بوح الاقتصاد

القطاع الخامل..!!

| هني الحمدان

إننا نحتاج إلى اختصار المسافات وتوضيح خريطة الطريق تفصيلياً لكل أدوار القطاعات وتحديداً لدور القطاع الخاص وحجم تدخله وإمكانية الشراكة الفاعلة والقوية مهما كانت الصيغ والمسميات للتغلب على التحديات وتأثيرها حالياً ومستقبلاً.. فالقطاع الخاص اليوم بحاجة إلى بث روح التفاؤل فيه وإزاحة التشاؤم والكآبة منه، فهذا القطاع يعتبر ماكينة التنمية في أي دولة!
رسالة الحكومة كانت واضحة ومباشرة لا لبس حولها، ولا تحمل أي تأويل… القطاع الخاص شريك حقيقي وليس مرشحاً للمشاريع الخاسرة فقط، أي رأسماله يخوله الاستثمار أينما رغب!
رسالة صريحة، لا توجد شركة أو مؤسسة حكومية سورية لا يمكن طرحها للاستثمار والتشارك مع القطاع الخاص، حتى لو كانت رابحة، وهذا يدل على أننا مقبلون على تغيرات شاملة وربما ستدخل الخصخصة من أوسع الأبواب، وهي خيار في مثل هذه الظروف القاسية ضمن محددات ومؤطرات ستنظمها الحكومة مع الرديف القوي القادم.
بالعموم دور القطاع الخاص أساسي من دون شك، أو يجب أن يكون كذلك، فهل حان الوقت ليمارس القطاع الخاص دوره..؟! فعلى مدى السنوات الماضية كان دور القطاع الخاص متواضعاً، يعيش في ظل الإنفاق العام ويقتات عليه، ولا بأس في ذلك، شريطة تقديم قيمة مضافة للاقتصاد وللمجتمع، وإلا فلمَ الدعم ولمَ الإعفاءات ولمَ الحماية كانت، ورغم المزايا والتسهيلات التي أخذها إلا أن دوره بقي خاملاً!
قدمت الحكومة الشيء الكثير حتى تتمكن منشآت القطاع الخاص من ممارسة دور إيجابي يضيف للاقتصاد الوطني وللمجتمع بما يراعي أسس استدامة النمو، وكانت للخاص محطات مهمة ببعض الأماكن والقطاعات، لكنها لم تصل إلى المستوى المطلوب، وقسم منه عمل وفق إستراتيجية «أنا ومن بعدي الطوفان»!
والآن وقد بدأت تصلنا تأثيرات انخفاض إيرادات الخزانة بعد حجم التحديات، فلا بد من توسيع دور القطاع الخاص في الاستثمار والإنتاجية، ومن هنا كان التوجه الحكومي واضحاً لتقديم المزيد من فتح قنوات العمل وخوض جبهات استثمار وتشارك، ويكون الخاص لاعباً أساسياً، ولا ضير من أن يصبح الخاص المساهم الأكبر في «فاتورة الأجور»، وأن يصبح الخاص المستثمر الأساس في البنية الفوقية الإنتاجية، ولمشاريع بناء السعة الاقتصادية عبر تمويل المشاريع، التي يدخل فيها القطاع الخاص وفق اتفاقات خصخصة طويلة المدى مثلاً، وهذا يمكن التنمية من أن تستمر من دون توقف، باعتبار أن الاستثمار طويل المدى سيكون مهمة القطاع الخاص وليس الحكومة.
وبحال دخل القطاع الخاص كشريك حقيقي ومستثمر وممول للمشروعات مثلاً عليه دور اجتماعي تضعه الجهة المعنية في الحكومة، وهي المسؤولية الاجتماعية التي يجب أن يتصدى لها، بحيث تكون المسؤولية الاجتماعية وتحدد صيغها المطلوبة مع الحكومة، ليتولى جانباً اجتماعياً تطوعياً يعد واجباً لا بد من القيام به مهما كانت الاشتراطات، فمن يأخذ المزيد من التسهيلات ويضع يده على مطارح غنية بالعوائد، عليه متطلبات تطوعية وجانب سيتحمله في الشق الاجتماعي، هنا تكتمل الصورة بكل أبعادها!
خريطة الطريق بدأت بالوضوح أكثر من قبل، فاليوم نجد أن القطاع الخاص سيمثل محور عملية التنمية الاقتصادية بشكل أكبر لما يتمتع به من إمكانيات كبيرة تؤهله للقيام بدور ريادي في مختلف المجالات الاقتصادية، وفي ظل الاستثمارات الضخمة التي تضخ في المشاريع الاقتصادية والبنى التحتية يتضح لنا أن نمو القطاع الخاص سيكون بشكل أكبر كما هو مرسوم له.. فهل سينجح يا ترى؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى