نسبة 15% هل أدت غرضها؟! … النداف: لم نتلق شكاوى من التجار والذين لا يتمولون من المركزي غير ملزمين بهذا القرار
البردان: لم يتم التشاور مع غرفة تجارة دمشق ولم يؤخذ رأيها بالقرار
| علي محمود سليمان
منذ أن عادت رئاسة مجلس الوزراء لتحصيل نسبة 15% من مستوردات القطاع الخاص للمواد الممولة من المصرف المركزي في شهر تموز الماضي لمصلحة مؤسسات القطاع العام، ولا تزال التصريحات تتضارب بين التجار ومسؤولي الحكومة المعنيين بالقرار.
وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عاطف النداف أكد لـ«الاقتصادية» أن هناك عمليات تسليم للمواد والسلع ضمن نسبة 15% تجري بشكل يومي، لمصلحة المؤسسة السورية للتجارة، وقد تم استلام كميات كبيرة من السلع، مضيفاً: إن الوزارة لم تتلق أي شكاوى من التجار بخصوص عمليات تمويل إجازات الاستيراد من المصرف المركزي، أو فيما يتعلق بالصك التسعيري الصادر عنها، مبيناً أن مشاكل التمويل هي من اختصاص المصرف المركزي وليست من اختصاص وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
وكان الوزير النداف قد أصدر تعميماً في شهر تشرين الأول الماضي حدد فيه قائمة بالمواد التي يشملها قرار النسبة، كما تم حذف سلع من قائمة المواد المدرجة ضمن القرار ومنها الحبيبات البلاستيكية والقمح والأخشاب والحديد والبن، وتم تحديد 11 مادة، منها 9 مواد يجب تسليم نسبة 15% منها إلى المؤسسة السورية للتجارة، مشتملة على السكر المكرر والسكر الخام والأرز والزيوت والسمون بجميع أنواعها إضافة إلى الشاي ومعلبات الطون والسردين والمتة المصنعة وغير المصنعة، على حين يتم تسليم 15% للمؤسسة العامة للأعلاف من مواد كسبة فول الصويا المستوردة والمنتجة والذرة الصفراء العلفية.
وبهذا الخصوص أوضح النداف أن تعديل القائمة جاء بعد صدور توصية اللجنة الاقتصادية الخاصة بالمواد الممولة من المصرف المركزي مؤكداً أن القرار يلزم مستوردي القطاع الخاص الممولين من المصارف العاملة بالقطر والمرخص لها بالتعامل بالقطع الأجنبي، ولا يلزم المستوردين الذين يتمولون بطرقهم الخاصة، كما فسّر البعض.
وأوضح النداف أنه في المرحلة الحالية سيتم العمل على تفادي جميع الإشكاليات التي حدثت سابقاً وفي حال ظهور أي إشكالية سيتم العمل على علاجها بالشكل الأنسب.
مخاوف من ضعف تمويل المركزي
ومن جانبه أشار نائب رئيس غرفة تجارة دمشق عمار البردان لـ «الاقتصادية» إلى أنه لم يتم التشاور مع غرفة تجارة دمشق ولم يؤخذ رأيها بالقرار حين صدر، أو حين تم تعديل القائمة، ولفت إلى أن التجار متخوفون بسبب إشكالية التمويل والتي لا تزال تجري بالشكل الخاطئ، فكيف سيتم اقتطاع النسبة من البضائع التي لم يتبين إن كان سيتم تمويلها أم لا، وما نسبة التمويل لها، حيث إن أغلب عمليات التمويل الحالية لا تكون بنسبة مئة بالمئة، وهو أمر مرتبط بمصادر القطع الأجنبي، إضافة إلى مشكلة فرق السعر وقت التمويل والسعر ووقت استلام البضاعة.
وفي هذا السياق بيّن عدد من التجار أن أغلبية التجار تسعى للتمويل ذاتياً أو عن طريق وسطاء، والابتعاد عن التمويل عن طريق المصرف المركزي والمصارف المرخص لها التعامل بالقطع الأجنبي، نظراً لضعف التمويل، والصعوبات في الحصول عليه، كما أن التمويل لا يكون بشكل نقدي، حيث يطلب من التاجر تقديم عنوان لتحويل مبلغ التمويل إليه، وهنا الصعوبة لكون المصارف الأجنبية ترفض التعامل مع المصارف في سورية بسبب الإجراءات القسرية الأحادية الجانب الجائرة المفروضة على سورية، ولذلك يلجأ التاجر إلى وسيط لإتمام علمية الحصول على مبلغ التمويل، ويكون له نسبة من مبلغ التمويل، وبذلك يتغير دولار التمويل من 438 ليرة إلى قرابة 640 ليرة، بحسب سعره في السوق السوداء وذلك لتسديد حصة الوسيط.
ولفت التجار إلى أن نسبة العمولة للحصول على التمويل تعد تكلفة تضاف إلى تكلفة إجازة الاستيراد، لكن غير معترف بها ضمن الصك التسعيري الذي تصدره وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ويفرض على التاجر أن يبيع منتجاته المستوردة على أساس سعر التمويل 438 ليرة، وهذا يتسبب بخسارة له، ولذلك اتجه التجار للبحث عن مصادر تمويل بعيداً من المصرف المركزي.
الكميات كبيرة من مستوردات التجار
من جانبه بينّ مدير المؤسسة السورية للتجارة أحمد نجم لـ «الاقتصادية» أن الكميات التي يتم استيرادها عن طريق مؤسسة التجارة الخارجية، هي لتغطية حاجة السورية للتجارة على المدى الطويل، بينما تتم تغطية حاجة المؤسسة على المدى القصير والمتوسط من نسبة 15 بالمئة التي تخصم من إجازات الاستيراد للتجار، ويتم استلامها في المرفأ، وهي تكون ممولة بالسعر المحدد من مصرف سورية المركزي.
وكانت الحكومة قد منحت المؤسسة السورية للتجارة سلفة مالية بقيمة ملياري ليرة سورية، بغرض تأمين السيولة اللازمة للمؤسسة، لتتمكن من تسديد قيمة المواد المسلمة لها، ضمن مدة لا تتجاوز خمسة أيام، على أن تقوم المؤسسة بسحب المبالغ على دفعات وحسب الكميات التي سيتم استجرارها، وتسديد السلفة من المؤسسة تباعاً وضمن مدة أقصاها سنة.
وهنا يوضح نجم بأن الكميات التي يتم استلامها من النسبة المخصصة لمستوردات التجار أخذت بالازدياد وأصبحت بآلاف الأطنان، ونتيجة زيادة حجم الكميات أصبحت المؤسسة بحاجة لدعم من الحكومة للاستمرار بتسديد المبالغ المستحقة كأثمان لهذه المواد، على عكس ما صرح به التجار بأن الكميات قليلة نتيجة قلة عدد التجار الذين يحصلون على تمويل من المصرف المركزي.
مؤكداً أن عمليات الاستلام تتم بشكل مثالي ولا منغصات أو شكاوى من أي طرف، حيث تم العمل على تفادي جميع الأخطاء التي حدثت سابقاً عند تطبيق هذا القرار في سنوات سابقة، ولا يسمح لأي تاجر بالامتناع عن تسليم نسبة 15% من المادة المستوردة أو تبديلها بمادة أخرى أو تسديد ثمنها، كما يجب على المؤسسة استلام المادة في المرفأ ونقلها إلى مستودعاتها وتسديد ثمنها خلال خمسة أيام لا أكثر.
فرصة لإيجاد التوازن في الأسعار
وعن إشكاليات هذا القرار بيّن الدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق رسلان خضور أن المستوردين يحصلون على تمويل إجازات الاستيراد من المصرف المركزي وبالسعر الرسمي، فالطبيعي أن يتم بيع سلعهم وفق هذا السعر الرسمي بعد احتساب التكاليف، ولكن ما يجري أنهم يحسبون التكاليف ويبيعون على أسعار سعر القطع الأجنبي في السوق الموازي الذي يزيد على السعر الرسمي بأكثر من مئة ليرة سورية.
وهذه العملية بحاجة للضبط، ولذلك فإن قرار الحكومة يعتبر إجراء لضبط هذه العملية وهو طبيعي ليكون هناك نسبة تخصص لمؤسسات الحكومة لتبيع بسعر التكلفة الممكنة، أما الاختلاف على النسبة، فالمفروض أن يكون هناك تواصل واتفاق مع المستوردين لإقناعهم بهذه النسبة والتوضيح بأن هذه مصلحة وطنية وان يتم تسويق هذا القرار بشكل جيد إن كان لجهة المستوردين أو لجهة المواطنين وألا يمر كمجرد قرار رسمي.
أما إن لم يقتنعوا بالقرار فيجب إلزامهم به، حيث إن المستوردين سيعتبرون أنهم تعرضوا للظلم وللخسارة في أرباحهم الاستثنائية ويعتبرونه إجراء غير مناسب تسبب لهم بالخسائر، ولكنهم يجب أن يعلموا أن هذا القرار يماثل التحصيل الضريبي على أرباحهم الاستثنائية التي يحققونها من فرق سعر الصرف، وخاصة أنهم لا يقبلون أن يبيعوا على أساس السعر الرسمي للقطع والممول من المركزي، فهذا الإجراء جيد للحد من ارتفاع الأسعار ولإيجاد تناسب بين التكاليف وسعر المبيع، وحالياً فإن نسبة 15% تغطي جزءاً جيداً من متطلبات المؤسسة السورية للتجارة وباقي مؤسسات الحكومة للتدخل الإيجابي، مع أنه لا يضبط الأسعار بشكل مباشر، ولكنه يفيد في إيجاد توازن من خلال خفض الأسعار من السورية للتجارة وإن كان بنسبة محدودة ولكنها تدفع التجار لخفض أسعارهم بسبب المنافسة.
المقترح الأول بنسبة 25%
يذكر أن القرار عندما تم طرحه للمرة الأولى كان عن نسبة 25% من المستوردات، وقد حدثت ضجة في الأوساط الاقتصادية والتجارية، وقد أوضح وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عاطف النداف في حينه أن تعديل النسبة الخاصة بإلزام مستوردي القطاع الخاص للمواد الممولة من المصرف المركزي جاء بعد دراسة القانون المتعلق بمهام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، والذي ينص بأنه في حال الضرورة يحق لمجلس الوزراء تحصيل 15% كحد أقصى من المستوردات.
أما نسبة 25% فهي كانت مجرد اقتراح ولم يكن هناك قرار رسمي بها وعندما طرح هذا المقترح كان للتباحث وعند العودة للقانون الخاص بمهام الوزارة، تبين أن النص القانوني من خلال المادة /6/ يشير إلى ألا تتجاوز النسبة 15%.