تقديرات أولية 800 مليار ليرة ستوزع بدلاً نقدياً شهرياً.. أين سيذهب الوفر المتحقق من تحويل الدعم العيني للدعم النقدي؟.. اقتصاديون: للعجز والميزانية وزيادة الرواتب وبتخفيض مستوى التضخم وتحريك العجلة الاقتصادية
|أمير حقوق
منذ إعلان الحكومة السابقة عن تحويل الدعم العيني لدعم مالي لمادة الخبز مبدئياً في شهر حزيران الماضي، رحبت الأوساط الاقتصادية من أساتذة جامعيين وخبراء وأخصائيين بقرار تحويل الدعم هذا، إذ وصفوه كمرحلة لإنهاء الفساد والهدر بأموال الدولة، القرار الذي لزم الأفراد بفتح حسابات بنكية لتحويل الفرق بين سعر ربطة الخبز بين سعرها المدعوم وسعرها الجديد، دون تحديد موعد للبدء بتحويل الدعم المالي لسيولة نقدية لحسابات المواطنين البنكية.
هذا أثار استغراب العديد من الاقتصاديين وأيضاً الأفراد عن بدء موعد تحويل الدعم وخاصة أنه مضى عليه أكثر من أربعة شهور، متسائلين عن الوفر المتحقق وكيف سيدار ويصرف بشكل إيجابي يسهم بحد ما بتحسين الوضع الاقتصادي سواء بتحريك العجلة الصناعية والتجارية أم بدعم المشاريع الصغيرة أو ربما بالاستثمارات، ليبقى الجواب غامضاً من الحكومة.
«الاقتصادية» حاولت عبر قراءة اقتصادية تحليلية فتح باب الدعم النقدي عبر معرفة موعد البدء به والحديث عن اقتراحات ورؤى حول الوفر المتحقق من الدعم النقدي، عبر آراء ورؤى وتحليلات للأكاديميين والخبراء الاقتصاديين.
يتعلق باستكمال البيانات
تاريخ البدء بتحويل الدعم النقدي لسيولة مالية يتعلق بموضوع استكمال البيانات وربطها بالمصارف من أجل حصول جميع المستحقين على استحقاقاتهم، وهناك الكثير من الأمور التي يجب أن ترافق عملية التحويل، أهمها التوعية والمتابعة ما أمكن ومن الأفضل أن تكون التحويلات أسبوعية وليست شهرية كي لا يتم إنفاقها بغير أوجه الإنفاق المرجو، تبعاً لما أشار إليه عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق أثناء حواره مع «الاقتصادية».
سيقلل الفساد والهدر
ومن ميزات التحويل لسيولة نقدية بالطبع سيقلل الفساد والهدر، وفقاً للحلاق، متابعاً: بسبب إعطاء كل ذي حق مبلغ دعم، وسيتم تحرير الأسعار للمواد المدعومة (مدخلات إنتاج ومخرجات منتجات) بشكل كامل، وبالتالي سيحصل كل منتج على مستلزمات الإنتاج من محروقات وطحين وسواها، بما يحتاج وما لا يزيد عن حاجته، وسيراقب هو عملية الإنتاج وتخفيف الهدر بأقصى ما لديه.
زيادة الرواتب
والوفر المتحقق من تحويل الدعم العيني لدعم مالي عبر السيولة النقدية لا بد من أن ينعكس على زيادة الرواتب ومحاولة تخفيف التضخم وتخفيض سعر الصرف ما أمكن، فهي عبارة عن ثلاثية مهمة يجب العمل على كل مفصل فيها بطريقة مختلفة من أجل خلق التوازن وتأمين الاحتياجات بأقل الأسعار
بشكل أسبوعي
الإيداعات المصرفية المتتالية بشكل أسبوعي، هي الحل الأمثل بالوقت الحالي، حسب الحلاق، ولكننا نأمل بتعديل هذا النمط أولاً وأخيراً ليكون الراتب يكفي لتأمين الاحتياجات كاملة، دون تقديم أي دعم، أما في حال وجود حالات كبار السن أو أصحاب الاحتياجات الخاصة أو أبناء الشهداء أو جرحى الحرب أو سواهم، فهم بالطبع أصحاب أولوية لهذا الدعم ويبقى الدعم مستمراً باستمرار الحالة، أي إنه يجب أن يكون الدعم لفئات معينة وليس للمجتمع بالكامل.
زيادة التنافسية
أرى وجوب الخروج من عنق الزجاجة وألا يكون هناك سعران لأي مادة استهلاكية، حتى النقل، يجب أن يكون السعر عادلاً، وأن تكون مدخلات النقل من محروقات محررة والسعر عادل لمن يعمل، ولا داعي لتقاضي أجور أعلى من الحقيقة، وبالطبع هذا الأمر يستلزم إعادة النظر بآليات التسعير لبعض الخدمات وتحديثها وزيادة التنافسية بمقدمي هذه الخدمات.
ألا نعيد اختراع الدولاب!
بالطبع يجب أن يبقى الدعم على التعليم، مع إعطاء ميزات تفضيلية للمتفوقين وأن يبقى الدعم على الطبابة وبعض الخدمات التي تؤمنها الحكومات للمجتمع بشكل كامل، مع إعادة النظر بمستحقي هذه الخدمات فيما بعد من خلال ربطها بالدخل (أو ضريبة الدخل) بحيث تختلف الرسوم بين أبناء الدخل الثابت عن أبناء أصحاب الفعاليات الصغيرة أو المتوسطة أو الكبيرة، فالأمثلة والتجارب في الخارج كثيرة ويجب أن نستفيد من تجارب الآخرين في هذا المجال، وألا نعيد اختراع الدولاب مرة أخرى، وفق ماختم به الحلاق.
يعود للوزارتين
قرار تحديد موعد تحويل الدعم المالي لسيولة نقدية يعود لوزارتي التجارة الداخلية وحماية المستهلك والمالية إثر التخصيص ووضع جدول الدعم، وفق رؤية عضو غرفة تجارة دمشق الدكتور ياسر أكريم.
تجنيب الفاسدين
طالما الفاسد يعمل حتماً سيكون الفساد موجوداً، حسب توصيف أكريم أثناء حديثه مع «الاقتصادية»، فيجب تجنيب الفاسدين من العمل وألا يكونوا أصحاب قرار أو أصحاب نفوذ وسلطة، للقضاء على الفساد رغم أن القوانين تمنع الفساد ولكن الفاسد يلتف على القوانين، وهناك تشوه بمقاييس مستحقي الدعم وتحتاج لإعادة الدراسة، وبالعموم الدعم المالي أفضل من الدعم العيني بسبب الالتفاف الذي يحدث على المواد التي تباع وتشترى.
توفر الشفافية بالوفر المتحقق
وعن العمل بالوفر المتحقق، ففي الواقع يوجد عجز وبالتالي لم يكن هناك وفر، ونعاني مشكلة كبيرة في الإعلام لعدم إعطاء هذا الموضوع دوراً وأهمية، فعندما نتطرق لجانب الوفر المتحقق من تحويل الدعم لسيولة نقدية فيجب أن تتوفر الشفافية لمعرفة الوفر وأين سيستخدم سواء بالعجز أم بالخدمات وغيرها، إذ ينبغي توفر الإعلام لإظهار التشوهات لكوننا بمرحلة الإصلاح لتحقيق النتائج والمعالجة، تبعاً للدكتور أكريم.
إنتاج دخل جديد
وبرأيه، نعاني مشكلة في الفكر، فهل الفائدة الاقتصادية من الوفر المتحقق أم من إنتاج دخل جديد؟ بالتأكيد يجب أن تكون من إنتاج دخل جديد، وفي السياسة الاقتصادية لا نرى البحث عن مصدر دخل جديد للموظفين وللفقراء، لذلك يجب التركيز على إيجاد فرص عمل ودخل جديدة، ولا يعني زيادة الراتب بل زيادة الدخل ولا تقليص الإنفاق بل التفتيش عن مداخل جديدة ربما تزيد الإنفاق وبدوره يتولد دخل جديد للآخرين وتدور العجلة الاقتصادية، وسياسة تخفيض الإنفاق والمشي بالعجز سياسة غير صحيحة.
الفجوة أكثر بعشرة أضعاف
السيولة ستكون بالمتوسط 200 ألف ليرة شهرياً لكل أسرة تقريباً أو أقل للأفراد، والفجوة بين الدخل والصرف أكثر بعشرة أضعاف من هذا الموضوع لذلك يجب أن يكون الصرف مساوياً للدخل على الأقل وهو حل موضعي وليس علاجاً نهائياً، برأي الدكتور أكريم.
تحول دعم السلع لدعم المشاريع
ويرى أن الدعم يجب أن ينتهي ولكن بالوقت نفسه ينبغي تأمين دخل يناسب الصرف، والدعم سياسة يمكن أن تقال عن الخبز أو المادة أو الطاقة، ولكن دعم الطاقة أوجد مشاكل كثيرة وأفقد السيولة وولد عجزاً بالميزانية لأن استهلاك الطاقة كبير ولا أحد يستطيع دعمها، وأن يتحول الدعم لدعم المشاريع المختلفة وفتح الشركات المساهمة التي تكاد تكون منسيّة، فيجب على الحكومة توفير وتأمين فرص دخل إضافي وإدخال شركات تضامنية وتكافلية، أما السلع المدعومة فسياسة غير صحيحة وتؤدي إلى البطالة والعمالة المقنعة والعوز والحاجة على مستوى الفرد وبعدها على مستوى المجتمع وبالنهاية على مستوى الدولة.
يمكن تطبيقه بـ24 ساعة
بدوره الخبير الاقتصادي أكرم عفيف، يعتقد أن سياسة الدعم بجلّها من بؤر الفساد الكبيرة وحجم الفساد في الرغيف الذي يقدر بـ50 بالمئة، منها 25 بالمئة سوء صنع و25 بالمئة نقص وزن، وحجم الفساد بالدعم يكون عبر السلع المسروقة، وكان الحل تحويل الدعم لكتلة مالية على البطاقة الذكية، وهو إجراء حكيم وذكي ويوفر مليارات الليرات السورية، ولو كانت النية بتطبيق تحويل الدعم لسيولة نقدية كان بالإمكان تطبيقه بـ24 ساعة عبر عدة إجراءات تحويلية.
سيعود للميزانية
الوفر المتحقق سيعود للميزانية وبالتالي سيرجع لجيوب الأفراد، فعند توفير كتلة مالية يتم العمل بها على تحسين الدخل سواء بشكل بسيط أم جيد ولكن الأمر بمجمله إيجابي، بحسب عفيف.
ينهي حلقة الفساد
وفي حديثه لـ«الاقتصادية»، اعتقد عفيف أن شكل تحويل الدعم العيني للدعم المالي عبر تحويل سيولة نقدية يضعف وجود الشكل الحر من المواد والمشتقات النفطية سواء من المازوت أم الغاز، وينهي حلقة الفساد، لأن فساد الدعم أحد أسباب انهيار الاقتصاد السوري.