لا يخفى على أي مراقب أن المرحلة صعبة، وتحتاج لحسابات بالغة الدقة، وأن أي حكومة منتظرة ستأتي في ظل ظروف لها مدلولات ومقاربات من أهمها إعادة الثقة مع المواطن، مرحلة ذات تحديات ضخمة على الصعيدين الداخلي والخارجي، الأمر الذي يضع أي حكومة ستتشكل أمام مسؤوليات جسام، سواء أكانت حكومة جديدة بأسمائها بالمطلق، أم تم تعديلها عبر إدخال أسماء جدد..!
إذاً المرحلة محمّلة بالكثير من الآمال والطموحات التي يتطلع إليها كل مواطن سوري، من هنا فالحكومة المنتظرة أمام تحديات عظيمة، ومن الأولويات والطموحات التي ينتظرها الشعب السوري اليوم من الحكومة المرتقبة، العمل على تحسين معيشة المواطن السوري كنقطة ارتكاز أولى، ووقف الاستغلال والجشع وارتفاع الأسعار الجنوني للسلع الأساسية وإعادة الانضباط إلى الأسواق، وتعزيز الحماية الاجتماعية والاهتمام بمنظومة الإنسان عبر قضايا الصحة والتعليم والثقافة وغيرها من الجوانب الخدماتية… فالملفات عديدة وتتزاحم على أجندة الأولويات ويأتي على رأسها، حماية الأمن الغذائي وصونه وكيفية تعزيز روافده، وإعادة كل مقومات الأمان للمواطن.
في ظل التكهنات السائدة حالياً حول ماهية شكل الحكومة ورجالاتها، وما فلسفاتهم وسياساتهم، هناك من يرى ضرورة دخول رجالات جدد، بوقت يشير آخرون لأهمية أن يكون للحكومة المرتقبة سياسات وخطط محددة وواضحة وتتناغم مع الظروف وتضع الحلول والمعالجات لأي أزمات، من باب أن يكون هناك تغيير للسياسات وليس للأشخاص فقط، فالسياسات المتكاملة والصائبة قد تأتي بثمار أسرع وأضمن، فما فائدة وجود أشخاص بلا سياسات، أو مع سياسات جوفاء ثقيلة لا يتحقق منها جزء يسير..!!
الأولويات والطموحات المنتظرة متنوعة ولسان حال السوريين: كيف ستتعامل الحكومة القادمة مع الأزمات والتحديات الراهنة على الصعيدين الداخلي والخارجي وهل ستنجح في مواجهة ما أخفقت فيه الحكومة السابقة؟
يترقب الشارع السوري معرفة الحكومة ونهجها وبرنامجها وسياسة رجالاتها حيال عديد الأزمات الاقتصادية والمعيشية الضاغطة، ويعقد السوريون آمالا كبيرة على حكومة جديدة يكون همها المواطن والتخفيف من أوجاعه قدر الإمكان، حكومة تنتهج سياسة عمل موضوعية لإيجاد حلول جذرية للأزمات الطاحنة على الصعيد الداخلي، والمتمثلة في غلاء أسعار السلع وقلة الدخول ومواجهة التضخم وضبط الأسواق وتعزيز أكثر لحوامل الطاقة للمواطن وللإنتاج، وتحقيق إصلاحات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وأزمات أخرى.
وضع ملف بناء الإنسان السوري على رأس قائمة الأولويات، وخاصة في مجالات الصحة والتعليم، والفقر والبطالة وغيرها ومواصلة جهود تطوير المشاركة الفعالة، وكذلك على صعيد ملفات الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب بما يعزز ما أنجز في هذا الشأن.. ومواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، وبذل كل الجهد للحد من التضخم وإعادة التوازن، وكذلك الصناعة السورية هي أحد أبرز الملفات على طاولة الدعم والنقاش، وأولتها الدولة اهتماماً كبيراً، لكن كل خطط الحكومات المتعاقبة فشلت في تحقيق نتائج إيجابية بهذا القطاع المهم، حتى خطط الوزارة الحالية ماهي إلا محاولات بائسة لا تتعدى حدود البهرجات الإعلانية فالنهوض بملف تطوير الصناعة السورية يضيف دافعاً قوياً للاقتصاد وهو ما يترتب عليه تباعاً توفير العملة الصعبة للبلاد ورفع الطاقة التشغيلية واستغلال الأيدي العاملة والحد من البطالة، والدعم لقطاع الزراعة الذي بدأت مؤشراته الإنتاجية تتراجع!
مطالبة أي حكومة بإجراء تطوير شامل للأداء الاقتصادي للدولة، مع اتباع ووضع خطط لسياسات جديدة وتغيير بالسياسات القائمة، وليس لتغيير للأشخاص فقط، إن تم ذلك التغيير فالسياسات الأشمل والموضوعية تأتي بالأهمية بالمقام الأول قبل إسناد المهام للأشخاص..!