القرار الذي أثار الجدل.. الحساب المصرفي لبيوع العقارات والسيارات !! … وزير المالية: أتوقع صدور قانون البيوع العقارية في النصف الثاني من العام الجاري
| عبد الهادي شباط
مازال الجدل سائداً حول تطبيقات القرار رقم 5 الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء حول إلزام الجهات العامة المخولة قانوناً بمسك سجلات ملكية العقارات والمركبات بأنواعها، والكتّاب بالعدل بعدم توثيق عقود البيع أو الوكالات المتضمنة بيعاً منجزاً وغير قابل للعزل، قبل إرفاق ما يشعر بتسديد الثمن أو جزء منه في الحساب المصرفي للمالك أو خلفه العام أو الخاص أو من ينوب عنه قانوناً، على أن تقبل وثيقة الإشعار المصرفي سواء كانت صادرة عن مصرف عام أم مصرف خاص مرخص أصولاً.
التساؤل المطروح: هل لتطبيقات هذا القرار آثار سلبية؟ وهل المصارف جاهزة لتطبيقه؟ وماذا عن أهمية صدور قانون البيوع العقارية في تنفيذ هذا القرار؟ ومتى يُتوقع لهذا القانون الصدور؟
وزير المالية مأمون حمدان توقع الانتهاء من مشروع قانون البيوع العقارية وتصديره خلال النصف الثاني من العام الجاري، مبيناً أنه تم الانتهاء من كل الأعمال التقنية والمحاسبية الخاصة بمشروع القانون مثل إجراء مسح شامل للعقارات في مختلف المناطق والمحافظات عبر الصور الفضائية ومن خلال استخدام برامج خاصة من تطبيقات غوغل.
وأشار حمدان إلى أن اللجان المختصة عملت على مدار 4 أشهر لإنجاز المشروع عبر اجتماعات وورش عمل، حيث تمّ استخلاص الخرائط لكل المناطق العقارية، وفيها تفصيلات عن كل منطقة عقارية، حيث تظهر صور الأبنية والشوارع، منوهاً بأنه تمت الاستفادة من بيانات وزارة المالية، إضافة إلى العديد من بيانات الجهات العامة مثل بيانات المصالح العقارية، وتمّ حصر العقارات وترقيمها وتوصيفها وفق نظام خاص، ليصبح متاحاً الوصول إلى بيانات أي عقار ووصفه عبر الرقم الخاص به.
ولفت حمدان إلى أنه تم تشكيل لجنة مركزية على مستوى وزارة المالية برئاسة وزير المالية ولجان فرعية في المحافظات يتبع لها العديد من اللجان على مستوى المناطق، وتمّ تدريبها لدى وزارة المالية لمدة أسبوع على نظام العمل الخاص، حيث تم ربط أنظمة العمل في مختلف المناطق مع مخدم عمل أساسي في وزارة المالية،
كما تم التأهيل والتدريب على أعمال التقييم للعقارات وتصدير دليل استرشادي للتقييم العقاري، حيث تم اعتماد آلية متكاملة وعادلة لتقييم العقارات عبر اعتماد معايير موحدة، مضيفاً: على سبيل المثال أنه بعد تحديد الأسعار الرائجة لمنطقة عقارية معينة يتم مراعاة العديد من المزايا لكل عقار عبر جملة من المثقلات مثل نوع العقار «سكني أو تجاري» وارتفاع العقار واتجاهه والواجهة التي يمتلكها ومساحته وغيرها من المثقلات التي تسهم في صياغة التقييم النهائي لكل عقار بما يحقق العدالة في التقييم.
وعن معدل الضريبة الذي تتجه له وزارة المالية عبر مشروع قانون البيوع العقارية بيّن الوزير أن معدل الضريبة مازال قيد البحث والدراسة للوصول إلى معدل ضريبي عادل، مبيناً أن معظم المقترحات التي مازال يتم تداولها حول ذلك تقترب من معدل 1% للعقارات السكنية وحتى 3% للعقارات التجارية، وفي حال تطبيق هذه المعدلات ستكون ضريبة البيع على عقار من قيمة 30 مليون ليرة نحو 300 ألف ليرة، وقال: إن هذا المثال للتوضيح فقط، منوهاً بأنه لم يتم الانتهاء من تحديد قيمة معدل الضريبة، ويتم بحثها من العديد من الخبراء والمختصين للوصول إلى ضريبة عادلة.
وعن الأسعار الرائجة، بيّن الوزير أن لهذه الأسعار حدين أعلى وأدنى، موضحاً أنه سيتم اعتماد الحد الأدنى للسعر الرائج بما يسمح في تخفيض الضريبة على العقار.
وعن كيفية التعامل في التغيرات التي تحدث على قيم العقارات والأسعار، حيث تتغير هذه الأسعار وتتبدل تبعاً للعديد من العوامل، فقد بين الوزير أنه عند حدوث تبدلات على أسعار العقارات يتم التنسيق مع رئاسة مجلس الوزراء لاجتماع اللجنة المركزية وإعادة النظر في قيم العقارات وفق الأسعار الرائجة لكل منطقة.
وكشف الوزير في حديثه أنه وعلى التوازي مع تصدير قانون البيوع العقارية سيترافق ذلك مع تعديلات على القانون 429 لعام 1948 الخاص بتحديد رسوم المعاملات العقارية.
