مشروع القانون الذي أثار الجدل «رسوم على السيارات» .. وزير النقل: فرض رسوم تتناسب مع أسعار السيارات الفارهة المملوكة من طبقة مقتدرة
| محمد راكان مصطفى
أثار مشروع قانون وزارة النقل الجديد الخاص برفع الرسوم المفروضة على السيارات استياء عدد من أعضاء مجلس الشعب، فمنهم من اعتبره مناقضاً للتصريحات الحكومية التي وعدت بعدم فرض ضرائب جديدة على المواطن، وآخر اعتبر أن فيه مخالفة دستورية لجهة عدم المساواة بين المواطنين.
وزير النقل علي حمود بين أن تعديل قانون المركبات يهدف إلى توحيد القوانين والمراسيم الصادرة حول رسوم المركبات وتوحيد الجهة المحصلة لهذه الرسوم.
وبين في حديثه لـ«الاقتصادية» أنه يأتي تماشياً مع الارتفاع الكبير في قيمة المركبة وخاصةً السيارات السياحية الفارهة، مضيفاً: إن المشروع يلاحظ التقليل من رسوم المركبات ذات الشريحة الشعبية من سعة المحرك القليلة ما يتوازن مع سعرها ضمن شرائح مختلفة، ويفرض رسوماً تتناسب مع أسعار السيارات الفارهة ذات سعة المحرك الكبيرة لكونها سيارات محدودة العدد وتملكها طبقة مقتدرة.
وأكد حمود أن المشروع راعى الرسوم المفروضة على مركبات نقل الركاب العامة ضمن قيم قليلة حيث لا ينعكس ذلك على المواطن لاحقاً، وتابع: فمثلا رسم تسجيل التكسي العامة هو عشرة آلاف ليرة سنوياً والباص ٢٥ ألفاً سنوياً في حين السيارة فوق الـ٤٠٠٠ سي سي رسمها السنوي مليونا ليرة كما هو معروف من طراز الجيب والمستوى الفاره.
وأشار وزير النقل إلى أن المشروع حدد الرسوم المترتبة على معاملات المركبات من رهن وتأمين وتغيير الأوصاف بنسب متوافقة مع سنة الصنع، كما أن المشروع أجاز أن تتم عملية نقل ملكية المركبة خارج مديرية النقل على أن يتم دفع رسم ١٠ آلاف ليرة لمصلحة خزينة الدولة، ودفع بدل خدمة ألفي ليرة لقاء عقد التسجيل لمصلحة العامل المختص.
ونوه بأن مشروع المرسوم يعفي كل مركبة سعة محركها تحت الـ ٣٠٠٠ من الرسم السنوي، مؤكداً أنه وفي حال حدوث أي خطأ في الحساب تتم المراجعة وإعادة الحق للمواطن.
ملاحظات كثيرة
رئيس لجنة الخدمات في مجلس الشعب صفوان قربي كشف لـ «الاقتصادية»، أنه تم تأجيل النقاش بالمشروع لكونه يحتاج إلى بعض التعمق والدراسة بروية، مضيفاً: تم فتح جلسة نقاش مع وزير النقل، وانطلاقاً من شعورنا بأن بعض الملاحظات بحاجة للنقاش، وقال قربي إن جلسة الحوار استمرت ساعتين مع وزير النقل في لجنة الخدمات اتفقنا على التريث بالمشروع ودراسته بشكل هادئ.
وقال قربي: منطقياً نحو 97٪ من السيارات لا يترتب عليها أي التزامات، والتغير طال السيارات التي سعة محركها فوق 3000 سي سي وتطال شريحة معينة من المواطنين غير القادرين على الدفع والالتزام والتي تحتاج إلى كميات كبيرة من الوقود قياساً بالسيارات الدرويشة والمتوسطة.
وبالنسبة للرسوم المفروضة على المبيع بيّن قربي يجب أن يحسب الاهتلاك والعمر الافتراضي للسيارات ويجب عدم المساواة بين سيارة صنع 2001 وسيارة صنع 2017، مؤكداً وضع ملاحظات كثيرة خلال الجلسة، منوهاً بأن الوزير كان منفتحا ًعلى الطروحات.
ومن الأمور التي تم وضع ملاحظات عليها هي رسوم الإجازات، ورسوم سيارات الطلاب التي تدر دخلاً، إذ تم إعفاؤها، مضيفاً: كل هذه الأمور تستحق نقاشاً بجو أهدأ، والجو الآن غير مناسب في ضوء ارتفاع سعر الصرف وضبابية السوق.
ليست ذنب المواطن
بدوره عضو مجلس الشعب عارف الطويل شدد على أن وضع المواطن السوري الآن لا يحتمل فرض أي ضريبة جديدة، مضيفاً: بل على العكس، على الحكومة أن تبحث عن حلول لتحسين دخل المواطنين من ذوي الدخل المحدود الذين يشكلون الأغلبية العظمى في البلد، الذي لم يعد يكفيه.
وذكر الطويل أن وزير المالية مأمون حمدان قال في إحدى جلسات مجلس الشعب: لا نية للحكومة بفرض أي ضريبة جديدة.
وقال: إذا كانت الحكومة تريد أن تبحث عن مصادر لدعم الخزينة يجب أن تبتعد عن جيب المواطن محدود الدخل والذي كان دعامة الصمود والتضحية خلال الحرب الطويلة، مضيفا: أنا برأيي على الحكومة أن توجه جهودها لتنمية الإنتاج الزراعي والصناعي لأن الزارعة في الدرجة الأولى والصناعة بالدرجة الثانية هما دعامتا الاقتصاد القوي والمنتج الحقيقي للدولة.
وعن مبررات الوزارة، فإن رفع الرسوم جاء ليتناسب مع أسعار السيارات المرتفعة، بين الطويل أن أسعار السيارات المرتفعة ليست ذنب المواطن وإنما هي حالة اقتصادية فرضت هذا الغلاء الذي لم يقتصر على السيارات والعقارات بل وصل السلع، مؤكداً أن ذلك جاء عكس مصلحة المواطن، والغلاء جاء نتيجة لوضع اقتصادي ليس للمواطن ذنب فيه.
وأشار الطويل إلى أن السيارة ووسائل النقل لم تعد رفاهية والمواطن السوري الذي يمتلك سيارة الآن يستخدمها فعلاً للنقل وفي مجالات جداً محدودة ولأمور ضرورية نتيجة لتكلفة الوقود والإصلاح اللذين أصبحا مرتفعين، مؤكداً أنه من غير المقبول أن تأتي هذه الضريبة لتجعل من صاحب السيارة وكأنه مستأجر وليس هو صاحبها.
ورأى الطويل أن الرسوم المفروضة على السيارات عند البيع لا نشاهدها في دول أخرى، وبسبب الرسوم على السيارة صار الشخص يكره أن يكون عنده سيارة، وتابع: كدولة عندما تريد أخذ رسوم على السيارات يجب أن تكون لقاء خدمة ما كفتح طرقات جيدة مطابقة للمواصفات العالمية التي تسير عليها السيارات وتأمين قطع تبديل وهذه الخدمات غير موجودة، فالرسوم على شو؟ ويكفي أن أصحاب السيارات ذات السعات الكبيرة والمصروف الكبير يدفعون سعر البنزين بالسعر الحر فهم أصلاً يدفعون أكثر بكثير من أصحاب السيارات العادية.
قانون غير منطقي
من جانبه رأى عضو مجلس الشعب نضال حميدي بأنه يجب عدم إحالة مشروع القانون إلى اللجنة لكونه مخالفاً للدستور، وذلك أنه لا يوجد فيه عدالة اجتماعية، ولا يساوي بين المواطنين، إذ إن المواطن مالك سيارة بسعة محرك 1500 وحتى 3000 سي سي لا يدفع رسوماً، وفوق 3000 يصبح الرسم 250 ما يعادل 22 ألف ليرة شهرياً، مضيفاً: إن السيارة بالكبين نفسه وبنوع السيارة نفسه لا يترتب عليها أي رسم لكون محركها أصغر، وتابع: في كل دول العالم لا مشكل في تغير المحرك إلا عنّا!
وأشار حميدي إلى أن القانون يجب ألا يكون تدريجياً بفرض الرسوم على جميع السيارات، حيث يتم فرض الرسوم على السيارة بدءاً من سعة محرك ألف سي سي وما فوق بنسبة محددة لكل 100 سي سي بمبلغ محدد، متسائلاً كم راتب الموظف حتى يستطيع أن يدفع مثل هذا المبلغ.
وأكد ضرورة الانتباه لعمر السيارات، ففي كل دول العالم العمر الافتراضي للسيارات خمس سنوات، مطالباً بأن يتم تحديد عمر السيارة بعشر سنوات حتى تكون المحاسبة مقبولة، منوهاً بأن السيارات حالياً عمرها 20 سنة تعود لصنع 2000 ـ 2001 فمن غير المنطقي فرض رسوم على هذه السيارة بمبالغ سنوية كبيرة.
ووصف حميدي القانون بأنه غير منطقي، لجهة فرض رسوم على المبيع، وقال: أنا بعد أن دفعت رسوماً جمركية على السيارة أصبحت ملكاً خاصاً فإن دفع الرسوم يعتبر مصادرة للملكية الخاصة، ووفقاً للدستور لا يجوز مصادرة الملكية الخاصة، معتبراً أن فرض رسوم تتراوح بين 10 إلى 25 بالمئة بحسب الموديل وسنة الصنع غير منطقي ومن غير المقبول أن يتم تقاضي هذه المبالغ من البائع.
واستغرب حميدي أن يتم تحديد رسم إجازة السوق العامة بـ 5 آلاف رغم أنها سوف تستخدم لممارسة العمل وتسهم في تحقيق مردود مادي لمستخدمها، في حين أن رسوم الإجازة الخاصة تم تحديدها بـ 10 آلاف، مضيفا: إن رسوم الشهادة العامة دائماً أعلى، وتابع: حاسبني كالذي يشتغل على سيارة فلماذا أنا أكثر؟
ولفت إلى أن المادة 27 من المشروع والتي نصت على: «تعفى المركبة من الرسوم السنوية في حال أوقفت عن السير غصباً بفعل السلطة كالحجز أو المصادرة من المراجع الإدارية أو القضائية أو نتيجة حادث كالتدهور أو الحريق أو الغرق أو السرقة أو غيرها سواء أكان ذلك وقع داخل أراضي الجمهورية العربية السوية أم خارجها، حيث يستفيد مالك السيارة من الإعفاء، وضمن الحدود ولا يشترط في هذه الأحوال تسليم لوحتي المركبة ورخصة سيرها بل يكتفى بإبراز أوراق إثبات نظامية بحدوث الوقائع المذكورة، معتبراً أن ذلك يحمي بعض المخالفين بموجب المرسوم رقم 14 لعام 2014 والذي يترتب غرامات على السيارات التي تجاوزت المهلة القانونية بالبقاء خارج القطر، إذ إنه بات بإمكان المخالف تقديم أوراق تحميه من دفع الغرامات، معتبراً أن هذا يتناقض مع المرسوم وهو ثغرة للمخالفين.
واستغرب حميدي من إعفاء باصات المدارس الخاصة من الرسوم، منوهاً بأن مشروع النقل استثماري رابح أكثر من المدرسة نفسها، مضيفاً: إذا كان هناك رغبة بالإعفاء فيجب أن يتم وضع تعرفة تحدد بموجبه سعر التكلفة، مشيراً إلى وجود مدارس تتقاضى 300 ألف على الطالب، وتابع: يجب ألا يترك التسعير حسب مزاجيتهم.
ورداً على أسباب وزارة النقل الموجبة للقانون بالنسبة لارتفاع أسعار السيارات بين أن الزيادة في السعر لا يمكن اعتبارها أمام انخفاض القيمة الشرائية لليرة، مضيفاً: إذا كانت الغاية رفد الخزينة فلماذا تم إعفاء كل السيارات تحت 3000 سي سي، متهما المشروع بأنه يضيع على الخزينة أموالاً يجب ألا تضيع.
وعن حجة الوزارة بأنه تم فرض الرسوم على السيارات التي تستهلك أكثر، قال هناك سيارات بسعة محرك 4000 سي سي ولكن تستهلك أقل من السيارات ذات سعة محرك 1600 سي سي، مضيفاً: وعند تحديد كمية البنزين المدعوم لماذا لم يتم تخصيص السيارات من السعة الكبيرة بحصة أكبر؟