الصحة في العناية المشددة..!.. السماح للأطباء من «الخاص» بفتح عيادات ضمن المشافي الحكومية.. معاون وزير الصحة لـ«الاقتصادية»: القطاع خسر ما يزيد على 2500 من كوادره خلال النصف الأول من العام الحالي فقط
|غزل إبراهيم
يحاول المسؤولون عن القطاع الصحي في سورية إصلاح المنظومة الصحية بشتى الطرق، ولعل أهم الخطوات التي يمكن اتخاذها بهذا الاتجاه هو التوجه نحو التشاركية انطلاقاً من الفاعلين المحليين بناء على منهجية سليمة لتطبيق تسيير تشاركي محلي في القطاع الصحي، والذي يعتبر اللبنة الأساسية لإعداد مخططات وخرائط صحية تستجيب لمتطلبات الواقع وتطور القطاع وتعيد تأهيله في ظل ما تعرض له من تآكل وخسائر كبيرة بسبب الحرب الإرهابية والحصار الاقتصادي المفروض.
كما تسعى الوزارة إلى تعزيز فرص الاستثمار في القطاع الصحي لتحسين الموارد المالية ووقف النزيف الحاصل في الكوادر الصحية، من خلال إجراءات عدة شرحتها لنا في حوار خاص مع «الاقتصادية» معاون وزير الصحة للشؤون الصيدلانية والهندسة الطبية الدكتورة رزان سلوطة التي أكدت أن الوزارة تعمل على عدد من الخطط والمقترحات لتعزيز الاستثمار وتحفيزه بالتوازي مع السعي للحفاظ على الكوادر الطبية، لكن هذه الخطوات ما زالت في بدايتها وهناك الكثير من العوائق والمشكلات التي يجب حلها أولاً لتكوين بيئة سليمة معافاة.
التجهيزات الطبية
رؤية الوزارة وإستراتيجيتها بخصوص التشاركية بين القطاع العام والخاص في إدارة المنشآت الطبية..؟
في ظل التوجه الحكومي نحو التشاركية مع القطاع الخاص تم عقد العديد من الاجتماعات واللقاءات مع المعنيين في القطاع الصحي مثل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والدفاع ومع هيئات التأمين لبحث الأفكار والرؤى ووضع إستراتيجيات معينة يبنى عليها لإنشاء الأرضية المناسبة للتشاركية مع القطاع الخاص عن طريق منحه حوافز للدخول في الاستثمار مع العام وبشكل يضمن حق الدولة والمواطن في الحصول على الخدمات المطلوبة بأسعار مناسبة.
وتمت دراسة عدة أفكار ليكون الموضوع قيد التنفيذ على أرض الواقع منها التجهيزات الطبية الغالية الثمن بالمشافي، حيث يقوم القطاع الخاص بشراء هذه التجهيزات ووضعها في الخدمة في مشافي الوزارة بأسعار منطقية ومدروسة من الوزارة.
جودة مناسبة
التوجه هذا يضمن استمرار تقديم الخدمات بجودة مناسبة، مع ضمان عدم بقاء هذه الأجهزة معطلة فترات طويلة، وتخفيف العبء المادي عن المشفى، لأن هذه التجهيزات باهظة الثمن كما أن تكاليف صيانتها مرتفعة جداً، وهناك صعوبات كبيرة في تأمينها وتأمين قطع صيانتها نتيجة العقوبات المفروضة علينا وأحياناً يبقى الجهاز معطلاً فترة طويلة نتيجة ذلك، وهنا يمكن الاستفادة من المرونة التي يتمتع بها الخاص من ناحية تأمين السيولة اللازمة لشراء هذه التجهيزات وصيانتها بسرعة وسهولة.
التشاركية في المخابر
وبالنسبة للمخابر يمكن أن تكون أيضاً أحد القطاعات المطروحة للتشاركية بما يخص التحاليل النوعية، حيث تكون عامل جذب للخاص ضمن الأجهزة الموجودة أو بإضافة أجهزة جديدة، وبما يضمن تقديمها بتكلفة أقل من القطاع الخاص، ويحقق عائداً مرضياً للمشفى بالتوازي مع تأمين خدمات جيدة للمرضى ويوفر لهم جميع التحاليل المطلوبة.
عيادات خاصة
إضافة إلى ما سبق هناك بعض الأفكار الأخرى المطروحة للتشاركية ومنها السماح للأطباء من القطاع الخاص فتح عيادات ضمن المشافي الحكومية.
كيف تقيّمون بيئة الاستثمار وهل من إجراءات متخذة لتطويرها حيث تصبح أكثر مرونة لجذب الخاص..؟
تواصل وزارة الصحة العمل على تشجيع المستثمرين للاستثمار في القطاع الصحي من خلال تحسين بيئة العمل، واختزال المتطلبات، ومؤخراً صدر قرار تنظيمي يمكن بموجبه فتح صيدليات خاصة في المشافي الحكومية، وبذلك نكون قد حققنا هدفين أحدهما استفادة المشفى من عوائد هذه الصيدليات والنقطة الثانية استمرار هذه الصيدليات بعملها على مدار 24 ساعة وبالتالي تأمين الأدوية للمرضى بأي وقت.
أطر قانونية
ولكن هناك عدة معوقات تواجهنا نعمل على حلها لصياغة الإطار القانوني لها ومنها كيف يمكن الفصل بين أدوية المشفى المجانية والأدوية المستثمرة في الصيدلية على أرض الواقع تجنباً لحدوث أي حالات فساد أو انتقال لأدوية المشفى إلى الصيدلية، أيضاً هناك مشكلة تتعلق بالمخالفات ففي حال حدوث مخالفة بالنسبة للصيدليات العادية يحدث إغلاقاً، ولكن هنا نتحدث عن صيدلية بمشفى حكومي هل نذهب لإغلاقها أم ما العقوبة التي سيتم اتخاذها.
وهناك مشكلة أخرى تتعلق بالعوائد المادية وهي هل ستكون مجدية حيث تنعكس إيجاباً على المشفى من ناحية تطوير المشفى ومنح مكافآت لكوادره، وهل يكفي الرقم المتفق عليه لرفع مستوى الخدمة وتطويرها، وخاصة أن توجهنا الحالي هو البحث عن موارد لتطوير المشافي وتمويلها ذاتياً.
وبالتوازي مع ذلك العمل جار على تشجيع إنشاء مراكز خاصة متكاملة متخصصة لمعالجة الأورام، وتم ترخيص أحد هذه المراكز في دمشق، والعمل مستمر لإنشاء مراكز أخرى تغطي جميع المحافظات، وهذا سيكون رديفاً للمشافي الحكومية في تقديم خدمات العلاج والتشخيص وفق معايير وأسس معينة ومحددة من الوزارة، وخاصة أن هناك عدداً من المرضى يسافرون للخارج للمعالجة وإنشاء هذه المراكز يضمن توطين علاج هذه الأمراض وتخفيف التكاليف على المرضى.
توطين صناعة أدوية الأورام
ماذا عن الاستثمار في الصناعات الدوائية وما الخطوات المتخذة لتحفيز هذه الصناعات ودعمها..؟
تحرص الوزارة على تشجيع صناعة الأدوية محلياً وبشكل خاص أدوية الأورام، من خلال تشجيع إنشاء المعامل الدوائية وبما يسد حاجة السوق المحلية ويفتح قنوات تصديرية للخارج، ولدى الوزارة 8 معامل مشملة بقانون الاستثمار منها أنتج ومنها قيد الإنجاز والترخيص النهائي، وهذه المعامل استفادت من جميع المميزات التي منحها قانون الاستثمار ويعتبر ذلك من الخطوات التشجيعية للصناعات الدوائية.
وهناك العديد من الإجراءات اتخذت لتحفيز المعامل الدوائية ودعمها، وخاصة التي تنتج أدوية نوعية لمعالجة الأورام، ومن هذه الإجراءات على سبيل المثال تخفيض الرسوم المرتفعة المفروضة على الأدوية.
كما تبذل الوزارة جهوداً كبيرة لتوطين صناعة الأدوية النوعية التي تنفق عليها الدولة تكاليف عالية بالقطع الأجنبي، وحالياً هناك معملان أحدهما تم ترخيصه وينتج أدوية للسرطان وآخر قيد التجهيز.
ولكن فيما يخص الصناعات الدوائية نحن بحاجة لخلق أسواق خارجية تحفز الإنتاج وتزيد من سلة المستحضرات المنتجة لتتمكن هذه المعامل من الاستمرار لأن السوق المحلية مكتظة، وهناك مراسلات للتصدير لبعض الدول ومنها اليمن والسودان والعراق.
نقص كبير في الكوادر
ماذا عن الاستثمار في رأس المال البشري وهل هناك نقص في الكوادر الطبية لديكم..؟
يعاني القطاع الصحي من نقص كبير في كوادره، حيث بلغ حجم خسائر الوزارة خلال النصف الأول من العام الحالي نحو 828 فئة أولى، مقابل 1752 للفئة الثانية.
والنزيف مستمر لكوادر القطاع وهناك مخاوف من الوصول إلى مرحلة لا تكون فيها تخصصات نوعية مثل المهندسين الطبيين وخاصة الكوادر المدربة والمؤهلة، نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة وهجرة عدد كبير من هذه الكوادر بحثا عن فرص أفضل في الخارج.
ولحد الآن الحلول للحفاظ على هذه الكوادر غير كاملة لأن عامل الجذب الوحيد لهذه الكوادر هو الموضوع المادي، أيضاً قطاع ترخيص الدواء كوادره الرئيسية صيادلة ونحن عندما نعلم الصيدلي ونقوم بتدريبه وتأهيله وبعدها يسافر، نكون قد خسرنا الكثير، وهنا يمكن أن يكون هناك دعم من الخاص لهذه الكوادر عن طريق صياغة نوع من التشاركية مع الخاص للحفاظ وجذب هذه الكوادر، فالمعامل موجودة كقطاع خاص وهناك 114 معملاً خاصاً، ولكن هناك نقصاً في كوادر وزارة الصحة المعنية بترخيص المعامل.
السياحة الطبية
كيف تعملون على دعم السياحة الطبية والاستفادة منها..؟
هناك عدة اجتماعات قمنا بها مع وزارة السياحة بما يخص الاستثمار الاستشفائي أو السياحة العلاجية وتم طرح أفكار كثيرة للنهوض بها، على غرار بعض الدول كالأردن. وحالياً تنشط السياحة الطبية كثيراً في مجال علاج الأسنان والتجميل، لكنها لحد الآن غير مؤطرة بإطار قانوني واضح ومحدد، والعمل جار على قوننتها وتنظيمها للاستفادة من الخبرات الوطنية وتوطينها.