«السورية للتجارة» لا تربح في الأرز.. وتخسر في الشاي … الدندن: مؤشرات نجاح تجربة الدعم عبر البطاقة الذكية غير إيجابية حالياً
القربي: الدعم عبر البطاقة الذكية سيفتح باب الاسترزاق للعاملين في السورية للتجارة
| فادي بك الشريف- رامز محفوظ
كثيرون من هاجموا تجربة البطاقة الذكية وفكرة تطبيقها على المواد الأساسية، وكثيرون أيضاً وصفوا تجربة المواد المدعومة عبرها بالعودة إلى الوراء، لكن هل هي تجربة فاشلة فعلاً؟.. أم إنها أسعفت المواطن في وقت لم يعد فيه قادراً على مجاراة غلاء الأسعار وجشع حيتان السوق؟
المؤسسة السورية للتجارة، الذراع الطولى لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، هل استطاعت في ضوء الحصار من القيام بدورها الأساسي في التدخل الإيجابي في الأسواق للحد من ارتفاع الأسعار وكسر الاحتكار؟ وهل تجربة المقنن التمويني عبر البطاقة الذكية ساعد في تحقيق هذا الهدف فعلاً؟
رأى عضو مجلس الشعب صفوان القربي أن الدعم الذي تقدمه السورية للتجارة للمواطنين من خلال توزيع السلة الغذائية عبر البطاقة الذكية هو خطوة فيها الكثير من المجازفة بما تعنيه الكلمة من معنى، متسائلاً: هل الفرق بين السعر المقدم من السورية للتجارة والسعر الواقعي في السوق حالياً يمكن أن يعوض فوضى التوزيع المتوقع نتيجة الازدحام ونقص منافذ البيع وعدم التوزّع الجيد لمنافذ البيع.
وأشار في تصريحه لـ «الاقتصادية» إلى أنه سيكون هناك إرباك في التوزيع، وسيسبب الخلل في التوزيع، والازدحام أذى للمواطنين الذين قد يستغرقون وقتاً طويلاً من الانتظار للحصول على هذه السلة، مشيراً إلى أن هذا الدعم عبارة عن خطوة تذكرنا بالثمانينات عندما كانت المؤسسات الاستهلاكية تؤدي دوراً كبيراً في امتصاص العقوبات والضغط والحصار الاقتصادي، متمنياً في الوقت نفسه أن يتم الوصول من خلال هذا الدعم إلى ربع الإنجازات التي حصلت في تلك الفترة.
ولفت إلى أن هذا الموضوع سيفتح أبواب ارتزاق للعاملين في السورية للتجارة وسيكون هؤلاء هم الجهة الأكثر استفادة من موضوع الدعم.
وبيّن أن المعنيين في السورية للتجارة يقولون: إن نوعية المواد الموجودة في السلة ستكون مقبولة ومرضية ولن تكون بمستوى ممتاز، ونحن بانتظار أن نرى الوقائع وليس دائماً الكلام يتطابق مع الوقائع، مضيفاً: لن نكون متشائمين بخصوص نوعية المواد، متمنياً أن تكون المواد الموجودة في السلة جيدة وأن يكون التوزيع سلساً ومنطقياً وعادلاً ومريحاً، ويراعي كرامة المواطن.
ونوه بأن توزيع السلة الغذائية من خلال البطاقة الذكية من الممكن أن يكون أصعب من توزيع المشتقات النفطية، لأنه يستهدف أناساً كثراً، لكن توافر المواد هو الأساس وعدم تحقيق النجاح المطلوب بالنسبة لتوزيع المشتقات النفطية عبر البطاقة الذكية يعود لعدم توافر المواد النفطية ونقص الكمية، لافتاً إلى أنه إذا كان هناك إغراق في كمية المواد التموينية في السلة الغذائية ربما يكون التوزيع أفضل.
وأشار إلى أن الهامش في المناورة من السورية للتجارة عموماً أو للجهات الحكومية في استجرار المواد من الخارج ضيّق، وحتماً ستلجأ السورية للتجارة للاستعانة بالتجار، والتاجر يتقن فن المناورة والتكتيك باستجرار المواد من الخارج، وسيكون حتماً هو الحلقة الأقوى، لافتاً إلى أن هناك تعويلاً حكومياً بأن يكون هذا الدعم رافعة قوية وبداية جيدة، متمنياً أن تنجح السورية للتجارة ووزارة التجارة الداخلية بهذا الامتحان الصعب رغم التوقعات بأن يكون هناك هامش متواضع من النجاح، مشيراً إلى أنه خلال الفترة الماضية كان النجاح بعيداً من أدائها جداً.
ولفت إلى حجة السورية للتجارة حالياً لاستجرار المواد من التاجر وليس من الدولة بسبب العقوبات الجائرة والحصار الاقتصادي، وأنه لا يوجد قدرة على القيام بهذه المبادرة رغم أن النقطة المفصلية والأساسية للتغلب على هذه الصعوبات أن يكون التمويل حكومياً عبر وزارة التجارة الداخلية التي يجب أن تقوم بنفسها مباشرة باستجرار المواد من الخارج، وهذا الأصح، لكن هناك دائماً جهات وسيطة، مبيناً أن قائمة المستوردين والمصدرين الحاليين ليست طويلة، وبالتالي فإن التنافسية محدودة، وعندما تكون التنافسية أوسع سيكون هناك كسر في الأسعار أكبر، وهذه النقطة الأهم، وبما أن هامش المصدرين والمستوردين محدود العدد لذلك ستكون التنافسية بأقل حالاتها.
وأوضح أن الكمية التي توزع حالياً والتي لا تتجاوز 4 كيلو من كل صنف هو قرار قابل للتعديل وليس قراراً مبرماً، مبيناً أنه إذا نجحت التجربة فمن الممكن تعديل الكميات المخصصة للمواطن بقرار تنفيذي.
ولفت إلى أن الدعم الحكومي الذي خصصته الحكومة للسورية للتجارة والذي بلغت قيمته هذا العام 10 مليارات ليرة سورية هو دعم لابد منه، مشيراً إلى أن السورية للتجارة هي خيار التدخل الإيجابي الوحيد الموجود في يد الدولة، منوهاً بأن قائمة خسائر السورية للتجارة كانت واسعة خلال الفترة الماضية، لكن بالنهاية يقولون لا بديل من السورية للتجارة رغم قائمة الملاحظات، وإشارة الاستفهام على أدائها وقائمة الموضوعين في السجون من موظفيها ومديريها الذين يخضعون للتحقيق بشبهات فساد، لكن الحكومة تقول: ليس هناك أي بديل من السورية للتجارة، وسيتم الاعتماد عليها في هذه الفترة الحساسة.
ودعا قربي إلى ضرورة مشاركة الجميع بنجاح التجربة ورقابة الجميع والوعي والحس الوطني العالي بعيداً من محاولات الارتزاق غير المشروع التي يتقنها البعض من موظفي السورية للتجارة والمحيطين بهم، موجهاً بضرورة الحزم في التعامل مع الأخطاء، وأن تعتبر السورية للتجارة والعاملون فيها وبعض من يدور في فلكها بأن هذا الامتحان ليس كسابقيه، ومن سيرسب في هذا الامتحان فستكون عواقب هذا الرسوب كبيرة جداً عليه.
بدوره لفت عضو مجلس الشعب مجيب الدندن لـ«الاقتصادية» أنه مع الدعم على البطاقة الذكية لكن بشرط أن يصل الدعم لمستحقيه، مشيراً إلى أنه في حال كان الدعم عبر البطاقة الذكية للمواد التموينية يشابه الدعم بخصوص مادة الغاز سيكون هناك مشكلة، مبيناً أن المشكلة حالياً بتوفر المادة المدعومة عبر البطاقة الذكية كنقطة أولى بالإضافة أنه يجب أن يكون التوزيع عادلاً.
وبين الدندن أن الدعم حالياً من خلال مواد معينة من خلال السورية للتجارة من الممكن أن يخفف من وطأة ارتفاع الأسعار التي باتت كبيرة حالياً خاصة مع تدني القوة الشرائية لليرة السورية خلال الشهرين الماضيين، لافتاً أن الأساس بخصوص الدعم توفير المواد التموينية بأسعار مناسبة وهذا الأمر يقع على عاتق الحكومة.
وأوضح أن الحكومة تعول على نجاح تجربة الدعم الذي تقدمه السورية للتجارة للمواطنين من خلال توزيع السلة الغذائية عبر البطاقة الذكية مضيفاً: نتمنى أن تنجح لكن مؤشرات نجاح هذه التجربة غير إيجابية حالياً، ونحن مع أن يكون هناك توزيع عادل للمواد وخاصة المواد الأساسية وهذه المواد الأساسية يجب زيادتها ولا يجب اختصارها إلى مادتين أو ثلاث مواد.
وأوضح أن الدعم لا يجب أن يقتصر على العائلات فقط، مشيراً إلى وجود طلاب كثر في المحافظات وأناس عزاب يجب توفير المواد لهم وتوزيعها لهم عبر البطاقة الذكية، متمنياً أن يكون هناك دراسة لهذا الدعم بشكل أفضل.
المواد المقننة الذكية لاقت قبولاً، وستزداد مستقبلاً:
التقت «الاقتصادية» مدير المؤسسة السورية للتجارة أحمد نجم في حديث خاص لاستيضاح جميع تلك النقاط وأحاديث المواطنين وحتى المشككين بأداء المؤسسة وإجراءاتها، حيث أكد أن 750 صالة ومنفذاً تابعاً للمؤسسة السورية للتجارة تتولى مهمة توزيع المواد الأساسية الثلاث بموجب البطاقة الذكية، وذلك من أصل 1200 صالة للمؤسسة تبيع مختلف المواد والسلع الغذائية وغيرها من صالات اللحوم والأسماك والألبسة.. إلخ، مشيراً إلى وجود 85 صالة في العاصمة دمشق لتوزيع المواد ضمن البطاقة الإلكترونية.
وبحسب نجم إن آلية التوزيع تسير بشكل جيد حتى تاريخه، وهناك تجاوب من المواطنين، مشيراً إلى وجود ضغط على بعض المنافذ يتم العمل على تلافيه من خلال تأمين كميات إضافية من المواد لتخفيف الازدحام، كما يتم إرسال سيارات جوالة للمحافظات أو المناطق التي فيها نقص بعدد الصالات.
وعن دراسة إضافة مواد جديدة للبطاقة الذكية كـ «المتة وحليب الأطفال»، كشف مدير المؤسسة السورية للتجارة أنه سيتم إدخال بعض المواد الجديدة خلال الفترة القليلة القادمة، علما أنه تم الاتفاق مبدئياً على إضافة المعلبات والزيوت، مبيناً أن الأمر مرتبط بتوافر المواد والكميات، كما أنه من الممكن زيادة كمية المواد الموزعة عبر البطاقة الذكية، وذلك حسب العقود والمخزون، موضحاً أن إضافة أي مادة أمر وارد بشرط توافر المادة، علما أن هذا لا يكلف أي وقت لإنجازه شرط توافر المواد والاتفاق على ذلك.
وفيما يخص الأنواع المبيعة بموجب البطاقة وأسعارها، بين نجم أنها من أفضل الأنواع الموجودة، كما أنه تم توريد الأرز والسكر إلى مرفأ طرطوس والنوعيات مطابقة للمواصفات القياسية السورية 100 بالمئة.
الأسعار أقل من النصف، ومنها خاسر
وجواباً على سؤال «الاقتصادية» عن أسعار المواد المبيعة والمحددة بـ 350 ليرة سورية لكيلو السكر، و400 ليرة لكيلو الأرز، و4,500 ليرة لكيلو الشاي، ما يدفع الكثيرين للسؤال عن مبررات رفع الأسعار عن الفترة السابقة رغم أنها لاتزال ممولة بالسعر الرسمي لمصرف سورية المركزي؟ قال نجم:
إن سعر كيلو السكر إن لم يكن ممولاً فسيصل إلى 700 ليرة سورية، والسعر الحالي يعتبر مخفضاً باعتباره ممولاً، علماً أن المواد غير الممولة تشهد ارتفاعاً في أسعارها، نافياً وجود مبالغة في الأسعار، مؤكداً أنه لا مرابح للمؤسسة من هذه العملية على الإطلاق، لافتاً إلى وجود خسارة في «الشاي» ولا ربح من الأرز، كما كشف عن توزيع أكثر من 10 آلاف طن سكر على مستوى القطر، مضيفاً: لا يوجد أي محافظة لم تصلها مخصصاتها من المادة.
وحول ما تم الترويج له عن وجود «سوس» في بعض كميات الأرز المبيعة في إحدى الصالات، نفى نجم ما تم تداوله جملة وتفصيلاً، مؤكداً أن هدفه التشويه والتشويش على عمل المؤسسة، وخاصة أن الأرز يتم توريده من الصين وهو مطابق للمواصفات القياسية وذو نوعية جيدة، كما أن السعر أقل بـ 300 ليرة عما يباع خارج صالات السورية، مبيناً إجراء جولات مستمرة على الصالات.
وذكر أن نوعية الأرز المبيعة بموجب البطاقة الذكية جيدة، علماً أن هناك أصنافاً أخرى تباع في صالات السورية خارج إطار البطاقة الذكية ولكن سعرها أعلى.
وأوضح مدير المؤسسة أن المواد يتم تأمينها بموجب عقود ومناقصات، لافتاً إلى استدراج الكميات حسب النوعية والسعر الأرخص، كما رفض التشكيك بما تقوم به الحكومة وافتراض البعض بأن النوعية سيئة مادامت تؤمن عن طريق مؤسسات حكومية.
وتحفّظ على ملف الأرز الفاسد
وقال: المؤسسة ليست قادرة على استيراد المواد، وخاصة في ظل العقوبات على البلاد، لذا يتم تأمين الكميات عن طريق بعض التجار، مبيناً أن جميع مبالغ الدعم من الحكومة والمقدرة بـ 30 ملياراً حتى تاريخه تذهب لشراء أطنان المواد الأساسية، ضمن عقود من دول مختلفة.
وطمأن نجم بأن العقود الموقعة لتأمين المواد كافية لفترات طويلة، علماً أن الحكومة تقدم جميع الدعم والتمويل اللازم، مع الإشارة إلى وجود دعم كبير في حال تمت إضافة أي مواد جديدة، كما أن جميع الطلبات التي تصب في مسار عمل المؤسسة تلبى من الحكومة، علماً بأنه تم أيضاً التصديق على الملاك العددي للمؤسسة، والدعم في التوسع الأفقي في الصالات.
وفيما يخص قضية الأرز الفاسد في المؤسسة واشتباه تورط مديرين في المؤسسة، بيّن المدير العام للمؤسسة أن الملف بالكامل حُوّل إلى القضاء ليقول كلمته الفصل في الموضوع.
واعتبر نجم أن الكميات المحددة المبيعة تمنع حدوث أي تلاعب، مشيراً إلى تأمين كميات شهرية ضخمة من المواد، وبالتالي النوعية المبيعة حصراً بموجب البطاقة الذكية ولا تباع بسعر مغاير ضمن صالات المؤسسة، مشيراً إلى أن البطاقة الذكية ضبطت أي نقص في المواد.
وأكد أن حصة المواطنين مصانة، ولن يحصل أي مواطن على حصة غيره، حيث إن الكميات موجودة وموزعة على المستودعات في مختلف المحافظات.
الآلية بسيطة
ولفت مدير المؤسسة إلى أن التوزيع يتم لجميع حاملي البطاقة الذكية، والكمية المخصصة تمنح شهرياً، ولا تدوّر للشهر التالي، كما أنه بالإمكان الحصول عليها بشكل مجزأ حسب رغبة المواطن وعلى مدار الشهر، مؤكداً وجود تعليمات لجميع الموظفين بالتعامل مع المواطنين بشكل لائق، والتشديد على عدم تقاضي أي مبالغ زائدة، علماً أن الأسعار محددة وواضحة، ولن يكون هناك أي نقص في الكميات والحصص للمواطنين، مضيفاً: لا أحد قادراً على تخفيض مخصصات المواطن أو زيادتها غراماً واحداً (أو أن يزيد أو ينقص ليرة واحدة).
وقال نجم: إن التوزيع حصراً في الصالات، والمؤسسة جاهزة لتلقي أي ملاحظات أو شكاوى من المواطنين لمعالجتها على الفور، مضيفاً: لا يوجد أي لعب في البطاقة الذكية في الصالات، لكنّ هناك تشديداً كبيراً على مدى التزام الموظفين بافتتاح الصالة من الثامنة صباحاً وحتى العاشرة ليلاً.
وأكد أن الهدف هو السير بهدوء لتطبيق البطاقة الذكية والوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المواطنين، موضحاً أن الكميات المبيعة ضمن البطاقة حالياً تعتبر كافية وسطياً.
خلال 3 أيام
وبيّن نجم أن مبيعات السورية للتجارة خلال 3 أيام من بدء الآلية الجديدة بلغت من مادة السكر 611 ألفاً و360 كغ لـ221 ألفاً و450 عائلة، كما تم بيع 280 ألفاً و201 كغ من الأرز لـ 115 الفاً و948 عائلة، وبيع 4007 كغ من الشاي لـ 9928 عائلة، مؤكداً أن عمليات بيع تلك المواد مستمرة، ويستطيع كل مواطن أن يحصل على حقه وفق البيانات المدرجة على البطاقة الإلكترونية (الذكية) طوال أيام الشهر.