القطاع الخاص لا يقوم بدوره بالشكل المطلوب بالنسبة للعمالة … وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل: تمّ استيفاء أملاك عينية مقابل دين مؤسسة التأمينات على الجهات العامة
| محمد راكان مصطفى
كشفت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عن استيفاء الأملاك العينية مقابل دينها على الجهات العامة، وأكدت انخفاض كتلة الدين من 225 مليار ل.س إلى 210 مليارات على القطاع العام، وبينت أن قيمة ديون المؤسسة على القطاع الخاص بلغت نحو 11 ملياراً حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي، منوهة بالاهتمام الحكومي الكبير بكيفية توجيه استثمارات أموال المؤسسة لتتمكن من تحقيق محفظة مالية قوية وتنمية أموالها.
وأشارت إلى صرف مكافآت شهرية لـ 35 ألف مسرّح بلغت نحو 3 مليارات ليرة سورية، وتمويل 1560 مشروعاً بنحو 1.7 مليار ليرة سورية ضمن مشروع دعم الريف السوري، وأكدت بدء العمل على موضوع الإعانات النقدية للجرحى الحاصلين على بطاقة شرف براتب 30 ألف ليرة شهرياً ولمدة عشر سنوات، هذا والكثير من الأمور المتعلقة بسوق العمل والدعم الاجتماعي، كان محور حديث «الاقتصادية» مع وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ريمة قادري، وفيما يلي نص الحوار كاملاً..
ما أهمية صندوق المعونة الاجتماعية لإطلاق مشاريع مولدة للدخل وإعانة المواطن خلال فترة الحرب والأوضاع المعيشية الصعبة التي نمر بها حالياً؟ وكم أثر تخفيض رأس ماله إلى 10 مليارات ليرة؟
الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية هو إحدى الجهات المرتبطة مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وهو الأداة التنفيذية التي من الممكن أن تكون نافذة لتوزيع الدعم الاجتماعي، وضمن البيان الحكومي كان هناك تسليط للضوء على أهمية تفعيل الصندوق لكونه في فترة الحرب انحرف بعض الشيء عن برنامجه الوظيفي لأسباب مختلفة.
وهناك إمكانية لزيادة المبلغ المرصود للصندوق إلى 20 ملياراً في الفترات القادمة، علماً أنه في موازنة العام القادم تم الرصد له بمبلغ 15 مليار ليرة.
بموجب مرسوم إحداث الصندوق يجب أن يكون النافذة الرسمية والوحيدة لتوزيع الدعم، ولكن ضمن الحرب والظروف الاستثنائية لم يعد بالإمكان اعتماد نافذة واحدة، وبالتالي أصبح هناك اللجنة العليا للإغاثة واللجان الفرعية المرتبطة بها والأدوار المتكاملة للجانب الحكومي والأهلي لسد الحاجة المجتمعية، فتراجع بعض الشيء دور الصندوق ليتمكن من تحقيق أهدافه في استهداف الشرائح الأكثر احتياجاً بالمعونات النقدية، وتعزيز قيمة رأس المال البشري من خلال الخدمات الفنية التي من الممكن أن يقدمها ليعزز قدرات الأفراد ليكونوا أكثر قدرة على العمل والتنمية وإعالة أنفسهم، وأيضاً المشاريع التي من الممكن أن تساعد الأفراد في الحصول على نافذة للتمويل.
نحن انطلقنا وهذا كان منسجماً مع المرامي التنموية وإعادة دوران العجلة الإنتاجية التي أطلقتها الحكومة كشعار، فكانت الزاوية التي بدأ فيها تفعيل الصندوق هي المشاريع المتناهية الصغر لتعزيز قدرة الأفراد والوصول لمرحلة إعالة أنفسهم، وقطعنا شوطاً في هذا المجال من خلال برامج دعم الريف السوري، والتمويل الذي يقدمه الصندوق بالنظر إليه رقمياً يبدو ضئيلاً، لكن كوزارة وبتركيب هذا الرقم مع أرقام أخرى متراكمة هي توجيه للجهد الأهلي ليكون داعماً لهذا النوع من المشاريع، سواء على مستوى الخدمات الفنية أم الوصول إلى نافذة تمويل.
وهناك وحدات الصناعة الريفية التي يتم العمل عليها من خلال جهودنا في التنمية الريفية، وجميع هذه الجهود متكاملة، وهي التي تجعل الجهد تراكمياً، وبالتالي لا يمكننا النظر إليه على مستوى الكم، لأنه بالإنفاق يجب أن تضمن أن الشخص لا يستسهل نافذة التمويل لتكون فقط لغرض استهلاكي، بل أن تكون متاحة لتعزيز قدرته على إعالة نفسه واستدامة الأثر.
وهناك حزمة أخرى تم إطلاقها لتعزيز رأس المال البشري وإنتاجيته وهي دعم الخريجين الجدد التي كانت مع مرصد سوق العمل، والتي استُخدم خلال المرحلة الأولى منها جزء من أموال الدعم الاجتماعي، وفي المرحلة الثانية أصبح التمويل من حساب فرص التشغيل الموجود لدى الوزارة والذي للمرة الأولى يوجد له أوجه صرف ترتبط مباشرة مع مصلحة الأفراد.
وتم قبول1430 خريجاً لتوفير التدريب وبناء القدرات لهم بمكان العمل لدى الوزارة والجهات التابعة ووزارة التعليم العالي وعدد من الجامعات بالمحافظات كافة مع منحة شهرية بقيمة 25 ألف ل.س لمدة 6 أشهر، باشر منهم التدريب 530 متدرباً.
والحزمة الثالثة وهي الأكبر مشروع برنامج دعم وتمكين المسرّحين من خدمة العلم، إذ يوجد حالياً 35 ألف مسرّح، فالصندوق يدعم القدرة المعيشية للمسرحين من خلال المكافأة الشهرية التي تبلغ قيمتها 35 ألف ليرة، وبلغت قيمة المكافآت الشهرية الممنوحة لهم 3 مليارات ليرة سورية، ويتم دعمهم على منحيين، وفي الوقت نفسه ندعم التوجه المهني من خلال مرصد سوق العمل والجهود مع جميع الشركاء سواء مع الحكوميين أم مع القطاع الخاص، لنتمكن من تعزيز قدرتهم في النفاذ إلى سوق العمل، بطريقة تكون فعالة لسوق العمل ومنتجة لهم ومستديمة الأثر لهم كأفراد، وبلغ عدد المسرّحين الذين تم تأمين فرص عمل لهم بالقطاع الخاص 225 مسرحاً من أصل 425 مسرحاً راغبين في العمل لدى القطاع الخاص وتوفير التدريب لـ 60 مسرّحاً بمكان العمل.
وبدأ العمل على موضوع الإعانات النقدية بالنسبة للجرحى الحاصلين على بطاقة شرف، والبيانات تصل من وزارة الدفاع والإدارة المشتركة لجريح وطن، لتقديم الرواتب الشهرية وحالياً هناك 54 اسماً يحصلون على رواتب شهرية تبلغ قيمتها 30 ألف ليرة لمدة عشر سنوات، وتم البدء بصرفها منذ أشهر عدة، ويتم تحديث الأسماء بشكل مستمر.
وواحدة من الإضافات التي تمّ إحداثها ضمن حزمة دعم الريف السوري مع توسيع النطاق الجغرافي والمشاريع التي من الممكن العمل عليها هي توفير مليار إضافي للمسرّحين ليستفيدوا منها في المشاريع المتناهية الصغر، وهناك تدريب يجري حالياً مع الوزارات التي لديها مراكز تدريبية، بعضها يكون تدريباً منتهياً بالتشغيل مع كل من وزارة الأشغال العامة والإسكان ووزارة الكهرباء ووزارة الإدارة المحلية ووزارة الموارد المائية ووزارة الصناعة.
حيث بلغ عدد المشاريع الممولة 1560 مشروعاً بإجمالي تمويل 1.7 مليار ليرة سورية وتم تطوير الحزمة بما يحقق التكامل مع حزمة دعم وتمكين المسرّحين لتحقيق استجابة عملية لتوفير إقراض مدعوم للمسرحين.
ما قيمة الدعم الحكومي المقدّم على شكل مساعدات عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل خلال فترة الأزمة؟
في الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية 10 مليارات، والعامان 2018 و2019 شهدا ولأول مرة توظيفاً حقيقياً لأموال الدعم الاجتماعي، التي ترصد سابقاً، لكن ربما ليكون وضوحاً تاماً كيف تنفق، وبتعزيز أدواتنا تمكنا خلال العامين الأخيرين أن يكون ما رصدناه يصل مباشرة لمستحقيه من خلال حزم استهدافية واضحة مع شفافية البيانات، وفي عام 2019 وجزء من عام 2018 هناك 6.4 مليارات ليرة تم دفعها على الحزم الاستهدافية وتمويلهم كان مختلطاً، فجزء كان تمويله حكومياً وجزء من مصادر تمويلية أخرى متاحة للوزارة، ووظفت كإعانات نقدية مباشرة ولحزمة دعم الريف السوري.
وفي أموال الدعم الاجتماعي وبميزانية عام 2019 رصد للدعم الاجتماعي 10 مليارات ليرة، وخلال الاجتماع مع المجلس الأعلى للتخطيط تم طلب إعادة المبلغ للقيمة السابقة نفسها، التي كانت تبلغ 15 مليار ليرة، لأن هناك بيانات واضحة لتوظيفها، ويمكن من خلال المبلغ تعزيز القدرة على التدخل بالحزم الاستهدافية المباشرة لمصلحة الأفراد، وهناك حزم ستطرح وتستهدف الأشخاص الذين لا يملكون القدرة نهائياً على إعالة أنفسهم للتدخل بإعانات نقدية.
مرصد سوق العمل كان له نشاط كبير العام الماضي، لكن لدينا المشكلة أن القطاع الخاص لا يقوم بدوره بالشكل المطلوب بالنسبة للعمالة، كيف تعملون على استنهاض هذا القطاع، وما تقييمكم لنسبة تعاونه؟
المرصد كأداة كان تفعيله لتعزيز القدرة المؤسساتية للوزارة ولجميع الجهات التابعة لها، واستطاع المرصد القيام بنشاط ملحوظ خلال فترة تفعيله بأبسط هدف له كجهة تجمع فيها بيانات طالبي العمل والباحثين عن العمال وتسهيل التواصل بينهم، ولكن مهمة المرصد لم تنتهِ هنا، إذ تمت المتابعة بمركز الإرشاد الوظيفي والذي من خلاله تم البدء بإحداث نواة لمراكز تمكين الشباب، وحالياً في خطة عام 2019 هناك 10 مراكز،8 منها حتى نهاية العام سيكونون قيد العمل في جميع المحافظات، لتكون مركزاً لإطلاق نشاطات موائمة لقدرات الأفراد.
ومن هنا جاءت فكرة تعزيز الانتشار والأدوات والشراكات، فكانت هناك شراكات للوزارة مع نحو 17 جهة من القطاعات الاقتصادية تلبي الوزارة احتياجاتها من سوق العمل، وبدورها تساعد هذه الجهات في تأمين فرص للتدريب، لأن كل الخدمات التي تقدمها الوزارة مجانية، وهناك عامل إضافي متعلق بالوضع الاقتصادي الضاغط الذي من الممكن أن يقف عائقاً أمام تنمية مهارات الشاب لتسهيل نفاذه إلى سوق العمل نتيجة عدم تحمّله لتكاليفها المالية، وتمّ العمل على سد هذه الفجوة.
ثقافة العمل مع القطاع الخاص بحاجة للترميم والتعزيز، وكان هناك الكثير من الجهود خلال السنوات الماضية سواء من مؤسسات دعم الأعمال كالاتحادات أم من الوزارات المختصة بما فيها وزارة الشؤون الاجتماعية لتعزيز فهم قوانين العمل، ونحن لدينا سلسلة من النشاطات مع اتحاد غرف التجارة السورية ومع بعض الجهات.
كنا معولين بشكل أكبر على القطاع الخاص في حزمة دعم المسرّحين بأن يكونوا متعاونين بشكل أسرع، لنتمكن من إيصال المسرّحين إلى مراكز العمل العطشى للعمالة الذكورية، ولكننا في الحقيقة واجهنا صعوبتين بالتوازي، أولاهما أن القطاع الخاص لم يتمكن على الأقل في هذا المجال أن يوصف تماماً حاجته من العمالة لسد الفجوة عند المسرح بالتدريب والمتابعة ليكون هو الشخص المناسب بالفرصة المناسبة، وفي الوقت نفسه ثقافة العمل لدى القطاع العام كانت طاغية على رغبات المسرحين، فالأغلبية كانت تطمح للعمل في الوظيفة العامة، وهذا دليل وجود فجوة الثقة بين العامل والقطاع الخاص لقناعته المسبقة بأن العمل الخاص ليس مستداماً، ولا يتمتع بالأمان الوظيفي، وهذا ما نعمل عليه لتذليله، لأن قوانين العمل فعلياً تضمن حق العامل، لكن بما أن العامل تحت ظرف الحصول على الفرصة مستعدٌّ بشكل جبري أو طوعي أن يتخلى عن جزء من حقوقه مسبقاً كالتوقيع على الاستقالة مسبقاً وغيرها رغم أنها غير معترف عليها قانونياً، لكن يصبح هناك قناعات بأن العامل يرضخ تحت رغبات صاحب العمل، وما نسعى له حالياً وشعارنا حالياً مع كل الوافدين إلى سوق العمل أن نكون قريبين منهم كوزارة قدر الإمكان وتعزيز التفاعل بينهم وبين الوزارة، ونسعى إلى تعزيز ثقة الشخص بكفاءاته ومؤهلاته وتعزيزها بالشكل الذي يمكنه من الوصول لمرحلة أن يكون هو نفسه فرصة لمركز العمل.
يقال: إن وزارة التنمية الإدارية انتزعت صلاحيات عدة من وزارة العمل إحداها الوظيفة في القطاع العام، كيف توصفون العلاقة بين العمل والتنمية الإدارية؟
الوزارات لا تنتزع أدواراً من بعضها، فالعمل الحكومي عمل متكامل، وسياسات العمل تشمل دائماً كل القطاعات، ونحن كوزارة مسؤولون عن سياسات العمل، وبالتالي وزارة التنمية الإدارية تكون هي الداعم الرئيس مع وزارة الشؤون لتكون السياسات قبل طرحها على الحكومة حتى مع أطراف العمل الثلاثة، وهي أرباب العمل والعمال أو ممثلون عن العمال والوزارة المعنية.
ووزارة الشؤون الاجتماعية أصبحت داعماً حالياً لوزارة التنمية الإدارية لقربها من توليها مهام ملف الوظيفة العامة بتفاصيله كافة، سواء موارده البشرية وهياكله التنظيمية والأطر التشريعية له، بما ينسجم مع كونها الحامل لمشروع الإصلاح الإداري.
والجزء الذي تكون فيه وزارة الشؤون الاجتماعية من الداعمين الأساسيين لوزارة التنمية الإدارية بجهودها هو ما يتعلق بالوظيفة العامة من جانب النواحي التشريعية، فبالتأكيد لا يمكن وضع قانون الوظيفة العامة أو القوانين التي تحكم العمل بالقطاع العام من دون الأخذ بعين الاعتبار اتساقها مع سياسات العمل ومع القوانين الأخرى الموجودة كقانون العمل الخاص، وهذا ما يعتبر تخصصاً وتكاملاً بالتأكيد.
شهدت الوظيفة العامة تسرباً كبيراً خلال فترة الحرب، وهذا ما يلحظ في تصريحات كثير من الجهات العامة.. لماذا لا يتم العمل على الإعلان عن مسابقات توظيف لملء هذه الفجوة؟
العام الماضي صدر القرار 62 عن مجلس الوزراء والمتعلق بإجراءات التعيين والتقاعد بالوظيفة العامة، وكان فيه آلية جديدة ومطوّرة وهي الأكثر إحكاماً وضبطاً وشفافية، بجزء منها كانت تنص على أنه في نهاية كل عام ترصد كل وزارة احتياجاتها واحتياجات الجهات العامة المرتبطة بها، ورصدها يكون مركزياً.
وحددت الموازنة العامة للدولة الحاجة بنحو 83 ألفاً، بناء على دراسة هيئة التخطيط والتعاون الدولي وما تقدمه الوزارات، وفي الأثناء ذاتها لدينا كتلة عمالة، فعلى سبيل المثال الـ 35 ألف مسرح تم عمل تحليل لرغباتهم في سوق العمل، وتم وضع تحليل للمستويات التي من الممكن أن يدخلوا من خلالها للوظيفة العامة، وجرى طرح الموضوع مع الحكومة من خلال اللجنة البشرية وبالتعاون والتنسيق مع وزارة التنمية الإدارية، إذ نحن حالياً في مرحلة رصد لحاجة الجهات العامة من العمالة الذكورية للفئتين الرابعة والخامسة، وقريباً سيكون هناك تعميم للجهات العامة للموافاة بالبيانات المتوافرة لديها، وهذا سيدرس ضمن اللجنة البشرية بأن يكون موجهاً لمصلحة المسرّحين.
تضررت قطاعات عدة منها قطاع العمالة خلال فترة الحرب، بحسب دراساتكم لسوق العمل عن البطالة في سورية، ما خططكم المستقبلية للمواءمة مع كل من وزارة التعليم العالي والتربية للوصول إلى احتياج سوق العمل الفعلي؟
لدينا مؤشرات لتحديد مثل هذه النسب تكون صادرة عن المكتب المركزي للإحصاء، وفي تقرير سوق العمل الذي أنجزته الوزارة والذي تمكنا من استخدام بعض مفرداته العملية، إضافة إلى تعزيز القدرة بموضوع الاستيعاب الجامعي على تلبية احتياجات سوق العمل، وبالتالي ما زلنا نحتاج فترة لنتمكن من الوصول تماماً إلى الربط بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وهذا ليس سببه فقط وجود فجوة بيانات وعدم القدرة على الوصول إلى شمولية جغرافية البلاد في الوقت الذي أجري فيه المسح، ولكن هناك عامل إضافي وهو أنّ مركز العمل موصفٌّ كماً وليس موصفاً كيفياً، ونحن متوجهون حالياً نحو السياسة التي تمكن من استيعاب كل الأعداد، لأن الهدف هو تعزيز قدرة رأس المال البشري، وهناك تعزيز بالتوجه نحو المعاهد المتوسطة والتعليم المهني، لأن سوق العمل متطلبة أيضاً لهذا النوع من التخصصات لتكون العوامل المنتجة فيه متوازنة، ويتم العمل على ذلك مع كل من وزارة التعليم العالي والتربية.
من مفرزات الحرب ظاهرة النساء المعيلات التي فرضتها الأزمة، كيف تتعاملون مع الموضوع؟ وكيف تسهّلون تأمين عمل لهن أو تأمين رأس مال لمشاريعهن، ومشاريع مولدة للدخل لهن؟
هذا الموضوع لا بدّ من النظر إليه من المنظور الحكومي وليس فقط عبر وزارة الشؤون الاجتماعية، فما دام الاحتياج كبيراً فلا بدّ أن تواكب الجهود هذا الاحتياج بأن تكون متضافرة، وهناك تضافر جهود جدي بين وزارات عدة كوزارة الزراعة من خلال جهودها مع المرأة الريفية ومع وزارة الإدارة المحلية من خلال «مشروعي» الذي يستهدف كل الوحدات الإدارية لتوفير التمويل المتناهي الصغر بالتشاركية مع الأمانة السورية للتنمية، وأيضاً جهود وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من خلال مشاريع التنمية الريفية والصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية.
وبالنسبة للمرأة المعيلة على المستوى الإستراتيجي تم تطوير الإستراتيجية الوطنية لدعم وتمكين المرأة، وتم ربطها مع أهداف التنمية المستدامة للعام 2030 كإستراتيجية عامة ونشاطات مرتبطة بها وكيفية استهداف المرأة في قطاعاتها كالمرأة والتعليم والمرأة والصحة أي كل المحاور التي تخص عمل المرأة، وتم وضع مصفوفة تنفيذية للعامين 2019 و2020 ويتم العمل عليها رغم أن الإستراتيجية لم تقرّ بالشكل النهائي، بل درست على طاولة لجان عدة، ولكن تم استخدامها كأحد المدخلات لوضع مسودة برنامج «سورية ما بعد الحرب» الذي هو أيضاً مشروع وطني ويمكن اعتباره الخطة الوطنية لسورية.
تم رصد السيدات في مراكز الإيواء من خلال السيدات اللاتي لديهن عوز اجتماعي وبياناتهن تظهر من خلال الجمعيات الأهلية التي تشرف عليها الوزارة، ومن بيانات ترصد لدى الوزارة كبيانات مرصد سوق العمل والحزم التي نعمل عليها كالتدريب المنتهي بالتشغيل وجزء منها كانت عمالة، وأحد الأمثلة العملية على ذلك حزمة التدريب المنتهي بالتشغيل التي حصلت في منطقة الباردة في ريف دمشق مع منشأتين صناعيتين، والسيدات المشاركات كان بعضهن معيلات أسر وزوجات شهداء وأمهات شهداء، وكانت هناك عمالة ذكورية أيضاً بعضهم من الجرحى والمسرحين ومن ذوي الشهداء.
المطلوب هو تقوية مهارات المرأة المعيلة وتعزيز قدرتها على امتلاك رأس مال صغير، لتتمكن من العمل، وهذا شعار يتم العمل عليه بجهود متضافرة، ويتم توجيه العمل الأهلي بشكل تلقائي لكونه أولوية وطنية، وعملياً العمل الأهلي يواكب أيضاً هذه الأولوية بتوجّهه نحو المرامي التنموية في الإغاثة، وليس أن تكون فقط عبارة عن استهلاك، وهناك جزء من الإغاثة يضطر لدعم القدرة الغذائية لدى العائلة، ولكن في الوقت نفسه جعلها مشروطة بقدرة تمكينية، كإطلاق الوزارة 3 مشاريع، اثنان منهما يخصان المرأة المعيلة، وهناك قصص نجاح عديدة لنساء سوريات امتلكن الإرادة ليكنّ معيلات لأسرهن.
متى ستبصر تعديلات قانون العمل الخاص رقم 17 النور؟
في هذه المرحلة خرج القانون من الوزارة بعد عقد تشاروات على مستوى أطراف العمل الثلاثة وعرض القانون في مجلس الحوار الاجتماعي، ليس للإغناء فقط، بل لإغناء التشريع بتعزيز الرؤى والزوايا التي ينظر لها الموضوع سواء الحكومي أم القطاع الخاص أو من ممثلي العمل والعاملين، فهذه العلاقة الثلاثية تتيح دائماً القدرة على الإحاطة بموضوع التشريع الذي يحكم أيضاً العمل، لأنه في غياب التوافق عليه أو التفهم له ولاحتياجاته فمن الصعب أن يكون هناك مشروعٌ مطبقٌ عملياً.
القانون جرى بحثه من لجنة التنمية البشرية وكان هناك ضرورة لمزيد من التنسيق مع اتحاد نقابات العمال وتم إنجاز ذلك، وأصبح هناك موجبات إضافية لصدور أي تشريع بإجراء تشاور مع وزارة العدل، ونحن حالياً في مرحلة التشاور مع وزارة العدل ليتم عرضه على اللجنة المختصة بإدارة التشريعات ليكون لاحقاً على طاولة مجلس الوزراء ليستكمل أسباب صدوره.
النسبة الأكبر من أموال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، على شكل ودائع لدى المصرف العقاري والتوفير، هناك ديون كبيرة للمؤسسة على المؤسسات الحكومية، ما خطتكم لدعم المؤسسة لتحصيل ديونها وإقامة استثمارات حقيقية على أرض الواقع؟
التأمينات الاجتماعية واحدة من المؤسسات التي تمكنت من تحقيق أداءٍ مستمرٍّ خلال فترة الحرب، إذ لم تنقطع الرواتب التقاعدية، واستطاعت المؤسسة ترميم الوثائق ومتابعة جهودها لتعزيز انتشارها على مستوى المحافظات وتعزيز الخروج من الصعوبات التي سببتها الحرب، سواء على المستوى اللوجستي أم المادي، كان ومازال هناك اهتمام كبير بكيفية توجيه استثمارات المؤسسة لتتمكن من تحقيق محفظة مالية قوية وتنمية أموالها لتكون مساهماً أكبر.
تمت مراجعة كل الاستثمارات بما فيها العقارات المؤجّرة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيث أُعيد تقييم أسعار العقارات حسب ما تقتضيه القوانين والأنظمة النافذة.
للمؤسسة إيداعات لدى المصارف أو توظيفات وأسهم، وقمنا بدراسة المركز المالي للمصارف المودعة عنده للتأكد من عدم ضياع قيمة هذه الأموال، المؤسسة مساهم بنسبة 45 بالمئة في رأس مال المصرف العقاري، ولكن للأسف ضمن المصرف العقاري الذي تعتبر المؤسسة من كبار المساهمين فيه، كان المصرف يرفض توظيف ودائع المؤسسة لديه خلال فترة من الفترات، لكونه أحجم عن قبول الإيداعات، وهذا أمر يخص عمل المصارف، وهو أيضاً ملف آخر يتم العمل عليه على المستوى الحكومي لتعزيز قدرة المصارف على توظيف أموالها وتعزيز القدرة على الإيداع لديها.
الكتلة الأخرى موجودة عند التأمينات، لكنها لا تملكها، وهي ديونها المتراكمة على مدار سنوات طويلة سواء على القطاع العام أم الخاص، وفي القطاع الخاص نسبة الديون أقل، لأن عدد المسجلين أقل، وليس بسبب الالتزام بالتسديد، وكل الجهود خلال العامين الماضيين وحتى جهود بسط المظلة التأمينية، فبالنسبة للقطاع الخاص فالتأمينات لديها ما يقارب 1.9 مليون مشترك، وهي تصرف لنحو نصف مليون شخص معاشاً تقاعدياً، ورواتب شهرية تقاعدية بنحو 10 مليارات ليرة.
وبلغت قيمة ديون التأمينات على القطاع العام حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي 210 مليارات ليرة بعد أن كانت منذ حوالي العام 225 مليار ليرة، والكتلة الأكبر من الديون لدى وزارة التربية، لكون عدد العمال لديها أكبر، وأصبح هناك تفاهم مع وزارة المالية وبدعم من رئيس مجلس الوزراء، بأن يكون هناك تسديد بقيمة ملياري ليرة شهرياً كسداد جزء من ديون التأمينات، والسعي للاستيفاء من الأملاك العينية مقابل الدين، وهناك توجيه من رئيس مجلس الوزراء بأن يتم في أقرب وقت مضاعفة المبلغ الشهري الذي يتم تسديده للتأمينات، وهذا تحكمه السيولة المتاحة.
تم السداد بشكل عيني من إحدى المؤسسات من خلال تملّك إحدى العقارات، وكان هناك عروض كثيرة ليكون هناك سداد بالأسلوب نفسه، ولكن مجلس إدارة التأمينات ومن خلال دراسته لكل التفاصيل لم يجد القيمة تتناسب مع حجم الدين، فلم يكن هناك قبول للتسوية المطروحة، وهناك جهود قائمة ومستمرة بهذا الصدد.
يوجد تعميم لكل الجهات العامة بألا يحصل تساهل في دفع الاشتراكات، من خلال حصة رب العمل والعامل بالنسبة للتأمينات الاجتماعية، حتى تحدّ من مشكلة تراكم الدين، وأغلب الجهات العامة خطت بهذا الدور، وهذا من إيمان الحكومة بأن مؤسسة التأمينات يجب ألا تكون داعماً لها.
وبالنسبة لديون المؤسسة على القطاع الخاص بلغت قيمة هذه الديون حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي نحو 11 مليار ليرة سورية.