الرئيس التنفيذي لبنك الشام أحمد اللحام في حديث لـ«الاقتصادية»: زيادة وتيرة المنافسة بين البنوك في سورية وهذا الأمر إيجابي ويحفز على الإبداع
حاوره: علي نزار الآغا
بثقة ووضوح وتفاؤل، تحدث الرئيس التنفيذي لبنك الشام أحمد اللحام عن واقع المصارف الخاصة العاملة في سورية بشكل عام، وذات الطابع الإسلامي بشكل خاص، مبيناً وجود ثقة في مستقبل القطاع المصرفي السوري، وزيادة وتيرة المنافسة بين المصارف، من دون أن يغفل العديد من النقاط التي تعوق العمل المصرفي وجلها يتمثل بالجانب التشريعي من الأنظمة والقوانين، إضافة إلى العديد من القضايا المتعلقة بالسوق المصرفية السورية، وموقع بنك الشام في السوق، وذلك في حديث خاص لـ«الاقتصادية»، وفيما يلي نص الحوار:
أين موقع بنك الشام الآن بين المصارف السورية من حيث مؤشرات الأرباح في العام 2018 مقارنةً بالعام السابق؟
ارتفع الدخل التشغيلي لمحفظة التسهيلات الائتمانية في العام 2018 قياساً بالعام السابق، وذلك مع توسّع البنك في محفظة التسهيلات وإعادة منح تمويلات مختلفة للأفراد خلال عام 2018. حيث يقدر أن يتجاوز الدخل التشغيلي للمحفظة /4.5/ مليارات ل.س. كما ارتفعت نسبة مساهمة المحفظة لتصل إلى ما يقارب (70 بالمئة) من الدخل التشغيلي للبنك، ويترافق ذلك مع انخفاض نسبة المديونيات المتعثرة في المحفظة لتكون الأقل على مستوى القطاع المصرفي السوري على الإطلاق (مصارف عامة وخاصة، تقليدية وإسلامية)، الأمر الذي سينعكس على ربحية البنك وحصة السهم من صافي الربح التي من المتوقع أن تشكل أرباح العام 2018 رقماً قياسياً لبنك الشام.
ما تقييمكم لواقع المنافسة بين المصارف في سورية اليوم؟
نلاحظ زيادة وتيرة المنافسة بين البنوك في سورية، وهذا الأمر إيجابي لأنه يحفّز على الإبداع وابتكار خدمات ومنتجات جديدة، ما يخدم المواطنين والتجار، فكما تعرفون أن هناك ارتباطاً ما بين نمو أي اقتصاد ونمو القطاع المصرفي، فكلما زاد حجم الاقتصاد أصبح من الضروري زيادة حجم الائتمان ووسائل الدفع وتسوية المعاملات التجارية؛ أي زيادة حجم القطاع المصرفي، ومع ذلك لا أعتقد أن المنافسة الحالية بين البنوك كافية، فمن الناحية النوعية يحتاج الأمر إلى إخراج نوع من البنوك المتخصصة مثل البنوك الاستثمارية، العقارية، الصناعية.. إلخ، ما أريد إيضاحه هو أنه برغم جودة القطاع المصرفي السوري وأمانه وما لديه من قدرات مالية وإدارية، مازلنا بحاجة إلى إشاعة المنافسة الجادة بين المصارف لكي تستطيع أن تبدع أكثر وتقدم خدمة أفضل للاقتصاد الوطني والمتعاملين.
كيف ترون مستقبل العمل المصرفي في سورية قياساً إلى المعطيات الراهنة وخاصة الصيرفة الإسلامية؟
لقد زادت ثقتنا بمستقبل القطاع المصرفي في سورية، ونؤمن أن هناك مزيداً من الفرص لتحقيق نتائج إيجابية في السنوات المقبلة، وبحسب المثل الدارج «فإن الضربة التي لا تكسر تزيد من القوة!»، وعليه وفي ظل صمود القطاع المصرفي على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي عصفت به خلال السنوات الماضية فإننا على ثقة بأن السنوات المقبلة ستكون سنوات خير بإذن اللـه على المصارف السورية والاقتصاد السوري عموماً.
ما معوقات العمل المصرفي في سورية، والصيرفة الإسلامية على وجه التحديد؟
لا يمكن أن نغفل ارتباط الاقتصاد والمصارف، وهناك تحديات تمثّل عائقاً للمشاريع الاستثمارية والأعمال التجارية مثل سن التشريعات أو ثباتها، بالإضافة إلى أن معظم الشركات الخاصة غير قادرة على توسيع نطاق أعمالها واستثماراتها والتوجه نحو الدخول إلى سوق الأوراق المالية، ما أدى إلى زيادة اعتمادها على المصارف لاستكمال مشاريعها الاستثمارية، أما على صعيد المصارف الإسلامية على وجه الخصوص فنحن نلحظ غياب الثقافة المصرفية الإسلامية عند شريحة واسعة من المتعاملين لخصوصية العمل المصرفي الإسلامي.
ما سبب استقطاب البنوك الإسلامية أكبر عدد من المساهمين؟
بالفعل هناك شريحة واسعة من المجتمع تفضّل التعامل مع المصارف الإسلامية، ليس فقط على صعيد الاستثمار بالأسهم، بل أيضاً الاستفادة من المنتجات والخدمات المصرفية لأن البنك الإسلامي يعتمد على صيغ تمويل متعددة مثل المضاربة والإجارة والاستصناع وبيع السلم والبيع بالتقسيط وغيرها من الصيغ التي تساعد على تلبية احتياجات الجمهور بشكلٍ يضمن عدم حدوث أي غبن أو خداع، فيعلم المتعامل مسبقاً هامش الربح الذي حققه البنك ولا يتغير الربح بزيادة المدة أو في حال تعثّر المتعامل عن السداد لأي سببٍ كان، إضافة لكون الصيرفة الإسلامية ترتبط بالاقتصاد الحقيقي، بحيث يقدم البنك الإسلامي أدوات تمويل واستثمار قائمة على أساس البيع والشراء الفعلي، كما تحظى البنوك الإسلامية برقابة أكثر صرامة من نظيره التقليدي تتمثل بهيئة الرقابة الشرعية، ولا ننسى أن البنوك الإسلامية تعزز من دور المودعين والمستثمرين على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة، كما أشدد على أن البنوك الإسلامية لا يقتصر دورها فحسب على تحقيق مصالح مالكي الأموال أو الالتزام بالضوابط الشرعية، ولكن يضاف إلى كل ذلك ركيزة مهمة وهي مراعاة حق المجتمع في هذه الأموال من خلال الضلوع بالدور الاجتماعي سواء من خلال برامج مسؤولية اجتماعية أم صندوق الزكاة أو القرض الحسن.
ينظر للإقراض السكني أنه بعيد عن الواقع في ظل الأسعار المرتفعة للعقارات مقارنة بمستوى الدخل، ما رأيكم بذلك؟ وكيف يمكن معالجة الأمر؟
معالجة الأمر تتطلب تضافر عدة جهات منها الحكومة والمصارف والمسؤولون عن قطاع العقارات والإسكان للتأثير في العرض والطلب في سوق العقارات من جهة وتخفيض سعر العقار إلى مستوياته الطبيعية، وبالوقت نفسه رفع قدرة المواطن على الاقتراض العقاري من حيث تخفيف كلف الإقراض وتخفيف العبء المالي الشهري للمواطن، بالإضافة إلى ضرورة وضع سياسات استثمارية وتطوير منتجات استثمارية تغني شريحة من طالبي العقارات بقصد الاستثمار، وكذلك تطوير المصارف لمنتجات مصرفية طويلة الأجل، وإقرار المخططات التنظيمية في المدن الرئيسية والمشاريع والضواحي لزيادة العرض في سوق العقارات، بهذا السياق نؤكد أن منتجات البنوك الإسلامية تفيد بذلك ولاسيما في مجال «الإيجار المنتهي بالتمليك».
كيف يمكن للمصارف أن تقترب أكثر من احتياجات الناس، من خلال منتجات تلبي احتياجاتهم وقدرتهم الإيفائية في ظل انخفاض القدرة الشرائية للدخول؟
باشرنا بذلك فعلاً منذ العام الماضي بإطلاق منتجات تمويل الأفراد تتناسب مع مختلف شرائح الدخل وفئات المجتمع، فقد أطلق بنك الشام حملة «الغالي بيتقسطلك» التي تضم مجموعة واسعة من منتجات التمويل الشخصي مثل تمويل الأجهزة الإلكترونية والكهربائية والطبية والخلوية، بالإضافة إلى تمويل شراء أو بناء أو ترميم أو إكساء العقارات، كما حرص بنك الشام على إطلاق منتج «كبّر مشروعك» الذي يستهدف تمويل المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم.
ما الدور الذي تطمحون إليه في بنك الشام خلال إعادة الإعمار؟
منذ عام 2016، كان بنك الشام أول من آمن ببداية تعافي الاقتصاد السوري، وذلك بفضل انتصارات الجيش العربي السوري على مختلف الجبهات بدءاً من حلب العاصمة الاقتصادية والصناعية لسورية وصولاً لدرعا وإعادة فتح معبر نصيب الحدودي، ما بشّر ببداية عودة الحياة الاقتصادية الطبيعية لمعظم المحافظات السورية؛ لذا سارع بنك الشام لإعادة افتتاح فروعه في صحنايا ودرعا، كأول مصرف خاص يعاود تقديم خدماته في محافظتي ريف دمشق ودرعا. وانطلاقاً من هذه الرؤية؛ يمكننا اعتبار أن مرحلة إعادة الإعمار قد بدأت، والتوسع المرتقب في إعادة الإعمار يجعل لزاماً على المؤسسات الاقتصادية عموماً والمصارف خصوصاً ومنها بنك الشام الاستعداد من خلال تجهيز منتجات تمويلية للشركات والأفراد تتناسب مع متطلبات هذه المرحلة تتسم بالمرونة والآجال الطويلة، وبالوقت ذاته تطوير منتجات مصرفية لاستقطاب الاستثمارات والمدخرات ليعاد ضخها بالقطاعات الإنتاجية لتسريع عجلة الاقتصاد ووتيرة إعادة الإعمار بشكل فاعل وبما يحقق أهداف التنمية المستدامة.
هل من منتجات يمكن العمل عليها لتناسب متطلبات إعادة الإعمار؟
نعم، يتجه بنك الشام نحو المساهمة بقوة في عملية إعادة إعمار المدن والمناطق التي شهدت استقراراً أمنياً سواء بالمساعدة في تمويل المشاريع الخاصة بها أو إعادة افتتاح فروع كما أسلفت، وبالتأكيد نفخر بأننا نملك منتجات واسعة خاصة في مجالات تمويل المشاريع الصناعية والتجارية وتمويل الأفراد والشركات، بالإضافة إلى منتج شراء أو ترميم أو بناء أو إكساء العقارات الذي تحدثنا عنه في سؤالٍ سابق، وذلك مساهمةً من بنك الشام في تنمية المجتمع وتلبية احتياجاته ليكون بنك الشام أحد الشركاء الأساسيين في النهضة الاقتصادية، وبالطبع فإن مرونة منتجات الصيرفة الإسلامية تساعد على التوسّع وطرح منتجات جديدة تلبي متطلبات إعادة الإعمار.