ليون زكي: ارفعوا الدعم عن الخبز والمحروقات تزداد الرواتب 60 بالمئة
| حلب- خالد زنكلو- خاص بـ«الاقتصادية»
أكد الباحث الاقتصادي ورئيس مجلس الأعمال السوري الأرميني ليون زكي أن بمقدور الحكومة زيادة الرواتب ٦٠ بالمئة دفعة واحدة، وذلك من خلال الوفر الذي ستحققه برفع الدعم عن الخبز والمحروقات.
ورأى زكي في حديث لـ «الاقتصادية»، أنه من العدل توجيه دعم الحكومة للخبز والمشتقات النفطية إلى المستحقين الفعليين للدعم بدل إفادة غير المستحقين له منه «إذ يمكن للحكومة زيادة الرواتب للموظفين الحكوميين، والبالغة ١٣٨٠ مليار ليرة سورية في موازنة الدولة للعام الجاري ٢٠١٩، بنحو ٦٠ بالمئة بعد رفع الدعم عن الخبز والمحروقات والذي يكلف الخزينة ٧٩١ مليار ليرة بموجب موازنة العام ذاته، ومن دون أن تتكلف الحكومة أي أعباء أو مصاريف إضافية».
مقابل ذلك، شدد على ضرورة قيام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بدورها وواجباتها لرفع رواتب موظفي القطاع الخاص «ولو بالحدود الدنيا، وإيجاد الآلية والشروط المناسبة لفرض الزيادة «التي من شانها تحريك عجلة الاقتصاد والأسواق لزيادة كتلة السيولة النقدية فيها، ما ينعكس إيجاباً على حجم أعمال القطاع الخاص»، وأشار إلى أن أسعار المواد والسلع قد ترتفع بداية مع زيادة الرواتب إلا أنها ستستقر لاحقاً لتصبح الزيادة في مصلحة الموظفين.
وأشار الكاتب والخبير الاقتصادي ليون زكي إلى أن رفع ذلك الدعم يحل الكثير من المشاكل العالقة «مثل قطع الطريق على المفسدين والمهربين، وتخفيف الضغط وحجم العمل الكبير على الجمارك والتموين ومنع فروقات أسعار تلك المواد ومن دون الحاجة لاعتماد سعر صرف خاص ٤٣٥ ليرة لدعم المواد التموينية».
وعن عمل المصرف المركزي في ظل أزمة انخفاض قيمة الليرة السورية، أكد زكي أن المصرف «يمول شراء المواد التموينية والمواد الأولية والأساسية بالسعر الرسمي بـ ٤٣٥ ليرة ويدفع، مثلاً، مئات المليارات من الليرات لشراء ودعم المحاصيل الزراعية لكن العديد من المزارعين يستخدمونها لشراء العملات الصعبة من دون حاجتهم إليها، الأمر الذي ولد ضغطاً على الليرة عدا الضغوطات الممارسة بحقها من المضاربين». ولفت إلى أن تغطية فاتورة المحروقات تكلف المركزي حالياً نحو 1,2 مليار دولار، على الرغم من الظروف الاقتصادية القاهرة. وكشف عن حرص المركزي وترفعه عن مجاراة سعر صرف السوق السوداء والدخول في منافسة معه بما يلحق ضرراً بالعملة.
وبين أنه، وعلى الرغم من ظروف الحرب والأوضاع الاقتصادية والأمنية المتردية، وخصوصاً في ظل الحصار الاقتصادي الخارجي المفروض على البلاد، تظل سورية أرخص دولة في المنطقة بالنسبة لتكاليف المعيشة كافة «والدليل على ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، التظاهرات التي خرج بها التجار في الأردن أخيراً ومشاكل المعابر إلى لبنان، وكلها للحد من تدفق البضائع السورية الرخيصة المهربة إلى البلدين».
وتساءل زكي: «ما آلية الحكومة للوصول إلى هدف جعل المواد الأساسية المستوردة أنسب وأرخص سعراً من دول الجوار»؟. وأجاب: «لتحقيق ذلك عليها العمل على شقين: الأول، تثبيت سعر استيراد المواد الأساسية بتسعيرة المصرف المركزي الرسمية، أي ٤٣٥ ليرة سورية للدولار الواحد، على الرغم من أن سعر الدولار في السوق الموازي تجاوز أخيراً ٦٣٠ ليرة، وعلى الرغم من عدم وجود أي إيرادات مهمة بالعملة الصعبة لديه لتوفير الدولار بهذا السعر. الثاني: دعم الحكومة للمواد الأساسية مثل الخبز والمحروقات، وهذه معجزة حكومية أخرى».
وأضاف: «لكن السؤال الأهم من ذلك، هل حققت تلك المعجزات الغاية الإنسانية التي وجدت من أجلها، وهل يسعر التاجر المستورد عند استلامه تلك المواد على أساس سعر دولار الـ ٤٣٥ الذي حصل عليه من المركزي أم بسعر السوق السوداء، وهذا ليس مسؤولية المركزي الذي ليس لديه آلية للمتابعة والتحقق، بل هي مسؤولية مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات»، وأبدى اعتقاده بأن معظم التجار المستوردين «وطنيون وشرفاء ويسعرون بالسعر الرسمي، وهذا سبب تهريب تلك المواد إلى دول الجوار والذي هو مسؤولية الجمارك المنتشرين على الطرقات والمعابر الحدودية وليس مسؤولية المركزي أيضاً».
وأعرب عن رأيه بأن عناصر التموين والجمارك يقومون بواجبهم على أتم وجه ويبذلون الجهد اللازم لإنجاح مهامهم «لكن بصراحة، هذه المهام أكبر من طاقتهم، وأشك بإمكانية الوصول إلى هدفهم بأفضل مما هو قائم، ولذلك تتفاوت أسعار بعض المواد الأساسية المستوردة في السوق المحلية بين رخيصة ومرتفعة الثمن بسبب التهريب على الرغم من وجود الجمارك».
وشدد على أنه من حق الموظف ذي الدخل المحدود والمقطوع أن يستفيد من المواد المدعومة. واستطرد قائلاً: «هل من حق جميع المواطنين دون استثناء الإفادة من تلك المواد بالأسعار المدعومة من الحكومة، مثلا هل يحتاج صاحب السيارة الفارهة إلى بنزين مدعوم أو الثري جداً إلى الخبز المدعوم»!؟ لافتاً إلى أن دعم المواد التموينية: «هي فكرة اشتراكية قديمة جداً عندما تم اعتبار كل المواطنين عمالاً وفلاحين، أو على الأقل كل أفراد المجتمع في المستوى الاقتصادي ذاته، لكن في واقع الحال، يعتمد معظم دول العالم على اقتصاد السوق».