وبيّن وزير المالية أن قانون البيوع العقارية عند تصديره ودخوله حيّز التنفيذ سيكون له أثر مهم في تحقيق العدالة الضريبية وتخفيض معدلات التهرب الضريبي وتحفيز الأشخاص على التصريح عن مبيعاتهم وإيداع قيم هذه المبيعات لدى القنوات المصرفية، وهو ما يعزز من ثقافة التعاملات المصرفية ويدعم تطبيقات القرار رقم 5 الذي يمهد الطريق نحو مشروع الدفع الإلكتروني، والذي تتجه له الحكومة، حيث توفر تطبيقات الدفع الإلكتروني الكثير من التعامل بالكاش وتخفيف تداول الأوراق النقدية، ويسهل تنفيذ الصفقات التجارية والمبيعات، وخاصة مع تعزيز البيئة الداعمة لتطبيقات الدفع الإلكتروني، وهو ما تعمل عليه الحكومة عبر العديد من المشروعات والخطط للمرحلة المقبلة، التي تتزامن مع حالة واسعة من الإصلاح الإداري يتم العمل عليها، وخاصة لدى وزارة المالية.
تعزيز التعاملات المصرفية
وفي هذا الإطار اعتبر المدير العام للمصرف العقاري مدين علي في حديث لـ«الاقتصادية» أن قانون البيوع العقارية في حال صدوره سيكون مكملاً لما يتجه له القرار الحكومي رقم 5، وخاصة إذا تضمن قانون البيوع العقارية معدلات ضريبة عادلة تحد من حالة التهرب الضريبي، إضافة إلى أن هذا القانون لابد أن يشتمل على العديد من المضامين لجهة طرق الدفع ونقل الملكية وآليات تثبيت العقود وغيرها، وكلها تدفع باتجاه تعزيز التعاملات المصرفية والدفع الإلكتروني، لأنه لابد أن يسهم قانون البيوع العقارية في تشجيع الناس بالتخلي عن التعاملات بالكاش والذهاب باتجاه التعامل وفق القنوات المصرفية وفتح الحسابات، وأن قانون البيوع العقارية لابد أن يتضمن عقوبات جزائية بحق من يصر على المخالفة والتهرب من الضريبة التي تصب في مصلحة الخزينة العامة، وخاصة إذا كانت هذه الضريبة عادلة.
وأكد أنه وفقاً للتفاهمات الحاصلة مع مصرف سورية المركزي بشأن إمكانية سحب المبالغ المودعة من الأشخاص لدى المصارف بين أنه لم تعد تشكل هذه القضية مشكلة، لأنه بات متاحاً السحب يومياً حتى 10 ملايين ليرة من دون الحاجة لتقديم ما يوضح سبب هذه السحوبات.
وبيّن أن الهدف من قرار البيع والشراء للعقارات والسيارات عبر المصارف تعزيز التعاملات والثقافة المصرفية بين المواطنين، وهو أمر معمول به في معظم بلدان العالم، ويعمل المصرف على اتخاذ الكثير من الإجراءات التي من شأنها تسهيل عملية فتح الحسابات بسهولة ويسر والوصول لمعظم التجمعات السكانية عبر فروع ومكاتب المصرف في مختلف المحافظات، منوهاً بأن عملية فتح الحساب لا تستغرق أكثر من خمس دقائق، ولا تحتاج أكثر من صورة الهوية وما يثبت مكان الإقامة.
وعن توضيح ما يشاع حول أن إيداع قيمة المبيع لدى المصرف سيتيح للدوائر المالية تحصيل معدلات ضريبية إضافة إلى رسوم أكبر، فقد أكد علي أن هذه إشاعة غير صحيحة، لأن قانون السرية المصرفية لا يسمح بالاطلاع على الحسابات لدى المصارف، وبناء عليه لا يمكن للدوائر المالية الاطلاع على إيداعات وحسابات المواطنين لدى المصارف، وهو أمر تتشدد فيه المصارف، ولا يحق الاطلاع على الحسابات المصرفية إلا لبعض القضاة في بعض الحالات القضائية.
بينما كان للدكتور رغيد قصوعة في كلية الاقتصاد رأي آخر في تطبيق القرار رقم 5 لجهة عدم وجود بيئة مصرفية وتقنية تسمح في تطبيق هذا القرار والتوسع به، وخاصة أن الكثير من المناطق مازالت بعيدة عن فروع ومكاتب المصارف، إضافة إلى أن إيداع الأموال لدى المصارف يترتب عليه عمولات ونفقات قد لا يرغب الكثير من المواطنين في دفعها، كما أن مسألة الاحتفاظ في الأموال الخاصة هو أمر خاص بكل مواطن، وله الحرية أن يحتفظ في أمواله أو قيم مبيعاته من العقارات أو السيارات.
بينما اعتبر مدير التشريع العقاري في المديرية العامة للمصالح العقارية عصام قولي أنه تم بحث القرار قبل صدوره، وتمت صياغته بما يحقق المصلحة العامة، ويسهم في خدمة المواطنين وتسهيل عمليات البيع والشراء، وخاصة لعدم الضرورة في التعامل مع الكاش، وأن نص القرار واضح، وسوف يتم التقيد به، لجهة أنه لم يلزم في تسديد كل الثمن لدى المصرف، وإنما يمكن الاكتفاء بتسديد جزء منه، منوهاً بأن الهدف هو التشجيع على فتح الحسابات وتعزيز الثقافة المصرفية، بعيداً عن التداول النقدي «الكاش»، وكل ذلك لدعم مشروع الدفع الإلكتروني الذي تتجه إليه الحكومة والمصرف المركزي.
كما أن هذا القرار لن يضيف أي ضرائب أو رسوم، ولا يهدف لذلك، وإنما لتعزيز ثقافة العمل المصرفي والتحويلات المصرفية والتخفيف من التعاملات النقدية بما يريح المواطن ويخفف عنه من حمل والاحتفاظ بالأموال على شكل كاش.
وبيّن أن تطبيقات هذا القرار لن يكون لها أي أثر سلبي في عمليات البيع والشراء في السوق العقارية أو عند إنجاز معاملات البيع ونقل الملكية.