العناوين الرئيسيةشؤون محلية

هل الصناعة هي الحل؟ … الصناعيون يطالبون بإعادة تفعيل القرار 52 الخاص بتوجيه الإقراض نحو الصناعة والزراعة

الشهابي: تجاوب الفريق الاقتصادي جزئي وأتى متأخراً.. لكننا نشجعه وندعو إلى المزيد

| هناء غانم

في كل مرة يقف فيها الصناعيون وجهاً لوجه مع الحكومة ليفردوا ما في جعبتهم من أوراق وهموم لا تغيب الثقة بأن الحكومة لن تخذلهم هذه المرة، رغم أن كل المعطيات تؤكد أن هناك حلقةً مفقودةً بين الحكومة والصناعيين، وأن ظهور بوادر للتصحيح وإصدار قرارات وتشريعات وإجراءات تكون ملزمة للجميع أصبح أمراً ملحّاً، على اعتبار أن الصناعة هي المحرك الأساس للتنمية، ويعوّل عليها الكثير، ويبدو أن الحكومة هذه المرة بدأت تتلمس الطريق الصحيح، من خلال الاجتماعات المكثفة مع الصناعيين والتجار أيضاً، وإصدار العديد من القرارات التي يفترض أن تدعم عملية التصنيع والتصدير بشكل رئيس.
وفي هذا السياق، قدم اتحاد غرف الصناعة إلى الحكومة رؤية متكاملة لتعافي الاقتصاد الوطني، وليس الصناعة فقط، معتبراً أن تطبيقها سوف يكون نقطة تحول مهمة أمام الصناعة بتحويلها إلى قوة رائدة ومنصة إستراتيجية.

وصرح رئيس اتحاد غرف الصناعة فارس الشهابي لـ«الاقتصادية» بأن تجاوب الفريق الاقتصادي الحكومي أتى متأخراً لطلبات محقة تقدمنا بها منذ سنوات، مضيفاً: «إنه تجاوب جزئي، ولكننا نشجعه، وندعو إلى المزيد منه».
وتابع الشهابي: «هناك العديد من الطلبات المرنة التي نستغرب عدم تلبيتها حتى الآن، واستكمالها بحزمة من القرارات أهمها إعفاء المناطق المتضررة من الغرامات والرسوم وجدولة القروض المتعثرة واستكمال إجراءات بدائل المستوردات، وبشكل خاص الصناعات النسيجية بكاملها، إضافة إلى تطوير منظومة دعم الصادرات مثل حماية الصناعات النسيجية التي تشكل نصف الصناعات السورية وتوسيع منظومة دعم التصدير وتخفيض كلف الإنتاج والنقل والإقراض ومحاربة التهريب عبر المعابر.. وغيرها».

وبالعودة إلى الرؤية التي تقدم بها اتحاد غرف الصناعة للحكومة (تلقت «الاقتصادية» نسخة منها) فقد أكدت بدايةً على ضرورة بناء صناعة تنافسية قوية قادرة على الصمود والنمو بشكل تراكمي مستمر في الأسواق المفتوحة المحلية والخارجية، ما يتطلب خطوات تحفيزية حمائية ذكية ومؤقتة تعيد بناء الثقة الاستثمارية بمعايير دولية عصرية.
ولتحقيق ذلك، لابد من إعادة تأسيس منظومة العمل الاقتصادي بشكل متكامل وواضح، تكون كل الأولويات فيه لتوجيه طاقات المجتمع نحو الإنتاج بأنواعه وأشكاله ونحو التصدير، وذلك هو أفضل الاستثمارات وأرخصها وأكثرها ربحاً واستقراراً وضماناً.
وتؤكد الرؤية أهمية إلغاء جميع الغرامات والفوائد على المكلفين في المناطق المتضررة، وإعفاء المكلفين عن عام 2016 وما بعد من غرامات التأخير، علماً أنه تم تكليفهم في عام 2019.
ومن أبرز ما تضمنته المطالب في الرؤية معالجة الثغرات الموجودة في المرسوم 11 الخاص بالإنفاق الاستهلاكي، حيث يتم فرض الإنفاق على المواد الأولية عند الاستيراد والقيمة المضافة يتحملها المستهلك وليس المُصنّع، وكذلك إعفاء الصناعات التصديرية مع تأكيد إيجاد تشريع ضريبي خاص بالمناطق المتضررة ومنحه الإعفاءات اللازمة للمساهمة في إعادة إقلاعها، وزيادة مبالغ دعم التصدير وتوسيع الشرائح المستفيدة منها.
إضافة إلى تخفيض نسب الشرائح الضريبية للأرباح الصافية، مع منح الصناعيين مهلة عامين لتسديد الذمم المالية المترتبة لفواتير الكهرباء والتريّث بتحصيلها إلى حين إقلاع المنشآت بعد إعفائهم من جميع الغرامات والفوائد والرسوم للمبالغ المستحقة على فواتير الكهرباء، وإصدار تشريعات جديدة للحدّ من تأثير قانون «سيزر» الأميركي، ودعم المنتج الوطني، وقبول قصر الحجز الاحتياطي للقروض المتعثرة بما يضمن حق الدولة والسماح للصناعي بالتصرف بجزء من ممتلكاته ليتمكن من تسديد القروض المترتبة على المنشأة وتمويل إعادة الإنتاج.
إضافة إلى ربط الاستيراد بالتصدير من خلال بيع جزء من القطع الناتج عن التصدير لمصلحة المستوردين لبعض السلع ذات الأهمية، وإيقاف تمويل المستوردات نهائياً لجميع البضائع، وفي الوقت ذاته التشدد بمنح إجازات الاستيراد واقتصارها على المواد الأولية لتنشيط عجلة الإنتاج والسلع الأساسية غير المنتجة محلياً، والاهتمام بتصحيح سعر الصرف، وخاصة للحوالات الواردة إلى القطر، وإعادة تفعيل مكاتب الحوالات، والتخفيف من الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها وزارة المالية لتحصيل بعض المبالغ المترتبة على الصناعيين، كإلغاء إجراء منع السفر بحقهم، إضافة إلى وضع ضوابط لعملية الإقراض بالليرة السورية، حيث تكون الغاية منها تنموية وليست للمضاربة كما هو الحال في الوضع الراهن.

مالية ونقدية

تقدّم اتحاد غرف الصناعة بعدة مقترحات لدعم العملية الإنتاجية وتنشيط الأسواق ضمن سياسات مالية ونقدية مشجعة للتعافي والنمو تتعلق بأهمية إصلاح النظام الضريبي، حيث تكون التشريعات شاملة وعصرية ومرنة تلغي الضرائب النوعية وتستبدله بالضريبة العامة الموحدة على الدخل، وتفعيل القرار 52 المتضمن منح التسهيلات الائتمانية على أن توجه هذه التسهيلات لقطاعات الصناعة والزراعة.
وكما اقترح إحداث صندوق إقراض وطني بفائدة تشجيعية لا تتعدى 7% سنوياً، وممكن أيضاً تخفيض فوائد القروض المخصصة لبناء وترميم وتشغيل المصانع إلى 7% أو ما دون لمدد زمنية تتراوح بين 5 حتى 15 سنة، واعتماد أصل الدين وحصر الحجوزات الاحتياطية والتنفيذية بحجم الدين وتحمل المصارف المقرضة نصف المخاطر الناتجة عن الإرهاب، إضافة إلى الإسراع بإصدار مرسوم القروض المتعثرة الجديد وتفعيل عمل هيئة ضمان مخاطر القروض، والإسراع بإصدار قانون اتحاد المصارف السورية وتشكيل لجنة تسليف من المصرف المركزي والمصارف الأخرى واتحاد غرف الصناعة، وإعادة تفعيل القرار 405 الصادر عن وزارة المالية المتعلق برد الرسوم الجمركية والضرائب الأخرى المستوفاة عن المواد الأجنبية الداخلة في صنع المنتجات الوطنية كلياً أو جزئياً، وذلك عند إعادة تصديرها إلى الخارج.

صناعة وتجارة

وبخصوص مقترحات الاتحاد حول دعم التجارة والصناعة، فقد تمَّ تأكيد طرح قانون عصري جديد لتنظيم الصناعة الوطنية بدل القانون 21 القديم لعام 1958، والاستمرار بمكافحة التهريب وبسياسة تأمين بدائل المستوردات، ومنع استيراد الأقمشة النسيجية كافة التي تصنّع محلياً، ومنح جميع الإعفاءات والمحفزات لتوطين وحماية صناعة خطوط الإنتاج، إضافة إلى دعم الشحن وتبسيط إجراءات التصدير، وتسهيل عملية انتقال الأشخاص والأموال والبضائع وتحقيق الإنتاج المنافس والنوعي ذي الجودة العالية عن طريق تأسيس المركز الوطني للرقابة على المستوردات والصادرات وربطه بالمخابر الوطنية ومراكز الاختبارات والأبحاث، وتأسيس مركز للتنمية الصناعية وتبني إجراءات الحماية الذكية والتحفيزية لكل ما ينتج محلياً.
وتضمنت رؤية الاتحاد مقترحات بإصدار التشريعات المشجعة للعمل الصناعي التي تسهم في تسهيل وتسريع عمليات الإنتاج من خلال تبسيط كل الإجراءات وترشيد استيراد المنتجات المماثلة للصناعات المحلية قانون 42 لعام 2006، ومعالجة صعوبات قطاع النسيج بتحسين نوعية الغزول والأقطان غير الجيدة، وخاصة أن انقطاع التيار الكهربائي المتكرر على الآلات في مراحل الإنتاج يؤدي إلى سوء النوعية، والسماح للمنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر بالحصول على تراخيص، واعتماد قوائم المصدرين الذين يصدرون من خلال مكاتب الشحن للحصول على دعم هيئة وترويج الصادرات.

