ما مدى رضا المواطنين عن خدمات المصارف السورية؟.. لا اعتمادية ولا موثوقية وخدمة مصرفية غير مرضية.. الخاصة تستنسخ بيروقراطية العامة.. والعامة من سيئ إلى أسوأ من دون حلول
|غزل إبراهيم
الجودة المصرفية هدفها تلبية حاجات الزبائن ورغباتهم بشكل يتطابق مع توقعاتهم أو يتجاوز تلك التوقعات، ولكن هذا الأمر بعيد عن مصارفنا العامة والخاصة والتي باتت تتعامل مع عملائها بطريقة لا تمت للعمل المصرفي بصلة، وأصبح العميل يحسب ألف حساب قبل الذهاب إلى أحد المصارف خوفاً من الإجراءات البيروقراطية والتعقيدات الكثيرة التي يضعها المصرف أمامه.
فالجودة المصرفية يجب أن تحقق ميزة تنافسية مستدامة، وتعد من عوامل النجاح الحاسمة للمنظمات التي تفكر في تعزيز هذه القدرة والتطوير والنمو، ولكن عدم التقيد بقواعد العمل المصرفي، وقلة عدد المصارف الخاصة في سورية حدّا من التنافس وتسببا في تراجع خدماتها، والحال أسوأ في المصارف العامة نتيجة قلة عدد الموظفين وضعف رواتبهم، والازدحام الكبير عليها وغيرها من العوامل.
وأمام هذا الواقع المزري يبدو القطاع مهدداً وبعيداً عن العالم الذي يخطو خطوات كبيرة نحو تسهيل الإجراءات وكسب ثقة العملاء ورضاهم، ما يتطلب ضرورة تغيير النهج الحالي في العمل المصرفي وتشجيعه ليكون رافداً في تنمية الاقتصاد ودعمه.
رديئة جداً
هناك معايير معينة تحدد جودة الخدمة المصرفية، ومع توافر هذه المعايير يمكن القول إن الخدمة المصرفية ذات جودة عالية أو لا، ومن هذه المعايير: الاعتمادية، المصداقية، الموثوقية، الأمان، السرية، سرعة الاستجابة من موظفي المصرف، سهولة الحصول على الخدمة المصرفية، اللباقة من موظفي المصرف، مدى تفهم العميل، وبالنظر إلى هذه المعايير، نجد أن أغلب المصارف سواء العامة أم الخاصة في سورية لا تتبع هذه المعايير ما يجعل الخدمات المصرفية التي تقدمها ليست ذات جودة عالية حسب الدكتورة في كلية الاقتصاد- جامعة دمشق ردينة محمود
الخاص لا يختلف عن العام
واليوم مصارفنا العامة والخاصة تعاني كثيراً ووصلت إلى مرحلة مخجلة من الخدمات السيئة بكل جوانبها من الرواتب والأجور المزرية إلى طريقة معاملة الزبون، الذي لم يعد هو السيد بالنسبة للمصرف وخدماته.
كما أن الفرق بين العام والخاص بسيط جداً، بسبب قلة عدد المصارف الخاصة وضعف المنافسة، وهذا التراجع الكبير في الجودة نلاحظه في جوانب عديدة من السقوف إلى السحب اليومي، وغيرها من الإجراءات الكثيرة والمعقدة التي يتلقاها العميل، والتي تنقص من جودة الخدمة المصرفية بكل أبعادها، إضافة إلى الشروط الكثيرة سواء متطلبات القروض أم السريّة المصرفية، والضمانات بما يخفف من ثقة العميل ولكن لا يوجد بديل سوى هذه المصارف، وفق رؤية الدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق سامر مصطفى.
شروط مجحفة وغير واقعية
وفيما يخص خدمات القروض المصرفية مثلاً، تعتبر الشروط المفروضة مرهقة ومجحفة بحق العملاء، من ناحية الكفيل وتقديم الرهن وبدء تسديد القرض والفوائد المرتفعة جداً وغير ذلك.
وهنا يؤكد الدكتور مصطفى أن فترة السداد التي تبدأ غالباً بعد شهر من استلام القرض غير صحيحة وغير مرضية للزبون، ويفضل أن يكون بعد 5 أشهر على الأقل، إضافة إلى أن الرسوم الموضوعة عليها كبيرة جداً وخاصة لذوي الدخل المحدود، وهذا كله يقلل من جودة هذه الخدمة المصرفية.
3 أشهر..!
أما السرية المصرفية التي يطلبها المصرف المركزي عند التقديم لقرض فهي تحتاج لمدة طويلة جداً وقد تصل إلى ثلاثة أشهر تقريبا في حال تجاوزت قيمة القرض الـ30 مليوناً في البنوك العامة أو الخاصة، وهذه معاناة وحكاية أخرى وفقاً للدكتور مصطفى، فبعد إرسالها من المصرف إلى المركزي، تحتاج أحياناً من شهرين إلى ثلاثة أشهر للبت بها، وهي مدة طويلة جداً وتؤخر الحصول على القرض، وهذه الإجراءات الروتينية يشير الدكتور المصطفى إلى أن لا دور فيها للبنك المانح، وإنما هي مسؤولية المركزي وإجراءاته البيروقراطية.
والمفروض هنا الحصول على هذه السرية خلال يومين إلى ثلاثة أيام على الأكثر، ويمكن إرسالها وتلقى الجواب عليها إلكترونياً ولكننا لا نعلم لماذا هذه المدة الطويلة، وكأن البحث يتم عن الشخص في دولة أخرى وبالتالي هذا الأمر يزعج العملاء ويقلل من الجودة.
ضغط كبير على العامة
كما أن هناك ضغطاً كبيراً جداً على المصارف العامة، وكمثال فإن فرعاً واحداً للمصرف التجاري قد يستقبل عدداً من العملاء يعادل كل المصارف الخاصة في سورية.
ويشير الدكتور مصطفى هنا إلى ضرورة تمتع المصارف الخاصة بمرونة أكبر في التعامل، فهي تعاني عدم التنظيم والتأخير في تلبية احتياجات العميل، لكون المبالغ تحتاج إلى وقت طويل في العد وينتظر الزبون لأكثر من ساعة ليقوم الموظف بعدّ 40 مليوناً على سبيل المثال، كما أن هناك مشكلة أخرى وهي أن أغلب العملات تالفة وهذه مشكلة العميل والمصرف على حد سواء.
نقص الموظفين
وهذا التأخير في المصارف الخاصة يعود أيضاً إلى النقص في عدد الموظفين مقارنة بالمراجعين، واحتياجهم لوقت أطول في تقديم الخدمة وخاصة أنها أصبحت تحتاج إلى وقت أطول وبالتالي انتظار أكثر للعملاء داخل هذه المصارف.
المحسوبيات حتى في الخاص..!
كما اختلف أسلوب المعاملة كثيراً، وبات الموظف في الخاص يتصرف بطريقة غير مهذبة مع العملاء وكأنه يقدم لهم وجبة غداء مجانية، مع العلم أن سبب وجود البنك هو العميل نفسه، وهذا الأسلوب السيئ في التعامل بدأ يظهر في الفترات الأخيرة في السوق المصرفية الخاصة، إلا إذا كان للزبون علاقة شخصية مع المدير أو أحد الموظفين، فهنا يتم تيسير أموره بسرعة «أي أصبح التعامل في الخاص أشبه بـبيروقراطية القطاع العام» حسب مصطفى.
قد تكون سبباً في مقاطعتها
وإضافة إلى ما سبق هناك قيود أخرى تفرضها البنوك في سورية على الخدمات المصرفية ومنها سقف عمليات السحب اليومي، والتي تخفض من جودة الخدمات المصرفية لأنها تخفض من اعتمادية وموثوقية الخدمة المصرفية وتخفض سرعة الاستجابة من المصرف، كما تخفض الشعور بالأمان بالنسبة للعميل وتصعب عملية الحصول على الخدمة المصرفية وهي جميعها معايير مهمة للجودة.
على سبيل المثال العميل الذي وثق بالمصرف وأودع أمواله لديه وأراد شراء عقار أو سيارة بمبلغ يفوق ٢٠٠ مليون ليرة سورية، عليه أن يداوم في المصرف عدة أيام من أجل سحب هذا المبلغ وإتمام عملية البيع والشراء ما يجعل الخدمة سيئة من وجهة نظر العميل، نظراً لما يتكبده من وقت وجهد وتكلفة للحصول على أموال هي في النهاية من حقه وكان من المفروض الحصول عليها دفعة واحدة وبأقل وقت وجهد وتكلفة ممكنة.
وهناك الكثير من صفقات البيع والشراء التي يتم إلغاؤها بسبب تأخر المشتري في التسديد للبائع، نتيجة عدم قدرته على سحب الأموال المطلوبة من المصرف في الوقت المناسب، وهذا يجعل العميل الذي يرغب في استثمار أمواله لاحقاً يفكر مليا قبل إيداع أمواله بالمصرف إن لم يمتنع نهائياً عن القيام بذلك – برأي الدكتورة محمود.
خارج الخدمة غالباً
أيضاً فيما يخص خدمة الصراف الآلي التي تقدمها المصارف العامة والخاصة والتي من المفترض أن تكون قد وجدت لراحة العميل وتخفيف العبء عليه وتسهيل عملية الحصول على الخدمة المصرفية في أي وقت يريد، تؤكد الدكتورة محمود أنها على غير ذلك فهي ليست بالجودة المطلوبة وهي قد تزيد العبء على العميل في بعض الأحيان نظرا لأن أغلب الصرافات الآلية هي في معظم الأوقات خارج الخدمة، كما أن عمليات السحب منها هي مقيدة وأيضاً بحدود معينة لكل عملية سحب.
أين مصارفنا من الخدمات الإلكترونية..؟
وفيما يخص الخدمة المصرفية الإلكترونية فهي لا تزال في بداياتها والبلدان الأخرى قد سبقتنا بأشواط كبيرة في هذا المجال.
مقترحات وحلول
هناك بعض المقترحات لتحسين جودة الخدمة المصرفية في المصارف السورية منها: زيادة اعتمادية ومصداقية وموثوقية الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف وأيضاً تعزيز الأمان لدى العميل وتسهيل عملية الحصول على الخدمات المصرفية من قبل العملاء ورفع القيود على السحوبات المصرفية، والاهتمام أكثر بخدمة الصراف الآلي من ناحية زيادة عدد الصرافات الآلية وتفعيلها لتبقى في الخدمة ٧/٢٤ ورفع السقف على عمليات السحب التي تتم عبر الصراف الآلي بشكل يوفر الراحة للعميل ويختصر عليه الوقت والجهد والتكلفة.
إضافة إلى تسهيل عملية الحصول على القروض المصرفية وتسهيل الشروط المفروضة للحصول عليها، وتوفير كوادر مؤهلة للعمل المصرفي وقادرة على تفهم العميل والاستجابة السريعة لمتطلباته والتعامل معه بلطف ولباقة.
والاهتمام أكثر بالخدمات المصرفية الإلكترونية وبشكل خاص الخدمات المصرفية عبر الموبايل لما توفره من سرعة في إتمام المعاملات المصرفية، وإتاحة الإمكانية للعميل لتحويل الأموال بين حسابه المصرفي والحسابات المصرفية الأخرى بشكل إلكتروني دون الحاجة لمراجعة المصرف، والعمل على طرح خدمات مصرفية جديدة تواكب متطلبات العصر مثل فيزا كارد وغيرها وفق رؤية الدكتورة محمود.