أين وصل العمل في مشروع معمل خميرة شبعا؟ .. تأخير إنجاز المشروع أكثر من 30 شهراً وخسارة بمليارات الليرات سنوياً … مدير السكر: المستثمر طلب تعديل مادة في العقد ومجلس الإدارة رفض
| محمود الصالح
كشف رئيس الاتحاد المهني لعمال الصناعات الغذائية ياسين صهيوني عن التعاقد على إعادة تأهيل معمل خميرة شبعا في ريف دمشق من أحد المستثمرين الوطنيين عام 2021. وبين رئيس الاتحاد في تصريح لــ«الاقتصادية» أن التعاقد مع القطاع الخاص جاء نظراً للحاجة الماسة لمادة الخميرة التي أصبحت كل معاملها في القطاع العام خارج الخدمة عدا معمل خميرة حمص، ومن هنا تأتي أهمية وجود معامل لإنتاج الخميرة، وهذا ما عملت عليه الدولة منذ عقود، حين أنشأت عدة معامل لإنتاج الخميرة موزعة في المناطق الشمالية والوسطى والجنوبية، لكن أغلبية هذه المعامل تعرضت للتدمير والتخريب كحال معظم معاملنا ومؤسساتنا الخدمية خلال السنوات الماضية.
ويعد معمل خميرة شبعا أحد أهم هذه المعامل والموجود في بلدة شبعا في ريف دمشق والذي أنشئ في بداية ثمانينيات القرن الماضي بطاقة 20 طناً يومياً من الخميرة، احتلته المجموعات الإرهابية في عام 2012 وأعيد تحريره في عام 2016 بعد أن تم تدمير أجزاء منه ونهب بعض محتوياته. وأضاف صهيوني: إنه بعد دراسات أجرتها الحكومة لإعادة تأهيل المنشآت الحكومية المدمرة تم في عام 2019 التوصل إلى اتفاق مع أحد المستثمرين لإعادة تأهيل هذه المنشأة المهمة، وتمت المباشرة بالعقد المبرم بين المؤسسة العامة للسكر والمستثمر في نهاية عام 2021 بعد إنجاز كل الموافقات المطلوبة، وتم تحديد مدة أعمال التأهيل بـ36 شهراً اعتباراً من تاريخ أمر المباشرة في الأول من تشرين الثاني 2021.
المدير العام لمؤسسة السكر عبد الحميد جنيد وفي معرض رده على تساؤلات «الاقتصادية» عن أسباب تأخير تنفيذ العقد المبرم مع الشريك الوطني الذي تعهد المشروع قال: يقوم المستثمر بفك الخزانات المتضررة ومبنى الإنتاج القديم وترحيل المخلفات ولا يوجد أي تقدم عند المتعهد من ناحية تقديم تجهيزات المعمل نظراً لإصراره على تقديم تجهيزات أوروبية على الرغم من العقوبات المفروضة على سورية ومطالبته بتغيير مادة من مواد العقد والتي تتضمن ملكية وسائل الإنتاج خلال فترة تنفيذ العقد بحيث تكون من ملكيته وهي شرط الشركات الأوروبية لتقديم آلات المعمل، وتم عرض الموضوع على وزارة الصناعة وعلى لجنة العقود في رئاسة مجلس الوزراء والتي بينت أن صلاحية تعديل مواد العقد تقع على عاتق مجلس إدارة المؤسسة، وتم رفض موضوع التعديل من المجلس وتم إبلاغ المتعهد بذلك، مبيناً أن العقد لا يلزم المتعهد ببلد منشأ التجهيزات وحتى تاريخه المتعهد لم يقدم أي شيء جديد بهذا الخصوص، وسيتم عقد اجتماع بهذا الخصوص لمجلس إدارة المؤسسة برئاسة وزير الصناعة والمتعهد للتوصل إلى حل لهذا الإشكال.
وتبين من خلال وثائق العقد أن المادة 27 من عقد الاستثمار تنصّ على جواز تعديل العقد بموافقة الطّرفين وأنّ كتاب رئاسة مجلس الوزراء الصّادر عن لجنة العقود رقم 17265/د تاريخ 30/9/2021 نصّ على أن التصديق على العقد حسب رأي مجلس الدولة رقم 23 لعام 2021 يعود إلى مجلس إدارة المؤسّسات.
جدير بالذكر أن الاجتماع الذي تحدث عنه مدير المؤسسة كان من المفترض أن يعقد في النصف الأول من العام الماضي، لكنه حتى الآن لم يعقد، من دون أن نتمكن من معرفة الأسباب لعدم رد وزير الصناعة على التساؤلات التي طرحناها في هذا الملف.
أخيراً: من خلال متابعتنا لهذا المشروع الذي توجد مشروعات مماثلة كثيرة له كثيرة بحاجة لوضعها على السكة الصحيحة، نجد أن هناك شبه تعمد في تأخير عمليات إعادة الإعمار.
اليوم تثار الكثير من الأسئلة حول أسباب عرقلة تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار، في وقت تنادي الحكومة دائماً بتشجيع الاستثمار، وتدعو المستثمرين الوطنيين والعرب للمساهمة باستثمار المعامل المتوقفة منذ سنوات، ولماذا تضع وزارة الصناعة العراقيل أمام هذا المشروع الاستثماري الضروري؟، علماً أن الدولة تقدم الأرض فقط للمشروع، والبلاد بحاجة ماسة لمثل هذه المشروعات لأننا نستورد سنوياً ما قيمته 30 مليون يورو كقيمة خميرة للمخابز، وهذا الحال يترك الكثير من الأسئلة من دون إجابات.
والسؤال المهم: أين دور اللجنة المشكّلة بقرار وزير الصناعة رقم 2105 تاريخ 2/11/2021 والتي من مهامها حل الإشكالات التي تعيق تنفيذ المشروع للوصول إلى الصيغة المناسبة لتعديل المادة 9 من حيث ملكيّة وسائل الإنتاج المقدّمة من المستثمر للمضي وإعطاء الجواب قبل وصول الوفد الإيطالي الممثّل للشركة لدراسة موقع المعمل والمكان الذي سيتم تركيب خطوط الإنتاج فيه، ليتم تحديد المعطيات الفنية التي سيتم اعتماد خط الإنتاج وفقها.
ولماذا تدير وزارة الصناعة ظهرها للتفاهم مع الشركة المستثمرة ولا تريد أن تجد حلاً لهذه المشكلة، ومن المسؤول عن ذلك؟ وكلنا يعرف الصعوبات التي تعاني منها الشركات الراغبة في استيراد مواد إلى سورية؟ الأمر الآخر أن الخاسر الأكبر من هذا التسويف هو الوطن الذي تحتاج مخابزه إلى مادة الخميرة. والسؤال الآخر ما الرسائل التي تريد وزارة الصناعة إرسالها للمستثمرين الذين يرغبون في الاستثمار؟
ما ننتظره أن تبادر الوزارة إلى مواجهة المشكلة وليس إدارة ظهرها لها، وحسم الأمر مع المتعهد، فإما إجراء التعديل الذي يحتاجه توريد خط الإنتاج، أو إبلاغه بالرفض، واتباع الطرق القانونية المعمول بها.