برنامج دعم سعر الفائدة… ما له وما عليه؟
|د. علي محمود محمد
لا شك أن دعم العملية الإنتاجية مطلبٌ مُلحّ جداً للاقتصاد السوري، ولطالما كُتبت عنه صفحات، وصدر بشأنه الكثير من التوصيات، ولعلّ منح التمويل الكافي لها من أولويات تشجيع وإقلاع العملية الإنتاجية، ويأتي تخفيض تكاليف هذا التمويل من ضرورات قبوله وأساس فعاليته، لما لتكلفة الأموال المقترضة من تأثير مهم في عمل أي مشروع وربحيته وقدرته على سداد أعباء الدين عليه، وكذلك على قدرته على استخدام هذا التمويل في شراء مستلزماته السلعية أو الرأسمالية، وكذلك في تمويل رأس ماله العامل.
ونظراً لذلك أطلق برنامج دعم أسعار الفائدة في عام 2019 وفق الاتفاق الإطاري الموقع بين هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات، وبين جميع المصارف العاملة في البلد بهدف تخفيف أعباء الدين على الصناعي أو المنتج لبعض المشاريع المستهدفة من الحكومة، وكذلك بعض المنشآت الصناعية في كل المحافظات المتضررة بسبب الإرهاب، والمتوقفة عن العمل، والتي يمكن أن تعود للإنتاج عند التأهيل والترميم، إلا أن المتابعة المستمرة لنتائج هذا البرنامج والتكاليف التي تتحملها الخزينة العامة لقاء ذلك، يتطلب تدقيقاً بجدواه وبالقيمة المضافة التي تضيفها هذه المشروعات المدعومة بسعر الفائدة إلى الاقتصاد السوري والناتج المحلي الإجمالي بشكل عام، وهذا ما لا يمكن التكهن به لكون إحصائيات وزارة الاقتصاد لا تتضمن سوى عدد المشاريع المستفيدة من ذلك ومبالغها، في حين توضح وزارة المالية شكل الدعم، سواء لترميم وتأهيل المباني أم استبدال وشراء الآلات، أو تمويل رأس المال العامل أو تمويل رأس المال العامل والثابت معاً، في حين لا معلومات عن المراحل التي وصلت لها هذه المشاريع، ولا عن مخرجات العملية الإنتاجية التي قاموا بها، سواء على الصعيد الزراعي أم الصناعي، والتي دُعمت بكتلة تقدر بنحو 13,4 مليار ليرة سورية لغاية شهر أيار من العام 2024 (10 مليارات ليرة سورية لنهاية العام 2023 بحسب تصريحات صحفية لوزارة الاقتصاد، و3.4 مليارات ليرة سورية منذ بداية العام 2024 ولغاية 07/05/2024 بحسب تصريح رئيس الحكومة أمام مجلس الشعب).
ومن ناحية أخرى، فإن النقاط المدعومة من سعر الفائدة والبالغة 7 نقاط تعتبر جيدة جداً بلا شك للمقترض الصناعي أو الزراعي، ولكن بمقارنة بسيطة مع سعر الفائدة المفروض بموجب قرارات مصرف سورية المركزي نجد أن نقاط الفائدة المتبقية نتيجةً لأسعار الفائدة المرتفعة اليوم أضحت مرهقة، فعندما كان سعر الفائدة على الودائع سابقاً يتراوح بين 7-9 بالمئة، كان متوسط سعر الفائدة على القروض والتسهيلات الائتمانية يصل لنحو 13-14 بالمئة، وبالتالي فالمقترض يتكبد نحو 7 بالمئة كأعباء دينه، والتي كانت تعتبر معقولة نوعاً ما، ولكن منذ تاريخ 03/04/2024 تم رفع سعر الفائدة على الودائع لتصبح 11 بالمئة بالحد الأدنى، ما يعني رفعاً للتكلفة على المصارف، ومن ثمّ رفعاً للفائدة على القروض والتسهيلات الائتمانية لتتراوح بين 18-22 بالمئة، وبالتالي أضحى المقترض المستفيد من برنامج دعم أسعار الفائدة يتكبد فائدة بنسبة 11 بالمئة بالحد الأدنى والتي تشكل عبئاً لا بأس به، وهذا يحتم على برنامج دعم الفائدة القيام برفع نسبة الدعم لتغدو 10 نقاط على الأقل، ليحقق البرنامج غايته المنشودة والتي لا نعرف مخرجاتها كما ذكرنا آنفاً.
فبحسب البيانات الصادرة عن وزارة الاقتصاد، فقد استفاد من البرنامج لغاية نهاية العام 2023 نحو 433 مستفيداً في القطاع الزراعي والصناعي، حيث بلغ عدد المستفيدين في القطاع الزراعي نحو 381 مستفيداً بقيمة دعم 5,7 مليارات ليرة سورية في مشاريع تشغيل وتأهيل المداجن والمباقر وتربية الأغنام والنحل والجرارات الزراعية، فيما بلغ مستفيدو القطاع الصناعي نحو 42 مستفيداً بقيمة دعم بلغت 4,2 مليارات ليرة سورية في مشروعات إنتاج الأسمدة والأدوية والبطاريات والورق والسيراميك والإسمنت وغيرها، إضافة إلى تأهيل بعض المنشآت الصناعية المتضررة في حلب.
وبناءً عليه، ولنجاح الهدف المنشود من البرنامج يجب دراسة جميع المستفيدين منه، بحيث تتم دراسة حجم استفادة كل مشروع من البرنامج، ودراسة مخرجات كل مشروع على حدة، وحجم القيمة المضافة التي يحققها للاقتصاد الوطني، وهذا ما تقول الحكومة بأنه مُنجز وبأن ما يتم استهدافه هو المشروعات والقطاعات ذات الأولوية للاقتصاد، وبأن اختيارها كان وفق معايير تتماشى مع أولويات المرحلة الاقتصادية وفق 38 برنامجاً فرعياً، إلا أن ما يصلنا كمتابعين يبقى في إطار عرض جزء من المعلومات، في حين تبقى المعلومات والبيانات الأهم غائبة عنا تماماً.