تغيير السياسات تجاه استبدالها بأخرى أكثر حداثة تشكل قاعدة مطلبية، وحاجة ماسة لإيجاد مخارج حلول للتحديات والصعوبات التي تطرأ وطرأت، وتغييرها يجب ألا يفهم ضمن سياق التخلي عن الأساسيات والأهداف العامة التي تعمل عليها الإدارات الرسمية وفق مقتضيات محددة، بل هي أساليب معالجة بطرق جديدة تشكل مخارج نجاة من عبء تراكم بعض الأزمات.
في السنوات الأخيرة قامت أغلبية الدول بمراجعة أنظمة سياساتها التي تخص الدعم والضرائب وبرامج التنمية وضعف النمو وتراجع الاقتصاد، عبر طرح إصلاحات جديدة ومتنوعة وغيرها، فالإصلاحات مهما كانت قاسية تبقى ضرورة لا مفر منها لكنها مرتبطة بتهيئة لسلوك الفرد والمؤسسات، بغية حسن التعاطي والعمل. والتغيرات الأخيرة التي طرأت وحملت معها ما حملت من أعباء ومفرزات، هي التي دعت لطرح الإصلاحات الاقتصادية المرتقبة، من باب أن الموارد المتاحة في ظل النقص والعوز، سواء الموارد البشرية أم الطبيعية تحتاج لإعادة تنظيم واستثمار وتفكير جديد..
من هنا جاء طرح السيد الرئيس بشار الأسد الذي يستشف منه مدى المصارحة الكلية بحقيقة التحديات وضرورة اجتراع الحلول، والخروج عن دائرة المعالجات التقليدية إلى ضرورة البحث عن الحلول المبتكرة جراء نهج سياسات متوافقة ومتناغمة مع حجم التحديات الضاغطة، وعدم التوقف عند أفكار ومفاهيم الماضي، والقوة والجدية في تطبيق أي إصلاح قد يؤدي إلى النجاح، وأي فكر عليه أن ينهج مثل هذا التفكير الواقعي للخروج نحو بر التنمية والاستقرار وتغيير المعادلات تجاه الإيجابية والواقعية بالتطبيق.
السؤال لدى السوريين اليوم: ما المستقبل القادم..؟
أمام كل ما تم طرحه.. هل بمقدورنا أن نتنبأ عن القادم وهل مستقبلنا سيكون أفضل بكثير مما نحن فيه من صعاب ومعوقات..؟ وبأننا بحال تمكّنا من تطبيق السياسات والبرامج المرتقبة نقترب أكثر من «السنوات السمان» لنودع السنوات «العجاف» التي حولت حياة السوريين لظلمة حالكة..!! هل نستطيع أن نتفاءل..؟ وهل سنمضي بتنفيذ كل ما يتطلب لتأمين مستقبل مشرق من خلال العمل على ترجمة رؤى التحديث والسياسات الاقتصادية على أرض الواقع.
قادم الأيام يحمل لا شك جملة تغيرات أولها بالسياسات والبرامج التنموية المختلفة، وربما نشهد قفزات في الزراعة والصناعة والتكنولوجيا والاستثمار رغم العديد من الأمراض المتوارثة وصعوبة التعافي بتلك السرعة، والخلاص من ذاك الإرث النمطي التقليدي الذي قوامه الروتين والفساد وعدم الإخلاص بالأعمال والتلكؤ في تنفيذ المسؤوليات، وحالة القصور والتلبد واللا مبالاة عند أغلب المؤسسات، لكن وجود السياسات الجديدة تحتّم تقلّد أشخاص يمتلكون المواهب القيادية وحب العمل والقدرة القيادية وبلورة إستراتيجيات ناجعة، مع إيلاء الكوادر المخلصة والعاملة جلّ متابعة واهتمام، وفرز المتلاعبين الراغبين في إبقاء حالات الإحباط والتسيب موجودة في بعض المفاصل.
سياسات وخطط تتناسب مع الواقع، مقرونة مع أعمال وأنشطة ذات عوائد اقتصادية وتوسعات في الصناعة والعمل على تشجيع الاستثمار المحلي وتسهيلات للقطاع الخاص، وتحسين التشريعات وواقع البنى التحتية، وغيرها من الجهود التي يجب ألا تتوقف عند عائق، وإذا ما تم ذلك فستجعل كل الخطوات من «المستقبل القادم» على سورية أفضل بكثير مما هي عليه الآن.