بوح الاقتصاد

المواطن المنتج

| هني الحمدان

مع تطور الاقتصادات واشتداد المنافسة، يجب أن نبحث عن موقع مناسب لنا من بين المصدّرين عالمياً خلال السنوات القادمة، ولكن كيف سيتم ذلك ؟ أو هل نتمكن في ظل نمطية إنتاجية صناعية ثابتة.. ؟ بوقت يلزم أن تكون ضمن سياق متغير تجديدي..! ولا يخفى أن كثيراً من القطاعات الاقتصادية ستتلاشى أو سيقل الاحتياج لها ولم تعد تلبي الحاجة، بمعنى أن إنتاجيتها لم تواكب متغيرات الحياة، فمن كان يصنع قبل أربعين عاماً أو أكثر، لم يكن له مرتبة متقدمة بالمستويات المطلوبة اليوم، ومقابل تلك القطاعات الاقتصادية القديمة ، قطاعات ستبرز وتكبر، لذلك يجب ألا تنجرف بنا الرغبات ونبقى أسرى وجود صناعات قديمة ، مكتفين فقط على قطاع صناعي معين بسبب حالة السوق اليوم التي تتغير بين فترة وأخرى، بل يجب دراسة المستقبل واتجاهات السوق واتجاهات الطلب بشكل مستمر.
تبرز اليوم تحديات كبيرة في الاقتصاد، خصوصاً بعد العولمة وفتح الأسواق، حيث أساسيات السوق هي التي تحكم في النهاية، والبقاء للأفضل والأقل تكلفة، وهذا هو مفتاح الأسواق، وهنا نسأل: لماذا لم تغير بعض القطاعات الصناعية مثلاً إنتاجها بأنماط جديدة ؟ أو هل بمقدورها تغيير وجهة إنتاجيتها بنمط أو موديل قريب من صنعتها وبرمجة خطوط الإنتاج لديها… ؟!
قد تفتقر «بعض وليس كل» صناعاتنا إلى المقدرة على المنافسة، وتقديم المنتج بتكلفة أقل مع الحفاظ على الجودة في السوق المحلية ، فما بالك بالسوق العالمية؟ لذلك نشاهد أن كثيراً من الدول غيّرت في نماذجها الاقتصادية، التي لم تستطع المنافسة مع الصناعات التي تعتمد على اليد العاملة الرخيصة، واتجهت إلى الملكية الفكرية والتقنية والابتكار، حيث ترتكز القيمة الحقيقية في المنتج النهائي على الابتكار والتطبيق والاتجاهات الاقتصادية، وخصوصاً التقنية التي تذهب اليوم إلى قطاعات مثل الذكاء الصناعي.
الأجواء إيجابية اليوم لتقليل الفجوة بين القطاعين العام والخاص، وسيكون ذلك إيجابياً للمرحلة المقبلة، وسيشجع ذلك على التوجه للقطاع الخاص في التنوع وطرح منتجات متنوعة ترضي كل الرغبات، فالخاص يمتلك من المرونة ما يجعله ناجحاً في مسائل التنوع وتقوية الأذرع الاقتصادية الأخرى، واليوم حتى للسنوات القادمة، سيكون الاعتماد فيه بشكل أكبر على القطاع الخاص، وتنويع الاستثمارات ، وتحويل المواطن إلى منتج حقيقي بشكل أكبر من السابق بمراحل كبيرة، وخاصة المساهمة في تطوير الثروة البشرية عن طريق غرس ثقافة «المواطن المنتج»، من خلال برامج تطويرية في القطاعين العام والخاص، وهذا أمر لا بد منه ولا يمكن تجاهله بعد..!
الاستثمار في التعليم التقليدي ليس بكاف لنتحول «لمجتمع منتج»، والاستثمار في التعليم التقليدي يجعلنا مجتمعاً استهلاكياً واتكالياً بشكل أكبر من المجتمع المنتج مقارنة ببعض الاقتصادات المتقدمة، ولذلك فالتطوير في كل المجالات هو الأساس، ونملك ما لا يملكه أغلب بلاد العالم من الموارد الطبيعية والبشرية، مجتمعاً يغلب عليه فئة الشباب المتلهف للتقنية ، وأخيراً فتح قنوات التمويل ورأس المال، والتخطيط المناسب والرجال المخلصين لجعل هذه المكونات الموجودة تنتج اقتصاداً أكثر كفاءة وأقوى تنافسية وأكثر تطوراً، وحسن الاستغلال في صناعات جديدة أكثر قيمة.
لدي يقين أننا لم نستغل إلا اليسير جداً من قدرتنا الموجودة اليوم، التي مع الأسف ما زالت مهدرة سواء من طاقات الشباب أم من المال والثروات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى