«التموين» تتحدث بوضوح عن الترميز.. «الباركود» يقدم معلومات عن مصدر السلعة وتاريخها وسعرها.. السلع المهربة ستكون خارج نظام الاستهلاك بسبب عدم ارتباطها بالترميز
| أمير حقوق
تولي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عملية ترميز السلع والمنتجات أهمية وأولوية في عملها لما تحققه من فائدة، وهذا ما تبين في اجتماع الوزير لؤي المنجد مع فريق الوزارة المتخصص بعملية الترميز، إذ تم استعراض الخطوات التي وصلت إليها عملية الترميز وذلك في إطار تنفيذ استراتيجية التحول الرقمي في سورية.
وحث الوزير الفريق المتخصص على تحديد الأهداف والرؤى وبناء قاعدة بيانات فاعلة مبنية على أسس وقواعد صحيحة بهدف الوصول إلى مخرجات تواكب عملية الترميز وتحقق رؤية مستقبلية سليمة وناجحة للعلاقة بين المستهلك والقطاع التجاري، مشدداً على تكثيف الجهود والعمل بشكل دائم على تزويد الشركة المبرمجة لعملية الترميز بجميع المعلومات الدقيقة لمتابعة عملها لتجهيز منظومة تتوافق مع الأنظمة والمعايير العالمية في مجال ترميز السلع والخدمات وتضمن أيضاً الخصوصية السورية.
وبناء على أهمية عملية الترميز في الوقت الحالي بظل التخبطات التي تشهدها الأسواق وخاصة في تفاوت أسعار السلع من دون وجود آلية تسعير موحدة، بالإضافة لوجود احتكار ببعض السلع، وعدم سيطرة حقيقية وواضحة على الأسواق، لذلك «الاقتصادية» طرحت ملف عملية ترميز السلع والمنتجات وفق قراءة توضيحية من الخبراء والمتخصصين، لمعرفة جوانب عملية الترميز وتحديد أهميتها وخصائصها وانعكاساتها على الأسواق، والإحاطة بالمعوقات التي تعثّر طريقها.
تفاصيل السلعة كاملة
تشير عملية الترميز إلى بطاقة بيان إلكتروني نستطيع من خلالها معرفة مصدر السلع والمواد وتاريخ إنتاجها وتاريخ انتهاء صلاحيتها، وتحديد سعرها، وبمعنى أشمل تتضمن تفاصيل السلعة كاملة، وستكون عبر مراحل ثم إلزامية لجميع السلع، حسب ما أشار إليه أمين سر جمعية حماية المستهلك والخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة لـ«الاقتصادية».
وبرأي الخبير حبزة: إن عملية الترميز من الخطوات المهمة جداً، وسابقاً كان العمل بها جارياً، ولكنها توقفت، إذ تعطي قاعدة بيانات حقيقية للسلع والمنتجات، وتساعد في مكافحة الغش وتحديد أماكنه وتحديد آليته، وسحب المنتجات والسلع المخالفة من الأسواق.
متطلبات
وعملية الترميز تحتاج لمقومات وقاعدة بيانات حتى تكون صالحة، وتحتاج لإمكانيات خاصة في ظل انقطاع التيار الكهربائي والمعوقات التي تعثر التحول الرقمي، بالإضافة إلى غلاء حوامل الطاقة لاستجرار الكهرباء من خلالها، وفق رؤية الخبير حبزة.
السيطرة على الأسواق
ومن أهمية عملية الترميز أنها تخفف الهدر وتحد من الفساد لكونها تحدد أماكن الخلل، تبعا لحبزة، شارحاً: ومن خلال عملية الترميز تتم السيطرة على الأسواق عبر معرفة الجهات المنتجة والسلع والمواد الغذائية وغيرها وإن كانت صالحة أم غير صالحة، وبالتالي تساعد على التخلص من اقتصاد الظل الذي نعانية، لكونه عبئاً على الحكومة، والصناعيون والمنتجون يلجؤون إليه بسبب ارتفاع الضرائب.
القضاء على تفاوت الأسعار
وأشار إلى أن عملية الترميز باتت بديهية في الدول المتقدمة وبعض الدول العربية لكونها تسهل عملية التسوق وتحدد الأسعار وتقضي على تفاوت الأسعار وهذا يتطلب أن تولي الحكومة عملية الترميز أهمية كبيرة ودعماً منها.
مكافحة الاحتكار
الترميز يخدم وزارة التجارة الداخلية في مكافحة الاحتكار، وبالتالي ستتعامل معه في تحديد الكميات التي تصدر من المنشآت الصناعية لكل تاجر أو وكيل، وفي الوقت نفسه الكميات التي تصدر من الوسطاء إلى منافذ البيع المباشر للمستهلك، وبهذه الحالة يتم تحديد الاحتكار سواء عند الوسطاء أم عند منافذ البيع المباشر، تبعاً لتوصيف الخبير التسويقي والاقتصادي ماجد سلطان أثناء حواره مع «الاقتصادية».
إنشاء شبكة ضخمة من المعلومات، موضحاً أن الترميز يتطلب إنشاء شبكة ضخمة من المعلومات المرتبطة مباشرة بوزارة التجارة الداخلية لمراقبة حركة السلع وأسعار بيعها للمستهلك عند كل منفذ بيع، فيعتبر مشروعاً ضخماً لا يمكن تحقيقه في ظل الظروف السيئة من خدمة الإنترنت ومشاكل الربط أولاً، معتقداً أنها تتطلب حجم عمل يقارب السنتين على الأقل لضمان ربط جميع منافذ البيع بالوزارة.
بسبب المنافسة بين الشركات
ويضيف: مراقبة الأسعار بوساطة الترميز تتطلب قاعدة بيانات ضخمة في كل فرع من أفرع الوزارة، أي في مديريات التجارة الداخلية لكل محافظة وهذا ليس بالأمر السهل تحقيقه، وبالنسبة لسعر البيع للمستهلك فالأسعار المعلنة في أغلب المنتجات غير المدعومة أقل من أسعار التكلفة، بسبب المنافسة الشديدة بين الشركات المنتجة.
محاربة الفساد
وبعد فرض طريقة الترميز على جميع مراكز البيع، يجب ربط الجميع مع قاعدة بيانات في المديرية ومراقبة حركة المواد عن طريق القاعدة وهذا يعتبر أمراً صعباً للغاية إن لم يكن أشبه بالمستحيل، ولكن تطبيق عملية الترميز ستساعد في المراقبة على الحد بشكل كبير من الاحتكار وهو الأهم في محاربة الفساد، وعند محاربة الاحتكار سنجد أن استقرار الأسعار أصبح قضية «تحصيل حاصل»، حسب ما ختم به حديثه مع «الاقتصادية».
التضخم المستمر يعوق الترميز
بدوره، كشف خبير اقتصادي لـ«الاقتصادية» مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن التحديات الرئيسية لتطبيق نظام ترميز السلع والمنتجات في سورية تشمل أولاً التضخم المستمر: فارتفاع الأسعار المستمر يعوق قدرة الترميز على ضبط الأسعار بشكل فعال، ويخلق تفاوتاً غير مبرر بين أسعار السلع في مختلف المناطق.
الأسواق الموازية
ثانياً: الأسواق الموازية (التهريب): وجود أسواق تهريب خارج إطار الرقابة الرسمية يجعل من الصعب توثيق السلع المهربة ودمجها في النظام، ما يقلل من فاعلية عملية الترميز، ثالثاً: نقص التنسيق بين الجهات المعنية: يتطلب تنفيذ عملية الترميز تعاوناً وثيقاً بين الحكومة والقطاع الخاص لضمان توافق النظام مع المعايير العالمية وتلبية احتياجات السوق المحلي.
تحديث البنية التحتية التكنولوجية
رابعاً: البنية التحتية الرقمية: الحاجة إلى تحديث البنية التحتية التكنولوجية وتطوير الأنظمة المتاحة لتدعيم عملية الترميز وتوفير قاعدة بيانات دقيقة وموثوقة، وأخيراً: التحديات القانونية والتنظيمية، ضمان توافق الأنظمة القانونية والتنظيمية مع عمليات الترميز وتنظيم آليات التنفيذ بشكل يضمن الشفافية والفعالية.
ضمان الشفافية في الأسواق
ويرى أنه عند تطبيق نظام ترميز السلع في سورية، من المهم تحديد أولويات تتعلق بالسلع التي سيكون لها أكبر تأثير اقتصادي على السوق المحلي والقطاع التجاري، فمن أبرز الأولويات في ترميز السلع من حيث الأهمية الاقتصادية: السلع الأساسية والمستهلكة على نطاق واسع: إذ تشمل المواد الغذائية الرئيسية مثل الأرز، السكر، القمح، والزيوت، بالإضافة إلى منتجات أخرى مثل الألبان واللحوم، وهذه السلع تؤثر بشكل كبير في حياة المواطنين وأسعارها تكون عرضة للتقلبات، ما يجعل ترميزها أولوية لضمان الشفافية في الأسواق وتحديد الأسعار بشكل دقيق.
تعزيز القدرة التنافسية
وأكمل شارحاً: أما السلع الاستهلاكية الطويلة الأمد: مثل الأجهزة الكهربائية، الأثاث، والأدوات المنزلية، فتتسم هذه المنتجات بمبيعات كبيرة على المدى الطويل، وترميزها سيسهم في تنظيم أسعارها وضمان جودتها، بالإضافة إلى تحسين نظام الضمانات والصيانة، بينما السلع الموجهة للتصدير: فبما أن الترميز يسهم في تحسين جودة المنتجات وضبط الأسعار، فمن المهم أن يشمل السلع الموجهة للتصدير مثل المنتجات الزراعية والصناعية، ما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات السورية في الأسواق الدولية.
يعزز قدرة الحكومة
والسلع التي تخضع للرقابة الحكومية: مثل الأدوية والمنتجات الطبية، تتطلب ترميزاً دقيقاً لضمان سلامة المواطنين وتحقيق رقابة فعالة على جودتها وتوزيعها، بينما المنتجات الجديدة والتكنولوجيا: منتجات مثل الأجهزة التكنولوجية، والأدوات المستخدمة في الصناعات الحديثة، يمكن أن يعزز الترميز من قدرة الحكومة على مواكبة التطور التكنولوجي في الأسواق وتنظيم تداول هذه السلع.
تحسين الكفاءة الاقتصادية
وفي ختام حديثه يعتقد أنه بترميز هذه الأنواع من السلع، يمكن تحسين الكفاءة الاقتصادية، ضبط الأسعار، والحد من التلاعب، ما يسهم في استقرار الأسواق السورية وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المحلية.