مشروع قانون الاستثمار الجديد.. الوجه الجديد للاقتصاد السوري … الخليل: مركز خدمة للمستثمرين والتركيز على ما تحتاجه سورية
سكر: يتجاهل ما حلّ بالبلد من دمار وتفاوت طبقي ونزوح.. العكام: سُمح للمستثمر بتحويل كامل أرباحه وفوائده
| علي نزار الآغا
أقرت رئاسة مجلس الوزراء الصيغة النهائية لمشروع قانون الاستثمار الجديد منذ قرابة الشهر، بعد أن أخذ حيزاً واسعاً من الدراسات والمباحثات، وتم تعديله عدة مرات، إذ لاقى انتقادات لدى العديد من رجال الأعمال والاقتصاديين والقانونيين، وللوقوف على تفاصيل المشروع، بنداً بنداً، أفردت «الاقتصادية» هذا الملف، إذ تعرض فيه النسخة النهائية للمشروع بحسب النسخة التي حصلت عليها، وبحث المسائل الواردة فيه مع أصحاب الشأن والتخصص.
وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سامر الخليل بيّن لـ«الاقتصادية» أن مشروع القانون الجديد يختلف عن قوانين الاستثمار السابقة مثل القانون رقم 10 للعام 1991 والمرسوم التشريعي رقم 8 للعام 2007، وذلك في عدد من القضايا، ومنها أن المشروع الجديد حدّد مجموعة من القضايا اعتبرها أساسية، كتبسيط الإجراءات، وحدّد مدداً زمنية لها، مع أدلة للإجراءات تضعها هيئة الاستثمار السورية بالتعاون مع وزارات الدولة والجهات المعنية، وتكون هذه الأدلّة معتمدة لدى الهيئة، ومحددة بسقوف زمنية.
وأوضح الوزير أن الهيئة ستضم مركزاً لخدمة المستثمرين، بديلاً من النافذة الواحدة، بتفويضات عالية، وبالتالي فإن المركز سوف يقلل على المستثمر الاحتكاك ومراجعة جهات كثيرة، من أجل حصوله على ما يسمى إجازة الاستثمار، وهي حالة جديدة في مشروع القانون، وهي الموافقة التي تمنحها الهيئة للجهة طالبة الاستثمار بهدف حصولها على المزايا الواردة في القانون.
وتحدث الوزير عن ضمانات الاستثمار، مبيناً مسألة مميزة جداً في مشروع القانون الجديد، وقد اهتم بها بشكل كبير، كذلك الأمر بالنسبة للآلية فضّ النزاعات، والتي تعتبر مهمة جداً للمستثمرين، إذ ينص المشروع على إحداث مركز للتحكيم، وهذا أمر جديد، من أجل التحكيم في قضايا الاستثمار.
وفيما بخص الحوافز الواردة في القانون، بين الوزير أنها ليست حوافز موحدة للقطاعات كافة، إذ تمت مراعاة الأولوية بحسب القطاعات، وخاصة التصديرية والكثيفة العمالة، والمرتبطة بتوظيف واستخدام الموارد المحلية بشكل أكبر، والتي تحمل قيمة مضافة عالية.
ونوّه بأن مشروع القانون لحظ وجود مناطق تنموية، بمعنى أنها بحاجة لإعادة إعمار أو تنمية بشكل أكبر، كما يحددها المجلس الأعلى للاستثمار، لذا فهي تحصل على امتيازات خاصة بحسب طبيعتها.
ورأى الوزير أن كل تلك المسائل الموجودة في مشروع القانون الجديد هي جديدة، وصيغت بطريقة مميزة، «وبالتالي فالمشروع لا يقل أهمية عن أفضل قوانين الاستثمار الموجودة في العالم، وهو جاذب جداً، لأنه وضع كل البنى الأساسية والمسائل التي يمكن أن يطلبها المستثمرون، مع مراعاة خصوصية الواقع السوري الموجود، وبالتالي نحن نعوّل على هذا القانون ما يتضمنه من مواضيع، مع البيئة العامة للاستثمار، وصولاً إلى جذب حقيقي للاستثمار لترميم ما يجب ترميمه من أضرار ناجمة عن الحرب الإرهابية التي تعرضت لها سورية، ما يتطلب استقطاب رساميل كبيرة، ولقطاعات محددة».