الإدارة المحلية والبيئة

طالب الاتحاد بتسوية مخالفات البناء في المنشآت الصناعية غير المتجاوزة على الأملاك العامة، ودراسة إمكانية مهلة 4 سنوات لتسديد الدفعة الأولى لثمن المقاسم في المدن الصناعية، وتقسيط بقية الأقساط، وذلك للصناعيين أصحاب المنشآت المدمرة والمتضررة بفعل الإرهاب، والعمل على دعم جميع الصناعات من خلال عائدات التصدير ورفعها إلى 18% من حجم الصادرات، وذلك حسب الأولوية التي تحقق قيمة مضافة 60% من منشأ وطني لتشجيع الصناعيين على التصدير، على أن تدفع نقداً فور تقديم وثائق التصدير للبنك المركزي.
وتضمنت المقترحات أيضاً دعم حوامل الطاقة، وتقديم الدعم اللازم للمشاريع الإستراتيجية ذات الرأسمال الكبير التي تحسن من الواقع المعيشي والاستهلاكي للسكان، وتعديل المرسوم التنظيمي 2680 لعام 1977 الخاص بالتراخيص الإدارية، واقتصار موافقة الوحدة الإدارية على الموقع العام، وترك كل ما يتعلق بتفاصيل الآلات والتجهيزات وخطوط الإنتاج والطاقة الإنتاجية وإضافة واستبدال الآلات وتغيير نوع الصناعة إلى مديريات الصناعة، إضافة الى تفويض الوحدات الإدارية بمنح التراخيص اللازمة لإقامة المشروع من الصنفين الثاني والثالث وعرضها على المكتب التنفيذي لغرض أخذ العلم، إضافة إلى تبسيط إجراءات العمل من خلال تسهيل الحصول على التراخيص اللازمة للمنشآت والتجمعات الصناعية لاستقرار إنتاجها مثل الترخيص الإداري وتسوية مخالفات البناء وغيرها من الوزارات والدوائر التي لها علاقة مباشرة بالصناعيين، ومناقشة إمكانية تعديل البلاغ رقم 4/15/ب لعام 2017 الذي مدد بالبلاغ 7 لعام 2018 بما لا يمس بالأسس التنظيمية والبيئية المعتمدة لمعالجة المنشآت الصناعية المتناثرة القائمة والمستثمرة وغير الحاصلة على الترخيص المؤقت خارج المخططات التنظيمية مع دراسة تسوية مخالفات البناء في المنشآت الصناعية غير المتجاوزة على الأملاك العامة وإعادة النظر بنظام ضابطة البناء ليكون عادلاً.

توصيات اقتصادية

إضافة إلى تلك المطالب، وغيرها مما تضمنته الرؤية كانت هناك توصيات شاملة تسهم في تعافي الاقتصاد الوطني، وتتركز على إعادة العمل بإجراء اتفاقيات ثنائية مع الدول الصديقة والتعامل بالعملات المحلية لتجاوز العقوبات الاقتصادية، وتفعيل دور مجالس الأعمال مع تلك الدول، واستصدار مرسوم بإعفاء المعامل المتضررة التي دمرت كلياً أو جزئياً من رسوم نقابة المهندسين ورسوم البلدية وفوائد القروض وكل الرسوم الأخرى، في حال إعادة بنائها إلى ما كانت عليه قبل تدميرها من العصابات الإرهابية، وتيسير تمويل المشاريع الصغيرة عبر طرح قروض بفوائد رمزية وبشروط ميسرة وتقسيط مريح.
وتضمنت التوصيات أيضاً تسهيل النقل والتجارة مع الدول المجاورة، وتخفيض تكلفة النقل البري والبحري والجوي، والعمل على جذب الاستثمارات السورية الخارجية كأولوية حكومية حالية، عبر حل مشاكل القروض القديمة العالقة، وغيرها من معوقات العمل، وتطوير وأتمتة نظام الضرائب، وتطوير قانون الجمارك، إضافة إلى تحسين سبل الوصول إلى الأسواق الخارجية ودعم وتنشيط الابتكار والبحث العلمي وربطه بقطاع الأعمال عبر محفزات خاصة، كذلك دعم البرنامج الوطني للجودة وتوسيع عمله ونشر ثقافته بالتعاون مع الغرف الصناعية وإنشاء مركز تحديث الصناعة وإدارة البرامج، وتفعيل دور شركات الصرافة بإعادة أموال قيمة المواد المصدرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى