بوح الاقتصاد

الإدارات الحكومية… والشفافية!

|هني الحمدان

أساس ومرتكز في محاربة الفساد والروتين والإهمال، بل تعد الشرط الأول لأي محاولة أو قرار حقيقي يهدف لمحاربة هذا الوباء.. فمن غير المستساغ كلياً أن تقول الإدارات والأجهزة الحكومية إنها تحارب الفساد مثلاً وبعض منها غير شفافة في أرقامها ومعلوماتها ومؤشراتها كلها..!
الشفافية بالعموم هي المكاشفة الصحيحة بين أجهزة وإدارات الحكومة ومجتمعها، وقنواتها المختصة كالرقابة والإعلام.. هي أشبه ما تكون كمادة شفافة تستطيع أن ترى ما خلفها لا أقل ولا أكثر، فغياب معايير الشفافية أو عدم اتباع القواعد الناظمة لها في الإدارات الحكومية، وعدم الانفتاح على سياسات الإفصاح الإداري والمالي والتخطيطي بما يكفي، وبقاء ثقافة حجب المعلومة الصحيحة الكافية، كلها أسباب تؤدي لخلق مناخ عام لتكون قاعاً للفساد وواحدة من أبرز عناصر جذبه واستقطابه.
للأسف الشديد أن سياسة الإفصاح لدى بعض الأجهزة الحكومية لا تزال في أقل درجاتها بما في ذلك تقاريرها التي لا تنطوي على حد أدنى من متطلبات الشفافية بسبب غياب مفهوم الحوكمة عموماً، وضعف الفهم لدى بعض المديرين المتقوقعين وراء طاولاتهم، لا يتقنون شيئاً من فنون القيادة والمسؤولية، وبالتالي فإن حجب المعلومات والأرقام لا يتوقف عند مبادئ الشفافية ومحاربة الفساد فحسب، وإنما يتعداه إلى حيث الصعوبة البالغة في الحصول على البيانات واستخلاص الأرقام الدقيقة وإن كانت أرقاماً وبيانات عمومية وليست سرية في الأساس وتستخدم أدوات أساسية في صلب البيانات والداتا المتكاملة الواجب توافرها حيال أي قطاع أو أزمة..!.
اليوم لم يعد المواطن يسمع ويقتنع عند إطلاق أي وعد من أي جهة رسمية، إلا بعد أن تثبت له صوابية وحسن قرارها، وأنها لم تخلق بقرارها أي تبعات له.. لسان حاله القول: إن بعض القرارات ما هي إلا شعارات جوفاء ووعود زائفة لا تعكس أي إدراك للواقع.. وهنا نطرح السؤال: هل الإدارات الرسمية تدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، فالبلاد بحاجة إلى حلول حقيقية، وليس إلى مزيد من الخطب التي تلعب على مشاعر الناس، دون أن تقدم لهم أي رؤية واضحة لتحسين حياتهم..؟!
المواطن اعتاد سماع الكثير من السياسات والتوجهات الجديدة، والأغلبية يبدؤون في الترويج للأحلام الكبيرة والمثالية دون أي خطط فعلية على الأرض، فهذا النهج ليس فقط غير فعال، بل يسهم في تعميق الإحباط الشعبي، ومع أول إجراء أو قرار تحدث الصدمات، ويبدأ مسلسل تجديد كلام زعزعة الثقة، وهنا يتعين على الإدارات العامة، أن تدرك أن التحديات التي تواجه البلاد ليست مجرد شعارات يمكن استخدامها لكسب الرضا وإظهار النيات الحسنة، بل هي مشكلات حقيقية تتطلب استجابات ملموسة، فكيف يمكن أن تتوقع كسب ثقة المواطن ورضاه وهي لم تثبت بعد قدرتها على تحويل وعودها إلى أفعال؟ إذا كانت تعتقد أن مجرد التحدث عن إظهار الصعوبات وحجم التحديات لنيل تفهم المواطن الذي يرى أن أي قرار يؤثر في مصالحه ودخله إجراء غير سوي.!
فالشفافية تحقق الوضوح في إجراءات العمل، ما يزيد كفاءة وجودة إنتاجية العمل. والقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة بما يحقق التطوير الإداري للمؤسسات، وتفعيلاً سليماً لأحكام القانون والمساءلة القانونية بشكل حيادي وموضوعي، إضافة لظهور كل حالات التطور بكل أشكاله في المؤسسات، من خلال توفير المال والوقت والجهد.
إتقان التعامل بأسسها وبالتدابير التي تضمن تزويد المواطنين بالبيانات والمعلومات الصادقة عن كل خططها وأنشطتها وأعمالها ومشروعاتها وموازنتها ومداولاتها، وإعلان الأسباب الواقعية والقانونية الدافعة لها وتوضح طرق وإجراءات مساءلة الإدارة عن أوجه القصور أو المخالفة وإقرار حق عام بالاطلاع والوصول غير المكلف لمعلومات ووثائق الإدارة كأصل عام، فهي ضرورة لرفع كفاءة الجهاز الحكومي، وتحسين أدائه وتفعيل مشاركة المواطنين مع الحكومة باعتبارهم أصحاب حق، أي تقوية مفهوم السلطة العامة على أساس من الاقتناع والتفاهم المشترك بينها وبين الأفراد، الشفافية والثقة مترابطتان دائماً فمن دون الشفافية المواطن لا يصدق ما يقوله مسؤولوه، فالكثير من الشعب اعتاد الشعور بأن الحكومة تخفي أشياء عنهم مما يولد لديهم الشعور بعدم الثقة تجاه حكومتهم.!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى