رواتب المتقاعدين.. إعانة معيشة..تعويضات مخجلة لا تتناسب مع المهن وخدمات السنين مدير «التأمينات الاجتماعية» لـ«الاقتصادية»: عدد المتقاعدين ٨٤٠ ألفاً و ١١٦ مليار ليرة معاشات تقاعدية شهرياً
| أمير حقوق
لا شك أن الواقع الاقتصادي المرير أرخى بظلاله على واقع الرواتب والأجور، وخاصة في ظلّ التضخم الكبير الذي يضرب الاقتصاد السوري، والتي أدى لمستويات محددة من الركود في الأسواق.
الأمر الذي ينعكس سلباً على واقع المتقاعدين، إذ تعد الرواتب التي يتقاضونها شهرياً لا تكفيهم ربما لشراء احتياجاتهم الدوائية الشهرية، بعيداً عن مصاريف المعيشة التي تعد تحدياً كبيراً لأرباب الأسر والعائلات.
«الاقتصادية» تفتح ملف رواتب المتقاعدين، من خلال معرفة أعداد المتقاعدين والكتلة النقدية التي ترفع لهم، إضافة لمتطلبات واقع رواتبهم وما الخدمات الاقتصادية التي يجب أن تتوافر لهم.
أحد الصحفيين المتقاعدين، «فضل عدم كشف اسمه» كشف لـ«الاقتصادية» أن راتبه التقاعدي لا يتجاوز 50 ألف ليرة سورية، والتي لا تكفيه لسد احتياجاته ليوم واحد فقط، على حين أن المهندس يتقاضى نحو 340 ألفاً كراتب تقاعدي، والمحامي نحو 400 ألف، مطالباً اتحاد الصحفيين ووزارة الإعلام للتحرك بسرعة للنهوض بواقع الصحفيين المتقاعدين أسوة بباقي الاتحادات والنقابات.
116 ملياراً شهرياً
بدوره، مدير عام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية جعفر السكاف، أوضح في حوار خاص لـ«الاقتصادية» أن عدد المتقاعدين بلغ ٨٤٠ ألف متقاعد، ويتم صرف ما يقرب من ١١٦ مليار ليرة سورية شهرياً كمعاشات تقاعدية لهم.
وبين السكاف أن أولويات المؤسسة في العمل تتمحور حول صرف المعاشات التقاعدية للمتقاعدين والمستحقين عنهم، وصرف التعويضات المختلفة للمؤمن عليهم وورثتهم، وتقديم الخدمات الطبية للعمال الذين يتعرضون لإصابات العمل والأمراض المهنية، إضافة لتحصيل أموال المؤسسة وفقاً لأحكام القانون، ونشر الوعي التأميني ورفع مستوى العاملين، وبسط المظلة التأمينية لتشمل كل العاملين في جميع القطاعات داخل القطر وخارجه، واستثمار فائض أموال المؤسسة.
العلاقة مع القطاع الخاص
إن العلاقة مع القطاع الخاص في الفعاليات الاقتصادية كافة تنطلق أولاً من قانون التأمينات الاجتماعية الذي حدد بمادته رقم /16/ أن الاشتراك لدى المؤسسة إلزامي بالنسبة للعامل وصاحب العمل، ولا يجوز الاتفاق على خلاف ذلك أبداً، وكذلك الالتزام بسداد الاشتراكات التأمينية شهرياً في مواعيدها المحددة قانوناً تحت طائلة تحميلهم الفوائد والمبالغ الإضافية المحددة بالمادتين /74– 77/، حسبما أشار إليه السكاف.
وأضاف: يعتبر أصحاب العمل إحدى أهم الركائز التي تقوم عليها ثلاثية العمل التأميني من (عمال– حكومة– أصحاب عمل)، وتطبيقاً لذلك فإن ممثلي أصحاب العمل ضمن مجلس إدارة المؤسسة جنباً إلى جنب مع ممثلي العمل من الاتحاد العام لنقابات العمال، وكذلك هم أعضاء في المجلس الاستشاري للعمل والحوار الاجتماعي المشكل بموجب أحكام المادة /177/ من قانون العمل رقم /17/ لعام 2010 بحيث يتوالى هذا المجلس إبداء الرأي وتقديم المقترحات فيه.
تنطلق من مبدأ التشاركية
إن علاقة المؤسسة مع غرف التجارة وغرف الصناعة والسياحة وغيرها ممتازة تنطلق من مبدأ التشاركية والتكاملية في علاقات العمل وقد اتخذت المؤسسة لذلك خطوة رائدة في مجال الربط الشبكي مع غرفة التجارة لتخفيف وتنشيط الإجراءات على الإخوة أصحاب العمل، تبعاً للسكاف.
تصرف له التعويضات المناسبة
وحول سؤال أين المواطن من التأمينات الاجتماعية؟ شرح السكاف أن المواطن هو الحاضر الدائم في صلب المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، فهي معه وهو على رأس عمله كمؤمن عليه وتتخذ كل الإجراءات لتوعيته في مجالات الصحة والسلامة المهنية، ومعه عند حدوث إصابة عمل حيث تقدم له العلاج والدواء والتأهيل والأطراف الصناعية وكل ما يلزم، وتصرف له التعويضات المناسبة لذلك، والمؤسسة معه عندما يحال على المعاش ومع أسرته من بعده عند الوفاة.
نقص 500 عاملاً
وعن الصعوبات التي تعترض المؤسسة في العمل، تعرض بعض فروع المؤسسة للتخريب، ما أدى إلى فقدان الملفات التأمينية حيث تمت إعادة تأهيل تلك الفروع وتتم معالجة الملفات المفقودة من قبل لجان مختصة ومشكلة لهذه الغاية، وتسرب عدد كبير من العاملين لدى المؤسسة لأسباب متعددة ما أدى إلى نقص في الكادر الوظيفي بحوالى (500) عامل من الملاك العددي الحالي، وهذا العدد في ازدياد مستمر مما سيؤثر لاحقاً في أداء الخدمات التأمينية للإخوة المتقاعدين والمؤمن عليهم.
خروج بعض المنشآت الخاصة عن العمل
إضافة إلى عدم التزام بعض جهات القطاع العام بسداد الاشتراكات عن عمالهم ضمن المهل المحددة في القانون، مما يؤدي إلى تزايد قيمة الديون المترتبة لمصلحة المؤسسة على تلك الجهات، الأمر الذي يؤثر سلباً في ملاءة الصندوق وقدرة المؤسسة على الوفاء بالتزاماتها لكون المصدر الرئيسي لأموال الصناديق التأمينية هي اشتراكات العمال، وأخيراً خروج عدد كبير من المنشآت الخاصة عن العمل نتيجة الأعمال الإرهابية ما رتب خسارة مزدوجة لصناديق المؤسسة، فمن ناحية خسرت اشتراكات العمال المؤمن عليهم الذين كانوا يعملون في هذه المنشآت، ومن ناحية ثانية تم سداد مستحقاتهم التأمينية لهم، حسب توصيف السكاف.
منصة إلكترونية لتقديم الخدمات
البرامج والمشروعات المقترحة في ضوء الأولويات والإمكانات المتاحة في المؤسسة، هي التحول الرقمي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وإنشاء منصة إلكترونية لتقديم خدمات المؤسسة، والمساهمة في تبسيط إجراءات المؤسسة، حسبما ختم به السكاف حديثه مع «الاقتصادية».
لا تكفي لمتطلبات العائلة
الجسد الاقتصادي متهالك ومتآكل وخاصة في ظل التضخم الكبير، وهذا ينعكس سلباً على واقع أجور الرواتب والتقاعد لموظفي القطاع العام والخاص، فموظفو القطاع العام تعد رواتبهم لا شيء تبعاً لغلاء الأسعار الذي تشهده الأسواق ونظراً للواقع الاقتصادي السيئ الذي نعيشه، وموظفو القطاع الخاص يعانون من المعضلة ذاتها، فالرواتب اليوم لا تكفي لمتطلبات واحتياجات العائلة من طعام ودواء وألبسة وغيرها، حسب رؤية الخبير الاقتصادي الدكتور هاني حداد في أثناء حديثه مع «الاقتصادية».
لا تغطي مصاريف يومين
وواقع أجور المتقاعدين أجور عادية ولا تغطي مصاريف أول يومين من بداية الشهر، والأجور تقريباً توازي كل النقابات والاتحادات، وبعض الزيادة ببعض النقابات أو الاتحادات تكون من خلال الامتيازات التي تطرحها النقابات وهذا واجب على كل النقابات والاتحادات، وفقاً لحداد.
زيادة متدرجة لرواتب المتقاعدين
ويرى حداد أن المشكلة لا تكمن في توحيد رواتب المتقاعدين لكون توحيدها وفرز الفئات في ظل الواقع الاقتصادي لم يكفِ للمتقاعدين، بل الحل يتمثل في زيادة الرواتب، وأن تكون هذه الزيادة تدريجية.
ألا تنعكس الزيادة على الأسواق؟
وواقع أجور المتقاعدين اليوم يتطلب زيادة فعلية وإعادة دراسة بشكل منطقي وإعادة هيكلة الراتب، وفقاً لحداد، متابعاً: والأهم ألا تؤثر هذه الزيادة سلباً في الأسواق عبر غلاء الأسعار وبالتالي الزيادة لا تجدي مفعولاً حينها، وخاصة أننا نعاني وجود «حيتان الأسواق» إذ يرفعون الأسعار ويتحكمون بها حسبما يرونه.
ضرورة دراسة كتلة الراتب التقاعدي
الخدمات التي يجب أن تقدم للمتقاعدين فيها خدمات أساسية كالخدمات الطبية والتأمين الصحي والتعليمي والخدمات المعيشية، ونسبة تمتعهم بالخدمات المقدمة لهم تبلغ نحو ٣٥ بالمئة، نظراً للغلاء الذي يصيب كل السلع والاحتياجات، وبالتالي لا تتوافر نقطة التلاقي بين الخطة المدروسة لكتلة راتب التقاعد مع سعر المواد والسلع التي تباع للمتقاعدين، وهذا ما يؤدي إلى ضرورة دراسة هذه النقطة في مؤسسة التأمينات الاجتماعية لهذا الأمر، وأن يعاد النظر بهيكلية جميع الرواتب، لكونها ضرورية وأساسية، وهذه الرواتب سواء للمتقاعدين أو للموظفين على رأس عملهم لا تكفيهم يومين أو أكثر بقليل، في ظل حالة الانهيار الاقتصادي الذي نعيشه، وهذا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، حسبما ختم به حداد.