السوق الأزرق.. بضائع الفيسبوك من الحذاء إلى السيارة … التموين: مراقبونا على صفحات الفيسبوك قريباً!!
بضائع مشكوك بمصدرها وجودتها
| سيلفا رزوق
شيئاً فشيئاً بدأ ما بات يعرف بـ«سوق الفيسبوك» أو ما كما يحلو للبعض تسميته «السوق الأزرق» يحتل مكانته في سوق التجارة الالكترونية، وبات يشكل منافساً قوياً لشركات تسويقية مهمة.
سورية التي تحتل مرتبة متقدمة في عدد رواد «الفيسبوك» الذي تجاوز بحسب آخر إحصائية نشرت عام 2017 نسبة 40 بالمئة من عدد السكان، يبدو أنها باتت تحتل المرتبة ذاتها في عدد صفحات «الترويج أو التسويق الأزرق».
رواد التسويق عبر الفيسبوك استثمروا حجم الانتشار الواسع هذا، وانعدام التكاليف، وانعدام الضرائب التي تفرضها الحكومة عادة على أي نشاط تجاري آخر في الترويج لبضائعهم ومنتجاتهم، الأمر الذي وفر مع مرور الوقت آلاف فرص العمل، وخلق «نشاطاً تجارياً» من نوع خاص، لكن هذه الميزات التي قدمها هذا الشكل من التسويق لم تلغ حصول حالات نصب واسعة تعرض لها بعض العملاء الذين وثقوا بما تروجه بعض «الغروبات» أو «المجموعات» الفيسبوكية»، كما أن مشكلات أخرى من قبيل الترويج لبيع «المهربات» و«الممنوعات» باتت تنتشر اليوم بصورة واسعة، مستغلة غياب ثقافة التسويق الإلكتروني لدى الكثيرين، وغياب الرقابة الحكومية حتى الآن.
«الاقتصادية» طرقت أبواب «التسويق الإلكتروني» وحاولت البحث في تفاصيل ما يجري بين الصفحات الزرقاء.
أصحاب الشأن يحتجون
وقبل البحث في قانونية هذا النوع من التسويق والدور الحكومي المفترض القيام به، تم الحديث إلى بعض أصحاب «الصفحات التي تروج لبضائع سواء لأصحاب منشآت قائمة بحد ذاتها أم لبعض المروجين لبضائع «أجنبية»، محاولة الحديث مع هؤلاء قوبلت برفض كبير، على اعتبار أن هذه « الصفحات» تحولت إلى ما يمكن تسميته المشروعات الصغيرة التي تؤمن مصدر دخل لكثير من العائلات، وفتح مثل هذه «الأبواب» على حسب تعبيرهم لن يجلب لهم الخير!
«الاقتصادية» وفي استطلاع سريع لما يجري ترويجه وجدت أنها باتت مختصة بكل مناحي الحياة، من ملابس وأحذية وعطور وصولاً حتى لبيع الشقق والسيارات. ولا تخلو من إمكانية أن تشكل خطراً وارداً جداً لأن كل هذه المعروضات لغياب الرقابة على مدى صلاحيتها للاستهلاك أو مدى جودتها، إضافة إلى حالات الغش الواسعة، لأن ما يربط الطرفين العارض والشاري في هذه الحالة هي «الثقة».
العملاء مرتاحون
وفي استطلاع أجرته «الاقتصادية» لمعرفة مدى استجابة المواطنين لهذا النوع من التسويق، كشفت اعتماداً غير مسبوق من هؤلاء على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الثقة بالمعروضات ليست ذاتها، حيث اشتكى كثيرون من حالات كذب وغش في المعروضات.
النساء شكلن في المتابعة التي أجرتها «الاقتصادية» الشريحة الكبرى في الإقبال على هذا النوع من التسويق، والآراء بين النساء جاءت مناصفة بين مؤيدات يثقن بالبضائع التي تعرض، ويجدن في هذا النوع من «التسويق» توفيراً للوقت والجهد، ومعارضات لم يجدن حتى الآن غير «الكذابين».
حماية المستهلك حاضرة
مدير حماية المستهلك في وزارة التجارية الداخلية وحماية المستهلك علي الخطيب، أشار في تصريح لـ«الاقتصادية» إلى القانون الذي صدر عام 2014 القانون رقم 3 والذي سمي قانون المعاملات الإلكترونية يتضمن جزءاً خاصاً بحماية المستهلك «الإلكتروني» الذي يشتري عن طريق«الفيسبوك» أو غيره، وبعد اجتماعات جرت مع جميع الجهات المعنية سواء بالاتصالات أم في وزارة المالية، تم إعداد لائحة تنظيمية للضوابط والنواظم الخاصة بحماية المستهلك الإلكترونية، وصدر قرار بهذا الأمر هذا العام، وكان هناك فصل خاص مستقل بحماية المستهلكين.
وأشار الخطيب إلى أن القانون الجديد وضع نواظم محددة مرتبطة بمدة العرض، ووضع المواصفات الخاصة بالمادة المعروضة، وأيضاً ينبغي أن يكون العارض معروف الهوية والمكان، وغيرها من التفاصيل التي تضمن حق البائع والشاري.
