جودة الحياة.. وأنشودة الإصلاح!
| هني الحمدان
كيف نصل إلى جودة الحياة؟ من أين نبدأ؟ وما الطرائق المساعدة على ذلك؟
إصلاح أي قطاع يجب أن يأتي أولاً؟ أم كل القطاعات دفعة واحدة؟
ما يهمنا كيف نصل ونحقق أنشودة الإصلاح الاقتصادي، هذا الخيار يقتضي ولا شك، مساهمة الجميع فيه وبإصلاحه، بحيث تصب جهودهم في بوتقة واحدة هي المصلحة العامة للمجتمع، ويتطلب مشاركة جماعية على أوسع نطاق، ولا يخفى على أن هناك مشاريع تجاه الإصلاح منذ سنوات، ولكن لكي ينجح الإصلاح الاقتصادي، خاصة خلال هذه الفترة الحرجة، التي يتحدث حولها الجميع عن أهمية الإصلاح وتغيير السياسات وبوصلة النهج، ألا يلزم ذلك الالتفات إلى الشق الموازي للإصلاح الاقتصادي؟ ألا وهو السير أيضاً بالإصلاح الإداري، واليوم هو حاجة لنا جميعاً، فقصور الإدارة لدينا هو من أهم العوائق التي تعترض مسيرة التنمية والبناء.
فأولى الخطوات، علينا أن نبدأ بالسرعة القصوى بإجراء الدراسات الكفيلة واتخاذ ما يلزم بتغيير ما أمكن لهذا الواقع للأفضل من خلال متابعة تطوير الأنظمة الإدارية وهيكليتها، ورفع كفاءة الكوادر الإدارية والمهنية.
فنجاح الشق الاقتصادي مرهون بنجاح وتصويب الشق الإداري وتقليل شوائبه ما أمكن.. وأي خلل أو تأخير أو تباطؤ في تنفيذ أي من المسارين سينعكس بالضرورة سلباً على المسار الآخر.
ومسألة غاية في الأهمية وهي وجوب التأكيد على التخطيط وعلى نوعية هذا التخطيط بهدف الوصول إلى مجتمع ودولة نوعيين، وبالتالي متابعة بناء سورية عصرية متقدمة.
فالمواطن لم يقتنع بعد بأي تحسن في الخدمات الإدارية التي تقدم له في بعض الوزارات والإدارات والمؤسسات! فكيف يقتنع ويستوعب أن الإصلاح الاقتصادي سينجح بالصورة المثالية؟
ليست الأوضاع بتلك المأساوية، هناك جهود وقرارات ومشاريع إصلاحية نجحت في جوانب وتعثرت بأخرى، بالواقع ليس هناك انحرافات كبيرة في القطاع العام الإداري، لكن هناك ثغرات تسلل منها الفساد الإداري وعشرات الأخطاء، ويفترض أن تكون مهمة التحديث الإداري مستمرة، هي وضع آليات محددة لمحاربة الفساد ومعالجة قنوات، ولدى دوائر الحكومة أداة قوية لمراجعة النظام الإداري والمالي، تقوم بها أجهزة الرقابة المختصة. وعندما يتم التصدي لهذه المهمة، فالغاية إرادة نحو إصلاح إداري لا يمس التكاليف، ولا يرغب في تقليص حجم ودور القطاع العام، بل تنقيته من أي شوائب، كذلك، يجب ألا يفوتنا ذكر الأثر الكبير للأتمتة في اختصار الحلقات الإدارية وفي تضييق الخناق على الفساد، وتقليل أخطاء البيروقراطية.
الأولوية يجب أن تنطلق من أن هدف جميع الرؤى الإصلاحية بشقيها الإداري والاقتصادي هو مصلحة المواطن وراحته و«النهوض بنوعية الحياة»- وهذا من الأهداف الاستراتيجية لرؤية التحديث الاقتصادي الواجب نهجه واعتماده، لأن نوعية الحياة أو بالأحرى «جودة الحياة» تنعكس مباشرة على إنتاجية العمل وزيادة في كل المؤشرات إيجابياً.
صحيح أن التحديات كبيرة، لكننا نؤمن أكثر بقدرتنا على تحويلها إلى فرص، ولتحقيق ذلك علينا أن نترجم الشعارات والسياسات إلى واقع يلمسه المواطن، كي يؤمن بها ويصدقها، فلن تكفي أرقام نسب الإنجاز وتقدم والمؤشرات الاقتصادية ببعض المفاصل، إذا لم يلمس المواطن أثرها الإيجابي مباشرة، وليس لسنوات.. وهنا تأتي أهمية النجاح في أسس وبرامج الشق الإداري بمنظومات عمل سريعة في الخدمات وتخفيف البيروقراطية- وصولاً لإزالتها- ما يعزّز ويرفع ثقة المواطنين بأن الإصلاح ممكن وحقيقي وعابر للحكومات وليس مجرد شعارات.. وأن كل إصلاح اقتصادي يوازيه إصلاح إداري يسنده ويعكس آثاره على الوطن والمواطنين، عندها تتحقق الجودة في الأعمال والحياة أيضاً.