وحول الانتقادات التي وصفت الحوافز التي قدمها مشروع القانون بالمبالغة، بين الوزير أنه لا مبالغة فيها، مبيناً أنه طالما نتحدث عن قانون لجذب الاستثمارات، فهذا يعني تشجيع المستثمرين المحليين أو من الدول الصديقة، وهذا يعني منحهم مزايا.
ونوّه الوزير أن المزايا الممنوحة مدروسة ومحددة بمهل زمنية وبنسب بحسب القطاع وأهميته، وبالتالي «فإن من يدرس مشروع القانون يجد أنه مدروس بدقة وبعناية فائقة، وخاصة أنه عُرض على جميع الوزارات، وعلى اللجنة الاقتصادية لأكثر من مرة، وتمت مناقشته، وأقيمت ورشة عمل خاصة ضمت مجموعة واسعة من الخبراء والأكاديميين ورجال الأعمال ومن القانونيين، وتمت دراسة المحاور كافة، كل على حدة، للاتفاق عليها».
في بنود المشروع
تناول الفصل الثالث من مشروع القانون أهداف ومبادئ وضمانات الاستثمار، وجاء في المادة 3 أن «يهدف الاستثمار إلى إيجاد بيئة استثمارية تنافسية لجذب رؤوس الأموال، والاستفادة من الخبرات والتخصصات المختلفة، لتوسيع قاعدة الإنتاج، بهدف زيادة فرص العمل، ورفع معدلات النمو الاقتصادي، بما ينعكس إيجاباً على زيادة الدخل القومي وصولاً إلى تنمية شاملة ومستدامة».
على حين ذكرت المادة 4 أن «تحكم الاستثمار في الجمهورية العربية السورية المبادئ الآتية:
أ- ضمان استقرار سياسات تشجيع الاستثمار في الدولة.
ب- حرية الاستثمار ومكافحة الممارسات الاحتكارية والمخلة بالمنافسة.
ج- العدالة في منح الفرص الاستثمارية، وفي المعاملة.
د- السرعة والجودة في إنجاز معاملات المستثمرين وتبسيط الإجراءات.
هـ- دعم المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، لضمان توفير فرص عمل ومنع الاحتكار.
و- مراعاة النواحي ذات البعد الاجتماعي، وحماية البيئة والصحة العامة».
وخصصت المادة 5 لضمانات الاستثمار، والتي اشتملت على عدم مصادرة المشروع أو أي من أمواله المنقولة وغير المنقولة إلا بقرار قضائي مكتسب قوة القضية المقتضية، وعدم نزع ملكية المشروع إلا للمنفعة العامة وبتعويض يعادل القيمة الحقيقية للمشروع، وفقاً للسعر الرائج بتاريخ الاستملاك.
كما تضمنت «عدم جواز إلقاء الحجز الاحتياطي على المشروع أو فرض الحراسة عليه إلا بموجب قرار قضائي»، الأمر الذي علّق عليه الأستاذ بكلية الحقوق في جامعة دمشق وعضو مجلس الشعب الدكتور محمد خير العكام بأنه بلا معنى، «كمن فسّر الماء بالماء، فلا تضيف شيئاً، لأنه في الأصل بموجب قانون أصول المحاكمات لا يجوز إلقاء الحجز الاحتياطي».
وأضاف «هذه الضمانة قد تؤثر سلباً في استيفاء حقوق الناس والدولة، وأنا لست مع هذه الضمانة، إلا إذا كان قصد المشرّع تقييد وزير المالية، أو غيره من الجهات، التي يحق لها إلقاء الحجز الاحتياطي استثناءً من تلك القواعد، وهذا يعني حجب الصلاحية عن وزير المالية بإلقاء الحجز الاحتياطي بموجب قوانين أخرى مثل قانون غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب، وغيره، فإذا كان هذا المقصود، فكان على المشرّع إضافة الحجز التنفيذي إلى الاحتياطي، لأنه إذا كان محجوباً على الوزير إلقاء الحجز الاحتياطي، فمن باب أولى أن تحجب عنه صلاحية إلقاء الحجز التنفيذي أيضاً».
واشتملت الضمانات الواردة في مشروع قانون الاستثمار الجديد على «عدم إخضاع المشروع لأي أعباء إجرائية جديدة ناجمة عن قرارات وتعاميم وبلاغات صادرة عن أي جهة عامة، باستثناء ما يتعلق بالبيئة والصحة العامة».
إضافة إلى «عدم إخضاع المشروع لأي أعباء مالية جديدة خلال مرحلة التأسيس»، الأمر الذي وصفه العكام بـ«ضمانة غامضة بحاجة توضيح»، مبيناً أن التعديلات بالقوانين الضريبية كرفع معدلاتها مثلاً هي أعباء مالية جديدة «فهل هذا هو المقصود؟».
ومن الضمانات أيضاً «عدم إلغاء إجازة الاستثمار أو سحب تراخيص وموافقات المشروع أو إيقاف تخصيصه بالعقارات لإزالة أسباب المخالفة تبدأ من اليوم التالي لتلبغه الإنذار، وذلك وفق ما تحدده التعليمات التنفيذية لهذا القانون»، وقد علّق عليها العكام بالقول: «إضافة لضمانة جيدة، نتمنى أن تكون التعليمات التنفيذية واضحة وتحقق الغاية منها».
يناقض أهداف المشروع
نصت المادة 8 من مشروع القانون على إحداث هيئة عامة ذات طابع إداري تسمى «هيئة الاستثمار السورية»، تحل محل الهيئة المحدثة بموجب المرسوم لتشريعي رقم 9 للعام 2007… وترتبط بوزير الاقتصاد، وهنا يعترض العكام على تبعية الهيئة للوزير، ويقول: «في ظل دولة مهمتها الأساسية إعادة الإعمار وتفعيل العجلة الاقتصادية عبر جذب الاستثمارات لا يجوز أن تكون هيئة الاستثمار ترتبط بوزير، مهما علا شأنه، ومن الأفضل أن ترتبط برئيس مجلس الوزراء لكون هذه الهيئة مسؤولة عن تيسير أعمال المستثمرين لدى الوزارات كافة، فكيف يمكن لرئيس الهيئة أن يخاطب وزراء آخرين إن لم تكن مرتبطة برئيس مجلس الوزراء»؟
ووصف العكام ربط الهيئة بوزير الاقتصاد «تحجيم للهيئة، ويتناقض مع أهداف مشروع القانون».
وعن تعيين مدير عام الهيئة بمرسوم بناءً على اقتراح وزير الاقتصاد، بحسب ما ورد في مشروع القانون، قال العكام: «أنا مع أن يعين بمرسوم، لكن باقتراح من رئيس مجلس الوزراء، ويمكن توصية من مجلس إدارة الهيئة لعدة مرشحين لشغل المنصب».
وأضاف: «إذا لم يكن رئيس الهيئة متمتعاً بصلاحيات وزير، فهناك مشكلة، وأعتقد أن وزارة الدولة لشؤون الاستثمار يجب أن تكون على تنسيق كامل مع الهيئة، وليس وزير الاقتصاد فقط، فعمل كلتا الوزارتين يصب في الهدف نفسه فيما يتعلق بالاستثمار».
حوافز ومزايا الاستثمار
خصص الفصل السادس لحوافز ومزايا الاستثمار، إذ نصت المادة 20 على أن «يقر المجلس خريطة استثمارية بناء على اقتراح مجلس الإدارة، بما يتوافق مع أولويات التنمية في إطار الخطة التنموية للدولة، بحيث تتضمن تحديداً للمناطق الاقتصادية الخاصة، والقطاعات الاقتصادية المستهدفة بالتنمية وغيرها».
أما الحوافز الجمركية فنصت عليها المادة 21 متضمنةً أن تعفى مستوردات الآلات والتجهيزات وخطوط الإنتاج ووسائط النقل الخدمية غير السياحية للمشاريع الحاصلة على إجازة استثمار من جميع الرسوم الجمركية والمالية والإضافات غير الجمركية في مرحلة التأسيس، شريطة استخدامها حصراً لأغراض المشروع، ويجب على المستثمر تسديد جميع هذه الالتزامات في حال استخدامها لغير أغراض المشروع أو التنازل عنها للغير.
وأن تعفى مستوردات مواد البناء والأدوات والتجهيزات والآليات ووسائط النقل الخدمية غير السياحية والأثاث اللازم لإنشاء وتجهيز وتأثيث وتشغيل المجمعات السياحية والفنادق ومنشآت المبيت السياحية من المستوى الدولي ومن الدرجة الممتازة والأولى والثانية والمطاعم ومنشآت الترفيه والخدمات السياحية التي تستثمر ضمنها- باستثناء المحال التجارية- من جميع الرسوم الجمركية والمالية والإضافات غير الجمركية على ألا تتجاوز قيمة المستوردات 50 بالمئة من التكاليف الاستثمارية التقديرية للمنشآت من المستوى الدولي ومن الدرجة الممتازة، و30 بالمئة من التكاليف الاستثمارية التقديرية للمنشآت من الدرجة الأولى والثانية شريطة عدم وجود ما يماثلها في الإنتاج المحلي، و30 بالمئة من التكاليف الاستثمارية التقديرية لإعادة تأهيل المنشآت المتضررة بقرار من المجلس الأعلى للاستثمار.
وعن الحوافز الضريبية ذكرت المادة (22) أن تستفيد المشاريع التي تقام في المناطق التنموية والتي تقع ضمن القطاعات المستهدفة بالتنمية وفق ما يحدده المجلس بقرار إحداث هذه المناطق من تخفيض ضريبي بمقدار 75 بالمئة من ضريبة الدخل لمدة 10سنوات بدءاً من تاريخ التشغيل.
كما تستفيد المشاريع التي تقام في المناطق التخصصية من تخفيض ضريبي بمقدار 50 بالمئة من ضريبة الدخل لمدة 10 سنوات بدءاً من تاريخ بدء التشغيل، وتستفيد المشاريع التي تقام خارج المناطق التنموية والتخصصية وتقع ضمن القطاعات المذكورة أدناه من حوافز ضريبية بدءاً من بدء تاريخ بدء التشغيل على الشكل التالي:
1- تخفيض ضريبي بمقدار 75 بالمئة من ضريبة الدخل لمدة 10 سنوات لـ:
1-1 المشاريع الصناعية التي تصدر 50 بالمئة فأكثر من طاقتها الإنتاجية.
1-2 المجمعات السياحية والفنادق ومنشآت المبيت السياحية من المستوى الدولي ومن الدرجة الممتازة والأولى والثانية والمطاعم ومنشآت الترفيه التي تستثمر ضمنها باستثناء المحال التجارية.
2- تخفيض ضريبي بمقدار 50 بالمئة من ضريبة الدخل لمدة 10 سنوات لـ:
2-1 المشاريع الصناعية التي تستخدم نسبة مكون محلي لا تقل عن 50 بالمئة.
2-2 المشاريع الصناعية التي تنتج قيمة مضافة لا تقل عن 40 بالمئة.
2-3 المشاريع ذات المحتوى التقني المرتفع.
2-4 المشاريع الصناعية الطبية والأدوية البشرية والبيطرية.
2-5 مشاريع الطاقات المتجددة.
2-6 مشاريع إعادة تدوير النفايات باستخدام تقنيات صديقة للبيئة.
2-7 مشاريع التصنيع الزراعي والحيواني.
2-8 المشاريع الصناعية التي تقوم على استثمار براءات اختراع.
3- تخفيض ضريبي بمقدار 25 بالمئة من ضريبة الدخل لمدة 5 سنوات لـ:
3-1 منشآت فرز وتوضيب المنتجات الزراعية.
3-2 المنشآت الحرفية.
وتستفيد مشاريع الإنتاج الزراعي والحيواني من إعفاء ضريبي دائم بمقدار 100 بالمئة من ضريبة الدخل.
وتستفيد المشاريع الواردة في الفقرة السابقة (البند 2) من هذه المادة من حسم ضريبي إضافي لمدة خمس سنوات بمقدار 5 بالمئة عند تشغيل 75 عاملاً سوري الجنسية فأكثر، مسجلين في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
ولا تستفيد المشاريع الصناعية التي تستخدم لتأسيس المشروع آلات وتجهيزات وخطوط إنتاج مستعملة أو مجددة سبق وضعها في الاستهلاك المحلي قبل تاريخ التقدم للحصول على إجازة الاستثمار من الإعفاءات الواردة في هذه المادة.
وتعد من النفقات التي يمكن تنزيلها من الأرباح الخاضعة للضريبة النفقات التي تهدف لتحقيق المسؤولية المجتمعية، وتحدد هذه الفقرات وأسس قبولها بقرار من المجلس بناء على اقتراح وزارة المالية، على ألا تتجاوز هذه النفقات بأي حال 3 بالمئة من الأرباح الإجمالية.
وفي حال استفادة المشروع الحاصل على إجازة استثمار من أي تخفيضات ضريبية أخرى بموجب قوانين أو أنظمة أخرى، تطبق عليه الإعفاءات الضريبية الواردة في هذا القانون دون غيرها من الإعفاءات الضريبية أينما وردت.
وخصصت المادة 23 من مشروع القانون للحوافز غير الضريبية، التي تضمنت أن تستفيد المشاريع الاستثمارية الحاصلة على إجازة استثمار والمذكورة في المادة 22 من هذا القانون من حوافز «غير ضريبية» تصدر بقرار من المجلس بهدف دعم قطاع محدد أو نشاط محدد، بحيث يسمح بالاستيراد استثناء من أحكام منع وحصر الاستيراد وشرط بلد المنشأ لمستلزمات الإنتاج التي لا يوجد ما يماثلها في الإنتاج المحلي، ويستفاد من خدمات صندوق دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات بناء على اقتراح وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية.
كما يستفاد من البرامج التدريبية الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة عن طريق هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وبموجب المادة 24 يصدر المجلس نظاماً يتضمن أسس استخدام العقارات المملوكة من الدولة بغرض استثمارها وفق أحكام هذا القانون.
ونصت المادة 25 على أن تلغى الحوافز الضريبية أو غير الضريبية الممنوحة للمشروع ويطالب المستثمر بسداد جميع الأعباء المالية التي أعفي منها أو خصمت له في العام ذاته الذي ارتكبت فيه المخالفة، ما لم تكن لديه ظروف قاهرة أو أسباب مبررة يقبل بها مجلس الإدارة، في حالات مخالفة أحكام هذا القانون، وتغيير هدف ونطاق عمل ومخرجات المشروع من دون موافقة مسبقة من الهيئة، والتهرب الضريبي أياً كان نوعه.
الخطأ بعينه
تعليقاً على مشروع القانون وما تضمنه من حوافز، علّق الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل سكر لـ«الاقتصادية» بأن الاستثمار المطلوب يأتي أولاً بتحديد ما الاستثمار الذي نريد؟ وثانياً بمناخ الاستثمار الجاذب، وأخيراً بالحوافز والضمانات. وأضاف: «بالنسبة للاستثمار المطلوب فالقطاعات المقترح توجيه الحوافز نحوها في قانون الاستثمار المقترح يتجاهل ما حل بالبلد من دمار مادي وبشري واجتماعي ومن تفاوت طبقي ومناطقي ومن نزوح داخلي وخارجي خلال ثماني سنوات من الأزمة والعقوبات، وتركز على القطاعات التقليدية كالصناعة والزراعة والسياحة مع إضافة قطاع الطاقة المتجددة، متجاهلة قطاعات البناء المادي والبشري والقطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم والسكن، والاستثمار الذي يسهل عودة اللاجئين والنازحين، كما تتجاهل الخطة الوطنية للتعافي وإعادة الإعمار التي تعدها الحكومة حتى عام 2030».
وتابع القول: «أما لمناخ الاستثمار فالمطلوب كثير وكثير، ويتضمن فيما يتضمن وقف العنف وتحقيق السلام واستقرار سعر الصرف وتخفيض تكلفة الأعمال، وإصلاح الإدارة الضريبية والجمركية وإحلال سلطة القانون، ومنع الفساد، وإدخال التمويل الطويل الأجل وإعادة تأهيل البنى التحتية.. وغيرها».
وفيما يخص الحوافز المالية التي يقدمها مشروع القانون بيّن سكر أنها غير موجهة إلى الاستثمار المطلوب في مرحلة ما بعد الأزمة، وهي كذلك في غاية السخاء، سواء للإعفاءات الضريبية أو للرسوم الجمركية، إذ تصل أحياناً إلى إعفاء دائم من ضريبة الدخل بمقدار 100 بالمئة، «ناسية ما حل بمالية الدولة من انهيار خلال الأزمة ومتجاهلة متطلبات الإنفاق المترتبة عليها بعد الأزمة، كما أنها لا تتعامل مع منع استغلال أُمراء الحرب لهذه الإعفاءات، بحيث لا يصبح الاستثمار وسيلة لغسيل الأموال».
وأضاف: «لا بدّ من تأكيد الحاجة للاستثمار الخاص بعد الأزمة، وإذا لم يأت هذا الاستثمار بالحجم المطلوب، فستتحمل الدولة نفسها المزيد من عبء الاستثمار، وستزداد مديونيتها، وإذا جاء الاستثمار مشوهاً أو توجه نحو ما هو غير مطلوب، فستتعثر عمليتا التعافي وإعادة الإعمار، وسيتحمل الاقتصاد والمجتمع تبعات هذا الفشل».
وختم تصريحه بالقول: «إن تتجاهل الحكومة ما حل بالبلد خلال ثماني سنوات من الأزمة وتصدر قانوناً للاستثمار وكأن شيئاً لم يكن، فهذا هو الخطأ بعينه وعليها تحمل مسؤوليته، لنضع القانون المقترح جانباً ولنبدأ من جديد، فما هكذا تورد الإبل».
المناطق الاقتصادية الخاصة
خصص الفصل السابع لموضوع المناطق الاقتصادية الخاصة، إذ نصت المادة 26 على أن تحدث المناطق الاقتصادية الخاصة بقرار من المجلس بناء على اقتراح مجلس الإدارة بما يتوافق مع سياسة الدولة التنموية وفق أحد الأشكال المذكورة في المادة 27 أدناه، وذلك بهدف تشجيع أنشطة أو قطاعات ذات أهمية خاصة، أو تشكل حوامل للنمو، وتشجيع إقامة مجموعة مترابطة من الأنشطة الاقتصادية على شكل عناقيد إنتاجية أو خدمية، وتنمية المناطق المتضررة أو النامية بهدف تحقيق النمو الشامل.
ويتضمن قرار إحداث المنطقة الاقتصادية الخاصة شكل المنطقة الاقتصادية، والحدود الإدارية للمنطقة بعد التنسيق مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة، والأنشطة المسموح بممارستها ضمن المنطقة، والحوافز الاستثمارية الممنوحة لهذه المنطقة، وضوابط ومحددات الاستثمار في المنطقة، والقطاعات التي تشملها الحوافز، ومدة إحداث المنطقة.
أما المادة 27 فحددت أشكال المناطق الاقتصادية الخاصة بالمنطقة التنموية، وهي منطقة إدارية يتم اعتبارها منطقة استثمارية لأغراض تنموية أو لأغراض إعادة الإعمار في حال كانت المنطقة متضررة من الحرب.
إضافة للمنطقة التخصصية، وهي منطقة استثمارية محددة مكانياً يسمح فيها بممارسة نوع محدد من الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية أو الخدمية، وتشمل مناطق تجهيز الصادرات والمناطق التقنية والمدن الطبية والصحية والسياحية والمناطق العلمية وغيرها.
وهناك المنطقة بملكية خاصة، وهي منطقة استثمارية محددة مكانياً، تحدث بناء على طلب أحد المستثمرين على ملكية خاصة له، ويسمح له فيها بتنفيذ مجموعة متنوعة من الأنشطة الاقتصادية.
حقوق المستثمر
أفرد الفصل الثامن من مشروع القانون لحقوق المستثمر، إذ نصت المادة 28 على أن يحق للمستثمر تملك واستئجار الأراضي والعقارات اللازمة لإقامة المشروع أو توسيعه في حدود حاجة المشروع ولو تجاوزت المساحة سقف الملكية المحدد بموجب القوانين النافذة.
وذكرت المادة 29 أن يحق للمستثمر فتح الحسابات المصرفية لمصلحة مشروعه بالليرة السورية والقطع الأجنبي لدى المصارف العاملة في الجمهورية العربية السورية.
كما يحق له الحصول على التسهيلات الائتمانية لمصلحة مشروعه بالليرة السورية والقطع الأجنبي من المصارف السورية والمصارف الأجنبية وفق أحكام القرارات والتعليمات الصادرة عن مجلس النقد والتسليف ومصرف سورية المركزي لهذه الغاية.
ومن حقوق المستثمر أيضاً تحويل الأرباح والفوائد السنوية وحصيلة التصرف بحصته من المشروع إلى الخارج فيها يخص المال الخارجي المستثمر، وذلك بعد تسديد الالتزامات المالية والضرائب والرسوم الواجبة وتدقيق القوائم المالية من مدقق حسابات خارجي معتمد، وفق التعليمات التي يضعها مجلس النقد والتسليف ومصرف سورية المركزي.
إضافة لتسديد الالتزامات المترتبة على المشروع بالقطع الأجنبي تجاه الخارج عن طريق أحد المصارف بموجب وثائق تثبت صحة تنفيذ الالتزامات، وذلك بعد إعلام الجهة التي يقع المشروع ضمن قطاعها في حال فرضت القوانين الناظمة للقطاع مثل هذا الإجراء.
وبموجب المادة 30 يحق للمستثمر في حال عدم صدور إجازة الاستثمار ضمن المهل المحددة في دليل الإجراءات، أو في حال عدم تنفيذ المشروع لأسباب لا علاقة لها بها، إعادة تحويل المال الخارجي الذي تم إدخاله لتمويل المشروع عن طريق المصارف العاملة في الجمهورية العربية السورية.
على حين نصت المادة 31 على أن يحق للمستثمر طوال مدة المشروع؛ الحصول على تراخيص إقامة له ولعائلته، والحصول على ترخيص عمل، والحصول على تراخيص عمل وإقامة للعمال والخبراء والفنيين غير السوريين.
بموجب المادة 32 يحق للمستثمر إدخال التجهيزات والمعدات اللازمة لتركيب الأصول الثابتة للمشروع والتي لا تعد جزءاً منه إدخالاً مؤقتاً ولمدة لا تتعدى فترة التأسيس.
العكام وصف المواد المتعلقة بحقوق المستثمر بأنها إيجابية بشكل عام، وفيها تأكيد على الحقوق الموجودة في قوانين الاستثمار السابقة، منوهاً بأن مشروع القانون الحالي سمح للمستثمر بتحويل كامل أرباحه وفوائده، على حين كان في السابق يُسمح بتحويل جزء منها فقط.
ولفت إلى أن اشتراط مدقق حسابات خارجي يضبط احتمالات وجود تلاعب أو شبهة غسيل أموال.
وعلّق على موضوع تسديد الالتزامات بالقطع الأجنبي بالقول: «حبذا لو بيّن المشرّع من أين سوف يأتي المستثمر بالقطع الأجنبي إن لم يكن متوافراً لديه، وهل تلتزم الدولة بتوفير هذا القطع بالسعر المعلن عنه من البنك المركزي»؟
التزامات المستثمر
حدّد الفصل الثالث من المشروع التزامات المستثمر، إذ ذكرت المادة 33 أنه يجب على المستثمر إعلام الهيئة في حال التنازل للغير عن حصة تساوي أو تتجاوز 10 بالمئة من رأس مال المشروع، أما في حال كان القانون الناظم للعمل في القطاع الذي يقع ضمنه المشروع ينص على ضوابط خاصة للتنازل عن الملكية فيخضع للتنازل في هذه الحالة لأحكام القانون الخاص ذي الصلة، ولقانون سوق دمشق للأوراق المالية في حال كانت الشركة مدرجة ضمن السوق.
كما تلتزم بالتأمين على المشروع لدى إحدى شركات التأمين العاملة في الجمهورية العربية السورية، ومسك حسابات للمشروع وفق المعايير المحاسبية المتعارف عليها، وتزويد وزارة المالية بنسخة من البيانات المالية الختامية بعد اعتمادها من مدقق حسابات خارجي معتمد، وإعلام الهيئة خطياً بتاريخ مباشرة العمل بالمشروع، والتكاليف الاستثمارية الفعلية.
إضافة لدفع الضرائب والرسوم الواجبة وجميع التكاليف المالية المترتبة على المشروع وفق القوانين النافذة، بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون، وتقديم أي معلومات أو بيانات أو وثائق تطلبها الهيئة من دون الإخلال بحقوق حماية الملكية الفكرية.
ورأى العكام أن تلك الالتزامات مهمة، بشكل عام، لكنه تحفّظ على عبارة «المعايير المحاسبية المتعارف عليها»، واصفاً إياها بـ«كلام مائع»، وتساءل: «متعارف عليها مّمن؟»، منوهاً بأنه يفترض أن تكون المعايير معتمدة من جهة محددة وليس متعارفاً عليها «لذا فالفقرة بحاجة إلى ضبط».
تسوية النزاعات
خصص الفصل العاشر لتسوية النزاعات، إذ نصت المادة 34 على أن يجوز تسوية أي نزاع ينشأ بين المستثمر وأي جهة عامة يتعلق بقضايا الاستثمار؛ ودياً من خلال المفاوضات بين الأطراف المتنازعة، وعبر محكمة الاستثمار المحدثة بموجب هذا القانون، أو من خلال التحكيم التجاري الداخلي أو الخارجي.
وبموجب المادة 35 تحدث لدى مجلس الدولة في دمشق محكمة مختصة بالنظر في القضايا المتعلقة بالاستثمار الناجمة عن تطبيق أحكام هذا القانون، وتتألف من دائرة أو أكثر تشكل كل منها من ثلاثة قضاة برئاسة مستشار وعضوية اثنين من المستشارين المساعدين على الأقل.
ويجوز إحداث محاكم استثمار أخرى في باقي مراكز المحافظات بمرسوم بناء على اقتراح المجلس الخاص للشؤون الإدارية ويحدد الاختصاص المكاني لهذه المحاكم بقرار من رئيس مجلس الدولة بناء على اقتراح المجلس المذكور.
ونصت المادة 36 على أن «تختص المحكمة وحدها دون غيرها بالنظر في كل المنازعات –يفترض أن تكتب نزاعات- الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون بين إحدى الجهات العامة أو أكثر وبين المستثمر».
و«للمحكمة الحكم في الأمور المستعجلة، قراراتها بهذا الشأن قابلة للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، وفق الإجراءات والأصول المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة»، وهنا علق العكام بأن «عند النزاع بين المستثمرين نطبق عليهم منظومة القانون الخاص، فما علاقة مجلس الدولة بذلك، الذي يختص بالنظر في الدعاوى الإدارية، أي التي تكون الدولة طرفاً فيها ويطبق منظومة القانون العام».
وأضاف: «يجب أيضاً تقصير ميعاد الطعن ويجب ألا تتجاوز 15 يوماً لطرفي النزاع وذلك لطبيعته المستعجلة، لأنه وفق الإجراءات والأصول المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة تستغرق 60 يوماً».
وتضمنت المادة 36 أيضاً: «إن الطعن بقرارات المحكمة الصادرة في الأمور المستعجلة لا يوقف تنفيذها، إلا إذا قضت دائرة فحص الطعون لدى المحكمة الإدارية بالإجماع بغير ذلك.
وللمحكمة أيضاً الرجوع عن إجراءاتها وتدابيرها وقراراتها المستعجلة بناء على طلب ذوي الشأن في أي مرحلة كانت عليها الدعوى.
وتقبل الأحكام الصادرة عن المحكمة بأساس النزاع الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وفق الإجراءات والأصول المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، ويكون النظر في القضايا المتعلقة بالاستثمار على وجه السرعة، في جميع مراحل التقاضي.
ورأى العكام أن فقرة: «على وجه السرعة في جميع مراحل التقاضي» تتطلب أصول خاصة ومواعيد أقصر مما هي عليه في قانون مجلس الدولة، لكي يكون لهذه الفقرة معنى وتطبيق عملي، أما بصيغتها الحالية فلا معنى لها، ولا تحمل أي التزام».
وبموجب المادة 37 يتم التحكيم الداخلي وفق الآتي: «يسمى رئيس المحكمة رئيس هيئة التحكيم، ويسمي كل طرف محكّمه، وفي حال عدم تسمية كل طرف لمحكّمه، يقوم رئيس المحكمة بتسمية المحكّم».
وهنا تساءل العكام: «ماذا لو كان الطرفان متفقين على تشكيل لجنة التحكيم في صك التحكيم أو في العقود الأساسية لتأسيس الشركة؟»، كما نوّه بضرورة تحديد رئيس المحكمة بإضافة عبارة لتصبح «يسمى رئيس المحكمة التي تنظر بالدعوى…».
وتتابع المادة 37 «..وعلى هيئة التحكيم إصدار الحكم الفاصل في النزاع خلال المدة التي اتفق عليها الطرفان، فإذا لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال مدة 90 يوماً من تاريخ انعقاد أول جلسة لهيئة التحكيم، ويجوز لهيئة التحكيم إذا تعذر عليها الفصل في النزاع ضمن الآجال المذكورة في الفقرة السابقة، تمديد أجل التحكيم لمدة لا تزيد على 45 يوماً ولمرة واحدة».
وتضيف: «إذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار إليه في الفقرتين السابقتين جاز لكل طرف من طرفي التحكيم أن يطلب من محكمة الاستثمار خلال مدة 10 أيام من انتهاء هذا الميعاد تمديد أجل التحكيم لمدة إضافية لا تتجاوز 30 يوماً ولمرة واحدة، وفي هذه الحالة يتم التمديد أو رد الطلب بقرار مبرم تصدره المحكمة في غرفة المذاكرة بعد دعوة الخصوم».
وتتابع المادة 37: «في حال انتهاء أجل التحكيم وفق ما جاء في الفقرات السابقة دون صدور حكم التحكيم، كان لأي طرف من طرفي التحكيم رفع دعواه إلى محكمة الاستثمار ما لم يتفقا على التحكيم مجدداً»، و«للمتضرر مراجعة المحكمة للمطالبة بالتعويض إذا انقضت آجال التحكيم ولم تفصل هيئة التحكيم في النزاع من دون عذر مقبول، وفيما عدا ما جاء في الفقرات السابقة من هذه المادة تطبق على التحكيم الداخلي الأصول المعمول بها لدى مجلس الدولة».