العناوين الرئيسيةشؤون محلية

بطاقات دعوة رجال الأعمال المغتربين لم تصل إليهم؟…صناعيّون سوريون: السياسات الحكومية الحالية غير مشجعة، ويجب تغيير الواقع والمعطيات … الصناعة: ترخيص 1100 منشأة خلال النصف الأول من العام الحالي ومستمرون بتقديم الدعم لكل الصناعيين

| غزل إبراهيم

شكلت هجرة رؤوس الأموال من سورية أحد أسوأ الانعكاسات الاقتصادية للحرب، وكانت لها تداعيات كارثيّة على القطاع الصناعي، وساهمت في استنزاف الاقتصاد السوري على مدار سنوات.
وخلال الفترة الأخيرة كان هناك العديد من المراسيم والقوانين التي أصدرها السيد الرئيس بشار الأسد لتأمين بيئةٍ استثماريةٍ تشجّع رؤوس الأموال الخارجية، وتحمي رؤوس الأموال المحلية، وتوفّر لها وسطاً مشجعاً ومناسباً لتأسيس الاستثمارات، والمشاريع الصناعية والإنتاجية الكبيرة.
إلا أن الفكر والنهج الحكومي، حسب وجهة نظر البعض، لم يستثمر هذه القوانين والمراسيم بالشكل الصحيح، وبقي مكبّلاً وعاجزاً عن إيجاد الحلول والخطط وتقديم التسهيلات لاستقطاب رجال الأعمال ودعمهم، بل على العكس، فإن السياسيات الحكومية الحالية تمارس ضغوطاً على الصناعيين الموجودين داخل البلد بدل المحافظة عليهم ومعالجة المشكلات التي يواجهونها للحيلولة دون تهجيرهم، وبصوت عال بالانتقال إلى بلدان أخرى!
بالمقابل تؤكد وزارة الصناعة أنها تقدم كل التسهيلات والدعم للصناعيين، وأن الكثير من القرارات المهمة صدرت لتشجيع الصناعيين على العودة، وخلال الفترة المقبلة ستكون هناك إجراءات جديدة مشجعة لدعم الصناعة وإعادة الألق إليها.
«الاقتصادية» فتحت ملف عودة الصناعيين السوريين المهاجرين، وسلطت الضوء على أهم المقترحات والحلول لإعادتهم وتوفير بيئة استثمارية مناسبة لهم.

تبديل العقلية القائمة

لا طريقة لعودة الصناعيين في الخارج، إلا إذا قال من هم في نحن مرتاحون، ونعمل في ظروف صحية وملائمة، والأسواق منتعشة، والمستهلك يمارس الشراء بقدرة معقولة والحركة سلسة، ولكن هل يقول صناعيو الداخل هذا الكلام؟
فعودة الصناعيين تتطلب الكثير والكثير وعلى صانع القرار الاقتصادي فيسورية أن يتخلى عن السلوك الخشن في التعاطي، وأن يستبدل كلمة يمنع ويحاسب ويسجن بيسمح ويسمح «طبعاً، هنا أقصد كل ما من شأنه أن يساعد اقتصادنا على التعافي» يقول الصناعي السوري عصام تيزيني، لأن اقتصادنا في الحقيقة منهار وعلى أصحاب القرار في الحكومة أن يجتهدوا ويوقفوا هذا النزيف الذي يحصل، والأمر هنا بسيط فقط عليهم أن يعترفوا بفشل سياساتهم، ويستمعوا وينصتوا لأصحاب الشأن وأصحاب الرأي والحكماء، وأن يتعاونوا معهم للنهوض ويتفهموا أن اقتصادنا ليس بخير، وكفى تجميلاً للأمور، فالاعتراف بالمشكلة هو الخطوة الأولى لحلها وعلينا تأمين ظروف ملائمة للعمل وبيئة خصبة للاستثمار حتى نعيد من هاجر ونعطيه الأمان والثقة.

توفير بيئة ملائمة

النهوض بالقطاع الخاص الصناعي في سورية وتوسيعه وزيادة وتيرة الإنتاج المحلي من مختلف السلع والمنتجات لسد الاحتياجات المحلية والمساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي والتوجه نحو التصدير، يتطلب توافر مجموعة من العوامل، ومنها ‏ استقرار سعر الصرف وتأمين مستلزمات الإنتاج بأقل تكلفة، وتأمين الطاقة والبنية التحتية الآمنة للصناعي، ودعم المصدرين بما يساهم في توفير القطع الأجنبي لخزينة الدولة، ويزيد فرص العمل، ويرفع دخل العامل، وبالتالي زيادة في القوة الشرائية وهبوط جيد بالأسعار بالسوق المحلية وعودة دخول الصناعة الوطنية بالمنافسة للأسواق الخارجية وفقاً للخبير الاقتصادي أحمد شرم.