وبيّن الخطيب أن الشركات التجارية التي تسوق لمنتجاتها عبر الفيسبوك ستتم متابعتها ومحاسبتها في حال مخالفتها للمواصفات المذكورة على وسيلة التواصل الاجتماعي، ويجب أن يكون للشركة سجل تجاري لتستطيع أن تستخدم ميزة التسويق الإلكتروني.
الخطيب الذي أكد حصول الكثير من حالات «التدليس» و«الغش» خلال عمليات البيع والشراء الإلكتروني أكد أن القانون الجديد وضع عقوبات لمن لا يلتزم بالضوابط التي وضعها القانون الموضوع، وذلك من مبدأ الحرص على المستهلك كي لا يقع بالغبن.
الخطيب أشار إلى آلية تطبيق هذا القانون، واضعاً الكرة بداية في ملعب الأشخاص الذين يتعرضون لحالات «النصب» إن صح التعبير، إذ على هؤلاء تقديم شكوى قانونية، والوزارة تقوم بعدها بما عليها، علماً أن تعاوناً يجري بين الوزارة والأجهزة المعنية كافة بما فيها فرع الجرائم الإلكترونية في إدارة الأمن الجنائي.
ولفت الخطيب إلى أن عدداً من الشركات قدمت إلى الوزارة وصرحت عن عملها بصورة قانونية، علماً أن مراقبة طبيعة المواد المعروضة وصلاحيتها ومصدرها يبقى عملاً خاصاً بالوزارة ويقع على عاتقها مراقبة «السوق الإلكترونية» كما تراقب باقي الأسواق.
المعروضات المحرمة بيد الأجهزة المختصة
الخطيب شدد في حديثه على أن موضوع التسويق للمهربات أو «الممنوعات» هو بيد الأجهزة المعنية التي تتولى مراقبة هذا الأمر، وتتخذ الإجراءات اللازمة.
ولفت الخطيب إلى وجود تعاون وثيق بين الوزارة وجميع الأجهزة المعنية، وجرى مؤخراً تنظيم عدد كبير من الضبوط لكن لا إحصائيات محددة لها حتى الآن.
مدير حماية المستهلك بوزارة التجارة الداخلية، شدد على أن العلاقة بالمحصلة هي بين طرفين، وبالنهاية «التسويق الإلكتروني» والضوابط القانونية والاجتماعية التي تنطبق عليه هي ذاتها التي تنطبق على الأسواق الأخرى.
الوعي يبقى الأساس
مدير الشركات في الوزارة أيمن أبو زيتونة أكد أهمية مسألة نشر ثقافة الوعي لدى المستهلكين كي لا يكونوا عرضة للابتزاز، علماً بأن عدد الشركات التي طالبت بالترخيص للتسويق الإلكتروني والحصول على سجل تجاري خاص بها لا يزال قليلاً جداً، خصوصاً أن التعليمات الناظمة لقانون حماية المستهلك الإلكترونية، لم يمض على صدورها إلا أشهر قليلة.
وبيّن أبو زيتون أن هناك مواصفات معينة للشركات حيث لا تحصل على السجل التجاري إلا بموافقة الجهات المعنية بالتسويق الإلكتروني وهي موافقة الهيئة الناظمة للاتصالات والمؤسسة العربية للإعلان.
وأكد أبو زيتون أن الوزارة تقوم بجهد كبير لتنفيذ الضوابط الموضوعة، وشيئاً فشيئاً سيتم لحظ المخالفات بصورة أفضل. منوهاً بأنها تضم سبع مواد تخص حماية المستهلك، إضافة إلى فصول أخرى تتناول موضوعات الإسناد التجارية والدفع الإلكتروني والتعاقد الإلكتروني.
للقانون كلمته
المحامي أحمد طارق قلعجي أشار إلى وجود ثلاثة قوانين ناظمة للتجارة الإلكترونية، هو القانون رقم 3 للعام 2014 المتعلق بالمعاملات الإلكترونية، والقانون رقم 4 التوقيع الإلكتروني وخدمات الشبكة لعام 2009، والمرسوم 17 لعام 2012 المتعلق بتنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية، وكل عمليات البيع والشراء أو تبادل للإيجاب والقبول، التي تجري عبر الفيسبوك أو الواتس آب، أو المواقع الإلكترونية التي تندرج تحت مسمى العقد الإلكتروني، حيث اعتبر المشرع السوري أن العقد الإلكتروني مقبول قانونياً للتعبير عن الإدارة.
وفيما يتعلق بالبيع والشراء عن طريق الفيسبوك وفي حال الخلل بالسلعة أو الغش فيها، لم ينظم المشرع السوري التزاماً بمطابقة المبيع لا بالقواعد العامة أو حتى الخاصة، وفي حال الخلل بالالتزام بمطابقة السلعة، بهذه الحالات ترفع دعوى تتم المطالبة من خلالها، بـ«التنفيذ العيني» ويتم إما عن طريق إصلاح السلعة المبيعة وإما استبدالها وتحمل المواصفات المتفق عليها، أو رد المبيع واسترداد الثمن وهذه الحالة الأخيرة نظمها المشرع السوري على أن تتم خلال عشرة أيام.
الانتباه مطلوب
لا إحصائيات إذاً عن أعداد الشركات ولا عن حجم التداول على الفيسبوك، لكن القوانين صدرت، و«التموين» تتوعد المخالفين، والوعي مطلوب وبشدة، فسوق الفيسبوك بات أمراً واقعاً لا مفر منه ويبقى الانتباه مطلوباً.