العناوين الرئيسيةشؤون محلية

هل تنجح الشراكة بين القطاعين العام والخاص.. الحكومة تعلن الانفتاح على السياسات الاقتصادية «والخاص » شريك حقيقي.. رجال أعمال لـ«الاقتصادية»: القوانين والعقلية السائدة في القطاع العام لا تخدم فكرة الربح ويجب تعديلها لخدمة التشاركية

| بارعة جمعة

في بيئة يسود فيها عدم اليقين من الخطط الحكومية السابقة، تأتي مخرجات الاجتماعات الأولى للحكومة الجديدة مبشرة، هو لسان حال كل المتابعين لتطورات الشأن الاقتصادي المحلي، في ظل التغيير الحكومي الجديد، وما حملته عناوين جلساته من مضامين تشي بتبدل الفكر والنهج واللغة الاقتصادية أيضا، ضمن أفق مخاطبة العقل السوري بواقعية، تدعم متطلبات المرحلة الراهنة.
واليوم بات من الضروري النظر إلى حال كل من القطاعين العام والخاص، وذلك عبر التعامل مع القطاع الخاص بعين مجردة موضوعية، بعيداً عن الايديولوجيا السلبية الجامدة، باعتباره شريكاً حقيقياً في الاقتصاد الوطني في الواقع الراهن وعاملاً أساسياً في تطويره، هو ما حمله حديث رئيس مجلس الوزراء د. محمد غازي الجلالي ضمن جلسة الحكومة الأسبوعية، مع التنويه إلى أن مبدأ التشاركية بين القطاعين، ليست مرشحة فقط للاستثمار في المشاريع الخاسرة التي يريدها القطاع العام، بل تتعدى ذلك لدعم الرابحة منها بزيادة الانتاج.
عناوين مهمة حملت معها هواجس وأفكاراً كثيرة لدى قطاع الأعمال، الذي لم ينكر استعداده الخوض ضمن هذه التجربة، التي تثبت دائماً مبدأ التكامل بينهما، لتغدو التشاركية أمراً حتمياً لكليهما، لتحقيق الهدف الأول بالنهوض الاقتصادي المحلي.

تيسير دركلت
تيسير دركلت

عنوان رئيس
حالة من التجديد، تهدف إلى بث الروح في شرايين القطاع العام، الأكثر حاجة للحياة، بعدما أصابه من التراجع الذي استنزف كوادره ومقوماته كافة، فباتت مهمة عودته لما كان عليه، الشغل الشاغل لدى الحكومة الجديدة وقطاع الأعمال، المعنى الأول بهذه الخطوة، عبر تطبيق مبدأ التشاركية، الذي تم طرحه منذ مدة ليست قليلة، بينما مازالت المحاولات ضمنه خجولة وفق توصيف الصناعي تيسير دركلت لواقع هذه الخطة عبر حديثه لـ«الاقتصادية»، عن الأسباب التي تتعلق ببناء الثقة أولاً، بين القطاعين (عام وخاص) والحكومة، ومن ثم النظر إلى القوانين التي تحكم هذه الشراكة.
فالحديث اليوم عن إقبال أي رجل أعمال (تاجر صناعي) في حال أراد الاستثمار بالقطاع العام عبر إدارة وتحويل الشركات الخاسرة إلى رابحة، ليس من الممكن إدارتها بنفس العقلية القديمة، مطالباً باعتماد مبدأ الإدارة بعقلية جديدة وخطط تناسبها أيضاً.

مبدأ العمل
كما أنه في الأزمات وظروف عدم الاستقرار، يغدو التخطيط أكثر أولوية، كما يترتب عليه تحديد الأولويات، بما يتماشى مع رفع القدرة الإنتاجية، لكل الشركات المتعثرة، ولاسيما في القطاع العام، هنا تبدو فكرة الشراكة هي العلامة الفارقة في العمل، بل الأكثر إلحاحاً ضمن قطاعين عرف عنهما منذ القدم، الرافع الأول لاقتصادنا المحلي.
أما في حال أردنا التعمق بفكر ونهج القطاع الخاص، الذي يستيقظ يومياً بغرض تحقيق هدف معين، فسنجد بأن ثمة تعارضاً واضحاً بينه وبين نظيره العام برأي عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلّاق، الذي أكد في حديثه «للاقتصادية»، الهدف من العمل ضمن ثقافة الخاص القائمة على الربح والإنتاج وتخفيف النفقات ورفع عائدات الاستثمار، ليأتي الربح هنا كهدف نهائي، وهو الوقود لاستمرار الإنتاج.
لهذا التميز الذي يحمله فكر القطاع الخاص، دور في جعله أكثر استمرارية وربحية، كما أن هذا التفكير موجود بالقطاع العام، إلا أن الأول ينظر للأمر من مبدأ أنه صاحب الملكية وفق رؤية الحلاق، ما يدفعه السعي أكثر بإيجاد الإمكانيات المطلوبة ومن ثم توظيفها واستثمارها بالطريقة المثلى،
هنا تبدو الإشارة إلى أنه بحكم نقص المرونة والخوف من تحمل التبعات للقرارات لدى القطاع العام، يدخل حيز التجمد كما تطغى عليه ثقافة البيروقراطية أيضاً، ما يجعل مهمة الدخول ضمن فكر القطاع الخاص وذهنيته وأسلوب عمله، يتطلب إعطاءه الحرية والتخفيف من البيروقراطية، بما يسمح له بتحمل المسؤولية أمام كل خطوة يخطوها برأي الحلاق.

المراقبة
هي تجربة ديناميكية حقيقية، تفرض حالة من الرقابة على العمل، فالحديث اليوم عن القطاع الخاص هو كلمة كبيرة، تحمل احتمالات ورؤى كثيرة، لوجود مستويات عدة فيه، قدمها الحلاق ضمن 3 احتمالات، قطاع خاص عمره 70 عاماً، تم تأسيسه من الأجداد، وآخر بلغ 50 عاماً، بينما نجد بأن هناك قطاعا نشأ في فترة الحرب وهو بعمر لايتجاوز الـ10 سنوات، لتبدو المسألة مهمة جداً كما أنها تسبب إحراجاً لدى البعض، لكون القطاع الأكبر هو من القدم، ناهيك عن تباين تاريخ وفكره وعمر كل منهم، ما يولد صراعاً وتجاذباً وتبدلات بطرق العمل وطريقة الربحية أيضاً.
ويضيف الحلّاق: «القطاع الخاص الذي نعرفه وهو موجود على الأرض من عمر الـ80 عاماً وله معايير معينة للعمل، كما أنها حساسة ودقيقة وصعبة بمكان ما، وشديدة المرونة بمكان آخر، كما أنه بالوقت ذاته يؤمن بضغط للنفقات والمصاريف ووجود العمال وتوفير الإنتاج وتحقيق الربح، كما أن الهدف منه هو الربح بواسطة الإنتاج لا الاستثمار».

توافر المعلومات
كل ذلك، لا يلغي فكرة أن القطاع الخاص قادر على أن يكون الداعم للقطاع العام برأي الحلاق، باستخدام فكره ومعرفته وحكمته، لكنه بحاجة أيضاً إلى الحصول على معلومات كاملة، ليقوم بدوره بدراسة الجدوى وفق بيانات صحيحة وعبر امتلاك القدرة على اتخاذ القرارات المرنة المستعجلة، بعيداً عن البيروقراطية، ليكون شريكاً فاعلاً في الإنتاج.
وفي حال غياب المعلومات أو تشوهها، قد يكون القرار غير صائب، كما أن مخلفاته غير صحيحة، وهو ما يعني أن صلاح النهايات يأتي من صلاح البدايات، أي المُدخلات والمُخرجات، مع التأكيد على أنه وفي حال الشراكة مع القطاع العام، قد لا يكون الهدف ربحياً بل تنموي-اجتماعي، ويجب إعلام القطاع الخاص بذلك.
أما اليوم، في حال وجدت الإرادة إلى البدء بهذا التوجه، فليس المطلوب منا الدخول على خط عمل المنشآت الخاسرة فقط، بل التوجه إلى الناجحة أيضاً، بزيادة انتاجيتها، توصية قدمها عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق، في دعوة منه لرفع قدرة هذه الشركات، التي بدورها ستدفع بنفسها للأمام، فليس الهدف اليوم بث الروح بجسد ميت، لكون ذلك سيعطي فكرة مشوهة عن قدرات وإمكانيات القطاع الخاص، بل يجب العمل مع الشركات القوية وضمان وقوف الشركات الضعيفة للعمل من جديد، وهو محَور أساس لابد من الأخذ به في منطق الشراكة بين القطاعين.

محمد الحلاق11
محمد الحلاق

العقلية السائدة
يبدو التمسك بذات المبدأ والعقلية عائقاً صعباً للغاية بوجه العقلية الجديدة، التي لم يتم تقبلها من الحكومة للأسف حتى اليوم برأي دركلت، عبر تمسكها بالحفاظ على كيان الشركة والموظفين وطريقة العمل ذاتها، إلا أن كل ذلك لن يغير بالواقع شيئاً، ليبقى التغيير محصوراً بالعنوان فقط.
أمام نحن كقطاع أعمال- والحديث الصناعي تيسير دركلت من حلب- ندرك تماما أهمية القطاع العام، كما نتمنى تحوله إلى رابح بمعدل مليار بالمية، حيث إنه قبل الحرب كان يعد رابحا كما استطاع تحقيق معدلات زيادة في مستوى الدخل والإنتاج.
إلا أنه بظل المتغيرات الأخيرة، سقطت الإدارة لدى القطاع العام، لعدم قدرتها على التكيف مع الواقع الجديد برأيه، كما أنه اليوم، بالتزامن مع التغيرات تبدلت نظريات الاقتصاد وتطورت، ولم يعد الأمر خاضعاً إلى التجريب فقط، بل بات يتطلب توصيفاً للواقع ووضع الخطط بنظرة واقعية، كالتي أعلن عنها رئيس الحكومة مؤخراً، لتبدو الحاجة اليوم برأي دركلت هي إدراك ما يجب تغييره في القطاع العام، وإن كانت التشاركية بالإدارة أو بالمشورة لا يهم، لكون الاقتصاد لن تقوم له قائمة دون تكامل أدوار القطاعين، لعدم إمكانية الفصل بينهما.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى