كيف سرقت الاقتصاد الشركات من التموين؟.. رجال الأعمال راضون عن التعامل مع الاقتصاد.. البيان الحكومي حاول أن يلامس حقيقة الواقع الاقتصادي وهذا مؤشر مبشر
|شادية إسبر
أثبتت تجارب الدول أن نجاح وتطور الغرف والهيئات والمنظمات الداعمة للأعمال ساهم بشكل فعال بنجاح ونمو اقتصاداتها والغرف بكل مسمياتها، وعندما تكون قوية وفاعلة ومدركة لمسؤولياتها فهي داعم حقيقي للبرامج الحكومية بما يسهم في خلق بيئة عمل منافسة صحيّة كأرضية لاقتصاد سليم معافى، أمر يؤكده خبراء اقتصاديون، فهل يكون الجميع على قدر المسؤولية؟ سؤال نجد إجابته في العمل الفعلي لقطاع الأعمال خلال السنوات الأربع القادمة للدورة الانتخابية 2024-2028 التي بدأت عملياً مع انتخاب غرف التجارة وغرف التجارة والصناعة المشتركة لمكاتبها التنفيذية، بالتزامن مع تغير واضح في عقلية التعامل مع هذا القطاع الاقتصادي والنظرة للدور المهم الذي يعول عليه مرحلياً ومستقبلاً.
مشروع صك تشريعي
خبر لافت كان حول نقل مهام مديرية الشركات لدى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية الذي شهد نقاشاً موسعاً في جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء 29/10/2024، انتهى لمصلحة وزارة الاقتصاد بموافقة أغلبية أعضاء المجلس على مشروع صك تشريعي يتضمن نقل مهام المديرية إليها، فهل سيكون لهذا الإجراء أثر في عمل قطاع الأعمال؟
التجارة الداخلية تقول من شأن هذا النقل أن يضعف قدرتها على القيام بمهامها واختصاصاتها المحددة قانوناً، ولا سيما ما يتعلق بالإشراف على عمل اتحاد غرف التجارة السورية، بينما ترى الاقتصاد أن الموضوع يستند إلى الدور المنوط بها في تعزيز بيئة الاستثمار بشكل عام، وفي تنمية المشروعات بشكل خاص، مستندة إلى المرسوم رقم 21 لعام 2007 الذي حدد من ضمن مهامها الإشراف على قطاع الأعمال بشكل عام في سورية، إضافة إلى التنمية والإشراف على قطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
موضوع درسته اللجنة الاقتصادية على مدى أشهر وفق رئيسها الدكتور محمد سامر الخليل وزير الصناعة وناقشت تفاصيله كافة، مع مقاربة نقل هذه المديرية من منظور كلي شامل كحلقة في سلسلة إعادة ترتيب وتنظيم قطاع الأعمال في البلد، ولاسيما ما يتعلق بإدارة ملف المشاريع الاستثمارية (الكبيرة والمتوسطة والصغيرة)، وبالتالي من غير المقبول أن تبقى البنية الإدارية والتنظيمية لهذا القطاع الحيوي مشتتة ومبعثرة على النحو الذي يضعف كفاءة إدارته ويشكل مقاومة لمساعي تطويره.
لكن كيف ينظر قطاع الأعمال إلى الموضوع؟
رأي التجار
رئيس غرفة تجارة وصناعة درعا قاسم المسالمة اعتبر في تصريح لـ»الاقتصادية» أن موضوع نقل تبعية مديرية الشركات والسجل التجاري إلى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية هو موضوع مهم، وقال: لكن ما يهمنا كقطاع أعمال هو تبسيط الإجراءات وتسهيل تسجيل الشركات التجارية والصناعية؛ بحيث تكون هذه الإجراءات بزمن قصير وتعليمات ناظمة واضحة ومحددة ضمن أطر كما يجري في الدول الأخرى التي يتم فيها تسجيل الشركات بسرعة وبشكل واضح وزمن قصير، وهذا يزيد من الاستثمار، ويشجع التجار والصناعيين للاستثمار في بلدنا، كما يخفف من هجرة السوريين ويساعد بعودتهم.
من جانبه النائب الأول لرئيس غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق وصف موضوع نقل تبعية مديرية الشركات لوزارة الاقتصاد بالحساس، وقال: بالتأكيد حكومياً قاموا بدراسة كاملة، ونظروا إلى الموضوع من عدة جوانب، وهذا شأن حكومي، ولا يمكن أن أعطي رأياً أيهما أفضل أن تتبع للاقتصاد أم للتجارة، لكنني أقول: اليوم هناك الكثير من القوانين متشابكة بين بعضها بعضاً تحتاج إلى «فكفكة» بطريقة مرنة وسلسلة أكثر، يمكن أن يكون هذا الإجراء جيداً باتجاه وزارة التجارة الداخلية التي تتحمل عبئاً كبيراً جداً بملفات حساسة وكل ما يتعلق بالقانون 8، فهي لديها عمل كبير جداً بموضوع تأمين أساسيات الحياة بالنسبة للمستهلكين، متمنياً أنه إذا اتخذ هذا القرار فعلاً ألا يتم التراجع عنه، لأن «خط الرجعة» سيكون ضاراً جداً وفق تعبيره، وأضاف: ما يهمنا كقطاع أعمال أن يكون هناك سلاسة وألا يكون هناك أي تضارب بالتشريعات.
المكاتب انتُخبت.. ماذا بعد؟
خلال الأسبوع الماضي توالت عمليات انتخاب المجالس التنفيذية في باقي الغرف، وكما كان متوقعاً في الأوساط التجارية فاز بانتخابات المكتب التنفيذي لغرفة التجارة والصناعة بطرطوس عمران شعبان محمد رئيساً، وكان الحاصل أيضاً على أعلى أصوات في انتخابات عضوية مجلس الإدارة، بينما نال كل من سلمان ريا منصب النائب الأول وموفق جركس النائب الثاني.
إدارة غرفة تجارة وصناعة درعا انتخبت أيضاً مكتبها التنفيذي يوم الأحد 27/ 10/ 2024 في مقرّ الغرفة، وفاز قاسم المسالمة برئاسته، بينما انتخب عبد الرحمن الحريري نائباً أول، وفراس الأصفر نائباً ثانياً.
في اليوم ذاته 27/10/2024 انتخبت كل من غرفتي التجارة والصناعة المشتركة في السويداء والرقة مكتبيهما التنفيذيين، وجاءت النتيجة بفوز نبيه بكري رئيساً لغرفة السويداء ونائبه الأول شفيق غرز الدين والثاني إحسان زين الدين، بينما انتخب أعضاء غرفة الرقة فايز غازي الحسين رئيساً، وأحمد محمود الدرويش نائباً أول ومحمد رزج العفدل نائباً ثانياً.
الاثنين 28 تشرين الأول الجاري أصدر وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لؤي المنجد قرار التصديق على انتخاب أعضاء المكتب التنفيذي لغرفة تجارة ريف دمشق، حيث فاز برئاسة الغرفة أسامة مصطفى، ونائبه الاول سمير عموري والثاني محمد سريول.
كما أصدر الوزير المنجد القرار رقم 3279 بالتصديق على نتائج الفائزين بعضوية مجلس إدارة غرفة تجارة القنيطرة بالتزكية وهم ستة أعضاء، كما تضمن القرار أسماء المعينين الستة من قبل الوزير.
عملياً ما تبقى من مراحل انتخابية انتخاب مكتب الاتحاد حتى يمكننا القول إن مرحلة العمل بدأت، فماذا تحمل الخطة؟
البيان الحكومي مؤشر إيجابي
البيان الحكومي حاول أن يلامس حقيقة الواقع الاقتصادي ضمن إمكانيات الحكومة والواقع الاقتصادي الحقيقي، وهذا مؤشر مبشر من الحكومة حول نظرتها المستقبلية لإدارة الملف الاقتصادي بكل مكوناته، رأي قدمه رئيس غرفة تجارة وصناعة درعا الذي أضاف: لا شك أن الفعاليات الاقتصادية من تجارة صناعيين هم أحد وأهم عوامل النمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل لكل فئات المجتمع، والغرف التجارية والصناعية هي شريك أساسي في تحقيق التنمية الاقتصادية الوطنية.
المسالمة ينظر إلى موضوع التشاركية بأنه مهم جداً وخاصة في هذه المرحلة، وقال: التشاركية تحتاج إلى تشريعات ناظمة لها بحيث تمكن من سيرها بنهج واضح وصولاً إلى الأهداف المرجوة، وينبغي أن تضمن القوانين الناظمة والتشريعات حقوق الطرفين لجهة الإدارة والتخطيط والتطوير لتنمية قطاع الأعمال المتشارك عليه وزيادة الإنتاج والمردود، وكيفية توزيع هذا المردود، بحيث ينسجم بين الآليات المتبعة في القطاعين العام والخاص، لأن هناك تبايناً لجهة عدد ونوع العمالة، والمرونة في تسعير المنتج وتسويقه حسب واقع السوق، وذلك بغية تحقيق الكفاءة والجودة في العمل وتقليل النفقات لتتمكن هذه المنتجات من المنافسات في السوق.
حول برنامج عمل غرفة درعا للمرحلة المقبلة أكد رئيسها أنه يتضمن العمل مع الغرف على مستوى البلاد ومع الحكومة لتحسين أنظمة وقوانين بيئة العمل على المستوى الوطني داخلياً وخارجياً، بحيث تتم المشاركة في صنع القرار الاقتصادي المناسب للمرحلة التي نمر بها من ضغوط في الوضع الاقتصادي نتيجة الحصار الخارجي وضعف البنية الاقتصادية الداخلية التي تأثرت نتيجة الأزمة، لافتاً إلى أن العمل على مستوى محافظة درعا كثير، وأبرزه دعم عودة السوق المركزي للمحافظة، وعودة فتح المصرف التجاري بأسرع وقت ممكن، وهناك موضوع مهم يتم العمل عليه لإنشاء مدينة صناعية في المحافظة كي تكون بيئة حاضنة للاستثمارات، لافتاً إلى أن المطالبة بالمدينة الصناعية لوجود شرط لإقامة المصانع في المحافظة أن يكون التكشف الصخري 70 بالمئة وهذا الشرط صعب تحقيقه، لأن أرض المحافظة هي سهلية، ولا يوجد فيها تكشف صخري بما يسمح من خلاله إقامة الاستثمارات.
المسالمة تابع: الغرفة تعمل على استكمال المناطق الصناعية البالغ عددها 11 منطقة، بحيث يتم توزيعها وتفعيلها بأسرع وقت ممكن لتأمين وتفعيل واقع مخدّم بشكل يناسب عمل الورش والحرف، كما يوجد موضوع مهم آخر هو دعم وتفعيل دور المنطقة الحرة السورية الأردنية التي هي بجوار معبر نصيب، لكونها تساهم في زيادة الثبات الجاري والنمو الاقتصادي مع الدول الخارجية، وخاصة في ظروفنا الراهنة.
قطاع الأعمال يكتسب دوراً مؤثراً في الدعوة لاتخاذ مبادرات تعزز منظومة الأعمال التجارية والصناعية وفي مقدمتها ريادة الأعمال ودعم المشاريع المتوسطة والصغيرة؛ التي تسهم في زيادة الدخل عبر مختلف مستويات المجتمع وهي جاذبة لتشغيل العدد الكبير من الأيدي العاملة التي نحتاج إلى تشغيلها في هذه المرحلة، قال المسالمة، وأضاف: لابد من التشبيك والتعاون مع الحكومة من خلال مشاركة قطاع الأعمال بكل فئاته ومكوناته في صنع القرار الاقتصادي من البداية حتى النهاية انطلاقاً من الواقع الذي نعيشه وخلق رؤية مستقبلية واضحة للاقتصاد السوري، المهم هو وضع طريق عمل
واضح لرؤية الاقتصاد السوري للمستقبل وهذه الخطة نفتقرها حالياً، نتمنى بتعاون الحكومة الجديدة مع قطاع الأعمال خلق هذه الرؤية الواضحة.