أول امتحان لحكومة الجلالي… موازنة الـ25 إلى أين تأخذ السوريين؟… التحرر من التركات السابقة السلبية… د. الجلالي: الموازنة مرنة وتراعي حالة عدم الاستقرار في الاقتصاد الوطني…وزير المالية لـ «الاقتصادية»: مشروع الموازنة لا يتضمن أي إضافات جديدة في الضرائب
| هني الحمدان
حدد المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي خلال اجتماعه يوم الخميس الماضي الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2025 بـ52600 مليار ليرة سورية موزعة على 37000 مليار للإنفاق الجاري و15600 مليار للإنفاق الاستثماري بنسبة نمو 48 بالمئة مقارنة بموازنة العام 2024.
وجرى اعتماد مبلغ الدعم الاجتماعي بـ8325 مليار ليرة موزعاً على: الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية 50 مليار ليرة، وصندوق دعم الإنتاج الزراعي 100 مليار ليرة مقارنة بـ75 ملياراً عام 2024، ودعم الدقيق التمويني 3850 ملياراً والمشتقات النفطية 4000 مليار مقارنة بـ2000 مليار عام 2024، ودعم الخميرة التموينية 125 ملياراً وصندوق التخفيف من آثار الجفاف 25 ملياراً مقارنة بـ15 ملياراً عام 2024، إضافة إلى صندوق تمويل المشروع الوطني للتحول إلى الري الحديث 150 مليار ليرة مقارنة بـ50 ملياراً عام 2024، والصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال بـ25 مليار ليرة. كما جرى رصد مبلغ 2700 مليار ليرة لدعم الأدوية والمستلزمات المخبرية والطبية والأدوية السرطانية.
سياسة توسعية
وأكد رئيس مجلس الوزراء رئيس المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي الدكتور محمد غازي الجلالي أهمية التخطيط كمبدأ ونهج في إدارة الموارد الوطنية، خلافاً لما قد يظنه البعض بأنه قد يتراجع أو ينكفئ في أوضاع عدم الاستقرار وفي بيئة يسودها الكثير من عدم اليقين، إلا أن الحقيقة تذهب في غير ذلك، فالتخطيط يصبح أكثر أولوية في الأزمات وفي عدم الاستقرار، ويتلخص بشكل جوهري في القدرة على ترتيب الأولويات وتخصيص الموارد وإعادة تخصيصها ضمن القنوات الأكثر إنتاجية.
وتحدث الدكتور الجلالي عن أهم ملامح السياسة العامة لصياغة مشروع الموازنة العامة للعام 2025 على النحو الآتي:
-الحرص على اعتماد سياسة مالية توسعية إلى أقصى الحدود الممكنة والمحكومة أيضاً بقدرات التمويل المتوافرة بما في ذلك حدود التمويل بالعجز، فالحكومة تستهدف تقديم جرعة إضافية لتحريك عجلة الإنتاج الوطني، وكذلك تحريك الطلب الكلي من خلال زيادة الإنفاق العام والخاص.
-تقارب الحكومة ملف الإنفاق الجاري من منظور اقتصادي واسع يتمثل بتعزيز الاستهلاك والطلب الوطني، ومن غير المقبول النظر إلى الإنفاق الجاري باعتباره هدراً أو إنفاقاً سلبياً، بل هو في جوهر دورة النشاط الاقتصادي الوطني (الإنتاج، الاستهلاك).
واعتبر الدكتور الجلالي أن تصميم مشروع الموازنة العامة للدولة ينطوي على بنية ديناميكية ومرنة تراعي متطلبات حالة عدم الاستقرار التي يشهدها الاقتصاد الوطني والإقليمي والدولي، إذ جرى رصد اعتماد للاحتياطات الاستثمارية 4300 مليار ليرة، وهذا ما سيتيح للحكومة التفاعل والاستجابة مع أي مستجدات طارئة على صعيد الإنفاق الاستثماري خلال السنة المالية 2025 على مبدأ إدارة الاستثمار والمخاطر.
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أن مشروع الموازنة يعطي رسالة مباشرة وواضحة إلى الشركاء الوطنيين ولاسيما في القطاع الخاص الوطني، بأن الحكومة تنظر بعين الشراكة الواسعة والبناءة مع هؤلاء الشركاء كافة، وأن دورهم الاقتصادي والاجتماعي هو دور محوري وجوهري، ولا يمكن لاعتمادات الموازنة العامة للدولة وحدها أن تنهض بالمسؤوليات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية، مؤكداً أن القطاع الخاص شريك موثوق وستقدم الحكومة كامل الدعم الممكن لتفعيل طاقات هذا القطاع وضمان أعلى مساهمة ممكنة في الدخل القومي.
كما أكد الدكتور الجلالي ضرورة التعاطي بكل انفتاح مع السياسات الاقتصادية الكلية لجهة تعزيز كفاءتها وموضوعيتها وتطويرها لتتلاءم مع متطلبات المرحلة. ولفت في هذا السياق إلى سياسات الدعم التي رأى أنها ربما كانت سليمة في زمن ما، عندما كانت تمول من الموارد الذاتية، أما الآن وقد أصبحت تمول بالقطع الأجنبي النادر، فمن الضرورة بمكان إعادة مقاربتها وإعادة هيكلتها والتحرر من التركات السابقة السلبية، وهذا ما سيضمن بالحد الأدنى تجويد كفاءة الإنفاق العام.
إدارة صحيحة للموارد
من جهته أوضح وزير المالية الدكتور رياض عبد الرؤوف أن أسس إنجاز مشروع الموازنة تركزت حول عدد من المقاربات فيما يخص الواقع الاقتصادي والاجتماعي من خلال إدارة الموارد المالية المتاحة بكفاءة والاستمرار بإصلاح هيكلية الموازنة العامة للدولة، بما يسهم بزيادة فعالية الإنفاق العام في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتركيز على المشاريع الاستثمارية ذات الأثر المباشر وترتيب أولويات الإنفاق العام وضبط الإنفاق الإداري والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة والاستمرار برصد الاعتمادات اللازمة للدعم الاجتماعي، وتعزيز دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر باعتبارها المحرك الأساسي للاقتصاد.
ملامح مشروع الموازنة
وأضاف وزير المالية: قمنا بإعداد مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2025 ضمن رؤية تهدف إلى إصلاح الاختلالات الهيكلية في الموازنة العامة، وتطوير النسبة التي ستخصص للإنفاق الاستثماري.
تطورت ونمت أرقام الاعتمادات بنسبة 48 بالمئة، وكان التقسيم لهذه الاعتمادات خلال الفترة الماضية (في موازنة عام 2024) 75 بالمئة منها موجه للإنفاق الجاري و25 بالمئة للإنفاق الاستثماري، أما في مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2025 فقد جرى توجيه 30 بالمئة من الإنفاق العام للإنفاق الاستثماري، بمعنى تم توجيه حصة أعلى لإنفاق يزيد من مستوى الإنتاج في الاقتصاد السوري.. لإنفاق ذي قيمة مضافة يمكن أن يساهم بنسبة كبيرة بتعزيز معدلات التنمية الاقتصادية، في حين بلغ الإنفاق على الأغراض الجارية ما نسبته 70 بالمئة.
بلغ مجموع اعتمادات الموازنة العامة للدولة للعام القادم /52600/ مليار ليرة سورية، جزء كبير من هذا الإنفاق سيخصص لأغراض بداية استثمارية، ولأغراض دعم الإنفاق والمساهمة في النشاط الاجتماعي والاقتصادي.
العجز في الموازنة هو أحد أهم المؤشرات ضمن الموازنة العامة للدولة للعام 2025، حيث تم تخفيض نسبة العجز إلى 21 بالمئة، علماً أنها كانت في الموازنة العامة للدولة لعام 2024 بنسبة 26 بالمئة، الآن العجز المقدر لعام 2025 هو 21 بالمئة، وهذا التخفيض مفيد لأنه عبارة عن حالة صحية يعزز من معدلات أو وتائر النمو في الاقتصاد.
الإيرادات المحلية ستموّل نحو 80 بالمئة من هذا الإنفاق، ولدينا خطة طموحة لتعزيز الإيرادات ولاسيما من خلال تعزيز العائد من إدارة أملاك الدولة.
لا يوجد في موازنة عام 2025 أي تخطيط لفرض أي ضريبة جديدة.
لدينا إيرادات جارية ستسهم بنسبة كبيرة بتمويل الإنفاق العام للدولة خلال الفترة القادمة.
ناقشنا الوزارات وقمنا بمراجعة المشاريع الاستثمارية لهذه الوزارات كي نضمن أن الإنفاق المخصص لهذه المشاريع الاستثمارية يذهب إلى الغاية التي خصص من أجلها.
كان هناك جو تعاون وتفاعل مع المؤسسات والجهات العامة كافة، ووضعنا برنامج عمل طموحاً لتتبع التنفيذ خلال عام 2025.
نعتقد أن موازنة عام 2025 ستسهم في تعزيز معدلات التنمية الاقتصادية في سورية.
وأكد وزير المالية في تصريح لـ«الاقتصادية» أن مشروع موازنة العام 2025 لا تتضمن أي إضافات جديدة في الضرائب وأن الإطار الناظم لإعداد وهيكلة الموازنة هو توجيهات الرئيس للحكومة بما يسمح في تعزيز الإنتاج والاقتصاد الوطني.
وأوضح أن تصحيح هيكل الموازنة كان عبر تعديل نسب الإنفاق ليصبح 30 بالمئة للإنفاق الاستثماري بدلاً من 25 بالمئة و70 بالمئة للإنفاق الجاري بدلاً من 75 بالمئة كما كان في موازنة العام الجاري 2024، مع اعتباره أن الإنفاق الجاري مهم لجهة أنه إنفاق محفز للطلب ويؤمن احتياجات الجهات العامة والمؤسسات ويضمن استمرار توفر الخدمات التي تقدمها هذه الجهات للمواطنين في حين أهمية الإنفاق الاستثماري تكمن في أنه يحفز العرض عبر خلق معدلات إنتاج أفضل.
مؤشرات مهمة
القراءة الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة 2025 تشير إلى تبنّي الحكومة لسياسات الإنفاق التوسعي، التي تستهدف استراتيجياً توفير الدعم اللازم للنمو الاقتصادي، واستمرار الاعتماد على تنويع القاعدة الاقتصادية بتسخير تلك السياسات والموارد المالية المتوافرة في هذا الاتجاه، والتركيز على القطاعات ذات العائدين الاقتصادي الاستثماري ودعم الاجتماعي وضبط قنوات دعمه، مع الاستمرار في تحقيق عوائد إضافية متاحة كتلك المتمثلة في استثمار دقيق لكل أملاك الدولة تجنباً من فرض ضرائب جديدة.. ويعكس كل ذلك عزم الحكومـة على العمل بوتيرة أسرع في تنفيذ الإصلاحات المأمولة وتطوير السياسات، إضافة إلى التوسع في الإنفاق التحولي الهادف إلى تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، ما يسهم في تعزيز جودة الحياة، وهو ما أكدت عليه تقديرات حجم الإنفاق الحكومي ومضاعفته، بما يؤهله إلى أن يكون رافداً قوياً للنمو والاستقرار والتنويع الإنتاجي، بالتزامن مع قدرة المالية العامّة على تحمّل عجز مالي في الأجل، يتراوح عند 21 بالمئة متراجعاً عما كان عليه في الأعوام الماضية.
مؤشرات تشير إلى عزم الحكومـة إلى التنويع واستثمار المتاح وحسن إدارته، واستمرار الإنفاق الحكومي على الخدمات الأساسية للمواطنين، إضافة إلى تعزيز جودة الحياة وتطوير الخدمات الحكومية في المجالات، مع تمكين القطاع الخاص ليأخذ دوره ويكون فاعلاً أساسياً في المشهد الاقتصادي القادم، فلا وقت للتوقف عند الشعارات الموروثة، فالوقت هو للعمل والإنتاج والاستثمار ودخول القطاع الخاص برأسماله ليرسم ملامح نهضة إنتاجية واقتصادية.
بالواقع..!!