تغيير الفكر الضريبي القائم
‏ على الحكومة عدم الاعتماد في مواردها الضريبية وغيرها على ما تبقى من صناعيين وتجار، وإنما العكس عليها دعم الصناعة بكل الطرق وتوفير بيئة تنافسية للتجار من خلال تقديم التسهيلات اللازمة لهم، لكسر أسعار مستلزمات الصناعة وتخفيض تكلفة الإنتاج بما يسهم في دخول الصناعة الوطنية مجدداً للأسواق الخارجية ودعم الدولة بالقطع الأجنبي وخفض الأسعار في السوق المحلية وتحسين القدرة الشرائية، وحينها نصل للاستقرار الاقتصادي الذي هو شرط أساسي لبناء مؤسسات مستقرة من شأنها تعزيز نمو الدخل يؤكد «شرم».

فتح فروع كخطوة أولى

تبقى الدعوات لعودة الصناعيين المهاجرين في حدود الشعارات، إن لم تهيأ لهم الأسباب والظروف الملائمة، فالصناعي يحتاج إلى وقت، لكي يؤسس لعمله في أي مكان، ولاشك أن الصناعيين السوريين الذين هاجروا للخارج عانوا كثيراً واحتاجوا إلى وقت طويل حتى تمكنوا من إقامة معاملهم وتكوين علاماتهم التجارية، ومن الصعب إقناعهم بإغلاق أو بيع معاملهم في الخارج، وخاصة في ظل الظروف الصعبة التي تعانيها الصناعة السورية، ونعاني منها، نحن الصناعيين، من
ارتفاع أسعار حوامل الطاقة والكهرباء ونقص اليد العاملة إلى الإجراءات الحكومية الروتينية التي تحد من تطور الفكر والعمل الصناعي في البلد، وهذا الوضع الصعب يعرفه، ويدركه الصناعيون في الخارج، ومعظمهم لا يفكر بالعودة حالياً حسب الصناعي تيسير دركلت.
وهنا علينا أن نكون واقعيين، وألا نعلي من سقف طموحاتنا وآمالنا في عودة الصناعيين الذين أسسوا في الخارج، ولكن يمكننا في البداية دعوتهم لفتح فروع لهم في البلد الأم سورية، كخطوة أولى لإعادتهم، وعلى الحكومة دعمهم بكل الإمكانيات المتاحة وتقديم كل التسهيلات لهم حتى تشجعهم وتكسب ثقتهم من جديد.

تنظيم مؤتمر لجميع الصناعيين

الفرصة حالياً متاحة وبقوة للعودة للمنافسة ودخول الصناعة الوطنية كمنافس قوي بالأسواق الخارجية وذلك لعدة أسباب، منها تدني أجور العمالة الوطنية والاعتماد بنسبة 50 بالمئة على الموارد المحلية في تأمين المواد الأولية للصناعة الغذائية والهندسية والزراعية والتحويلية.
ومن المهم في هذا الوقت التحضير لمؤتمر يحضره الصناعيون والتجار والمستثمرون السوريون ورجال الاقتصاد وأصحاب الخبرة من سورية وخارجها، لتبادل الأفكار والرؤى والحديث بشفافية عن مشكلاتهم والبحث عن حلول لها، والخروج بتوصيات تقدّم للحكومة والعمل على تنفيذ هذه التوصيات بكل شفافية لتعود سورية كما كانت، يعتبر ضرورة ملحة في الوقت الحالي.

قرار العودة لم أندم عليه ولكن..!

سورية تمتلك إمكانيات اقتصادية هائلة، وتعد من أفضل البيئات الاستثمارية في العالم، ونستطيع تغيير الواقع الحالي والنهوض بالصناعة بالإمكانيات المتوافرة لدينا، لكن آلية الدوران لا تزال متوقفة، وهذه مشكلة كبيرة يجب حلها، يقول الصناعي ربيع شحود الذي عاد وفتح مشروعه الخاص في سورية منذ فترة.
ويؤكد شحود أنه رغم الإمكانيات والعوامل الكثيرة المتوافرة في بلدنا، إلا أن الكثير ينتظر تحقيقه وإنجازه أسوة بالدول الأخرى، ففي كل البلدان التي هاجرت إليها، كانت تقدم لي كل التسهيلات والمحفزات للعمل، لكن في سورية يفتقر الصناعي لأبسط الأمور، فعلى سبيل المثال إن رغب بتركيب هاتف أرضي، فهو بحاجة إلى وقت طويل ومعاناة أكبر، ناهيك عن التكلفة الكبيرة التي تصل إلى 5 ملايين ليرة لتركيب هاتف أرضي! ولكن رغم كل هذه المعوقات، لم أندم على قرار العودة، وسأبقى رغم كل الظروف والتحديات.

هنا يكمن الوجع

أمور عدة تقصم ظهر الصناعي قبل الصناعة ويجب العمل على حلّها، منها توفير اليد العاملة، وتسهيل استيراد المواد الأولية، ودعم التصدير، وحل مشكلة القطع الأجنبي، وتوفير الكهرباء بأسعار مقبولة، وتسهيل الإجراءات والأوراق المطلوبة للمنشآت الصناعية، وطرح مشاريع استثمارية كبيرة وناجحة ومدعومة من طرف الدولة، ومن المهم أيضاً دعم الشباب لإقامة المشاريع عبر تقديم القروض والتسهيلات اللازمة، ومحاربة الفساد والسرقات حسب شحود.

ماذا تقول وزارة الصناعة؟
مجموعة من الإجراءات اتخذتها وزارة الصناعة لتنشيط الصناعة وتسهيل عودة الصناعيين المهاجرين، ومنها تبسيط إجراءات الترخيص للمنشآت الصناعية، وتوفير المواد الأولية، حيث تمّ إعطاء تفويضات لمديري الصناعة في المحافظات والمدن الصناعية بصلاحيات الوزير لتلبية طلبات الصناعيين لتسيير الأعمال بيسر وسهولة، كما صدرت عدة قرارات بما يخص المواد الأولية، منها السماح للمنشآت الصناعية المتماثلة في نوع الصناعة والمنتج بالتصرف بجزء من المواد الأولية لديها أو مصانعتها لدى غير منشآت صناعية أخرى، وغيرها من القرارات المشجعة والمنشطة للصناعة وفق رؤية مدير الاستثمار الخاص بوزارة الصناعة بسمان مهنا.
وفيما يتعلق بحماية الصناعة الوطنية، يؤكد مهنا أن هناك العديد من القرارات التي صدرت في هذا السياق، ومنها مثلاً منع استيراد بعض المواد المنتجة محلياً، للمساهمة في تنشيط المنشآت الموجودة، كالزجاج والبطاريات وألواح الطاقة الشمسية، وهناك قرارات وقضايا أخرى تدرس حالياً مع الجهات المعنية في هذا الخصوص.
وبالنسبة لبرنامج إحلال المستوردات تقوم وزارة الصناعة بتزويد وزارة الاقتصاد بعدد المنشآت القائمة من أجل السماح لبعضها بالدخول في هذا البرنامج للاستفادة من مزاياه المتمثلة في إعطاء الصناعي أرضاً لفترة طويلة في المدن الصناعية بقروض ميسرة.

1100 منشأة جديدة
خلال الربع الأول من هذا العام

تمّ ترخيص 1100 منشأة صناعية، وبهذا يصبح إجمالي عدد المنشآت الصناعية الخاصة 35 ألف منشأة مسجلة في مديريات الصناعة، وهذا دليل على وجود بيئة جيدة للاستثمار الصناعي في سورية، وعلى إقبال الصناعيين للعمل من جديد، لإعادة الألق للصناعة السورية، بحسب مدير الاستثمار بوزارة الصناعة.
وهناك أمور كثيرة تدرس مع الصناعيين واتحاد غرف الصناعة، وخاصة فيما يتعلق بحوامل الطاقة، ويجري العمل بالتعاون مع وزارة الكهرباء لتبسيط وتيسير إجراءات تركيب منظومات الطاقة الشمسية، التي اعتبرتها الوزارة أجزاء متممة للمنشأة الصناعية، وتقدم لها كل التسهيلات لاستيراد مستلزمات هذه المنظومة.

دراسات لإحداث مناطق تنموية جديدة في حلب

اختيار منطقة الليرمون الصناعية كأول منطقة تنموية في حلب يعد خطوة مهمة لتعزيز التنمية الاقتصادية، ويعكس التفاني في تطوير المناطق الصناعية والتجارية، وسيسهم في إعادة عدد كبير من المنشآت التي دمرت بسبب الحرب، وسيكون للمنطقة ميزات كثيرة وإعفاءات ضريبية وجمركية مهمة من شأنها تشجيع عدد كبير من الصناعيين للعودة إلى معاملهم، لتأهيلها والعمل بها من جديد وفقاً لمهنا.
ولتسريع عملية تعافي المنطقة الصناعية، العمل جار على تشميل كل المناطق الصناعية في حلب، كمناطق تنموية، ومنحها المزايا والإعفاءات والتسهيلات التي من شأنها تحقيق حالة من النهوض الصناعي الإنتاجي فيها بالنظر إلى حجم الدمار والتخريب الذي تعرضت له جميع المناطق الصناعية خلال السنوات الماضية بسبب الحرب الإرهابية وفقاً لمهنا.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى