاوزت وفقاً له قطعان الأغنام تعدد 18 مليون رأس كاشفاً أن تعداد أغنام العواس في سورية انخفض بمقدار ستة ونص مليون رأس ليستقر عند حوالي 13 مليون رأس وذلك نتيجة عدة عوامل أهمها الإرهاب والتهريب مبيناً أن الوزارة حالياً تعمل على استعادة نشاطها في مناطق البادية لتأمين احتياجات المربين وذلك في المناطق الآمنة منها كبادية حمص وبادية السويداء حيث تم العمل على إعادة تأهيل الآبار فيها إضافة إلى ذلك تم إصدار استمارة لكل قطيع من الأغنام يسهل تنقلها بين المحافظات وتتضمن المعلومات اللازمة عن هذا القطيع، نافياً أن يسهل ذلك على التهريب.
التصدير
وأوضح قاديش أن الوزارة أوقفت العام الماضي وهذا العام التصدير وذلك بهدف ترميم قطيع الأغنام العواس مبيناً أن هذا القرار في الحالة الطبيعية، ليس ايجابياً لكن في ظل هذا الوضع أصبح ضرورياً، مضيفاً: إن قرار السماح بالتصدير كان سينعكس سلباً على أسعار لحوم العواس وتالياً على المستهلك بما يؤدي إلى رفع أسعارها مبيناً أن عملية التصدير تقوم على قياس نسبة الخراف للقطيع ومدى الزيادة في هذه النسبة وانعكاسها على ارتفاع السعر للمستهلك في حالة التصدير .
ويعتقد قاديش بالمثل القائل إن سنة الخير هي للمربي وأن سنة الجفاف هي للمستهلك موضحاً أنه في هذا العام أدى هطل الأمطار الكثيرة إلى زيادة المراعي ومن ثم أدى ذلك إلى إحجام المربين عن عملية بيع القطعان لعدم وجود تكاليف لتربية الأغنام في ظل توافر المراعي ما يجعل المربي يسعى إلى تنمية القطيع وهو ما حصل خلال العام لذلك فالمتوقع زيادة في أعداد القطيع وذلك على عكس ما يحصل في سنوات الجفاف أو قلة المراعي المجانية ما يضطر المربي إلى شراء الأعلاف وللتعويض على ذلك يسعى إلى بيع جزء من القطيع الذي يذهب في الغالب باتجاه الذبح للاستهلاك المحلي ويؤدي بالنتيجة إلى رخص في أسعار لحومها في الأسواق المحلية .
لا خوف على العواس
وعن إمكانية حصول فقر في قطيع العواس في البلد أكد قاديش أنه لا خطر على قطيع أغنام العواس معيداً التأكيد إمكانية التعويض في قطيع أغنام العواس مدللاً على أن الزيادة السعرية في أسعار اللحوم تؤكد قلة العرض ومن ثم تبين أن المربين يذهبون باتجاه تنمية قطعانهم ما يعني أن هذه التنمية ستصب لمصلحة زيادة أعداد العواس ومن ثم هذا يمنع تناقص الأعداد من جهة ويعوض جزءاً من القطعان التي فقدت خلال الأزمة من جهة أخرى إضافة إلى ذلك فإن هذا يدلل على أن إناث العواس لا تذبح، مشيراً إلى أنه لو استشعر المربون وجود خطر يهدد قطعانهم لوجدت عمليات البيع أكثر من ذلك ولانعكس ذلك على سعر اللحوم انخفاضاً لأنه في هذه الحالة ستشمل عمليات الذبح حتى إناث العواس لذلك فإن ارتفاع السعر دليل صحي وليس العكس موضحاً أن القطيع يتكون في الأغلب من 30% خراف فإذا طالت عمليات الذبح 30% من إناث العواس فإن ذلك سينعكس انخفاضاً في سعر اللحوم.
الاستيراد والتهريب
ووفقاً لقاديش فإن الوزارة تمنع استيراد اللحوم المجمدة وتسمح باستيراد العجول بقصد الذبح إضافة إلى الخراف لكن غالباً لا يتم هذا الأمر بسبب عدم إقبال المستهلك على لحومها لعدم استساغتها من قبله مقارنة بالمنتج المحلي.
ويرى قاديش أن التكلفة مقاربة للسعر الذي يباع به كيلو غرام الخروف القائم والذي يصل إلى ألفي ليرة في سوق الجملة ومن ثم لا ربح كبيراً للمربي وخصوصاً أن هذه السوق هي السوق التي قد يستفيد منها المربي ذلك بعيداً عن السعر النهائي للكيلو غرام الذي يصل إلى المستهلك أو القوة الشرائية لديه لأن هذا ليس مسؤولية وزارة الزراعة.
وعن التهريب وأثره في الأغنام العواس بيّن قاديش أن التهريب مشكلة تؤدي إلى زعزعة الاقتصاد بكافة أشكاله ووزارة الزراعة لا يمكن أن تخطط لهذا الأمر لذا في المجمل فإن التهريب ضار وخصوصاً أنه في الثروة الغنمية فإن التهريب ضار أكثر من القطاعات الأخرى وذلك لأنها مطلوبة خارجياً ولأن طبيعة تربية هذه الثروة تكون في المناطق المفتوحة أو الحدودية يضاف إلى ذلك أن الحدود كانت خارج السيطرة في بعض المناطق وما زلت خارج السيطرة في مناطق أخرى لذا فإن ذلك سبب ضرراً كبيراً على هذه الثروة مبيناً أن عودة الأمن والأمان إضافة إلى ضبط الحدود ستؤدي إلى انعكاس إيجابي على تزايد قطعان الثروة الغنمية وبالتالي تنمية الفاقد منها.
ورأى قاديش في ختام حديثة أن المسألة السعرية تتعلق بالعرض والطلب ولكون هذه السنة كانت سنة مربً فإن ما يتم عرضه بغرض الذبح جيد ومتوافق مع هذا المعيار لذا فإن سعر الجملة الحالي هو سعر قريب من سعر التكلفة ولو كان أغلى بكثير من سعر التكلفة لكان يعني أن هناك قلة في العرض.
المجموعة الإحصائية
ووفقاً للمجموعة الإحصائية السنوية التي تصدرها وزارة الزراعة كل عام فإن تعداد القطيع قارب في عام 2007 تعداد 23 مليون رأس ووصل العدد في عام2011 تعداد 18 مليوناً وانخفض العدد في عام 2015 ليصل إلى 13 مليوناً وسبعمئة ألف رأس.
ووفقاً للمجموعة فقد توزعت الأغنام على المحافظات لتأتي حلب في المقام الأول بواقع تعداد قارب 3 ملايين رأس ثم حماة بواقع مليونين و400 ألف رأس ودير الزور بواقع مليون وسبعمئة ألف رأس تليها ريف دمشق بنفس العدد ومن ثم الحسكة بواقع مليون وستمئة ألف رأس ومن ثم الرقة بواقع مليون واربعمئة ألف رأس.
جمعية اللحامين
من جانبه بين رئيس جمعية اللحامين في دمشق ادموند قطيش أنه كان من المتوقع انخفاض أسعار لحم الخروف بعد انتهاء عيد الأضحى لكن كجمعية فوجئنا بهذا الارتفاع فقد وصل اليوم سعر الكيلو غرام من الخاروف القائم إلى نحو 2500 ليرة وسعر الكيلو غرام من الهبرة تعدى ثمانية آلاف ليرة.
وأعاد قطيش في تصريح لـ«الاقتصادية» السبب الرئيسي لهذا الارتفاع لزيادة عمليات تهريب القطعان إلى كل من لبنان وكردستان العراق نافياً وجود تهريب في الوقت الحالي باتجاه الأردن ومؤكداً أن الطريق الوحيد لعودة الأسعار إلى طبيعتها تكون بقرار يمنع التهريب مؤكداً أن توقف عمليات التهريب خصوصاً إلى لبنان ستؤدي إلى انخفاض في سعر الخروف القائم إلى النصف لتصل إلى سعر 1200 ليرة .
وعن أسباب زيادة كميات التهريب بعد العيد رغم انتهاء موسم عيد الأضحى الذي يعتبر من أكثر المواسم طلباً للخراف رأى قطيش أن الطلب الخارجي على الخراف هو السبب ذلك أن الأغنام العواس غير موجودة إلا في سورية.
ورأى قطيش أن المسألة بحاجة إلى حلول الأول ضبط الحدود والثاني السماح بالاستيراد مؤكداً أن وزارة الزراعة لا تسمح باستيراد خروف البيلا فهي لا تعطي موافقات بهذا الشأن ويجب عليها أن تعمل كما كان في السابق فمقابل كل خروف يصدر يسمح باستيراد خروفين بيلا.
وعن الأسباب التي أدت إلى أن الارتفاع طال أجزاء لحم الخروف وخصوصاً تلك التي تعتمد عليها العائلة الفقيرة في تدبير أمورها مثل لية الخروف التي وصل سعرها إلى 3 ألاف ليرة أو العصاعيص التي تعدى سعر الكيلو غرام منها 4 آلاف ليرة بيّن قطيش أن التهريب أدى إلى قلة في المعروض من الخراف للبيع من أجل الذبح ما أدى إلى ارتفاع أسعارها مبيناً أن هذه الأجزاء من لحوم الخراف التي تذبح في سورية من لية وعصاعيص أصبحت مطلوبة بشدة في لبنان ويتم أخذها من السوق وبيعها في السوق اللبنانية وهو سبب إضافي لارتفاع أسعارها في السوق المحلية.