«الليرمون» نموذج متطور وبوابة للتنمية بحلب … كواية لـ«الاقتصادية»: قرار اعتبارها منطقة تنموية سيحقق نهوضاً صناعياً وعمرانياً وألقاً بالمنتجات
| نور يوسف
منذ أيام قليلة قرر المجلس الأعلى للاستثمار خلال اجتماعه الأخير برئاسة رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس الموافقة على استكمال كل الإجراءات لإحداث منطقة الليرمون التنموية في حلب، وتشكيل لجنة من الوزارات والجهات المعنية لإعداد الصيغة النهائية من مشروع قرار الإحداث بالسرعة الكلية وفق أسس وضوابط محددة تضمن الاستفادة المثلى من الميزات والإعفاءات الواردة في قانون الاستثمار.
حول أهمية هذا القرار بين نائب رئيس غرفة صناعة حلب مصطفى كواية في تصريح لـ«الاقتصادية» أن قرار الإحداث يأتي لتسريع عملية تعافي منطقة الليرمون الصناعية وتشجيع الصناعيين المتضررين على معاودة تأهيل منشآتهم واستئناف العمل والإنتاج لتكون نموذجاً متطوراً يضم تنوعاً كبيراً في المنتجات الصناعية..
وأشار كواية إلى أن غرفة صناعة حلب طالبت بتشميل كل المناطق الصناعية في حلب كمناطق تنموية ومنحها المزايا والإعفاءات والتسهيلات التي من شأنها تحقيق حالة من النهوض الصناعي الإنتاجي فيها بالنظر إلى حجم الدمار والتخريب الذي تعرضت له جميع المناطق الصناعية خلال السنوات الماضية بسبب الحرب الإرهابية على بلدنا.
الليرمون… تاريخ وحاضر.. ومستقبل واعد
تُعد منطقة الليرمون الصناعية واحدة من أقدم وأعرق وأهم المناطق الصناعية في حلب تأسست في أربعينيات القرن الماضي وتقع في الجهة الشمالية الغربية من مدينة حلب وتركزت فيها صناعة الألبسة الجاهزة بصورة رئيسية بالإضافة لبعض الصناعات المرتبطة بالحلقات الأخيرة من الصناعات النسيجية كصناعة التريكو وغيرها.
وبمرور الوقت أصبحت هذه المنطقة الأكبر من حيث عدد معامل الألبسة الجاهزة فيها وزاد عدد المنشآت فيها عن 1300 معمل، ومن المعروف للجميع أن صناعة الألبسة الجاهزة تمتاز بالكم الكبير من العمالة التي تحتاجها وفرص العمل التي تؤمنها وبالتالي كانت هذه المنطقة حتى عام 2011 بمنزلة مدينة صناعية مصغرة لصناعة الألبسة الجاهزة وكانت النسبة الأكبر من إنتاج هذه المعامل مخصصةً للتصدير حيث كانت منتجاتها تصدر لدول أوروبا وأميركا ومختلف الدول العربية وباقي دول العالم وهي منتجات كانت تمتاز بأعلى درجات الجودة وبأسعارها المنافسة وبالتالي كانت الألبسة السورية تشكل رقماً صعباً في الأسواق الخارجية.
كما أن الخط البياني للاستثمارات في المنطقة كان في ارتفاع مستمر من حيث زيادة الاستثمارات وارتفاع عدد المنشآت الصناعية فيها وتوسعها وزيادة العمالة فيها وبالتالي كانت منطقة جاذبة للصناعيين والمستثمرين بالنظر لما تتمتع به من خصائص أبرزها قربها من مدينة حلب وتركز القسم الأكبر من معامل الألبسة فيها.
وفي عام 2012 خرجت منطقة الليرمون عن الخدمة بسبب الأحداث التي تعرض لها وطننا وتمركز المجموعات الإرهابية المسلحة فيها وقد تعرضت المعامل لعملية كبيرة من التدمير للمباني والسرقة والنهب لخطوط الإنتاج والآلات، وعندما تم تحرير المنطقة عام 2016 كانت بحالة كارثية من حيث التدمير الذي طال كل المنشآت والمرافق والبنى التحتية والنهب والسرقة لكل ما فيها.
ورغم صعوبة هذا الواقع عاد عدد محدود من الصناعيين للعمل فيها وكان عددهم أقل من عشرة صناعيين في بداية الأمر، واعتمدوا على المولدات الكهربائية لتشغيل عدد قليل جداً من الآلات.
دور غرفة صناعة حلب
في هذه الأثناء عملت غرفة الصناعة بصورة دؤوبة على تقييم حالة المنطقة وإعداد الكتب والمراسلات للجهات الحكومية للمطالبة بتأهيل المرافق والخدمات والبنى التحتية وأهمها الكهرباء وكان هناك تواصل مستمر مع المعنيين وبدأت عملية التأهيل ولكن حجم الدمار كان هائلاً وظروف العمل كانت صعبة للغاية ومع ذلك كان الصناعيون يحاولون الترميم والعمل.
وبهدف تشجيع الصناعيين على معاودة تأهيل منشآتهم طالبت غرفة صناعة حلب الفريق الحكومي بإصدار قرارات خاصة للمناطق الصناعية ومنها الليرمون بحيث يتم اعتبار هذه المناطق مناطق متضررة منكوبة ويتم إعطاؤها المحفزات والتسهيلات والإعفاءات والمزايا التفضيلية التي تشجع الصناعيين على العمل وتساعدهم على معاودة التأهيل والإنتاج.
القادم لمنطقة الليرمون
بنتيجة المراسلات والاجتماعات واللقاءات تم اتخاذ القرار الحكومي بتشميل منطقة الليرمون كمنطقة تنموية بموجب قانون الاستثمار وهي صيغة تهدف لإعطائها جملة من التسهيلات والمحفزات التشجيعية تكفل النهوض بها.
وتم اتخاذ القرار بتشميل منطقة الليرمون كأول منطقة تنموية في القطر بموجب قانون الاستثمار.
ونحن كغرفة صناعة حلب وفعاليات اقتصادية وصناعية نعتبر هذا القرار مهماً جداً ويشكل الاستجابة الصحيحة لمتطلبات النهوض مجدداً بهذه المنطقة صناعياً وإنتاجياً واقتصادياً وكلنا أمل أن تكون الميزات والإعفاءات التي ستصدر كبيرة لتسريع تعافي هذه المنطقة، ليس هذا فحسب بل طالبنا ونتمنى أن يتم تشميل جميع المناطق الصناعية في حلب بهذا الأمر لأنها جميعها بلا استثناء تعرضت للتدمير والنهب الكلي أو الجزئي وبالتالي هي بحاجة لتحفيز وتشجيع يكفل تسريع عملية التعافي الخدمي والإنتاجي لتستعيد كل المناطق الصناعية دورها الاقتصادي والتنموي والاجتماعي، فمنطقة الليرمون تضم حالياً نحو 200 منشأة صناعية منتجة ونتطلع أن يزيد هذا العدد على ألف منشأة في الفترة القريبة في حال كانت الميزات والإعفاءات ملبية للواقع الحالي والمستقبلي وهذه المعامل ستؤمن في حال تشغيلها عشرات آلاف فرص العمل لأنه كما هو معلوم للجميع بأن معامل الألبسة الجاهزة تمتاز بحجم العمالة الكبير الذي تحتاجه ناهيك عن فرص العمل غير المباشرة التي ستتحقق من هذا الأمر.
ونحن بانتظار صدور القرارات التنفيذية للإعفاءات والمحفزات التي ستقدم للمنطقة لمعرفة مدى كفايتها أو تلبيتها للواقع والاحتياج أم ضرورة زيادتها لتكون ملبية لاحتياجات الصناعيين والمستثمرين.
ومما لا شك فيه أن هناك رغبة حكومية لدعم العمل والإنتاج والصناعة ولكن المطلوب عمل أكثر وقرارات أسرع وتشاركية حقيقية بين الجهات الحكومية وممثلي الفعاليات الاقتصادية كغرف الصناعة في مناقشة وصياغة القرار الاقتصادي ليكون أكثر جدوى وأعمق أثراً وملبياً لجميع الاحتياجات.