دراسة لاستثمار خارج حرم الطرق لمحطات شحن السيارات الكهربائية… تريليون و 500 مليار ليرة أضرار الحرب المباشرة على طرق سورية مدير عام مؤسسة المواصلات الطرقية لـ«الاقتصادية»: الحمولات الشاذة تحدث تشوهات جسيمة في الطرق وغرامات رادعة قريباً
| شادية إسبر
تلعب شبكة طرق المواصلات الدولية دوراً محورياً اقتصادياً، إن كان للربط بين المحافظات أو مرور قوافل النقل عبر سورية كعقدة مواصلات إستراتيجية بين آسيا وأوروبا، فسورية واجهة آسيا على البحر المتوسط، والطرق الدولية التي تعبر بها تعطيها دوراً مهماً اقتصادياً وسياسياً، لذا فإن الاهتمام بشبكة الطرق المركزية حاجة لا تقل أهمية عن باقي متطلبات الاقتصاد، إضافة لأهمية ذلك في السلامة المرورية والأمان الاجتماعي.
تعرضت شبكة الطرق المركزية في سورية لأضرار جسيمة خلال سنوات الأزمة، وكان العمل على تقطيعها في بنك أهداف الإرهاب وداعميه، كإحدىأدوات الحرب العسكرية الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، حيث تضررت 20 بالمئة من طول الشبكة، وتعرضت أوتوسترادات دولية وطرق رئيسية متفرعة وجسور إستراتيجية لتدمير ممنهج، بأضرار مباشرة بلغت 1500 مليار ليرة سورية، فكانت عمليات الإصلاح والترميم على سلم أولويات ما بعد التحرير، والـ 20 بالمئة المتضررة تمت معالجتها كاملة وإعادتها للخدمة.
96 كم مصانة
حركة نشطة شهدتها الفترة الماضية نتج عنها صيانة 96 كم من الشبكة الطرقية المركزية، بمجبول إسفلتي بلغ 48 ألفاً و38 متراً مكعباً، والعمل متواصل في هذا الجانب وفق الخطة الموضوعة، لكن عودة العمل بالمشاريع التي كانت متوقفة خلال السنوات الماضية والتوسع وإحداث مشاريع أخرى يبدو بطيئاً تحت ضغط تحديات كثيرة أبرزها الاعتمادات وفارق الأسعار، فما الذي يجري في العمل الإسعافي؟ وما الذي يعيق خطة العمل في بناء إستراتيجية إدارة الشبكة الطريقة؟
في حوار موسع مع مدير عام المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية جريس البشارة حصلت «الاقتصادية» على إجابات مدعمة بأرقام مهمة لأسئلة كثيرة، تظهر عملاً جباراً وسط تحديدات هائلة ومسؤوليات كبيرة.
بطول 9052 كيلومتراً تمتد شبكة طرق مركزية، منها 1610 كيلومترات أوتوسترادات وفق ما أكد البشارة، موضحاً أن المؤسسة مسؤولة عن الطرق المركزية فقط التي تربط بين مراكز المدن والمحافظات والمعابر الحدودية والمناطق ذات الأهمية الخاصة، أما باقي الطرق فتتبع لوزارة الإدارة المحلية، حيث يتوزع العمل على 3 اتجاهات، الصيانة والحفاظ على الرصيد الطرقي وتأمين سلامة مستخدميه، ومن ثم المشاريع المنشأة حديثاً المضافة للشبكة وهي إما إضافة طريق جديد أو عقدة طرقية أو جسر أو معبر.
وأضاف البشارة عن أعمال الصيانة الحالية بأنها تتضمن أموراً ثلاثة، التعبيد والتزفيت لمعالجة عيوب الشبكة كالشقوق والتخددات والحفر والزحف، وتأمين التصريف المطري على كامل الشبكة، إضافة لأعمال النظافة، وأحياناً أعمال صيانة إنارة لمداخل المدن.
نسبة تنفيذ الخطة 64 بالمئة
عن خطة العام الجاري، أوضح البشارة أن المؤسسة قامت بجرد كل عيوب الشبكة الطرقية على جميع المحاور من خلال فروعها المتوزعة على 13 فرعاً، وتم تحديد الأولويات لتخطيط العيوب الأكثر خطورة، لمعالجتها بالطرق والأساليب الصحيحة التي توفر الأموال وتؤمن الخدمة المطلوبة، كاشفاً أن نسبة التنفيذ من خطة المؤسسة لغاية نهاية الشهر الماضي (31 تموز) بلغت 64 بالمئة.
وبتفصيل أكثر بيّن البشارة أن كميات الأعمال المنفذة بلغت 48 ألفاً و38 متراً مكعباً من المجبول الإسفلتي، و35 ألفاً و418 متراً مكعباً كأعمال ترابية، 395 ألفاً و734 كيلوغراماً طبقة MCO، إضافة إلى 2487 متراً مكعباً من البيتون، و882 عباراة، و3 آلاف و783 حاجز أمان، و52 ألفاً و526 كغ شوايات، في حين بلغ حديد التسليح 24 ألفاً و846 كيلوغراماً.
وبشأن الطرق المنجزة صيانةً منذ بداية العام، قال البشارة: أنجزنا صيانة 96 كم من الشبكة الطرقية المركزية موزعة على مختلف المحافظات من أبرزها، طريق دمشق- حمص القديم، الضمير -التنف، أوتوستراد دمشق- درعا القديم- درعا – الحدود الإدارية، إضافة لصيانة أوتوستراد دمشق- حمص- ودمشق بيروت القديم والجديد- وطريق المطار الدولي، وشمالاً تمت صيانة أوتوستراد حلب – الرقة – حماة – إدلب، وأوتوستراد حمص- طرطوس ذهاباً وإياباً، كما تمت صيانة مواقع متفرقة ضمن حماة على المحاور التالية، حماة – مصياف، مصياف – وادي العيون مصياف- القدموس، مصياف -حمص، مصياف – الدريكيش، حماة- السقيلبية، وادي العيون- الدريكيش، نهر البارد- جسر الشغور.
عملية قص وترقيع
5 بالمئة بدلاً من 20 بالمئة
بحسب الكودات يفترض أن تغطي المؤسسة 20 بالمئة من طول الشبكة كصيانة سنوية، أي أكثر من 1800 كيلومتر سنوياً، لكن ضمن الإمكانات الحالية نقوم بتغطية 5 بالمئة فقط وفق البشارة، الذي تحدث بأنه: بحسب ما هو متوافر نقوم باتباع إستراتيجية أخرى للمعالجة وهي المعالجة الموضعية، إذ يتم القص والترقيع لموضع العيب في الطريق، ولا نقوم بإجراء مقطع كامل، لهذا نشاهد تلك الترقيعات «الشطرنجية» على الطرقات، وهذا بمنزلة حلول إسعافات أولية.
حال المؤسسة العامة للمواصلات كحال باقي المؤسسات، عملٌ وسط تحديات كثيرة وصعوبات متشابكة وبحث عن حلول ومقترحات، أخذت مساحة من حوار «الاقتصادية» مع مدير عام المؤسسة، فعدم رصد الاعتمادات اللازمة لتغطية آثار ارتفاع الأسعار، ومشكلة المحروقات بكمياتها وأسعارها همّ مشترك وتحدّ للجميع، في حين تبرز مشكلة التعديات على حرم الطرق المركزية والزحف العمراني، التي أوضح البشارة بخصوصها أن التعدي يكون أحياناً على مجرى سيل وأماكن التصريف المطري ما يؤدي إلى حدوث اختناقات تؤثر على البنية التحتية للطرق.
وعن حل هذه الإشكالية أضاف: حسب القانون 26 للعام 2006 الناظم لحماية الطرقات من التعديات، نقوم بتبليغ الجهة صاحبة المخالفة بشكل خطي كما نقوم بتبليغ المحافظ الذي تتبع له المنطقة لكونه المعني بإزالة المخالفات، ونحن نقوم بحصرالتعديات كافة ونثبتها، معرباً عن أمنيته بضبط هذه الحالة بالتعاون مع الجهات الأخرى، لما لها من إثر كبير على السلامة المرورية والتصريف المطري.
حمولات شاذة وغرامات رادعة قريباً
وبشأن ظاهرة الحمولات الشاذة، أكد البشارة أنها من أكثر الأشياء التي تؤدي إلى حدوث تشوهات جسيمة في الطرق المركزية ما يؤدي إلى خروجها عن الخدمة، وتعني زيادة الشاحنات لحمولاتها في الرحلة الواحدة عن الحمولة المسموح لها بها، وهدف المخالف زيادة أرباحه، موضحاً أنه عندما تزيد الشاحنة حمولتها بنسبة 10 بالمئة مثلاً تحدث ضرراً إضافياً للطريق بنسبة 37 بالمئة، وعندما ترتفع الحمولة الزائدة إلى 30 بالمئة يصبح الضرر 3. 7 أضعاف، بمعنى أن المعادلة ليست خطية يزداد فيها الضرر بشكل طردي، إنما الضرر الناجم يحدث بشكل كبير غير محسوب وبأضعاف، فعندما تزيد الحمولة على 50 بالمئة يصبح الضرر 5 مرات، ونحن غير قادرين على ضبط هذه الظاهرة بشكل تام، وهناك إجراءات يجب أن تتخذ من عدة جهات.
وعن المسؤول عن ضبطها، أوضح أن المسؤول هي المؤسسة ووزارتا الداخلية والإدارة المحلية على طرقاتها، إضافة لمصادر التحميل (كسارات، مجابل..)، في حين أضاف: بخصوص الإجراءات الواجب اتخاذها ضبط الحمولات من مصادرها، والتشدد بإجراء الضبوط على الطرقات، كاشفاً أن المؤسسة تسعى إلى ضبطها حالياً من خلال قانون السير حيث تكون الغرامات رادعة، وتعديل قانون السير تتم دراسته حالياً في الجهات الوصائية بكل دقة.
وعن الغرامات المطبقة حالياً، قال البشارة: في السابق كانت الغرامات لمن تزيد حمولة شاحنته من 1- 5 أطنان 4 آلاف ليرة فقط وحسم ست نقاط وحالياً بعد التعديل أصبحت 25 ألف ليرة، وتعديل قانون السير الذي يجري العمل عليه سيرفعها إلى أضعاف مضاعفة حيث تصبح رادعة للمخالفين.
الأضرار المباشرة تريليون و500 مليار
وفي حجم الأضرار التي تعرضت لها شبكة الطرق العامة في سورية جراء الإرهاب كشف البشارة أنها بلغت 1500 مليار ليرة كأضرار مباشرة، وأنه منذ بداية الأحداث تضرر 20 بالمئة من طول الشبكة وتمت معالجتها كاملة وإعادتها للخدمة، وقال: كنا خلف الجيش مباشرة ندخل ونبدأ الأعمال فور تحرير المناطق، من الأمثلة طرق درعا، الرستن، حرستا، دير الزور، وأثريا والرقة والرصافة وحلب الدولي، أما الجسور فتضرر من الإرهاب 84 جسراً وتمت إعادة تأهيل 36 جسراً فقط.
كما كشف البشارة عن سعي المؤسسة حالياً إلى استثمارات بسيطة تكون رافداً، عبر استثمار أملاك عائدة لها خارج حرم الطرق وسيتم استثمارها في المرحلة اللاحقة في مواقع معينة وهي قيد الدراسات حالياً، كأن تستثمر في محطات شحن كهربائي، ولا بد من الإشارة هنا إلى أسئلة كثير لماذا لا نستثمر حرم الطريق؟ وأؤكد أنه لا يجوز استثمار حرم الطريق لكونه موجوداً للسلامة المرورية وللتوسع الطرقي لاحقاً، فهو مستملك للنفع العام وليس لنفع المؤسسة.
الأولوية لصيانة الطرق المستخدمة
ولفت البشارة إلى وجوب التمييز بين أمرين، الطريق الذي يتم العمل عليه كمشروع جديد لتحسين حركة السير، والطرق التي هي قيد الاستخدام، إذ لا يمكن إهمال العيب الذي يظهر في طريق مستخدم وتكون له الأولوية في الصيانة لتسهيل الحركة، لأن إهماله أو تأجيله يسبب خسائر كبيرة على مستوى تكلفة الصيانة أو الإصلاح والتي تزداد من عام إلى آخر، فالأولوية لصيانة الطرق المستخدمة حالياً رغم أهمية المشاريع الجديدة التي تحقق تطوراً في الحركة وتنمية في المنطقة ووفراً بالوقت والجهد على المواطنين، لكن صيانة الطريق القائم تأخذ الأولوية لأن الناس يستخدمونه ولا يمكن المخاطرة بتركهم عرضة للحوادث، موضحاً أن التخصيص الأكبر للصيانة مع حساب جزء بسيط للسير ولو خطوة واحدة في إنجاز المشاريع التي عادت بعد أن كانت متوقفة بسبب الأزمة، أو إتمام إنجاز قسم منها يمكن أن يتم استثماره، فمتابعة صيانة شبكة الطرق المركزية وإعادة تأهيل ما يتضرر منها بالسرعة الممكنة تحققان تنمية اقتصادية ومجتمعية.