تجدر الإشارة إلى أن الموازنة العامة في سورية هي موازنة تقليدية أي موازنة البنود والأقسام والأبواب، وبالتالي ليست موازنة إقليمية أو وظيفية، الهدف منها استمرار واقع عمل المؤسسات مع محاولة تحسين الواقع الإنتاجي والاقتصادي، وبالتالي لا يمكن الجزم بأن هذه الموازنة وسابقاتها تسعى إلى تعزيز النمو الاقتصادي وجذب المستثمرين، ولكنها تحاول البقاء على رتم الظروف التي تعاني منها موارد الخزينة العامة على ندرتها، فنسب التضخم المرتفعة تشكل تحدياً أمام راسمي السياسة المالية، فلا يمكن أن تضع موازنات توازي نسب التضخم المرتفعة، لأن ذلك يعني بشكل أو بآخر تفاقم العجز في الموازنة العامة أي الاضطرار إلى طباعة فئات نقدية وكتلة نقدية من دون تغطية حقيقية لها وإنتاج سلعي.
مقارنات
أما إذا قمنا بمقارنة موازنة العام 2025 بموازنة العام 2023 البالغة 5,5 مليارات دولار، حيث كان سعر الصرف آنذاك عند إقرار الموازنة نحو 3000 ليرة، فهي منخفضة بحوالي 30 بالمئة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن التقويم بالعملات الأجنبية هو مجرد مؤشر إلى حجم الموازنة بعملة ثابتة، ولا يعني مطلقاً أن نفقات وإيرادات الحكومة هي بالقطع الأجنبي، حيث نعلم أنها في جلها بالليرة السورية.
بالنسبة لتبويبات اعتمادات الموازنة العامة كإنفاق جارٍ واستثماري، فهناك ارتفاع من 26500 مليار ليرة في العام 2024 إلى 37000 مليار ليرة في العام 2025 للإنفاق الجاري أي بنسبة 40 بالمئة، وكذلك نلاحظ ارتفاعها عند تقويمها بالعملة الأجنبية من 2,3 مليار دولار إلى 2,7 مليار دولار أي ما نسبته 17 بالمئة حسب قراءة الخبير المصرفي الدكتور علي محمد لمشروع الموازنة وتصريحه لـ«الاقتصادية».
وقال: ارتفعت الاعتمادات الأولية لموازنة العام 2025 بنسبة 48 بالمئة من 35500 مليار ليرة إلى 52600 مليار ليرة، ويلاحظ أنها ارتفعت أيضاً عند تقديرها بسعر الصرف الرسمي، فقد كانت نحو 3,1 مليارات دولار عام 2024 بسعر صرف 11500، وأضحت 3,9 مليارات دولار بسعر صرف 13500، والزيادة تقريباً بنسبة 25 بالمئة.
بالنسبة للإنفاق الاستثماري فقد ارتفع من 9000 مليار إلى 15600 مليار ليرة في اعتمادات موازنة العام 2025، أي أنها ارتفعت 73 بالمئة بالليرة السورية.
هذا وتشكل نسبة الإنفاق الاستثماري 30 بالمئة من موازنة عام 2025 مقارنة بـ25 بالمئة بالعام 2024 و18 بالمئة في موازنة العام 2023، وهي أضحت تقارب مع ما هو في الأعراف بألا يقل الإنفاق الاستثماري عن 30 بالمئة من إجمالي اعتمادات الموازنة، فكلما ارتفع مقارنة بالجاري فهو دليل على تركيز السياسات المالية والاقتصادية على النمو الاقتصادي ومكافحة البطالة وتحسين الواقع الاقتصادي، ولكن من ناحية أخرى، فلا عبرة كبيرة لزيادة نسبة الإنفاق الاستثماري عن العام الذي سبقه، فمثلاً موازنة عام 2024 شهد ارتفاع الإنفاق الاستثماري بنحو 200 بالمئة عنه في عام 2023، فالعبرة تأتي بالتوظيف الصحيح لهذه الاعتمادات الاستثمارية.
أما لدى التقويم بالدولار، فقد قفز الإنفاق الاستثماري من 0,78 مليار دولار عام 2024 إلى 1,1 مليار دولار عام 2025 بنسبة 41 بالمئة.
ارتفاع الاستثماري
الملاحظ حسب د. محمد أن موازنة 2025 منخفضة بنسبة 30 بالمئة عن موازنة 2023 بالدولار، حيث أن الانخفاض هو من نصيب الإنفاق الجاري بنسبة 40 بالمئة، في حين الإنفاق الاستثماري مرتفع بنسبة 10 بالمئة.
لا شك أن الحكومات السورية المتعاقبة ملتزمة بالفترة الدستورية الناظمة لإعداد مشروع الموازنات العامة، كما تنص المادة 79 من دستور العام 2012 والتي تقول أنه لكل سنة موازنتها الخاصة بها، والتي يجب عرضها على مجلس الشعب قبل شهرين من بداية السنة المالية للموازنة المعتمدة وقبل بداية العام، وذلك إتاحة في المجال لتطبيق نص المادة 80 من دستور عام 2012 والتي تقول أن على مجلس الشعب أن يناقش الموازنة بنداً بنداً وفصلاً فصلاً والقيام بإقرارها بعد ذلك بقانون.
تفاصيل الجاري
فيما يتعلق بتفاصيل الإنفاق الجاري، الذي يضم بند الرواتب والأجور وكل ما له علاقة بإنفاق الدولة ومؤسساتها العامة، فقد ارتفع الإنفاق الجاري بنسبة 40 بالمئة، أي 10500 مليار ليرة، لكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن من هذا الارتفاع هناك 2500 مليار تكلفة زيادة الرواتب والأجور التي أقرت في شهر شباط 2024 بنسبة 50بالمئة، وهذا يعني أن بند الإنفاق الجاري ارتفع (من دون بند الرواتب والأجور) من 20386 مليار ليرة في العام 2024، إلى 28386 مليار ليرة، أي 8000 مليار ليرة، حيث يمكن تقدير حجم الرواتب بكتلة 8614 مليار ليرة، وهي عبارة عن 2114 ملياراً كتلة رواتب 2023، و4000 مليار زيادة الرواتب نهاية العام 2023، و2500 مليار زيادة شهر شباط 2024.
الإنفاق الجاري خسر 1,8 مليار دولار في اعتمادات موازنة العام 2025، مقارنة بموازنة العام 2023.
الدعم الاجتماعي
بلغ حجم الدعم الاجتماعي 8325 مليار ليرة مرتفعاً من 6210 مليارات في موازنة العام 2024 و4927 ملياراً في موازنة 2023، أي ارتفاع بنسبة 34 بالمئة بين عامي 2024 و2025، وبقي مرتفعاً أيضاً عند تقويمه بالعملة الأجنبية بواقع 14 بالمئة، حيث بلغ 0,62 مليار دولار عام 2025 في حين 0,54 مليار عام 2024، إلا أن الواقع يتضح أكثر عند المقارنة بموازنة العام 2023، حيث بلغ حينها 1. 64 مليار دولار، أي أن الحكومة خلال عامين تخلصت من عبء مليار دولار كدعم مقدم.
بقيت بعض بنود الدعم الاجتماعي على حالها مثل 50 ملياراً للمعونة الاجتماعية، على حين ارتفع دعم الإنتاج الزراعي من 75 ملياراً إلى 100 مليار، وكذلك ارتفع دعم الري الحديث من 50 ملياراً إلى 150 ملياراً، أما دعم الخميرة فقد كان في موازنة 2023 نحو 103 مليارات وأضحى 125 ملياراً، أما دعم مناطق متضررة من الزلزال فقد انخفض من 75 ملياراً إلى 25 ملياراً، وذلك نتيجة القيام بسداد جزء مهم من التعويضات للأسر المتضررة، أما دعم آثار الجفاف فقد ارتفع من 7 إلى 25 ملياراً.
الضعف للمشتقات النفطية
أما بالنسبة لدعم المشتقات النفطية فقد ارتفعت من 2000 مليار في العام 2024 إلى 4000 مليار ليرة، على حين كانت 3000 مليار في عام 2024، بمعنى أنها ارتفعت بين عامي 2024 و2025 بنسبة 100 بالمئة بالليرة السورية، ولكن التقييم الأفضل لهذا البند هو بالدولار باعتبار أن 80 بالمئة من حاجتنا من المشتقات النفطية مستوردة، فقد بلغ دعم المشتقات للعام 2025 نحو 0,3 مليار دولار مقارنة مع 0,17 مليار دولار عام 2024، وأعتقد أن السبب يعود لتوقع ارتفاع في أسعار النفط عالمياً نتيجة التوترات في منطقة الشرق الأوسط المتزامن مع ارتفاع أجور الشحن والنقل إلخ، ويتضح أيضاً استقرار الواقع كما هو دون خضات كبيرة في التسعير للمشتقات في العام القادم، أما الدليل المهم للاستبعادات من الدعم وتحرير الأسعار، فقد أضحت واضحة، فدعم المشتقات عام 2023 كان نحو 1 مليار دولار، على حين في 2025 نحو 0. 3 مليارات دولار فقط.
السكر والرز خرجا
بند دعم السكر والرز تم إلغاؤه من موازنة العام 2024 وهو غير موجود أيضاً في موازنة 2025، وبالتالي لا يوجد دعم للسكر والرز في موازنة العام القادم!
دعم مضاعف للدقيق التمويني
القراءة التالية حول بند الدقيق التمويني في 2025 بقيمة 3850 مليار ليرة، على حين لا معلومات عن حجمه في عام 2024، في حين كان 1500 في موازنة العام 2023، وهذا يعود بطبيعة الحال إلى ارتفاع سعر شراء القمح المسلم من الفلاحين إلى المؤسسة العامة السورية للموسم الحالي إلى 5500 ليرة للكغ، إضافة إلى زيادة بعض التعويضات المتعلقة بالمطاحن والأفران وغيرها، كذلك زيادة مصاريف المستلزمات السلعية والخدمية سواء المشتقات النفطية اللازمة للعمل أم قطع الغيار ومواد التعبئة والتغليف والصيانة، وكذلك ارتفاع أجور الطحن ونقل القمح.
الجديد دعم الأدوية!
يلاحظ في موازنة عام 2025 رصد دعم للأدوية بقيمه 2700 مليار ليرة سورية، فيما لم تكن موجودة في الأعوام السابقة!
لم يكن ظاهراً!
لم يظهر بند دعم الطاقة الكهربائية في ضمن بنود الدعم الاجتماعي في العام 2025، وكذلك في العامين 2023 و2024، على حين كان قد بلغ في عام 2023 نحو 4412 مليار ليرة سورية حسب تصريحات إعلامية، حيث قالت وزارة المالية حينها أنه ستتم معالجته وفق سلسلة التشابكات المالية مع الجهات العامة.
العجوزات!
تجدر الإشارة إلى أن عجز الدقيق التمويني غير معلوم بشكل دقيق، لكن الرقم الموجود في موازنة عام 2025 هو لدعم الدقيق التمويني بقيمه 3850 مليار ليرة سورية، فعلى سبيل المثال كان عجز الدقيق التمويني في عام 2023 نحو 3037 مليار ليرة سورية، تم رصد دعم له في موازنة عام 2023 بمبلغ 1500 مليار ليرة سورية، وتم التصريح بأن إطفاء الباقي من العجز سيكون من خلال قروض من المصرف المركزي للمؤسسة العامة للحبوب.
وفيما يتعلق بالعجز في موازنة عام 2025 لا يمكن تقديره نتيجة عدم القدرة على معرفة حجم الإيرادات المتوقعة وعدم الإفصاح عنها، لحين إقرار الموازنة كقانون، لكن وزير المالية صرح بأن العجز هو بنسبة 21 بالمئة من إجمالي اعتمادات الموازنة، ما يعني أن العجز قد يبلغ 11050 مليار ليرة، فيما كان العجز في موازنة عام 2024 نحو 9230 مليار ليرة سوريه تشكل نسبه 26 بالمئة من موازنة العام 2024، وإن عدنا إلى موازنة العام 2023 كان العجز نحو 4860 مليار ليرة، بما يشكل نسبة 29 بالمئة من اعتمادات موازنة العام 2023، وبنظرة سريعة نكتشف أن نسبة العجز من إجمالي الموازنة في العام 2025 هي الأقل من بين العامين 2023 و2024 حسب قراءة د. محمد!!
15 ملياراً زيادات في الإيرادات
مما سبق يقودنا إلى أن الإيرادات المقدرة في العام 2025 تبلغ نحو 41550 مليار ليرة سورية، وبحسب تصريح وزير المالية، فإن هذه الإيرادات ستكون بشكل أساسي من الضرائب المعمول بها حالياً إضافة إلى تحسين الإيرادات من خلال تعزيز العائد على إدارة أملاك الدولة، وعند مقارنة هذه الإيرادات مع إيرادات العام 2024 نرى أن إيرادات العام 2024 كانت بنحو 26270 مليار ليرة سورية، وهذا يعني أن إيرادات العام 2025 مرتفعة بنحو 58 بالمئة عن إيرادات العام 2024، أي بقيمة 15280 مليار ليرة سورية، وأعتقد أن هذا رقم مهم جداً أن تحقق فيعني تعزيز للإيرادات العامة.
بنظرة سريعة لأرقام العجز في السنوات الماضية فيمكن القول إن العجز في العام 2022 كان قد بلغ 4118 مليار ليرة سورية مشكلة نسبة 31 بالمئة من إجمالي موازنة العام 2022، على حين بلغ 4860 مليار ليرة سورية في العام 2023 مشكلاً نسبة 29 بالمئة من إجمالي الموازنة لعام 2023، ليرتفع عجز عام 2024 إلى 9230 مليار ليرة سورية مشكلاً نسبة 26 بالمئة من إجمالي موازنة العام 2024، أما في العام 2025، فالعجز نحو 11050 مليار ليرة سورية مشكلاً نسبة 21 بالمئة من إجمالي اعتمادات موازنة العام 2025.
من خلال المقارنة بين زيادة الإنفاق الجاري في موازنة العام 2025 وكتلة الرواتب التي جرى احتسابها بشكل تقريبي، يمكن القول إن الإنفاق الجاري ازداد بقيمة 8000 مليار، فيما كتلة الرواتب هي 8614 مليار ليرة سورية، وبالتالي فالاستمرار بالإنفاق الجاري العادي للعام 2025 كما هو في العام 2024 من دون زيادة ولا ليرة في الإنفاق الجاري، فإنه يمكن القول إن الزيادة في هذا الإنفاق للعام 2025 مقارنة بالعام 2024 قد تكون كفيلة بزيادة الرواتب بنسبه 100 بالمئة، ويبقى هذا افتراضاً فقط.
حجم سندات الخزينة سيرتفع!
طبعاً إطفاء العجز للعام 2025 سيكون عبر إصدار روزنامة سندات خزينة لعام 2025، وأعتقد أن حجم سندات الخزينة سيرتفع في روزنامة عام 2025 نوعاً ما عن رزنامة العام 2024 البالغة 1000 مليار، حيث أنه مع زيادة حجم العجز يجب أن يكون حجم سندات الخزينة أكبر، وأن تحاول وزارة المالية استقطاب حجم أكبر من المبالغ عبر سندات الخزينة للتقليل من حجم الإصدار النقدي أو الاقتراض من المصرف السوري المركزي لما لذلك من تأثير سلبي في المؤشرات الاقتصادية، فكلما زاد حجم الاكتتاب بسندات الخزينة كان ذلك أفضل.
ضخ 8325 مليار ليرة للدعم الاجتماعي
النقطة الأخيرة المتعلقة بحجم الدعم الاجتماعي فأعتقد أن هذا المبلغ المرصود له في موازنة العام 2025 والبالغ 8325 مليار ليرة سورية، ومع التوجه الحكومي نحو استبدال الدعم العيني بالدعم النقدي، فنحن أمام ضخ كتلة نقدية في العام 2025 بواقع 8325 مليار ليرة سورية في الحسابات المصرفية للمستفيدين، وهذه كتلة يجب أن يتم تدقيق في حجم تأثيرها في السوق، ولاسيما أنها تمثل نسبة 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2021 البالغ نحو 26000 مليار (أحدث رقم متوافر)، وإن كتلة الدعم هذه يمكن أن تكون لمادة الخبز، باعتبار أن ربطة الخبز تكلف بحسب تصريحات رسميه 8000 ليرة سورية، وقد تباع بـ3500 ليرة سورية، فإن الدعم سيكون بحدود 5000 ليرة سورية للربطة الواحدة، وبافتراض سيناريو الاحتياج العائلي إلى 10 ربطات أسبوعياً، فنحن أمام كتلة نقدية قد تكون 1440000 ليرة سورية للعائلة سنوياً، وكذلك مادة المازوت باعتبار أن تكلفة الليتر بحسب بعض التصريحات نحو 11000 ليرة سورية، وأصبح يباع للعائلة بـ5000 ليرة سورية، فيمكن القول إن دعم 50 ليتراً التي توزع لكل عائلة سيكون بحدود 300 ألف ليرة سورية سنوياً، وما تبقى سيكون لماده الغاز التي لم يتضح بعد الدعم لها.
انكماش وتراجع
من جهته أبدى الخبير الاقتصادي جورج خزام تحفظه إزاء مؤشرات مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المقبل وقال: إن كل الزيادات بالموازنة العامة لعام 2025 التي تم الإعلان عنها لن تنعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني وعلى المواطن وعلى النشاط الصناعي والزراعي والتجاري وذلك للأسباب التالية:
لأن طريقة تحصيل تلك الزيادات المالية لم تكن من خلال زيادة النشاط الصناعي والزراعي والتجاري ومعه زيادة تحصيل الضرائب على الأرباح بسبب زيادة سرعة دوران العجلة الاقتصادية، وإنما كانت بسبب إقرار زيادة بالتحصيل المالي على المصانع والأعمال التجارية، وزيادة كبيرة بالرسوم الجمركية للمستوردات ورفع تكاليف الإنتاج الذي يترافق مع زيادة كبيرة جداً بأسعار المحروقات والكهرباء الصناعية والمصاريف المباشرة وغير المباشرة، وعليه سوف يحصل انكماش وتراجع بالاقتصاد سوف تكون نهايته زيادة البطالة والكساد ومواجهة الخطر القادم للتضخم النقدي الجامح،
بالإضافة للتوسع بطباعة ورقة الـ5000 ليرة من دون تغطية سلعية بزيادة الإنتاج أو تغطية بالذهب والدولار.
وأضاف: إن زيادة الإنفاق العام يعني زيادة كمية الأموال بالليرة السورية المتداولة بالأسواق بالمقارنة بكمية البضائع والدولار المعروضة للبيع، ومعه ارتفاع بسعر البضائع والدولار معاً وزيادة التضخم النقدي، وتحقيق زيادة بالإنفاق العام لا يعني بالضرورة تحسين مستوى معيشة المواطنين، لأنه يجب معرفة هل تلك الزيادة بالإنفاق العام هي لمصلحة التوسع الصناعي وزيادة الإنتاج الذي يترافق مع تحرير الاقتصاد من كل القيود التي تم وضعها من قبل المصرف المركزي على حركة الأموال والبضائع من أجل تخفيض الاستهلاك بحجة تخفيض الطلب على الدولار من أجل تثبيت وتخفيض سعره.
حتى يستفيد المواطن من أي زيادة بالإنفاق العام يجب أن تقترن تلك الزيادة بتراجع الهدر والفساد في ذلك الإنفاق، بالإضافة إلى إنفاق تلك الأموال بالمشاريع الضرورية الأكثر حاجة للتنفيذ للبلد، كأن تكون بتأسيس عشرات التوربينات الهوائية غرب حمص لحل أزمة الكهرباء لكل الشعب السوري بدلاً من تأسيس إنفاق بملايين الدولارات لمدينة واحدة لحل أزمة بعض الاختناقات المرورية في وقت الذروة.
إن القطاع العام لن يستطيع النهوض بالاقتصاد الوطني بسبب الهدر الكبير وعدم الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، لذلك يجب إعطاء الحرية المطلقة للقطاع الخاص بالعمل التجاري والصناعي والزراعي حتى يقوم بتلك المهمة وإلغاء كل قرارات المصرف المركزي التي تعتمد على تقييد حرية حركة الأموال والبضائع..
أي باختصار تطبيق قواعد اقتصاد السوق الاجتماعي الحر، مثل دول الخليج وأوروبا مع التحرر الكامل من رواسب الأفكار الباطلة القديمة في إدارة الاقتصاد السوري.